الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من المنطق الإيديولوجي إلى المنطق الاستراتيجي.. رؤية مغربية

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2022 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


يمتلك المغرب من الإمكانيات الديبلوماسية، ما يمكنه من اختراق الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، و تدشين مرحلة تفاوضية جديدة، تعتمد منطقا استراتيجيا يقطع مع المنطق الإيديولوجي الذي تحكم في الصراع، و قاد كل الأطراف نحو حافة الهاوية. و ذلك للاعتبارات التالية:
** المغرب يحظى بالثقة و الاحترام من كلا طرفي الصراع، و هذا مكسب ثمين لا يتوفر لأي وسيط دولي أو إقليمي.
** المغرب دشن حضوره على أرض فلسطين، منذ قرون، و فضاءات القدس الشريف شاهدة على هذا الحضور (باب المغاربة، جامع المغاربة ...) و قيادته للجنة القدس، ضمن منظمة المؤتمر الإسلامي، استحقاق عن جدارة و ليس مجرد بروتوكول ديبلوماسي.
** المغرب يمتلك جالية يهودية مرتبطة بوطنها، و تقدم الولاء لأمير المؤمنين كممثل روحي و سياسي للدولة. و هذا استثناء لا يتكرر في علاقة اليهود بأي دولة هاجروا منها.
** المغرب، وسيط دولي موثوق به في الكثير من النزاعات الدولية (الملف الليبي خير نموذج)، و مشارك دائم في قوات حفظ السلام الأممية.
** المغرب شريك استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، و أكبر شربك تجاري للاتحاد الأوربي من خارج حدوده.
هذا الرصيد الديبلوماسي المحترم، بإمكانه أن يكون أداة فعالة لاختراق الصراع، من الداخل، و تدشين مرحلة تفاوضية جديدة بمنطق استراتيجي جديد، يستحضر المفهوم الجدبد للعلاقات الدولية الذي لا يعترف بدوام العداء أو الصداقة، بقدر ما يعترف بدوام المصالح.
لقد أثبت المغرب أن حل القضية الفلسطينية مشروع لن يتحقق عبر المنطق الإيديولوجي الذي عمّر عقودا دون جدوى، بل زاد من تعقيد القضية أكثر و أدى بها إلى نفق سحيق يختنق داخله الشعب الفلسطيني، بينما يمارس الإيديولوجيون تجارتهم المدرة للربح، سواء باعتبارهم نخبة ثقافية أو سياسية أو مدنية.
الحل الاستراتيجي يفرض نفسه على طرفي النزاع، إسرائيليين و فلسطينيين، فأي طرف منهما غير قادر على رمي الآخر في البحر كما يدعي ! لقد كان الطرفان ضحية أوهام شكلاها طوال مراحل الصراع .. الإسرائيليون كانوا ضحية انتصارهم، و الفلسطينيون كانوا ضحية هزيمتهم، كما ذهب لذلك أمين معلوف الذي يقر أن حل الصراع لا يمكنه أن يتحقق إلا عبر استكشاف منطق جديد.
المغرب وظف علاقاته التاريخية الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، مع مواطنيه من اليهود، و تحمل مسؤولية تغيير المنطق الإيديولوجي السائد، و اقترح منطقا جديدا يقوم على أساس تغليب كفة المفاوضات سياسيا، و تغليب كفة الشراكة الاقتصادية من منظور رابح-رابح، و تكثيف الحوار و التبادل الثقافي عبر استعادة ما يجمعنا باليهود مع محاولة تجاوز ما يفرقنا.
ليس هناك من حل عملي إجرائي و مجد خارج هذا المنطق الاستراتيجي، و إلا فإن البديل هو الزيادة في تعقيد الصراع إلى حدود اللاعودة، و المعروف أن الخاسر الأكبر في المعركة لن يكون الطرف الإسرائيلي المدعوم من طرف القوى الدولية الكبرى، و لكنه الطرف الفلسطيني الذي يجد نفسه معزولا في مواجهة غير متكافئة.
لا ندعو حراس المعبد الإيديولوجي القديم إلى مغادرة معبدهم الذي نشأوا داخله، أجيالا، و استرزقوا مما يذره من منافع مادية و رمزية، و لكن نناديهم: رفقا بأشقائنا الفلسطينيين فلا يمكنهم تقديم أكثر مما قدموا من أرواح، و لا يمكنهم الاستمرار إلى ما لا نهاية في الاستجابة لنزواتكم الإيديولوجية ! منطقكم الإيديولوجي أكل الدهر عليه و شرب، و أثبتت الأحداث الجارية إفلاسه !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة