الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استبعاد ترشيح زيباري يزيد خلافات طهران الغربية ويرفع الشعبوية ضدها

أبوبكر الأنصاري
خبير في الشؤون المغاربية والساحل

2022 / 2 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


معاناة العراق لم تبدأ منذ عام 2003 عندما غزت واشنطن بلاد الرافدين مسنودة بفتاوى المرجع الفارسي ٱية الله السيستاني الذي رأى في ذلك رد اعتبار للذين عانوا منذ معركة القادسية التي انهزم فيها الفرس على يد سعد بن أبي وقاص في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب للمرة الثانية بعد هزيمتهم في معركة ذي قار واصبح العراق ساحة لتصفية الحسابات الفارسية ضد العرب والكرد تحت شعارات محاربة الإرهاب ودعم محور الممانعة والحقيقة ان المعاناة العراقية تعود لعام 1958 عندما قام الانقلابيون بقيادة عبدالكريم قاسم بالإطاحة بالملك فيصل الثاني وقاموا بخلخلت المجتمع العراقي .
لقد عاش العراق في العهد الملكي الهاشمي وما قبله حالة تٱخي بين مكوناته العرب والكرد والتركمان واليهود والمسيحيين والصابئة وكان نقطة توازن بين الدولتين العثمانية التركية والصفوية الفارسية قبل تأسيس الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي وكان لكل مكون دوره وصناعته وكان الملك منذ تأسيس الدولة يستمد شرعيته من إجماع المكونات وتوزيع الأدوار بينها و كانت المرجعيات الشيعية العربية مثل ٱل الصدر وٱل الحكيم وٱل الأعظمي وٱل الكرخي وٱل علاوي العمود الفقري لشرعية الملك الدينية و كان شيوخ العشائر من الدليم والجبور وشمر والالوسي وغيرهم مصدر الشرعية الشعبية وكان ٱل البارزاني ابطال ملحمة ثورة المهاباد عام 1946 قادة الشعب الكردي وكان اليهود صناع الموسيقى وقادة المصارف وقاموا بتطوير فنون المقام العراقي وكان التركمان صمام العلاقة مع تركيا والمسيحيين صمام العلاقة مع أوروبا وكانت هذه التركيبة المجتمعية مثل الوان قوس قزح الذي لايقبل التخلي عن أي لون فذلك سوف يفسد الطبيعة ويقضي على بقية الالوان وكان رؤساء الحكومة الأقوياء مثل نوري السعيد يعتمدون على كل هؤلاء لضبط توازنات الحكم وكان العراق فاعل في محيطه الإقليمي والدولي ولم تتجرأ إيران على التفكير بالاستيلاء على شط العرب خلال العهد الهاشمي والتنوع الطبيعي في المجتمع العراقي .
بعد عام 1958 ونتيجة للتأثر بالمد القومي العربي والعدوان الثلاثي على مصر 1956 وقيام إذاعة صوت العرب من القاهرة بشيطنة النظام الهاشمي وربطه بالاستعمار الإنجليزي الغربي وايهام المعجبين بجمال عبدالناصر أن تحرير فلسطين والأمة يتوقف على إزاحة النظام الملكي بعدها دخل العراق عهد الانقلابات الدموية التي قامت بتفكيك قوس قزح المكونات العراقية فقد بدوأ بتجريد المكون اليهودي من جنسيته وطرده بحجة الدفاع عن القضية الفلسطينية وفي عام 1974 لم يبق في العراق من اليهود سوى الفنانة سليمة مراد أرملة الفنان ناظم الغزالي وبعد الانتهاء من اليهود جاء الدور على المكون الكردي واتهامه بالعمالة للصهيونية ومحاولة تفكيك العراق وشن حروب تطهير عرقي بحقه وخلال الحرب العراقية الإيرانية بدأ بعض الشيعة ينحازون لإيران بعدما اعتبر حزب البعث ان بعض مراجعهم ذات الأصول الفارسية تزاحمه الولاء الشعبي وان ولاءها للولي الفقيه الفارسي على حساب المصلحة الوطنية.
بدأت طهران منذ منتصف الثمانينات تروج للمظلومية الشيعية وتتهم السنة باحتكار حكم العراق منذ معركة القادسية في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب التي أنهت الحكم الفارسي وجرى صناعة فصيل كردي بقيادة المرحوم مام جلال الطالباني موالي لإيران ومدعوم من المنافسين القوميين لصدام حسين مثل حافظ الأسد والقذافي وتحالف مع عملاء ايران الذين أصبحوا اليوم الحشد الفارسي ووقفوا مع طهران في الحرب العراقية الإيرانية لأن دوره الوظيفي معارضة المشروع الكردي ودعم الخميني وتنفيذ توجيهات الأسد والقذافي .
وبعد هزيمة إيران في الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 وتجرع الخميني السم وقبوله قرار مجلس الأمن 598 عندما حرر الحرس الجمهوري بقيادة اللواء إياد فتحي الراوي و اللواء ماهر عبد الرشيد قاىد الفيلق السابق المكلف بحماية البصرة الفاو والشلامجة وجزر مجنون بدأ التخطيط الفارسي للقصاص من الشعب العراقي اولا بتحريك المرجعيات الفارسية الموالية للخميني للقيام بتمرد عرف بالانتفاضة الشعبانية 1992 ثم تحريك الجاليات الفارسية اليهودية العمود الفقري لليكود بقيادة نتنياهو الذي خرب عملية السلام وجعل القضية الفلسطينية ورقة تتلاعب بها إيران للتغطية على جرائمها في العراق بقيام حماس وحزب الله بعنتريات وجر إسرائيل لمعارك للتغطية على جرائم طهران بحق السنة العراقيين .
وكانت إيران قد حركت اليهود الفرس وغيرهم في واشنطن منذ التسعينات لتحريض الغرب على خوض حرب استباقية ضد الرئيس صدام حسين وإعدامه وتسليم العراق للقوي الموالية لإيران ليكون الضحية الثانية بعد حركة طالبان في الحرب الأمريكية على الإرهاب بعد أحداث سبتمبر 2001 وتسليم البلاد للحقد الفارسي وجرى التمهيد لذلك عبر فتاوى داعمة للغزو الأمريكي وربطه بمأساة الامام الحسين وسبي السيدة زينب عليهما السلام وشيطنة العشائر العربية السنية وربطها بالقاعدة وداعش لتبرير التطهير العرقي بحق معارضي الاحتلال الفارسي الذي تسلم البلاد من الغازي الأمريكي وتفنن رجال إيران امثال نوري المالكي وموفق الربيعي 2006-2014 في ارتكاب ابشع الجرائم بحق العرب السنة وكانت مهمة الطالباني تبرير الإجرام الفارسي بحجة مكافحة داعش والقاعدة و قد تشكل رأي عام في العالم السني الاسلامي من اندونسيا إلى المغرب مرورا بتركيا والعالم العربي ضد جرائم إيران تم التحايل عليه بعنتريات حسن نصر الله " حرب تموز 2006" وحروب الليكود المتتالية على غزة لتحويل إيران من قاتلة للسنة إلى داعمة لمجددي عهد صلاح الدين الايوبي ثم تسليم المالكي الموصل لداعش لتبرير هدم المدينة على سكانها وإحلال المستوطنين الموالين للمشروع الفارسي مكان السكان الأصليين السنةفي اغلب المحافظات السنية وكركوك والمناطق المتنازع عليها مع إقليم كردستان تحت شعارات مكافحة الإرهاب ودعم محور الممانعة بقيادة قاسم سليماني.
وخلال فترة احتكار اتباع إيران للمشهد العراقي منذ عام 2003 عانى الشعب الشيعي من الفقر والبطالة وانقطاع الماء بسبب حبس إيران المياه عن العراق وتراجعت الزراعة في البصرة والجنوب وانقطاع الكهرباء ولم ير الشعب الشيعي من الأحزاب الموالية لإيران غير القتل واغتيال الشباب والفتيات العراقيين المطالبين بتحسبن أوضاعهم والمطالبين بالوظائف والخدمات و انتشرت الفتن خدمة لمصالح إيران في إضعاف العراق الذي هزمها في حرب الثماني سنوات .
كل ذلك أدى لتراجع احترام إيران في العالم الإسلامي ورفض العشاىر الشيعية العربية في الجنوب والوسط العراقي للإجرام الفارسي وجاءت نتائج الانتخابات ضد أحزاب الحشد الفارسي ورفض كل مجرم حرب موالي للمشروع الفارسي وأصبح اتباع إيران يتكلمون لغة ترامب بأن الانتخابات مسروقة ويتظاهرون وقد أثبت القضاء العراقي نزاهتها ومقت الشعب العراقي للإجرام الفارسي بعدها بدأت معركة ترتيب البيت العراقي بعيدا عن تدخلات المحتل الفارسي فقد قال الشيعة العرب كلمتهم أنهم يريدون المراجع العربية مثل ٱل الصدر وٱل الكرخي وٱل الاعظمي وٱل علاوي الذين صنعوا مع الملك فيصل الاول مشروع الاستقلال الوطني وقال الشعب الكردي كلمته بأنه يريد المدرسة البارزانية التي جعلت الإقليم رقم صعب وفيه افضل بنى تحتية في الشرق الأوسط وأرقى نظام جامعي ويؤي لاجئين من العراق وسوريا وتغيرت الكثير من المعادلات .
اليوم استبعدت المحكمة العراقية بأوامر إيرانية ترشيح المناضل هوشيار زيباري تلميذ المدرسة البارزانية وأحد أشبال أسود ثورة المهاباد عام 1945 ليمسك القضاء العراقي العصىا من الوسط بقبول فوز الكتلة الصدرية ورفض المرشح الكردي الذي ترفضه إيران وهو محل توافق وطني بين ٱل الصدر والمراجع العربية وٱل البارزاني والقوى السنية بعد شكاوى كيدية قدمها خصومه الموالون للمشروع الفارسي وهذه الخطوة قد تعيق خروج العراق من أزماته الداخلية فالمرشح المستبعد هوشيار زيباري سبق له قيادة الدبلوماسية العراقية و مؤهل ليكون مهندس خفض التوتر بين ضفتي الخليج كوسيط بين السعودية وإيران والتقريب بين قطر والامارات ودعم جهود التوصل لاتفاق في البرنامج النووي الإيراني مع الغرب وتجنيب العراق تبعات الصراع الغربي الروسي حول اوكرانيا وهو رجل دولة مقرب من دواىر صنع القرار الغربي واحد أقطاب مشروع الشرق الأوسط الكبير وتدعمه لوبيات داخل الكونغرس الأمريكي كما تدعمه الدائرة الضيقة لنائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس المكلفة بإدارة مشروع الشرق الأوسط الكبير ومعسكر السلام الإسرائيلي الذي أسسه الشهيد اسحاق رابين ووقع السلام مع ياسر عرفات والملك الحسين بن طلال.
و أن من المصلحة العلياء التوافق على تعويض المرشح برهم صالح بمنصب نائب رئيس الوزراء لإدارة العلاقة بين إقليم كردستان والعاصمة بغداد وان من مصلحة إيران كسب صداقة المرشح هوشيار زيباري وان استبعاده سوف يزيد توتر علاقات إيران مع الغرب ويعطل تقاربها مع دول الخليج لأن عراق مستقر ويملك قيادة تحظى باحترام واسع النطاق افضل لإيران من جار ضعيف يرتكب فيه عملاءها جرائم تجعلها منبوذة في العالم الإسلامي السني ويوتر على علاقاتها مع الغرب كما حدث في عهد المالكي والطالباني 2006-2014 الذين أدت جرائمهم بحق السنة إلى تحويل إيران لدولة منبوذة لدى مليار ونصف سني عبر العالم وجعلت فصائل الحشد مكروهة بين الشباب الشيعي العربي وهو ما تم التعبير عنه في صناديق الاقتراع.

لن تعود عقارب العراق للوراء وان على إيران المسارعة لصداقة الفائزين بدل محاولة قلب النتائج أو محاولاتها إعاقة عمل المؤسسات عبر حركات يائسة تضرها أكثر مما تجلب اي فوائد مفترضة وان استبعاد المرشح هوشيار زيباري المفضل لدى الغرب وخاصة واشنطن بأوامر إيرانية قد تصب في مصلحة الصقور المناهضين للاتفاق النووي " معسكر ترامب" الذي انسحب من كل الاتفاق النووي ويكبد طهران خسائر في مفاوضاتها في فيينا ويعيق التقارب الخليجي الإيراني الذي يقوده الصدر بدعم من البارزاني وان تمسكها بمرشح الاتحاد الوطني الكوردستاني برهم صالح قد يعقد المشهد العراقي ويرفع منسوب الشعبوية المعادي للتدخل الإيراني في الساحتين الشيعية والكردية بعد العرب السنة مثلما حدث في لبنان عندما أصر فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني على ترشيح العماد عون وتعطل انتخاب الرئيس اللبناني لأكثر من عام ونصف بعدها بدأ تفكك معسكر اتباع سليماني ودبت الخلافات بين تيار عون والتحالف الشيعي وتدهورت العلاقات اللبنانية الخليجية بسبب هجوم حزب الله المتكرر على السعودية وعلق الحريري زعيم الطائفة السنية مشاركة تياره وأصبح مصير لبنان للمجهول بسبب تردي وضعه الاقتصادي وعزلته الإقليمية بفعل تحكم المشروع الفارسي بمصيره تحت أكذوبة المقاومة وسلاحها الذي يذبح السنة في الشام للانتقام من العشائر التي كانت ترفض دعم حافظ الأسد للخميني في حرب الثماني سنوات .
بقلم : أبوبكر الأنصاري
رئيس المؤتمر الوطني الأزوادي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح