الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوبا وأزمة أوكرانيا

حازم كويي

2022 / 2 / 15
الارهاب, الحرب والسلام


كلاوس يواكيم هيرمان
ترجمة:حازم كويي

قال السكرتير الصحفي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكومسومولسكايا برافدا: "عندما توقع روسيا والولايات المتحدة إعلاناً جديداً عن نهاية الحرب الباردة، لا يمكن إلا أن نحلم به". وهذا ماتذكره مراسل الصحيفة للأول من شباط (فبراير)، قبل 30 عاماً، في كامب ديفد بوجود الرئيسان جورج بوش وبوريس يلتسين. لقد بشروا بعصر من "الصداقة والشراكة". وفي هذه الذكرى السنوية التي كادت أن تُنسى، أجاب ديمتري بيسكوف للسائل "الاحلام ليست من يدفع بها لنا رواتبنا". فالحرب الباردة، التي تم الإعلان عن نهايتها، ليست مجرد ماض قاتم، ولكنها أيضاً حاضر مرير مثل الحرب الباردة. وداعاً للأوهام.
التاريخ يعيد نفسه. إن ما جعل العالم يقع في الهاوية مثل أزمة الصواريخ الكوبية هو نموذج لأزمة أوكرانيا. منذ عام 1959، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بوضع صواريخ نووية متوسطة المدى في إيطاليا وتركيا تستهدف الاتحاد السوفياتي. وجاء الرد عام 1962 بوضع صواريخ سوفيتية نووية متوسطة المدى في كوبا. القوة العظمى تحاول الاقتراب قدر الإمكان وبخطورة الصراع من أجل السلطة والنفوذ. اليوم تضع الناتو مع حلفاءها صواريخ أميركية في أوكراينا على الحدود مع روسيا.
"لا يوجد أمن للأوروبيين إذا لم يكن هناك أمن لروسيا" ، تجرأ الرئيس الفرنسي على الاعتراف به. ومع ذلك ،تصف موقع صحيفة (دي تسايت) على حوارالرئيس الفرنسي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يعتقد إيمانويل ماكرون أن رقما واحدا يكون حجماً أكبر من اللأزم ". واضطر قائد البحرية الألمانية، نائب الأدميرال الألماني كاي أكيم شونباخ، إلى التنازل عن العرش. لقد تجرأ على الاعتراف بأنه من "الهراء" أن روسيا "مهتمة بقطعة صغيرة من الأراضي الأوكرانية". بوتين يريدالاحترام، وهو "يستحق ذلك على الأرجح". وتصدرت صحيفة "كومرسانت" الروسية المطالب الروسية بوضع حد ملزم قانونا لتوسع الناتو شرقا وإنسحابه إلى مواقع عام 1997 تحت شعار "إلى الأمام نحوالماضي". وهوالعرض الذي يقضي بعدم إلحاق أي من الطرفين بأمن الطرف الآخر، يمكن أن يؤخذ على أنه درس من أزمة الصواريخ الكوبية.
الولايات المتحدة تقدم دعوتها، ودول حلف شمال الأطلسي تتدخل طواعية. من ناحية أخرى، فإن ثلاثة أصدقاء قدامى، هم روسيا وجمهورية الصين الشعبية وكوبا، يتحركون معاً أيضاً، وهو بالأحرى أثر جانبي غير مرغوب فيه ذو أبعاد جيوإستراتيجية. ومن المفارقات، تبين أن أصغر شريك هو الأكثر خبرة في هذه الحجة الباردة. لقد حوصرت كوبا من قبل القوة العظمى للولايات المتحدة الأمريكية بنزعة إنتقامية لا هوادة فيها لأكثر من نصف قرن. وقيل أنه حتى في أوقات وباء كورونا القاتل جرى فيها قطع الإمدادات الطبية،أضطرت فيها الى تطوير لقاحهم الخاص ضد Covid 19 بنجاح،والى الآن لايزال أستيراد الحقن محظوراً.عقوبة قاتلة حقاً.
العقوبات والحصار هي إعادة صياغة لحصار وحشي من القرون الوسطى. ألمانيا إحتجت على أن "الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على كوبا منذ 60 عاما، هو الأطول والأكثر صرامة في تاريخ البشرية، وقد تسبب حتى الآن - بتقدير متحفظ - في أضرار لكوبا بلغت أكثر من 138 مليار دولار أمريكي. ووصفت منظمة التضامن Netzwerk مع كوبا بأنه "انتهاك صارخ لحقوق الإنسان". في 3 فبراير 1962، فرض رئيس القوة العظمى جون كينيدي حصاراً تاماً على الدولة الجزرية المتمردة التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة. إن تشديد واشنطن لهذه القواعد تبعه إدانة منتظمة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وكما تجرأ البعض في عام 2021، وفقاً لهافانا،حيث تلقت الجزيرة حوالي 135 دفعة من التبرعات من 40 دولة. أستلمت أكثر من 70000 بدلة واقية وثلاثة ملايين حقنة و 200000 قناع من روسيا. وكما تخضع روسيا وجمهورية الصين الشعبية للعقوبات وتشديدهما. لكن هناك فرقاً سواء كانت تنطبق على إحدى جزر الأنتيل أو أكبر دولة وأكثرها اكتظاظاً بالسكان على وجه الأرض.
المتحدثون الغربيون الذين يطالبون بالعقوبات بروح السياسة "القائمة على القيم" وإحترام حقوق الإنسان يعاقبون البعض ويتركون آخرين يتحركون بحرية. سجن التعذيب في غوانتانامو ليس كوبياً، لكنه منشأة أمريكية بعيدة كل البعدعن أي قانون. عندما يشتكي الرئيس الأمريكي جو بايدن من عنف الشرطة المميت وعنصريته البنيوية و "وصمة عار على روح الأمة " ، فإنه يعني أمته وليس الأمة الكوبية مُتعددة الألوان. فالأختيار القديم المُصمم لقانون زمن الغرب المتوحش السابق، لمنع النتائج غير المرغوب فيها في الولايات المتحدة وفصل وإستبعاد ناخبين من الدوائر الإنتخابية وبكل وقاحة.هذا التلاعب في نظام الدوائر ليست بحاجة لصوت عال، للتأثير المزعوم للكرملين في موسكو.

بوتين مذنب. إنه متهم بالشر، كما يرونه بذرائع ملفقة للحروب والقتل والتجسس والهجمات الإلكترونية وغير ذلك الكثير. لكن الحرب ضد العراق، وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وتواجد وكالة الأمن القومي في جميع أنحاء العالم، والتطفل السيبراني المفرط حتى على أقرب حلفائها تأتي من ترسانة الولايات المتحدة. بالتأكيد لن يُسأل بوتين عما إذا كان يعتقد أن بايدن كان قاتلاً. بايدن أو غيره في البيت الأبيض هو الرجل الصالح.
لأنه، على حد تعبير البروفيسور نعوم تشومسكي،الذي ربما يكون أشهر منتقدي السياسة الأمريكية في العالم "مهما كان رأي العالم، فإن تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية لها ما يبررها. لأننا نقول ذلك ". صدر هذا المبدأ من قبل رجل الدولة المشهور (دين أتشسون) في عام 1962. في ذلك الوقت، أعلم الجمعية الأمريكية للقانون الدولي أنه "لا توجد مشكلة قانونية تنشأ عندما تستجيب الولايات المتحدة لتحدي " قوتها ومكانتها وهيبتها ".
بالنسبة للمفكر السياسي تشومسكي، كانت الولايات المتحدة "الدولة الإرهابية الرائدة". محاولات اغتيال فيدل كاسترو، ودعم الكونترا اليمينية في نيكاراغوا، وغزو العراق - بما فيها الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في أبو غريب وغوانتانامو. يقول تشومسكي إن التعذيب هو "أقل الجرائم العديدة" التي ترتكبها الولايات المتحدة والقوى الكبرى الأخرى. والأسوأ من ذلك هو "العدوان والإرهاب والتخريب والخنق الاقتصادي" الصادرة عن واشنطن.
إن غضب الغرب وإزدراءه الموجه للعدو في الشرق في حالة من الرضا الأخلاقي. فالمطالبة الصاخبة بالإفراج عن ناقد الكرملين أليكسي نافالني من معسكر الاعتقال، ولإجل ان تكون لذلك مصداقية باعتبارها مصدر قلق لحقوق الإنسان،تهديد مؤسس ويكيليس جوليان أسانج بالسجن 175 عاماً، كونه كشف جرائم الحرب الأمريكية. كلاهما تحدى الدولة بطريقته الخاصة. مثلما اتُهم شخص قتل بمسدس في حديقة (تيرغارتن) في برلين(أتهمت ألمانيا روسيا بحادث القتل)، أولئك الذين أطلقواعشرات الآلاف من خلال طائرات بدون طيار،عالية التقنية في مناطق متعددة.
كل من أدان الغزو السوفيتي للبلاد و المقاومة الأفغانية المسلحة،كان يتوجب عليه أن لايذهب بنفسه الى الحرب،بل كان على الغرب أن يتعلم من هزيمة الأتحاد السوفييتي،لكن الغرب أضطر أيضاً الى التراجع المخزي هناك.
كما أن المواجهة الحالية لا تبشر بالخير. كانت هناك بالفعل نصف ساعة لتبدأ الحرب.وكان من حسن حظ وكالة بلومبيرغ في الخامس من فبراير(شباط)حيث تم نشر العنوان الرئيسي "روسيا تغزو أوكرانيا" عن طريق الخطأ على موقعنا الإلكتروني في حوالي الساعة الرابعة مساء اليوم. في اليوم السابق للتقرير الكاذب، أجرى تلفزيون بلومبيرغ مقابلة مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، الذي لا يُعرف بالاعتدال قائلاً "خطر حقيقي لغزو روسي لأوكرانيا ". من أجل السيطرة على الزر الأحمر في حالة نرفزة، كان بإمكان ستولتنبرغ وبلومبرغ التحدث بتعويذة عن الحرب من خلال الإستشهاد والإقناع بالتهديد الحقيقي المتمثل في غزو روسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمجد فريد :-الحرب في السودان تجري بين طرفين يتفاوتان في السو


.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي




.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض


.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا




.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24