الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا فشلت الجزائر في قيادة غرب وشمال إفريقيا ؟

أبوبكر الأنصاري
خبير في الشؤون المغاربية والساحل

2022 / 2 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تمتلك الجزائر الكثير من المميزات والمؤهلات الجغرافية والبشرية كي تكون قائدة لمنطقة شمال وغرب أفريقيا أهمها الموقع والموارد النفطية والغازية والتاريخ المشترك مع شعوب المنطقة التي ساهمت بشكل فعال في نصرة الثورة الجزائرية التي بدأت منذ جهاد الأمير عبدالقادر الجزائري و بعده المجاهدة الأمازيغية للا مسومة مرورا بعلماء الجزاىر بقيادة بن باديس والابراهيمي حتى منتصف الخمسينات عندما جرى سرقت الثورة من طرف جمال عبد الناصر وتسخيرها لزعامته ضد الأنظمة الملكية مثل السعودية وليبيا والمغرب .
ورغم ما قدمه سلطان المغرب الملك محمد الخامس من دعم ورفضه ترسيم الحدود مع المستعمر الفرنسي حتى تنتصر ثورة الجزائر ورغم دعم قادة الطوارق في مالي والنيحر وإقليم فزان الليبي للثورة لكن بعد الاستقلال فضل قادة جبهة التحرير الجزائرية تنفيذ الأجندة الناصرية المشرقية على حساب المصالح المغاربية العلياء وندلعت حرب الرمال بين المغرب والجزائر 1963 و كانت ساحة مغاربية لصراع جمال عبد الناصر والملك السعودي فيصل بن عبدالعزيز وتم ترشيح موديبو كيتا رئيس مالي للوساطة مقابل تسليمه قادة ثورة 1963 الأمير محمد علي الأنصاري والأمير زيد بن الطاهر وغيرهم من الآباء المؤسسون للمعسكر الاستقلالي الأزوادي الذين بقوا في السجن حتى عام 1978 .
لقد خلعت الجزائر ثوبها المغاربي وارتدت قميص مشرقي وحاربت الأمازيغية من أجل نشر العامية المصرية وجعلتها لغة حضارة وأصبح فنانوها يفضلون التمصير على الأمازيغية ونشأة طبقة تخجل من أصولها الأمازيغية وتتنكر لكل ما هو أمازيغي وتم طرد اليهود الجزائريون بحجة الانتصار لفلسطين ظالمة أو مظلومة ومنحت الجنسية الجزائرية آنذاك للمصريين والسوريين الوافدين لأنهم غنوا للثورة ومنعت عمن استشهد أسلافهم دفاعا عن استقلال الجزائر من يهود البلاد أو من الشعوب المجاورة للجزائر وهاجر اغلب اليهود الجزائريون إلى فرنسا وبعضهم إلى إسرائيل واصبحوا معارضين وانضموا لليهود المغاربة في دعم الخيارات المغربية وتدعيم علاقات الرباط مع القوى الغربية الكبرى .
وبعد وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر عام 1970 دخلت الجزائر في صراع على خلافته وانشات جبهة الصمود والتحدي وطردت مصر من الجامعة العربية بعد توقيع السادات اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل ونقلت مقرها لتونس وقادة اتفاقية الجزائر 1975 لمنح الفرس موطئ قدم في شط العرب ملتقى نهري دجلة والفرات ودعمت إيران في حربها ضد العراق طوال ثماني سنوات وخسرت منظومة حزب البعث العمود الفقري للقومية العربية وقمعت الربيع الأمازيغي في أوائل الثمانينات وفي عام 1991 ألغت نتاىج انتخابات برلمانية صوت فيها الشعب ضد جبهة التحرير وخسرت منظومة الإخوان المسلمين وإنحازت إلى سوريا ضد العراق ودعمت البوليساريو ضد المغرب على خلفية تصفية حسابات تعود إلى حرب الرمال ودعمت احتلال اسبانيا اراضي مغربية وحاولت خلق عداوة مع فرنسا بحجة تصفية الاستعمار وهي من سمح للمستعمر بإجراء تجاربه النووية في ارض الطوارق على الحدود بين مالي والجزائر عامي 1959 و 1962 وقمعت حركة استقلال أزواد حتى تهيمن على مالي وتمادوا في محاصرة حقوق الشعب الأزوادي ومحاولة تطويق قواه الوطنية المطالبة بحق تقرير المصير .
وبعد احداث 11 سبتمبر 2001 وقيام تحالف بين المحافظين الجدد واللوبي الزنحي دعمت الجزائر جهود رئيس مالي امادو توماني توري في شيطنة سكان أزواد وربطهم بالإرهاب واستقدمت جماعاتها المسلحة الإرهابية إلى شمالي مالي ودمجت اياد اغ غالي في المشروع وتوهمت بأن تحالفها مع اللوبي الزنجي الداعم لمالي ضد الطوارق الامازيغ سوف يضعف اللوبي اليهودي الداعم للمغرب كما دعمت جهود رئيس مالي امادو توماتي توري في خلق جبهة عربية ضد الطوارق " منسقية عرب مالي " وعزلهم بحجة أنهم امازيغ مرتبطين بمشروع صهيوني معادي للمغرب العربي وهي بهذا تنخر جبهتها الداخلية فقد تحولت الخلافات العربية الأمازيغية في أزواد إلى الداخل الجزائري بين المظابة والشعانبة في غرداية وجرى استخدامها للتغطية على جرائم استخراج الغاز الصخري بين سونتراك وتوتال الذي كان سيقضي على أكبر مخزون للمياه الجوفية في العالم الموجود في وسط وجنوب الجزائر .
وبما أن الساحة الأوربية مليئة بالجاليات الأمازيغية المتماسكة مسلمين ويهود فقد توحدت من أجل التصويت ضد اصدقاء جنرالات الجزائر من مرشحي الأحزاب الأوروبية وقد سقط الاشتراكيون في فرنسا واسبانيا وهذا ما يفسر الانقلاب الأوروبي على الجزائر في كل الملفات الإقليمية والدولية بل إن الأنظمة العربية والإفريقية بدأت تتنصل من الجزائر فقد أكد مجلس التعاون الخليجي دعمه لمغربية الصحراء حتى يحسن علاقاته في الساحة الأوروبية وكذلك فعلت مصر ونيجيريا وبقية حلفاءها القدامى باعوا الجزائر لكسب صداقات اكبر في الساحة الأوروبية .
إن ما يقوم به جنرالات الجزائر من تمييز فاضح بين تصفية الحسابات مع المغرب عبر حق تقرير مصير الصحراء وتجييش افريقيا وامريكا اللاتينية لدعم تصفية الحسابات ضد المغرب وإهانة الازواديين وجلب أميركا وفرنسا وفاغنر لقتلهم باسم مكافحة الإرهاب قد يؤدي لتمزيق القبائل الصحراوية التي لها فروع وامتدادات إقليمية عندما ترى أفراد منها يعطون الدعم لمحاربة المغرب وآخرين من نفس العشيرة يصنفون كارهابيين وتجلب فرنسا وامريكا وفاغنر لمحاربتهم وقد يؤدي ذلك لتراجع التعاطف بين القبائل الحسانية تجاه القضية الصحراوية بسبب ما تفعله الجزائر بحق فروعها في أزواد مثلما تراجع الدعم بين امازيغ الجزائر الشاوية والقبائل وتحولت جميعها ضد الموقف الرسمي الجزائري من الملف الصحراوي فالعالم قرية واحدة ولايمكن لأي أسرة حسانية أن تستوعب أن أبناءها الذين يحاربون المغرب الشلحي الأمازيغي دعاة حق تقرير مصير ويجب حشد العالم لنصرتهم بيننا إخوانهم وبني عمومتهم الذين يحاربون مالي البمبارية ويطالبون باستقلال أزواد و يسعون لعودته لمنظومته المغاربية إرهابيين يجب جلب أميركا وفرنسا وفاغنر لمحاربتهم .
ويجب أن تفهم الجزائر أن متاجرتها بالقضية الفلسطينية يضرها على المدى المتوسط والبعيد فنهب ثروات الجزائر من أجل نصرة فلسطين ظالمة أو مظلومة و منح الفرس موطئ قدم في شط العرب ودعم إيران في حربها ضد العراق وتزويدها بصواريخ سكود لضرب مدرسة بلاط الشهداء في بغداد ودعم إيران في قتل سنة العراق منذ 2003 رغم الخلافات المذهبية الشاسعة بين إيران والجزائر التي أغلبها مالكي وأقل من 12% منها اباظي وكلها مذاهب مرفوضة من إيران الفارسية الشيعية هو لنصرة فلسطين ظالمة ومظلومة وان تصفية الحسابات مع المغرب بدعم البوليساريو وحق مصير الصحراء هو لنصرة فلسطين ظالمة أو مظلومة وان دعم مالي في ذبح الطوارق الذين قاتلوا إلى جانب المنظمات الفلسطينية خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وجلب أميركا وفرنسا وفاغنر لمحاربتهم هو من أجل نصرة فلسطين ظالمة أو مظلومة وان استخراج الغاز الصخري وإتلاف مخزون ثلاث ارباع مساحة الجزائر من المياه الجوفية وسجن من يعارضون ذلك من الامازيغ واتهامهم بالعمالة للصهيونية هو لنصرة فلسطين ظالمة أو مظلومة كما أن جلب الروس لدخول منطقة الساحل وإدخال المنطقة في نفق حرب باردة قد تفكك روسيا مثلما حدث بعد تفكك الاتحاد السوفيتي هو لنصرة فلسطين ظالمة أو مظلومة فأي عدو للشعب الفلسطيني اكبر من جنرالات الجزائر الذين يعتدون على شعوب شقيقة ويجرون دول كبرى لحرب باردة لارضاء غرورهم وقد يحولون القضية الفلسطينية إلى أضحوكة وسخرية الشعوب التي يعتدون عليها وقد تعتقد الشعوب المظلومة أن فلسطين هي من يظلمهم ويتأمر عليهم بسبب ترديد المستبدين شعاراتها في كل جرائمهم وهذا قد يؤدي لتلاشي التعاطف العالمي مع القضية الفلسطينية مستقبلا ويمنح إسرائيل شعبية وشرعية أخلاقية في القارات الخمس .

ما الحل لإنقاذ الجزائر من ورطتها هناك عدة حلول أهمها شمالا العودة إلى هويتها الأمازيغية والدفاع عن القضايا الأمازيغية و تفهم أن الشعبين المغربي والجزاىري شعبين امازيغيين لن يقبلا اغلاق الحدود أو الاحتراب بالوكالة باستخدام جبهات قومية عربية ضد الجيران وأن الامازيغ الجزائريين لن يقبلوا أن تستخدم ثرواتهم لمحاربة امازيغ المغرب بسبب تصفية حسابات على حرب رمال مشرقية المصدر ولا ناقة للمغاربيين فيها ولا جمل وان جمال عبدالناصر كان ضد الأنظمة الملكية وهذه ليست مشكلة مغاربية .
وجنوبا الشعب الجزائري في المناطق الجنوبية مكون من طوارق ومظابة وشعانبة وقباىل حسانية لها امتداداتها في الجوار وهذه القبائل ترفض أن يتم ترويج الحرب ضد المغرب الشلحي على أنها حركة تحرر تسعى لتقرير المصير على خلفية تصفية حسابات حرب الرمال بينما حركات أزواد الإقليم المغاربي الذي ضمه الاستعمار لمالي البمبارية على أنهم إرهابيين وان يؤتى بأمريكا وفرنسا وفاغنر لقتلهم بحجة مكافحة الإرهاب هذا الكيل بمكيالين يرفضه شعب الجنوب الجزائري جملة وتفصيلا .
شعب الجنوب يريد سياسة لم شمل البيضان وان الشعب الصحراوي يتعاطف مع شقيقه الأزوادي و يريد التعاون بين الدولتين المغاربيتين الجارتين والتعاطف مع أزواد لأنه خطوة لبناء مغرب كبير يضم الأجزاء المسلوخة منه ومنها أزواد واير وان تفهم الجزائر أن قادة الامازيغ في سجونها لم ولن يكونوا عملاء لأي قوة أجنبية بل هم أبطال شرفاء يعارضون مشروع الغاز الصخري الذي يهدد احتياط ثلاث ارباع الجزائر من المياه الجوفية وهذا هو سبب استشهاد د. كمال الدين فخار زعيم المظابة في غرداية وأنه يستحيل أن يستخرج نفط الأمازيغ وغازهم في الجنوب ويسجنون وتمول به حركات قومية عربية لمحاربة شلوح المغرب بيننا شعب امازيغ الجزائر يعاني الجوع والحرمان والسجون واتهامه بالعمالة لإسرائيل والمخزن المغربي وغيره من التهم المعلبة الجاهزة لإرضاء غرور فساد الجنرالات وصراعاتهم على ما لايملكون .
وعلي الجزائر أن تفهم أن الشعب الأزوادي لايريد اتفاقيات مع مالي تدمج آلاف المقاتلين في جيشها وشرطتها وجماركها أو تعيين بعض الموظفين من العاطلين عن العمل وإهمال اللاجئين و محاولة إعادتهم قسرا لظروف اصعب من التي تركوا مناطقهم فيها بل الشعب يريد تنمية مستدامة وتوفير جميع الخدمات من مستشفيات ومدارس وجامعات وبنى تحتية ودعم الزراعة والصناعة وتعديل مجرى نهر النيجر وعودته لما كان عليه قبل 1968 قبل تشييد حكومة مالي سد مركلا الذي غير مجرى النهر وأصبح يسقي الجنوب ويعطش الشمال والمطلوب عودته ليسقى مناطق أزواد وعودة المزارع لأصحابها الازواديين وجلب الاستثمارات للمناطق الأزوادية حتى يعيش بسلام و أن تسحب الجزائر جماعتها الإرهابية المستوردة وتتوقف عن محاولاتها تنصيب رجالها أوصياء على قضية أزواد فالشعب ثار ضد مالي عندما وجد مناطقه محرومة من كل شيء ولن يسكته توظيف أو دمج مقاتلين في جيش مالي فهذا لم يكن مطلبه بل كان يسعى للتعليم وبناء جامعات ومدارس علياء والصحة وتوفير حياة كريمة هذه كانت مطالبه ومتى تحققت لن يستطيع أي سياسي تحريكه أو التلاعب به
بقلم : أبوبكر الأنصاري
خبير في الشؤون المغاربية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي