الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا لا تريد الحرب

كريم المظفر

2022 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


انتهت الأيام 14 و 15 و 16 من فبراير الجاري ، وانتهت قبلها أشهر ديسمبر ويناير ، وانتهت معها التنبؤات " المزيفة " التي اطلقتها الولايات المتحدة وربيبتها المملكة المتحدة ، حول " غزو روسي مزعوم " ، سخرت له لندن وواشنطن ماكينة إعلامية ضخمة ، أريد لها أن تكون بوقا " مهللا " لادعاءاتهما ، وبث روح الرعب والخوف من هجوم روسي ، تعددت فيها التنبؤات ، وكادت ان ينتهي بها المطاف مع إعلان المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف ، بأن القوات الروسية ستعود إلى نقاط التمركز الدائم بعد انتهاء التدريبات ، ونشر وزارة الدفاع الروسية لقطات لتحميل معدات عسكرية على منصات السكك الحديدية، الأمر الذي يؤكد عودة المعدات الروسية بعد انتهاء التدريبات واسعة النطاق ، لولا ظهور " تنبؤات " جديدة .
التنبؤات الجديدة التي اطلقتها تقارير وسائل الإعلام الغربية حول "الغزو" الروسي لأوكرانيا في الصباح الباكر ( الأربعاء ) ، بإشارة صحيفة ذا صن وديلي ميرور البريطانيتين، على وجه الخصوص ، إلى أن موسكو ستشن في ذلك الوقت هجومًا صاروخيًا شاملاً يشارك فيه 200 ألف جندي ، والتي أصبحت محل سخرية الكريملين الذي اقترح على لسان السكرتير الصحفي لرئيس الاتحاد الروسي ديميتري بيسكوف " أن يقوم الأوكرانيون بضبط أجهزة الإنذار حتى لا يفرطوا في النوم " ، ودعوة الممثلة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية ، ماريا زاخاروفا ، السلطات البريطانية للاعتذار عن التقارير الواردة منها بشأن الغزو الروسي المزعوم لأوكرانيا.
الإعلان الروسي عن سحب عدد من قواتها المسلحة ، قابله ارتياح غربي مشوب بالحذر ، فالرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب خاص يتعلق بالأزمة الأوكرانية وروسيا ، لازال مشككا في " النوايا الروسية " وقال "لم تتحقق حتى الآن من انسحاب للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية، وأن هجوما روسيا على أوكرانيا لا يزال ممكنا جدا" ، لكنه عاد بالتأكيد على استعداد بلاده للتعاون الدبلوماسي مع روسيا لتحسين الاستقرار والأمن في أوروبا ككل ، في حين أكد أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، إن الناتو يشعر "ببعض التفاؤل" فيما يتعلق بالإشارات الواردة من موسكو، التي تفيد بأن الجهود الدبلوماسية حول أوكرانيا ستستمر، بل وشدد وزير الدفاع الاوكراني أليكسي ريزنيكوف ، على انه لم يتم حتى 14 فبراير 2022، إنشاء مجموعة هجومية (روسية) واحدة" ، فضلا عن أنه شخصيا لا يعتقد أن "روسيا يمكنها غزو كييف والاستيلاء عليها".
روسيا أكدت أن التدريبات العسكرية في روسيا تبدأ وتنتهي حسب المخطط لها أن تبدأ وتنتهي ، وليس لها علاقة بالأوضاع " المصطنعة " التي أججتها الأصوات " النشاز " التي حاولت أن ترسم صورة " مخيفة " عن القوات الروسية ، فمنهم من قال ان الجيش الروسي سيبتلع اوكرانيا في عدة أيام ، وسيدمر وسيقتل و , و , الخ من الصفات ، على الرغم من أن موسكو أكدت مرارا وتكرارا بأن ليس لديها النية " لاجتياح دولة جارة " ترتبط وإياها بتاريخ مشترك ، وصلة رحم بين المجتمعين الروسي والأوكراني ، لذلك فإن تواجدها هو مؤقت وإنها ستعود الى قواعدها بعد ذلك ، وينطبق ذلك سواء على التدريبات الجارية في غرب البلاد أو الفعاليات المماثلة في أقصى شرقها ، أو التدريبات المشتركة بين روسيا وبيلاروس التي تجري وتتطور أيضا بما يتفق تماما مع جدولها المتفق عليه مسبقا ، وكما أكده الوزير لافروف بإن ذلك يجري بغض النظر عمن يظنون شيئا ما حول هذا الموضوع ، وعمن تصيبهم نوبات هستيرية بهذا الشأن، وعمن يشنون حملات من الإرهاب الإعلامي الحقيقي، وأقول ذلك بلا تردد ، ورفضت موسكو الخطاب العدواني الذي تؤججه واشنطن وأقرب حلفائها حول الأزمة الأوكرانية " .

الانسحاب الروسي من الحدود غير مرتبط كما يظن البعض بأنه مرتبط بالتهديدات الغربية ، والدعم التسليحي الكبير الذي تلقته أوكرانيا من الغرب ، بل هو مرتبط وكما اوضحنا في أعلاه ، لكن روسيا لا تربط ذلك بمطالبها المبدئية التي ستناضل من اجل تحقيقها ، وهي المطالبة بالضمانات الأمنية ، لتقليل المخاطر والتهديدات العسكرية في أوروبا ، وعلى ما يبدو فإن هناك إشارات أوربية وأمريكية ، وكما اوضحها وزير الخارجية الروسي ، عقب محادثات مع زبيغنيو راو وزير خارجية بولندا التي ترأس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ، " بأستجابة "الغرب في النهاية، عندما أدرك أن روسيا تتحدث بجدية عن الحاجة إلى تغييرات جذرية في مجال الأمن الأوروبي، " وان الغرب رد بشكل إيجابي على المبادرات التي رفضها لفترة طويلة".
روسيا التي تصر على أن يتم البت في إغلاق موضوع عضوية أوكرانيا في الناتو اليوم وليس في المستقبل، وكما أكد الرئيس فلاديمير بوتين، خلال مؤتمره الصحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس ، عقد في أعقاب محادثات أجراها في الكرملين واستغرقت أكثر من ثلاث ساعات، ردا على ملاحظة الزعيم الألماني أن مسألة منح كييف العضوية في حلف شمال الأطلسي "ليس على جدول الأعمال".
بوتين استغل وجود المستشار الألماني لأول مرة في الكريملين (والذي اعتبرها البعض بأنها الفرصة الأخيرة لروسيا) ، حمل ضيفه رسالة شديدة اللهجة، شدد فيها على إنه إذا انضمت أوكرانيا إلى الحلف بعد غد وليس غدا ، فماذا يعني ذلك ؟ فذلك لا يغير شيئا بالنسبة لروسيا ، وأن المناقشات حول انضمام أوكرانيا إلى الحلف مستمرة، وأنه لو حصل ذلك حتى بعد عدة أعوام، عندما تكون أوكرانيا مستعدة لهذه الخطوة، "فمن المحتمل أن يكون الأوان عندها قد فات بالنسبة إلينا ، لذا فنريد حسم هذا الموضوع الآن، في أقرب الآجال، ضمن عملية تفاوضية وبطرق سلمية" ، و أن موسكو تنطلق من هذه الأطروحة وتعول على أن يحمل شركاءها الهواجس الروسية محمل الجد.
في الوقت نفسه ، حمله أيضا رسالة سلام روسية تؤكد بأن موسكو لا تريد اندلاع حرب في أوروبا وهذا هو سبب قيامها ببعث مقترحات حول ضمانات الأمن إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، لكن معظم الردود الغربية على هذه المقترحات لا تناسب توقعات موسكو، لكن الرئيس بوتين ، لم يغلق الباب بوجه الحوار السلمي ، وذكر أن هذه الردود تحتوي على بنود بإمكان الجانب الروسي مناقشتها، والإشارة إلى أن موسكو تعتبر إجراءات ردع روسيا بوسائل عسكرية تهديدا مباشرا لأمنها القومي، وأن المقترحات الروسية المذكورة تطالب بإزالة هذا الخطر.
النوايا الروسية متجهة بشكل كامل نحو تحريك جمود المسارات المحورية من عملية السلام في دونباس، ومنها الإصلاح الدستوري والعفو، والانتخابات المحلية والوضع القانوني الخاص لمنطقة دونباس، إضافة إلى "الصيغة" التي اقترحها في حينه وزير الخارجية الألماني (ورئيس ألمانيا حاليا) فرانك فالتر شتاينماير، وتعتبرها كحل وسط لتنفيذ اتفاقيات مينسك، والتي لم يتم تأطيرها قانونا في أوكرانيا إلى الآن.
المخاوف الروسية التي يرى فيها المراقبون بانها مشروعة، تتمثل في أن الدول الغربية قد تماطل بشكل غير معقول في المفاوضات بشأن الضمانات الأمنية ، لذلك فإن موسكو بحسب تعبير الرئيس بوتين ، تعتزم منع ذلك ، وإنها ستواصل الإصرار على حل فوري لقضية عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو ، وأن روسيا ستسعى لحل القضايا الأمنية من خلال الدبلوماسية وكانت مستعدة لمناقشة المبادرات الواردة في ردود الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ، ولكن فقط بالاقتران مع العناصر ذات "القيمة الأساسية والأهمية القصوى" لها ، وان ذلك سيتشكل على أساس "الوضع الحقيقي على الأرض" الذي لا يعتمد فقط على روسيا ، بحسب تعبير الرئيس بوتين ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على