الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هو وعي عرقي جديد (عروبي-صهيوني) يتبلور في الآفق؟

كوسلا ابشن

2022 / 2 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الإيديولوجية العرقية العروبية (الابارتهايدي), هي الظاهرة الأكثر خطرا على الوجود الإنساني وهي الأكثر عنصرية و اضطهاد, و إنتهاك لحقوق الإنسان. و التجارب التاريخية لهيمنة و سلطة الفكر العرقي القبلي العروبي, و ممارساته الميدانية قد أكدت للبشرية خطورته و تطرفه و إنتهاكاته لحرية الأفراد و الشعوب. وماذا سيكون مصير حقوق الشعوب و الأقليات الطائفية, إن حصل التحالف مع الصهيونية؟.
التجارب التاريخية, ما زالت شاهدة عن هول الأفكار العرقية العروبية في التصنيف العرقي بين الأسياد وهم عرق القبائل العربية وبين العبيد وهم جميع الشعوب من الأعراق المختلفة. يقول محمد:"وأورثكم ارضهم وديارهم واموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيْ قديرا" (الاحزاب:27). العرق القبلي العربي هو المخول له الوحيد في وراثة بلدان كل الشعوب و خيراتها بواسطة العنف المقدس و القهر والإستعنار. عن الطبراني في (المعجم الأوسط) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حين خلق الخلق بعث جبريل، فقسم الناس قسمين، فقسم العرب قسما, وقسم العجم قسما, وكانت خيرة الله في العرب", و عن ابن تيمية في كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم) (1, 419): " أن جنس العرب أفضل من جنس العجم, عبرانيهم وسريانيهم, روميهم وفرسيهم وغيرهم ". و يقول زكي الارسوزي العروبي في المؤلفات الكاملة المجلد الثاني: " ثمة خطر يعترض الاسرة في تطورها نحو انسانية راقية الا وهو الزواج بين الاعراق المتباعدة في الاصطفاء". هذه الأفكار في التصنيف العرقي التي تشكلت تاريخيا على الخلفية الأسطورية و الممارسة العنفية, كانت لها في ممارساتها الوحشية و اللاإنسانية, إرث ضخم من الأهوال و الدمار في تاريخ منطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا.
إنهيار المشروع العرقي الأول, بدأ مع الثورة الأمازيغية في شمال افريقيا سنة 742 م. و في هيسبانيا إنهار المشروع العرقي بإسقاط إمارة إشبيلية و أسر ابن عباد و نفيه الى أغمات (مورك). أما في الشرق الأوسط فقد تراجع حدة النظام العرقي بالثورة الفارسية على النظام العرقي القبلي الأموي قبل الإجتياح المغولي الذي حطم مقومات النظام العرقي. هكذا سقط النظام العرقي القبائلي, و بدأ عصر الشعوب (الكوردي و المصري و الأمازيغي).
في أواخر القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين, في عصر الحملات الإستعمارية الأوروبية, كانت القوى الإستعمارية بحاجة الى مشروع عرقي لمواجهة الوجود الإحتلالي العثماني في منطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا, و من الواضح أن الإمبريالية الأوروبية كانت تتخوف من إستنهاض الوعي القومي لشعوب هذه المنطقة, ولهذا السبب إستبعدت الإعتماد على المكون المحلي, و إضطرت بالضرورة الى صناعة المشروع العرقي العروبي الإستطاني و إعادة تسلطه و وحشيته الى المنطقة, وهو المشروع الوحيد من حيث الجوهر و الضرورة القابل لخدمة مصالح التحالف الإمبريالي الفرنسي - الإنجليزي, وعلى أساس هذه المصالح المشتركة وقعت إتفاقية (الوفاق الودي) سنة 1904, الخاصة بشمال افريقيا وإتفاقية (سيكس-بيكو)1916, الخاصة بالشرق الأوسط, وهي إتفاقية لتقسيم المنطقة, وصناعة المشروع العرقي العروبي, الذي رأى النور في باريس بإنعقاد المؤتمر الأول للنخبة العرقية العروبية (1913), المؤتمر الذي دعت اليه فرنسا و نظمته في عاصمتها باريس. إتفاقية (الوفاق الودي) عبارة عن وثيقية للشرعنة الدولية لإحتلال شمال افريقيا, وتلتها معاهدة فاس لصناعة المشروع العرقي العروبي في بلاد الأمازيغ, الذي أعيد الى الحياة من رحم الأم الفرنسية, ورعاية النازية في زمن عنفوانه, لتورثه فرنسا الإستعمارية (الوراثة اللاطبيعية و اللاقانونية) بعد إنسحابها العسكري من بلاد الأمازيغ (شمال افريقيا), الحكم والإستلاء على أرض الامازيغ وتدبيرها بأبشع نظام عرقي بلورته الطغمة العرقية العروبية من تجاربها التاريخية و من إستفاداتها من تجربة الأنظمة العرقية العالمية و في مقدمتها النظام النازي, الذي رعاها في زمن التكوين. و من إفرازات العرقية العروبية, معاداة الشعب الأمازيغي في بلاده بسن سياسة التطهير العرقي و التمييز العرقي, و إنتهاك حقوقه الإقتصادية والإجتماعية و السياسية والثقافية و اللغوية, وسن سياسة الجلاء, تنفيذا لدعوة ملهم العرقيين العروبيين في بلاد الأمازيغ و هو العميل السلفي علال الفاشي بالدعوة العنصرية بتجمع لمريديه بقوله:"ان جـلاء الجـيـوش الـفـرنسية أيـهـا الاخـوة واقـع بالضـرورة بعـد بضـع سنوات وكذلك جلاء الجيوش الإسبانية والجيوش الأمريكية إنما مشكلتنا هو مشكل البربر فكيف جلاؤهم " ليبقى البلد الأمازيغي (مورك)و ملك للعرقية العروبية, كما قال:" المغرب لنا وحدنا و ليس لغيرنا". هذه السياسة العرقية التي سنها النظام الكولونيالي الجديد في محاولة محو الشعب الأمازيغي وثقافته و لغته و قيمه التسامحية الأنسية من الوجود.
برز المشروع العرقي منذ بداية تشكله على الخلفية الاسطورية العقائدية (كنتم خير أمة أخرجت للناس): و كذا:"وأورثكم ارضهم وديارهم واموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيْ قديرا" (الاحزاب:27). و على هذا الأساس الخرافي طبع المشروع العرقي العروبي المعاصر من الإحتلال الى نبذ التعدد القومي و التعدد الطائفي, و بالسياسة و الممارسة الدكتاتورية أنتهكت الحقوق الشعوب, الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية واللغوية والدينية, و منع حرية الرأي و التعبير, و مورس الإرهاب على القوميات الغير عربية الى حد آبادتها الجماعية. والنماذج كثيرة, لكني أقتصر أولا على محرقة ريف (1958-1959) الهادفة الى الإبادة العرقية لإمازيغن نريف, بإستعمال مواد سامة في قصف المنطقة و ذبح الساكنة المعزولة من السلاح وإغتصاب النساء و بقر بطون الحوامل, والتنكيل بجثث الشهداء ايمازيغن,مذبحة ممنهجة و بأساليب وحشية اللاإنسانية, لم ترتكب حتى أثناء الحرب ريفية ضد الإستعمار الإسباني, و ثانيا, كانت محرقة (الأنفال) الهادفة بدورها الى الإبادة العرقية للشعب الكوردي بإستعمال السلاح الكيمياوي, المحرقة التي أيقضت ضمير الإنسانية و إستنكرها العالم الحر, عدا "أحسن أمة أخرجت للناس" من صفق لها, و وقف تضامنا مع النظام العرقي البعثي. هذه نماذج من وحشية النظام العرقي, و ما جسده الفكر العرقي لما بعد الحرب العالمية الثانية.
شعوب الأوطان المحتلة, وهي تحت نير العروبة العرقية, منذ رحيل الأنظمة الإستعمارية الأوروبية, وهي تئن تحت واقع الإضطهاد القومي و الإجتماعي و الإنتهاكات الحقوقية, فكان مثلا في مورك, مجرد كتابة مقال حول الثقافة الأمازيغية يكلف صاحبه عذاب مقبرة البوليس و المحاكمة الصورية التي تصدر حكما على القلم لا يقل عن سنة سجن. تحت ظلال العرقية العروبية يمنع آثارة موضوع واقع الأمازيغ, و رغم التحولات العالمية فما زالت الشيطنة و الصهينة من نصيب الهوية الأمازيغية و المدافعين عن الحقوق الطبيعية للشعب الأمازيغي.
واقع أبارتهايد (الفصل العنصري), (المغرب الغير النافع) حسب التقسيم العرقي العروبي, حرم الأمازيغ من أبسط مقومات الحياة الكريمة, حرم من البرامج التنموية, بقيت مناطق الأمازيغوفونيين خاضعة فقط للمقاربة الأمنية (قتل و قمع و إعتقالات و سجون), هكذا سير النظام العرقي سياسة الإنتهاكات و الحرمان و التهجير القسري.
سقوط النظام العرقي العروبي بأرض الرافدين, وتشكل منظومة فكرية جديدة أنصفت الشعوب المقهورة و خاصة الشعب الكردي العتيد الذي ناضل بعزم و نكران الذات ضد النظام العرقي البعثي, ورغم التضحيات الكبيرة إلا أنه حقق حريته و حرر أرضه, وهو يناضل اليوم من أجل غد أفضل. سقوط النظام العرقي ببغداد ساهم بالثورة على العرقية البعثية بسوريا, و قد وصل تأثير الإنهيار العرقي الى شمال افريقيا و كما تقول الإسطوانة (من بغداد الى تطوان ...), وهاهي أحجار الدمينو تتساقط الواحدة بعد الأخرى من (بغداد الى تطوان), و بالنضال و العزيمة ستسقط حلقاتها الأخيرة في شمال افريقيا (بلاد ايمازيغن).
إن فشل المشاريع العرقية الإستطانية القاهرة للشعوب و نجاح نضالات الشعوب المضطهدة في جغرافيتها, هي حتمية تاريخية. و نجاح المشروع الكوردي التحرري هو حتمية تاريخية. و في الإطار نفسه فإن النضالية الأمازيغية, و فرض بعض الجزئيات و تنازلات النظام الكولونيالي (رسمية الهوية واللغة الأمازيغيتين), و إزدياد نمو الوعي بالذات, و درب النضال الثوري سيتحقق المشروع الأمازيغ العادل. التراكمات الجزئية, و ما قد ستؤول اليه سيرورة التراكمات, أفقدت صواب العرقيون بالوكالة ( البربر بقناع عربي), و أصبحت الصهينة والشيطنة لم تقنع الجناهير الشعبية, فما هو البديل؟.
أن العرقيون العرب أو العرقيون بالوكالة, لم يتصوروا أبدا الى ما صار الوعي العرقي من آندثار, و لم يستسلموا للواقع الملموس و للتحولات العالمية التي تنحو الى عدم الإعتراف بالكيانات العرقية الإستبدادية المنتهكة لحقوق الإنسان. و على ما يبدو أن هناك بوادر إستنهاض المشروع العرقي العروبي, لكن هذه المرة بالتحالف مع العدو التاريخي (صهيون), بعد أن التطبيع السياسي مع دولة إسرائيل. أصبح التحالف هو البديل البارغماتي, قد يكون هذا الإحتمال, هو الخيار حاليا لتحالف الإخوة بالدم كما يؤمن العرب (أبناء إبراهيم). و إذا كان التحالف الإبراهيمي, مبني على قواعد إحترام الآخرين, والتعايش السلمي بين الشعوب, فلا خوف منه, إلا إن التجارب التاريخية للعرقية العروبية, وما أصاب شعوب الأوطان المحتلة من اضطهاد و آبادة جماعية, و ما يتجند له العرقيون و يطالبون الدعم له (المشروع العرقي الجديد ) لا يبشر بالخير لأحد, فتحالف المشترك في النظرية والممارسة, الصهيونية و العروبة العرقية (آداة الإضطهاد الإجتماعي والقومي والتمييز العنصري والإستعمار), ستكون له عواقب كارثية على شعوب المنطقة, لما عرف عن نتائج توحيد النظم العرقية من دمار و خراب. و البديل الموضوعي للعرقية ليس التحالف النظم العرقية, و إنما التعلم من مشروع الإنصاف الذي نفذه قادة جنوب افريقيا (دي كليرك و مانديلا) بالإعتراف بحقوق شعب جنوب القارة و إلغاء نظام أبارتهايد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار