الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفحات من سيرتي الذاتية: ذيس إذ آ شيم

ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)

2022 / 2 / 14
الادب والفن


بدأ ارتباطي بالتغيرات المناخية من شغف شخصي بحت، وقوده الأساسي "الشوق الي المعرفة"، وهو الشوق الذي طالما دفعني إلي احتياز الكتب وفض أسرارها حين كانت عيناي تقعان علي العناوين الجديدة فتخلع قلبي..

ولطالما انخلع قلبي لعناوين مثل "الجشطلت"، و"فينومينولوجيا الروح"، و"البيريسترويكا"، و"الأسخاتولوجي"، و"السيبرنتيكا"، و"الأونطولوجيا"، وغيرها وغيرها، فما كان يهدأ لي بال إلا أن أقتني الكتب وأفض أسرارها..

حدث ذلك بالتمام مع مصطلح الـ "كلايميت تشينج" Climate Change أو "التغير المناخي" حين رشحني رؤسائي لتمثيل قطاع الطاقة المصري إلي مؤتمر الأمم المتحدة للإعداد للقمة العالمية للتنمية المستدامة في ريودي جانيرو بالبرازيل عام 1992؛ الذي عقد في بكين في الصين عام 1991 .

ولقد تكفلت الأمم المتحدة بكل تكاليف الرحلة إلي الصين، وبلغ حرصها علي حضوري المؤتمر، وإلقاء البحث الذي أعددته للمشاركة فيه عن "قطاع الطاقة المصري والبيئة"، أنها لم تتوان عن حجز التذكرة لي بالدرجة الأولي بالطائرة، حين كانت الدرجة السياحية التي تلائم - في ذلك الوقت - درجتي الوظيفية (كمدير إدارة الدراسات البيئية بهيئة كهرباء مصر) أقول حين كانت الدرجة السياحية مكتملة العدد ..

والحق أنني إن أنس لا أنسي هذه الرحلة إلي الصين، حيث ركبت طائرة مصر للطيران إلي دبي، ومن دبي أخذتني طائرة شركة " كاثي باسيفيك " الي بكين .

كنت قد سافرت عديداً من المرات قبل ذلك بالدرجة السياحية علي طائرات "مصر للطيران" و "بان أمريكا"، و"بريتيش إيرويز"، و "كي إل إم" و"إير فرانس"، و"لوفتهانزا" .. لكن مع "كاثي باسيفيك" إلي بكين كانت تلك هي المرة الأولي التي أختبر فيها سحر الدرجة الأولي علي الطائرة .. فلقد كانت المضيفة بارعة الجمال تأتي بين الحين والحين لتركع أمامي علي نحو مذهل وتسألني ماذا أطلب وماذا أريد.. كمثل حورية أسطورية تركع بين يدي لتقول لي "شبيك لبيك عبدتك بين إيديك".. لكنني عندما أتيح لي بعد ذلك ركوب الدرجة الأولي عديداً من المرات علي طائرات الشركات المختلفة، وخبرت فيها الراحة والدعة والاهتمام العالي، أدركت أن "كاثي باسيفيك" كانت تجربة استثنائية بكل المقاييس.

كان حضوري مؤتمر بكين فتحاً علمياً وثقافياً ووطنياً جديداً في حياتي الفكرية والعلمية والعملية.. فلقد انكشف أمامي الجهد العالمي الحثيث للأمم المتحدة، ودولها الأعضاء التي يقارب عددها المائتين، في دروب ثلاثة رئيسية صارت تتحكم في مستقبل كوكب الأرض، ألا وهي "التغير المناخي"، و"التنوع البيولوجي"، و"التصحر"، وهي التي صارت موضوعا لاتفاقيات عالمية ثلاث صدرت عن مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في ريودي جانيرو عام 1992، وصارت هي الشغل الشاغل للعالم كله بعد ذلك .. علي أن التغير المناخي كان أقربهم جميعا إلي قطاع الطاقة، وهو بالفعل الذي سيكون بعد بكين هما رئيسيا من اهتماماتي علي الصعيد الوطني كما الصعيد العالمي .

عدت من بكين لأقدم لرؤسائي خارطة جديدة تستدخل البعد المناخي في استراتيجية قطاع الكهرباء والطاقة في مصر علي نحو جوهري .. وصرت منذ ذلك الحين حاملا لملف الطاقة والمناخ، و ملف الطاقة والتنمية المستدامة، وطنيا ودوليا، من خلال الجهود العلمية والتنفيذية كافة، علي مستوي المشاركة الدولية والوطنية سواء بسواء.. وكان وزراء الكهرباء والطاقة بدءاً بمعالي المهندس/ ماهر أباظة، ثم معالي الدكتور علي الصعيدي، ومن بعده معالي الدكتور حسن يونس، ينتظرون التقارير التي أرفعها لمعاليهم، سواء خلال حضوري فعاليات المؤتمرات ذاتها، أو بعد عودتي منها أو من المحافل الدولية ذات الارتباط، التي أرفعها لمعاليهم بالنتائج والمداخلات التي تخص الكهرباء والطاقة؛ وكنت أحظي دائمآ بترشيح معالي الوزراء لمؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ، حتي لقد شرفت بعضوية الوفد المصري الرسمي لمفاوضات الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ في المؤتمرات السنوية لأطراف الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ UNFCCC، خاصة خلال الفترة: 2000 - 2010.

ولقد تعمق انخراطي بقوة في الأنشطة العلمية والتنفيذية المرتبطة بتغير المناخ علي المستويين القومي والدولي، حين اختارني الصديق العزيز الدكتور ابراهيم عبد الجليل، الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة عام 1998، لأكون مسئولا عن حسابات مختزن غازات الدفيئة بقطاع الطاقة الكهربية في الإبلاغ الوطني الأول لمصر؛ ثم تعاظمت مسئوليتي في الإبلاغات الوطنية الثاني ( 2010 ) والثالث ( 2015 ) والرابع ( 2020 ) إلي المسئولية الشاملة، ليس فقط عن حسابات مختزن غازات الدفيئة بقطاع الطاقة المصري، بل أيضا مجمل الباب الخاص بجهود التخفيف الوطنية من ابتعاثات غازات الدفيئة في مجلدات الإبلاغات الوطنية كلها.

ومن المواقف التي لا تنسي معارضتي القوية لأستاذنا العظيم الراحل الدكتور مصطفي كمال طلبة، الذي ترأس لجان إعداد الإبلاغين الوطنيين الثاني والثالث - وكان يشرفنا بعقد الاجتماعات في بيته بشارع مصدق في حي الدقي بالقاهرة - حين طلب مني اختصار الباب الخاص بإجراءات التخفيف الوطنية في الإبلاغ الوطني الثالث من خمسين صفحة الي ثلاثين صفحة، فاحتد بصوت عال وأنا مصمم علي معارضته لأسباب تقنية بحتة، فابتسم الدكتور عماد الشرقاوي إلي جواري حينئذ وهو يقول لي : " لم يقو أحد علي معارضة الدكتور طلبة إلاك "، لكنني نزلت في النهاية علي رأيه، وبصعوبة بالغة - لا يقدرها إلا الذين اجتازوا عمليات الاختصار الجراحية القاسية - أمكنني أن أحقق مطلبه، ورأيت ذلك في النهاية أنه الأفضل فعلا.

ولقد اختص العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ( 2000- 2010 ) بزخم كبير في العمل المناخي لأجل مصر، ففي عام 2003 فاز معهد التبين للدراسات المعدنية بقيادة "مشروع بناء القدرات لأجل آلية التنمية النظيفة" بمصر، وتوفر علي رئاسته وتنفيذه بمهنية واقتدار الأستاذان الكبيران الصديقان الرائعان الدكتور عطية سعد الدين والدكتور محمد كامل عليوة، وكانت هذه الآلية هي إحدي آليات ثلاث ابتدعها بروتوكول كيوتو ( الذي صدر عام 1977 بمثابة اللائحة التنفيذية للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ ) للتعجيل بتنفيذ البروتوكول قبل دخوله حيز النفاذ عام 2005 ..

في نهاية الجلسة الافتتاحية للمشروع فوجئت باختيار الأستاذ الدكتور عطية سعد الدين لي مستشارا قوميا للمشروع؛ حيث قابلني بممثل الأمم المتحدة الذي كان حاضرا، وأبلغه بهذا الاختيار؛ فكانت تلك بداية لعمل شاق كثيف ممتد علي مدي يربو علي أربع سنوات أنجزت فيها جميع الكتب ( حوالي تسعة كتب ) والكتيبات والنشرات الخاصة بآلية التنمية النظيفة لجهاز شئون البيئة ومصر، بالإنجليزية والعربية، كما قمت بترجمة عسيرة شديدة الانضباط والإبداع لأهم كتابين للأمم المتحدة في آلية التنمية النظيفة، أولهما تعريف شامل بالآلية تحت عنوان : " ماذا تعرف عن آلية التنمية النظيفة ؟ "، وثانيهما بعنوان : " الأسس القانونية لآلية التنمية النظيفة "، وهما يقع الواحد منهما في حوالي مائتي وخمسين صفحة، وكانا معا مجالا لإبداع - لأول مرة في اللغة العربية - أكثر من ثلاثمائة مصطلح علمي جديد، وصار لهما توزيع واسع في العالم العربي.

كذلك أتممت في إطار المشروع إعداد أكثر من ست وثائق لستة مشروعات لآلية التنمية النظيفة
Project Design Document (PPD)، كما حظيت بعضوية اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة، واللجنة القومية للتغير المناخي، اللتين تم تشكيلهما بقرار وزير البيئة، وقرار رئيس مجلس الوزراء (علي الترتيب)، في رحاب وزارة البيئة، وكانتا معاً الكيانان اللذان أنيط بهما قيادة مشروعات آلية التنمية النظيفة، وجهود مكافحة التغير المناخي كافة، علي المستويين الوطني والدولي.

ولقد اتسعت مساهمات مشروع "بناء القدرات لآلية التنمية النظيفة" لتتجاوز الحدود الوطنية إلي المنطقة العربية، لما كان يمثله المشروع من نموذج ناجح فريد الإنجازات بين الدول النامية، فسافرت مع الزملاء بالمشروع إلي تونس والأردن ولبنان وغيرها، نلقي المحاضرات في التعريف بالآلية وجوانبها كافة، ونقدم تدريبا حيا للزملاء من الدول العربية.

وليس ذلك فحسب، فلقد أسندت لي الأمم المتحدة صياغة وثيقة مهمة لتنفيذ مشروع "إجراءات التخفيف المعتزمة وطنياً" Nationally Appropriate Mitigation Actions (NAMAs) في مصر؛ ووثيقة المشروع هذه كانت بمثابة الوثيقة الاشتراطية للمشروع، التي تحدد كل دقائقه وتفصيلاته، وتقع وحدها في حوالي 150 صفحة . وانطلاقا من هذه الوثيقة تم تنفيذ المشروع بنجاح قياسي في مصر، وفي ظله ساهمت بالكثير من الدراسات التفصيلية عن أسس وأبعاد وجهود ومشروعات التخفيف من ابتعاثات غازات الدفيئة؛ ليس فقط في قطاع الطاقة، وإنما في قطاعات عديدة اخري.

وقبل مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين الذي عقد في باريس عام 2015، الذي أسفر عن "اتفاق باريس" كأهم وثيقة مناخية يسعي العالم لتنفيذها الآن، شكل معالي الدكتور خالد فهمي وزير البيئة آنذاك لجنة برئاستي (وكنت مستشارا لمعاليه)، اضطلعت بوضع الوثيقة الوطنية للمشاركة المصرية فيما سمي وقتها "المساهمات المحددة المعتزمة وطنيا" Intended Nationally Determined Contributions (INDC) وكان لي شرف تحرير الوثيقة الوطنية المصرية في صورتها النهائية، التي أرسلت لسكرتارية الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ قبل انعقاد مؤتمر باريس بأيام .

علي أنني لم ألبث بعد ذلك مباشرة أن انخرطت في إعداد مختزن غازات الدفيئة لقطاع الطاقة بمصر، وآليات التخفيف المحتملة والممكنة، في التقرير التحديثي ثنائي السنة Biennial Report (BUR) الذي قدمته مصر لأول مرة إلي سكرتارية الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ عام 2019.

وكان الدكتور عماد الشرقاوي العظيم واحداً من أكبر الداعمين لعملي بشأن "الطاقة وتغير المناخ"؛ من خلال رئاسته للشعبة القومية المصرية لمجلس الطاقة العالمي، وعضويتي فيها تحت رئاسته؛ ومن أكبر مآثره في هذا الصدد ترشيحه لي لعضوية لجنة دولية تحت مظلة مجلس الطاقة العالمي، ضمت 25 عالما في الطاقة والمناخ من أطراف عديدة في العالم، ووضعت تقريرا دوليا خطيرا بعنوان "الطاقة وتغير المناخ" Energy and Climate Change صدر عام 2007، وكان له شأن كبير علي المستوي العالمي حتي اليوم.

وذلك فضلا عن العديد من الأوراق العلمية و البحثية التي أعددتها، وشاركت بها، وألقيتها، في العديد من المؤتمرات الوطنية والإقليمية والدولية، ومعظمها منشور في وثائق هذه المؤتمرات .

علي أن الجهود العلمية والبحثية والتنفيذية في هذه المجالات جميعها شيء، والانخراط في العملية التفاوضية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ شيء آخر تماما !!!

فلقد كانت تجربتي كعضو في الوفد المصري الرسمي لمفاوضات الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، وأيضاً بشأن التنمية المستدامة، خلال الفترة : 2000 - 2010، حدثاً فريداً في حياتي الثقافية والعلمية والعملية كلها !!!

وأذكر في المرة الأولي التي دخلت فيها الي مبني الأمم المتحدة في نيويورك لحضور أولي الدورات التفاوضية التي مثلت مصر فيها، أنني سعيت إلي دخول قاعة مجلس الأمن لأتعرف عليها عن كثب، ولم أصدق نفسي وأنا أقف في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة أمام المنصة التي وقف عليها عبد الناصر يرفع صوت دول عدم الانحياز عاليا، ووضع عليها خروشوف رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي فردتي حذائه في وجه دول العالم أجمع وهو يخاطب وفودها، ومزق عليها معمر القذافي رئيس ليبيا ميثاق الأمم المتحدة !!!

كان الانخراط في العملية التفاوضية يقتضي الإلمام بجميع الوثائق الرئيسية للتغير المناخي والتنمية المستدامة، وفي طليعتها نص الاتفاقية الإطارية، وبروتوكول كيوتو، ووثيقة غايات التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وجميع القرارات السابقة التي صدرت عن الاجتماعات الرئيسية والجانبية والملحقة، وكان ذلك يعني بذل جهد خارق في وقت محدود للإلمام بكل هذه الأدوات الرئيسية للحوار حول أي نقطة أو قضية أو مسألة. وكان التفاوض يتطلب وضوح الرؤية الوطنية بشأن القضايا المطروحة للنقاش تجاه غايات كل طرف فيها وما يصبو إليه!!!

وليس ذلك فحسب، بل ان العملية التفاوضية ذاتها تتطلب معرفة حصيفة بأطراف التفاوض جميعا، واتجاهاتهم وخططهم، وما يسعون للفوز به في كل مفاوضة، بل والتربيطات الجانبية فيما بينهم لاجل أن يميلوا بالقرار الي وجهة محددة يسوقون النتائج اليها ... ما يبلغ الذروة أحيانا علي شكل تآمر صريح فج !!!

وللوقوف علي درجة التعقيد والصعوبة في العملية التفاوضية، ربما يكون من الضروري أن نطلع علي توجهات أطراف التفاوض في العملية كلها ..

تجمع التفاوضات تحت الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ ( وكذا تحت الغايات المعنية بالتنمية المستدامة) المندوبين جميعا معاً من 197 دولة طرف في الاتفاقية، حيث تنسق الأطراف ذات الاهتمامات والظروف الوطنية المتماثلة أو المتشابهة مواقفها مسبقاً - وفيما بين جلسات التفاوض - فتختار لكل بند على أجندة التفاوض مندوبا من بينها يمثلها ويتحدث نيابة عن مجموعة الدول التي تنتمي إليها.

فضلاً عن ذلك فالممثلون من المجتمع المدنى والمنظمات الدولية المختلفة يؤدون دوراً متزايد الأهمية في مؤتمرات التغير المناخى، وهم يسهمون بدور المراقبين، وبإمكانهم حضور الجلسات الرسمية للتفاوض، لكنهم لا يسمح لهم بالتحدث أو حضور الاجتماعات غير الرسمية ( التي يتم فيها تنسيق المواقف)، غير أن المراقبين بإمكانهم جعل أصواتهم مسموعة بالتحدث في الاجتماعات الموسعة للأطراف جميعاً Plenary Sessions ، سواء المفتوحة أو المغلقة، وفى الأحداث الجانبية الخاصة، ومن خلال التعليقات وإصدار التقارير لجماهيرهم خارج المؤتمرات.

وينخرط في التفاوضات تحت الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ حوالى اثنتا عشرة مجموعة من الأطراف، تدأب - على نحو منتظم - على تنسيق مواقفها، وبعض هذه المجموعات تنسق بشكل عام في إطار عمليات الأمم المتحدة كمجموعة الـ "77 والصين"، وهذه المجموعات التفاوضية تتميز عن المجموعات الإقليمية الخمس للأمم المتحدة التي تضم الدول الأفريقية، ودول آسيا الباسيفيك، ودول شرق أوربا، ودول أمريكا اللاتينية والكاريبى، ودول غرب أوربا والدول الأخرى . وهذه المجموعات الإقليمية تؤدى دورا بارزا في تعيين ممثلي الأطراف المتعددة، ويتم تدوير رئاسة مؤتمرات الأطراف للمناخ فيما بينها .

ومن ناحية أخرى تتجمع هذه المجموعات التفاوضية على الاهتمامات المشتركة، لا على التقارب الجغرافى، ورغم أنه توجد بعض الترجحات والمجموعات غير الناشطة على نفس المستوى في كل مؤتمر، فإننا بمستطاعنا أن نميز بينها المجموعات التالية:

1- مجموعة المظلة ( Umbrella Group): وهي تضافر من الدول المتقدمة يتضمن استراليا وبيلاروس وكندا وأيسلندا وإسرائيل واليابان ونيوزيلاندا وكازاخستان والنرويج والاتحاد الروسى وأوكرانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

ومعظم أعضاء مجموعة المظلة لها حصص عالية من ابتعاثات غازات الدفيئة للفرد من السكان فيها، ولذلك فبعض أعضاء هذه المجموعة حذرون تجاه إجراءات التخفيف الطموح، والمجموعة بصفة عامة تدعو الدول النامية للمساهمة في التخفيف من ابتعاثات غازات الدفيئة . وفى التفاوضات تستهدف دول المظلة تذليل التباينات بين الدول المتقدمة والدول النامية التي كانت قد أدخلت على الاتفاقية . وبصفة عامة تدعو دول المظلة إلى مستوى عال من الشفافية في التقارير الصادرة عن الدول المتقدمة والنامية بشأن غازات الدفيئة.

2- مجموعة التكاملية البيئية (Environmental Integrity Group): وتتكون هذه المجموعة من ثلاث دول متقدمة صغيرة هي ليشتنشتاين وموناكو وسويسرا، وثلاث دول نامية بازغة هي المكسيك وجمهورية كوريا وجورجيا. وتدعو هذه الدول إلى إجراءات تخفيفية طموح لابتعاثات غازات الدفيئة من قبل جميع الدول بما فيها الدول النامية.

3- التحالف المستقل لأمريكا اللاتينية و الكاريبي ( Independent Alliance of Latin America and the Caribbean):
ويتكون هذا التحالف من شيلى وكولومبيا وكوستاريكا وجواتيمالا وهندوراس وبنما وباراجواي وبيرو، وهو يسعى إلى عبور التقسيمات والعراقيل بين الدول النامية والدول المتقدمة، ويدعو – كما دول مجموعة التكاملية البيئية – إلي إجراء تخفيفى طموح، ليس فقط من جانب الدول المتقدمة وإنما أيضاً من قبل الدول النامية، ومثل كل مجموعات الدول النامية يؤكد هذا التحالف على أهمية إجراءات التكيف مع التأثيرات المعاكسة لتغير المناخ، والدعم المالى والتكنولوجى، وبناء القدرات.

4- تحالف الدول الجُزُرية الصغيرة (Alliance of Small Island States): ويشتمل هذا التحالف على عدد 44 جزيرة ودولة نامية شاطئية صغيرة، وحيث تتعرض هذه الدول للتأثر - على نحو بالغ - بخطر ارتفاع مستوى سطح البحر، وبأحداث الطقس المتطرفة، فهى تقترح إجراءات تخفيفية طموح، وهى التي فرضت في تفاوضات اتفاق باريس خيار عدم تجاوز 1.5 درجة مئوية ارتفاعا لدرجة حرارة جو الأرض، الذى يبدو واقعياً كأضغاث أحلام.

وحيث يتشكل هذا التحالف من دول صغيرة منخفضة الدخل في الأغلب، فإنها تدعو لاستجلاب الدعم المتواصل مالياً، ولبناء القدرات في مجالات التكيف .

كذلك تظهر دول هذا التحالف اهتماماً بالغاً بجوانب "الفقد والتدمير" بسبب التغير المناخى، نظراً لمحدودية فرصها في التكيف مع آثار الارتفاع العالمى لمستوى سطح البحر.

5- الدول الأقل نمواً (Least Developed Countries): وهى مجموعة من 47 دولة، من الدول ذات الدخل المنخفض، والانتماء إليها يتبع معايير محددة، وتتم مراجعته على نحو دورى بواسطة لجنة التنمية التابعة للمجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة.

وعلى مثال الدول الجُزُرية الصغيرة لا تحتاز الدول الأقل نمواً سوى قدرات محدودة جداً للاستجابة لآثار التغير الماخى، وهى تركز في التفاوضات على أهمية إجراءات التكيف، ومعالجة "الفقد والتدمير"، وتصوت دائماً في التفاوضات لدعم الدول النامية.

6- المجموعة الأفريقية للمفاوضين (African Group of Negotiators): وتشمل هذه المجموعة عدد 54 دولة أفريقية، وهى تركز - مثل كل مجموعات الدول النامية - على التحديات التي تواجهها في التكيف للآثار السلبية لتغير المناخ، وتسعى لإعطاء أهمية متساوية لقضايا التكيف ومسائل "الفقد والتدمير" - كما لقضايا التخفيف بالضبط - في كل العملية التفاوضية، وتنادى بمخصصات مالية لدعم جهودها في نقل التكنولوجيا، وبناء القدرات، والتكيف، والتعويض عن الفقد والتدمير.

7- مجموعة الأرجنتين والبرازيل وأوروجواى (Group of Argentina, Brazil & Uruguay):
وهى تؤلف بين ثلاث دول ذات إنتاج زراعى مهم، ولهذه الدول يتعين إدراك الدور المهم للزراعة في التخفيف والتكيف، فحيث تقود الأنشطة الزراعية إلى ابتعاثات غازات دفيئة معينة ( كالميثان وأكاسيد النيتروز ) إلى جانب ثانى أكسيد الكربون، تؤدى هذه الدول دوراً نشطاً في التفاوض بشأن احتمالات الدفيئة العالمية لمختلف غازات الاحتباس الحرارى.

8- التحالف البوليفارى لشعوب أمريكتنا (Bolivarian Alliance for the Peoples of Our America): وهذا التحالف هو عبارة عن تجمع لعشر دول من أمريكا اللاتينية والكاريبى ذات الحكومات الاشتراكية/الديموقراطية، وقد لعب هذا التحالف دوراً رئيسياً في دعم هموم واهتمامات الشعوب الأصلية indigenous peoples في تفاوضات المناخ.
ولقد اقترح هذا التحالف إدخال مفاهيم "العدالة المناخية" في اتفاق باريس، ويدعم المقاربات غير الأسواقية للتعاون بين الأطراف.

9- الدول النامية ذات التوجه المتشابه (Like-Minded Developing Countries):
وتشمل هذه المجموعة عدد 24 دولة نامية هي : الجزائر، وبنجلاديش، وبوليفيا، والصين، والإكوادور، ومصر، والسلفادور، والهند، وإندونيسيا، وإيران، والعراق، والأردن، والكويت، وماليزيا، ومالى، ونيكاراجوا، وباكستان، والعربية السعودية ، وسيريلانكا، والسودان، وسوريا، وفنزويلا، وفيتنام.
وهذه المجموعة غالباً ما تتمسك بمبدأ "المسئوليات المشتركة ولكن متباينة" Common but Differentiated Responsibilities وتجعل منه الواجهة وحجر الأساس في كل مواقفها التفاوضية، وهي تدعو إلى الإجراءات الطموح والدعم من قبل الدول المتقدمة، وتركز على المسئولية التاريخية لتلصق كل الجهود المطلوبة لمكافحة تغير المناخ بالدول المتقدمة وحدها دون غيرها.

10- المجموعة العربية (Arab Group):
وتشمل هذه المجموعة عدد 22 دولة من الجزيرة العربية وشمال أفريقيا، ولأجل وجود دول بترولية ضمن هذه المجموعة فإنها تعطى اهتماماً خاصاً للتأثيرات السلبية لإجراءات التخفيف (كالارتحال النهائي عن الوقود الأحفورى) على اقتصاداتها الوطنية، ولذلك فإن عنوان "تأثيرات تنفيذ إجراءات الاستجابة" هو بند تقليدى على أجندة التغيرات المناخية، تُصر هذه الدول على أن يتصدرها، ولذا تتشبث المجموعة العربية والدول النفطية الأخرى بفرض تحديات تنويع اقتصاداتها في الاستجابة لإجراءات التخفيف على كل التفاوضات، والعربية السعودية هي دولة التصويت الأبدى باسم المجموعة.

11- مجموعة الـ 77 والصين (G-77 and China):
إلى جانب كونها عضواً في واحد أو أكثر من المجموعات أعلاه، فإن معظم الدول النامية أعضاء ب "مجموعة الـ 77 آند تشاينا". ولقد تأسست هذه المجموعة داخل الأمم المتحدة من 77 دولة نامية في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التجارة والتنمية عام 1967، ومنذ ذلك الحين راحت المجموعة تنمو أكثر وأكثر حتى بلغ عدد أعضائها 134 دولة، وفى تفاوضات التغير المناخى ألحقت الصين نفسها بالمجموعة، ولذلك فمجموعة الـ "77 آند تشاينا" هي أكبر مجموعة من الأطراف في تفاوضات التغيرات المناخية.

ومثل كل مجموعات الدول النامية تركز مجموعة الـ "77 آند تشاينا" على مبدأ "المسئوليات المشتركة ولكن متباينة"، والقدرات المعتبرة المرتبطة في الاتفاقية . ويتشدد أعضاء المجموعة في الاتهام بمسئولية الدول المتقدمة عن النصيب الأكبر من الابتعاثات التاريخية، التي يتعين عليها بالضرورة أن تأخذ بزمام القيادة في التخفيف من تغير المناخ.

ويتمحور التركيز الآخر للمجموعة حول النداء المتواصل لتقديم الدعم المطلوب من الدول المتقدمة، ولكن باختلافات واسعة في وجهات النظر بين الدول الأعضاء بالمجموعة.

12- الاتحاد الأوربي (European -union-):
وبين جميع المجموعات التفاوضية ينفرد الاتحاد الأوربي بوضع خاص، فالاتحاد الأوربي (كاتحاد إقليمى له صفته المستقلة) هو طرف في اتفاقية المناخ وفى اتفاق باريس، وكذلك كل دولة من الدول المنخرطة في عضويته؛ والوفود من الاتحاد الأوربي (ككل)، وكل دولة من دوَله على حِدَّة، ينسقون مواقفهم على مدار العام لإعداد مواقف مشتركة قبل كل دورة تفاوضية، ولكل بند من بنود الأجندة التفاوضية في مؤتمر التغير المناخى يتم اختيار ممثل ( من إحدى الدول الأعضاء أو من المفوضية الأوربية ) ليضطلع بالتفاوض نيابة عن الاتحاد الأوربي ودوله الأعضاء، والدول الأعضاء لا تتحدث عن نفسها في التفاوضات .

ويركز الاتحاد الأوربي في التفاوضات كلها على نقطة محورية هي زيادة إجراءات التخفيف، وتقليص ابتعاثات غازات الدفيئة، كما يقدم تزكية خاصة لأهمية مساندة الدول النامية، ويؤكد الجهود المرتبطة من قبل الاتحاد الأوربي ودوله الأعضاء، وينادى بالإقرارات الشفافة فيما يتعلق بالإجراءات والدعم.

ورغم أن الاتحاد الأوربي لا يشارك في التعاون الطوعى تحت اتفاقية المناخ، فهو يقدم الاقتراحات دائماً بالقواعد الحاكمة والشفافة لمثل هذا التعاون.

على أنه بقدر ما يتم اعتبار تأثير المواقف المتباينة لكل المجموعات على التفاوض، فإن القرارات كلها تتخذ دائماً بإجماع كل الأطراف، ولذلك فإن كل مجموعة مفردة تستطيع وحدها التأثير على مخرجات التفاوض .
ورغم ذلك فإن المجموعات ذات العدد الأكبر من الدول الأطراف تنفرد بميزة احتياز عدد كبير من الخبراء المتاحين ضمن وفودها لتغطية كل الموضوعات بالعمق المطلوب، وتقديم خلاصات أبحاثهم لخدمة وفودهم في الوصول إلى أعضاء الوفود الأخرى للمناقشة، والانتهاء إلى إجماع توفيقى مهم .

هذه البانوراما المرعبة من أطراف التفاوض، والمجموعات التفاوضية، جعلت الوصول للإجماع علي أي قرار أمرا أشبه بالمعجزة ، يحتاج إلي صولات وجولات وتوافقات وتربيطات وتنازلات مؤلمة، حتي لقد صارت العملية التفاوضية أشبه بحرب فكرية ومنطقية وعلمية وقانونية حقيقية شديدة الأوار !!!

وفي واحدة من أهم القضايا لمصر والدول النامية قدر لي ان أقود عملية الجدل الواسع حول إدراج " تكنولوجيا اقتناص الكربون وتخزينه " ضمن آلية التنمية النظيفة .. وسرعان ما احتدم النقاش الي صراع مستعر الأوار داخل قاعة الاجتماعات، التي تجمع فيها ممثلو الدول والمجموعات التفاوضية لمناقشة الموضوع والخروج بقرار ملزم .

كنت قد اختارتني قبل ذلك بشهور "اللجنة الاجتماعية الاقتصادية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة"، المشهورة دوليا باسمها المختصر: "الإسكوا" ESCWA.. كنت قد اختارتني خبيرا لوضع ورقة بحثية عن "مستقبل تكنولوجيا اقتناص الكربون وتخزينه في دول " الإسكوا"، فكانت لي فرصة استثنائية لأعرف الكثير عن هذه التكنولوجيا، ومكامنها في العالم والمنطقة العربية ومصر، ما جعلني أتحمس لها بعدما أجريت دراسة أولية عن استخدام حقول البترول الناضبة علي خليج السويس بمصر في تخزين أكثر من 12 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المبتعث في عادم محطات توليد الكهرباء علي خليج السويس ومنطقة القناة، من خلال ما يعرف علميا وهندسيا بالاستخراج المعزز للنفط Enhanced Oil Recovery (EOR) الذي يدر ما يزيد علي ربع المخزون النفطي من الحقول الناضبة، فضلا عما يمكن أن يدره لمصر من دخل بالعملة الصعبة مقداره حوالي 360 مليون يورو سنويا لمدة 21 عاما، بسعر متوسط للطن الواحد من الكربون في بورصة الكربون العالمية آنذاك 30 يورو، لو أمكن استدخال هذه التكنولوجيا في آلية التنمية النظيفة .. وكانت كل الدول العربية البترولية ستفيد فائدة جمة من تطبيق هذه التكنولوجيا.

في ضوء هذه القناعة المطلقة بحاجة مصر والدول العربية لتكنولوجيا اقتناص الكربون وتخزينه، بدأ صراع الديناصورات في قاعة الاجتماعات بمبنى الأمم المتحدة في تمام السادسة مساء، ولم ينته سوي في السادسة صباحاً..

رحت أشحذ كل أسلحتي العلمية والفكرية والمنطقية والقانونية للفوز بالقرار، وكان حوالي ثلثا أعضاء الوفود يناصرونني، خاصة ممثلو الدول العربية والأفريقية، وكان يجلس الي جواري الدكتور محمد إدريس السكرتير الثاني بالوفد الدائم لمصر لدي الأمم المتحدة (الذي صار فيما بعد المندوب الدائم لمصر بالأمم المتحدة) يمطرني بعبارات التشجيع والثناء والمساندة، لكن علي الجانب المعارض تمترست مجموعة قليلة من الوفود بكل ما استطاعت للمعاوقة في اتخاذ القرار، حيث استطاعت بعض الدول الأوربية أن توظف الدول الجزرية الصغيرة للمقاومة، رغم أنها بعيدة جدا عن تطبيقات تكنولوجيا اقتناص الكربون وتخزينه، وذلك خوفا من تأثير انتشار هذه التكنولوجيا علي فرص الدول الأوربية في تصدير تكنولوجيا الطاقات الجديدة والمتجددة للدول العربية والأفريقية.

وعند احتدام الجدل في السادسة صباح اليوم التالي دون الوصول إلي قرار، انتهي النقاش بزعقة مدوية رنت في أركان القاعة، أطلقتها وأنا في ذروة الإجهاد والتوتر والألم: " ذيس إذ آ شيم " THIS IS A SHAME.

من تقاليد الأمم المتحدة أن تصدر جريدة داخلية يومية تلخص نتائج المفاوضات في القاعات المختلفة حول موضوعات الأجندة المطروحة للحوار والتفاوض، فإذا بالجريدة في التاسعة صباحا بين أيدي الأعضاء والوفود، وقد جعلت عنوانها بالبنط العريض باللون الأحمر : " ذيس إذ آ شيم " THIS IS A SHAME.

فكانت تلك مزحة اليوم الكبري للوفود جميعا، وكلما صادفني أحد الأعضاء في الطرقات أو بين القاعات يبتدرني بضحكة عريضة ويقول لي: "كلامك صار هو المانشيت الرئيسي للأمم المتحدة اليوم".

علي أن هذا الجهد التفاوضي المضني لم يذهب هباء، فلقد أقر مؤتمر الأطراف للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة المعنية بتغيرالمناخ في عامه التالي "تكنولوجيا اقتناص الكربون وتخزينه" ضمن مشروعات آلية التنمية النظيفة؛ وأبدي البنك الدولي اهتماما كبيرا بهذه التكنولوجيا، فدعا مجموعة منتخبة من الدول الواعدة بهذه التكنولوجيا الي اجتماع بمقر البنك الدولي في واشنطن لعرض الفرص الكامنة في الدول المرشحة لتطبيقها، وتلقيت دعوة شخصية من البنك الدولي لإلقاء بريزينتيشن عن إمكانية تطبيق هذه التكنولوجيا بمصر، وطالبت البنك الدولي في نهاية البريزينتيشن بأن يمنح مصر تمويلا ملائما لإجراء دراسة استقصائية عن مكامن التخزين جوف الأرضي لثاني أكسيد الكربون بالأرض المصرية، خاصة حقول النفط الناضبة، وقد استجاب البنك الدولي لطلبي، ووهب مصر منحة قدرها 300 ألف دولار أمريكي، تسلمها قطاع البترول المصري، الذي عين بالاتفاق مع البنك الدولي بيت خبرة عالمي لإجراء الدراسة، التي اكتملت ويحتفظ بها قطاع البترول المصري إلي وقت يمكن فيه لمصر ان تستفيد بمخرجات هذه الدراسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه