الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النبؤة

الطيب عبد السلام
باحث و إعلامي

(Altaib Abdsalam)

2022 / 2 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ان الانبياء هم مركز تركز العاصفه،الموجة العالية من امواج البحر،و الذين يأتون بعد ان تستنفد كل الموجات الأخر قوتها و اندفاعتها و المفارقة ان علوهم ذاك كان من سدى تلك الامواج و شظاياها،فهم وحدهم من إمتلكوا ذاك الحدس و الحس في إدراك السياق و أقتناص الفرص التاريخية التي تلوح،إنهم الغرباء بين أهلهم المضيؤن في سماء الأبد.
إن النبؤة ليست ضربة حظ بل هي كفاح و اجتهاد و سهر و ليست نابعة من نفس متعاليه ترى نفسها فوق الأخرين بل إنها نابعة من نفس قارئة ممسكة بأدوات عصرها حق إمساكها لتنشر رسالتها.
فكان النبي ماني رساما و فنانا و مغنيا،و كان المسيح طبيبا و مداويا في عصر سادت فيه العولمة الهيلينية و ادواتها المادية في التطبيب و التعليم فكان طبيبا للجسد و صار طبيبا للروح فاتحا زراعي العناية الإلاهية لتشمل كل البشر و ليست حكرا على جماعة او احد.
و كان خاتم الأنبياء و المرسلين في قرأنه الموحى المنزل مستخدما لإدوات عصره في الدعوة و التبشير في معقل اللغة العربية و بين اهليها فكان لقوله حلاوة و عليه طلاوة و إنه لمثمر اعلاه مغدق على أسفله فسارت بترانيمه الركبان و أنس المسافرين في لياليهم المرعدة و طيب خواطر الموتى بالحياة الأخرى.
إن كل هذه الرسالات اللامعة المتألقه هي التي صنعت الفارق في رتابة التاريخ البشري اولا و حيوات الأناس البعيدين العاديين الذين يحتفلون لحظتها بدخولهم مسرح التاريخ دخول الخالدين المتوهجين.
بذات المعنى فما زالت الطبول معدة و المسارح دوما مهيأة لذلك الداخل الجديد الذي سيضئ تلك البلاد المنسية بالتوهجات السنية.
توهجات لا تتأتى بالعادي و المرتقب بل بالمثابر فيه و المكدود عليه.
ذلك الذي يجلس في رفقة عتمته مقلبا الإنسان في كل ما قال و فعل،ناظرا بوسامته التي يحب في عين المرأة مصففا شعره و محاطا بأحدث وسائل التبليغ الرقمي و اعلاها دقة لا لإنها مقصودة بحد ذاتها بل لإن مقصودها سما فوق ذاتها فالمصباح في زجاجة و الزجاجة كأنها كوكب دري يكاد ان يضئ و لو لم يمسسه نور،مدققا كالكيميائي الحاذق في إختراع الإكسير الخالد..الإكسير الذي لا يريده لجسده الفاني بل لكلمته و أثره الباقي،ثم صاعدا فوق منبره مبشرا الزهر و الورد و الرياح و الناس في الأسواق و الأفندية في المكاتب و القيمرز في عالم نجاحاتهم و انجازاتهم،و السكارى في طرمباتهم و المحششين في غرزهم و جمباتهم و المصلين في صلواتهم و الكل الذي في كله أن ظهوره قد دنا و نجمه قد طلع فيا ست الودع شيلي الودع لي كشكشي وشوشي شوفيهو لي كان فيهو شي و قوليهو لي ما تختشي.
إنها التنبيهة الساخرة و الإشارة الماكرة و النظرة الحقودة الزاجرة،بأن الأمر جد، و ان المختار في تبليغه يتسأل في شك
هل أهمل شيئا؟ هل كان الصمت أجدى و أكثر كونية و معنى؟ ثم يجيب نفسه أنه ما قال بل أشار و ما دل بل إستدل و أنه بقدر ما تنزل و تجلى في التواضعات الدنيوية المادية فإنه لم يضع النظرية بل سأل المنظور، و أنه لم يمنح الحلول بل اعطى الاسئلة.. الاسئلة المتألقه..المتألقه في السماء كالنجوم.
لم تسد الأبواب و ما زالت النوافذ مصغية و ما زال النهر جاريا و ما زالت خريطة الكنز مخبؤة في الكلمة،و ما زالت الدروب متعرجه،و ما زالت وثنية الوصف و التعريف و النياشين و الرتب المدنية الكبيرة و المسميات الفخمة تسد سماء المعنى،ما زال العدم محور العقول ،العدم الذي يتقمص المسميات و القاعات و المعابد و الحدائق،العدم الذي يمشي مع الناس و يحيا فيهم.
العدم الذي ما ان تقرأ في وجهه قصائد درويش و لوحات ڤان جوخ و نظرات هايدغر حتى يختفي و له ضراط.
العدم الذي يسحق الإنسان الحر و يرمي به في مدفنة الرتابة و السخافة و الرفض و الإنكار و الٱنسلاخ عن همس الصباح و فرادة الليل..العدم الذي هو القول..لا قول القول.
العدم الذي هو الغرور و الإستكبار،العدم الذي أمسك بتلاليب أبينا إبراهيم فرجمه، و حاول إغواء المسيح فطرده،ولاحق النبي المصطفى فكانت حياته بأكملها إنتصارا عليه.
هذا المسخ الدميم الذي يتعقب السحابات و قطرات الندى في الصباحات، العدم الذي هو الفرية البشرية الخداعة لتهرب من مسؤولية تحققها و معناها..العدم الذي هو أنثوي في طبيعته..اؤلايك النسوة..مصانع اليقين الأخذات دون عناء او شكر و المثقلات كاهل الطبيعة بالمزيد من الهم الثقيل.
العدم الذي لن يهزمه سوى المختار الجديد الذي سيجعل تلك الهنيهة العادية والا مسبور فيها من التاريخ لحظة مشرقة في المسيرة المرهقة صحبة النجوم و الثقوب السوداء نحو المجهول الجميل..المجهول الداكن المحاط بالضوء من جهاته المستديره، فإن كان للحضور لذة فلرحمة المجهول الف لذة، فقد رفعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك و رفعنا لك ذكرك.
سيقودهم المختار ليطلوا من نافذتهم الأرضية على البرية..على الرفقة و المعية،على ما في يدي المجهول من حلوى و هدايا سرية مغلفة، يمنحهم إياها في ليالي الميلاد كبابا نويل الحقيقة، فهو لم يجدد شيئا و لم يمحو شيئا و لم يقل شيئا..بل كان هو الموجة العالية.
ثم قالت له نفسه يا مختار ،قد تلبدت سماؤك فاختر أرضك فقلبت بصري و بصيرتي فلم أجد غير العشيرة و الحضرة الوسطية النبيلة مؤيلا و مصغيا فناديتهم بالبلاغ غير يائس او متعجل..فقد تكامل القمر ولا حيلة للسماء إلا التزين به و التباهي به و الأستضاءة منه و لو أبت الشهب..ثم قالت لي نفسي و انا اهبط اورشليم او أصعد الجبل مناديا إغرس يا مختار:فقلت و نعم الثمار الأتيه و إن أبت الأرض العدمية العاصية،المحجوبة بتوهماتها عن الحقيقة..عن الحقيقة.
و سيقول الملقنون في أضابير الجامعة بل هو هذيان و شعر فأهملوه فما هكذا سمعنا عند ابائنا الكهنة الأولين.. و سأقول لهم بل عميت أبصارهم و ختم العدم على قلوبهم..فأنى يفقهون.


15 يانير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري


.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد




.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ


.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف




.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب