الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امرأة في قطار

فوز حمزة

2022 / 2 / 12
الادب والفن


انتظر مرور عشر دقائق ليصل إلى موظفة الحجز التي أخبرته بوجود مقعد في آخرِ مقطورة .. عليه اتخاذ القرار بسرعة فالقطار سينطلق من السويد إلى الدنمارك بعد أربع دقائق ..
وضع التذكرة في جيب بنطاله وبدأ يهرول للوصول للقطار رقم ..6 B
أدرك بعد انغلاق الأبواب إنه الراكب الأخير ..
شعور بالانزعاج سرعان ما ألم به حين وجد امرأة قاعدة بجانب النافذة .. ذلك لم يمنعه من أن يطلب منها تبادل الأمكنة عندما وجدها مشغولة بقراءة كتاب وغير مهتمة بما يوجد خلف النافذة ..
شكرها وهو يضع حقيبته داخل الرف ..
بعد دقائق بدأت بوادر الملل تظهر عليه .. المناظر بدأت تتكرر أمامه .. بنايات شاهقة وبيوت تتدلى النباتات من شرفاتها .. أشجار داكنة الخضرة .. مزارع شاسعة .. أبقار ترعى ورجال يعملون .. جسور وأنفاق .. بحر وزوارق ونوارس .. وزمن يمضي دون عودة ..
تصفح جواله كمحاولة لتبديد الملل ..
الذي حصل هو العكس تمامًا ..
التفت نحو المرأة .. وقع بصره على عنوان الكتاب الذي تقرأه .. الفلسفة الحديثة .. ذكره العنوان بصديق له كان يدرس الفلسفة .. سألها دون مقدمات:
- هل تدرسين الفلسفة ؟!..
رفعتْ رأسها ببطْء من على الكتاب وابتسمت قبل أن تجيبه:
- لا . أنا أستاذة مادة الفلسفة الحديثة ..
علتْ الدهشة وجهه وهو يسألها ثانية:
- وهل الفلسفة قديمة ..
نظرات عينيها التي راحت تدور بصمت في المكان أشعرته بغبائه .. فتدارك الموقف بسؤال آخر:
- ماذا تعني كلمة فلسفة ؟؟
- تعني دراسة للكون وللإنسان وعقله وقيمه ولنظريات المعرفة التي توصل إليها البشر وإيجاد العلاقة بين كل هذه الأشياء ..
بالرغم من إنه أبدى اهتمامًا بحديثها لكنه في قرارة نفسه لم يفقه شيء ..
تساءل مع نفسه كيف لجميلة مثلها الانشغال بدراسة شيء غير مجدي ..
وبالرغم من ذلك شعر بالضيق من وجودها .. لكنه لم يدرك له سببًا .. في خضم تلك الأفكار وجلبتها في رأسه سألته:
- ألم تقرأ عن الفلسفة من قبل ؟!..
شعر بالحرج من سؤالها .. ابتسم قبل الرد ..
- أنا لا أقرأ .. هاجرت من بلادي منذ خمس سنوات لأعمل هنا .. أنا الآن مسافر لألمانيا .. حصلت على عمل في جامعتها براتب أعلى ..
سألته بدهشة :
- ماذا ستعمل ..
- سأعمل طباخاً ..
بعد ارتشاف القليل من القهوة .. استأنفت حديثها :
- عليك إذن أن تستقل قطارًا آخر ..
- نعم ..
و محاولة منه لتغيير دفة الحديث سألها :
- وأنتِ .. هل ذاهبة للعمل أم سياحة ؟..
- أنا ذاهبة لإلقاء محاضرة في إحدى جامعات الدنمارك ..
خطر في باله أن يسألها عن فائدة مثل هذه المحاضرة .. لكنه اكتفى بالدهليز الذي وجد نفسه فيه ..
- من أي البلاد أنت ؟..
- أنا عربي ..
وهما يفترقان عند وصول القطار .. ودعته ثم تمنت له حظًا سعيدًا ..
الأصوات التي تعلن عن موعد وصول القطارات وضجيج تلك القطارات والضوضاء الصادرة من حركة المسافرين والقادمين ..
سبب له شعورًا بالضياع ..
تعزز لديه هذا الشعور حين فشل في معرفة مكان القطار الذي يذهب للعاصمة الألمانية .. وضع حقيبته على الأرض وهو يلعن كل شيء ..
إلا أن كفاً ربتت على كتفه برفق جعلته يلتفت بسرعة كبيرة ..
إنها امرأة القطار .. قالت له باستغراب واضح :
- انطلق القطار منذ زمن وأنت ما زلت تدور••








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير