الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بير بوروخوف وصهينة الإشتراكية

سعيد العليمى

2022 / 2 / 18
القضية الفلسطينية


هناك نزعة لها تنويعات متعددة ستعرض هنا من زاوية توافقها جميعا على بعض التصورات والمفاهيم مبينا أثر بعضها على نظرات د . جيرفازيو بدون الدخول فى جدال تفصيلى معها ، وهى تمتد من بير بوروخوف الروسي (الصهيوني الماركسى !) (1881 – 1917) مرورًا بتوني كليف (1917 – 2000) وهنري كورييل (1914 – 1978) وصولًا إلى جويل بينين (أستاذ التاريخ في جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة )، ويوسي أميتاي (مدير المركز الأكاديمي الإسرائيلي في القاهرة 1997 – 2001) ، وقد غشت هذه النزعة التى هيمنت فيما يبدو تصورات ومفاهيم د. جينارو جيرفازيو سواء في أطروحة الدكتوراة ، أو في الفصل الثامن من اليسار العربي المشار إليهما عاليه. وهذه النزعة تهيمن عمومًا في أوساط اليسار الأوروبي وخاصة الفرنسى – الإيطالى الخاضع لمؤثرات تاريخية قروسطية ، ولفظائع النازية ، والدعاية الصهيونية وهي تكرس ضمنيًا أو ظاهريًا " قومية يهودية" لها "حق تقرير المصير" في أرض فلسطين العربية، بوصفها "الوطن القومي" وتدعو إلى "تآخى الكادحين الأممي" من اليهود والعرب في مواجهة الحكومات الرجعية العربية والإمبريالية البريطانية في مرحلة الأربعينات، وبعدها في الستينات والسبعينات وماتلاها اعتبروا النضال ضد البورجوازيات العربية هو النضال الطبقي الحقيقي، والتخلي عن الصراع القومي أو الوطني ضد دولة الاستيطان الصهيوني صراعًا "غير طبقي" أو "غير اجتماعي" و"شوفيني" وقد أدى ذلك إلى "فقدان الهوية" للماركسيين المصريين حتى الآن (والعياذ بالله!) كما رأى ذلك باحثنا الإيطالي د. جيرفازيو، ومن ثم لم يكن ذلك سوى دعوة للعدمية القومية من ناحية، وتهوينًا من شأن التطورات الخطيرة التي أحاطت بشعوب الدول العربية وخاصة طبقاتها الكادحة من ناحية أخرى، وشمل ذلك بالطبع القومية العربية، والوحدة العربية، ومن المنطقي أن ينتهي ذلك ضمنيا بطلب الاعتراف الصريح أو المستتر بدولة الاحتلال الصهيوني، وبحدودها الآمنة وإقامة العلاقات الاقتصادية والسياسية معها ... باختصار إقامة علاقات طبيعية معها بوصفها دولة عادية من دول " الشرق الأوسط " وما يترتب على ذلك من تصفية القضية الفلسطينية، والاندماج الكامل في عالم الغرب الرأسمالي الإمبريالي المعولم بديلًا عن الشعار الذي رفعه الماركسيون المصريون الراديكاليون آنذاك وهو إقامة جمهورية ديموقراطية علمانية على كامل التراب الفلسطيني تضم العرب واليهود في دولة مواطنة هي النقيض لدولة الاحتلال الصهيوني، والتي لا يمكن أن تقوم إلا على أنقاضها بعد الإطاحة الثورية بها .
وربما كان داف بير بوروخوف الذي ولد في زالاتونشا بأوكرانيا في ظل الإمبراطورية الروسية هو أول " ماركسي صهيوني" حاول أن يقدم مفهومًا "ماركسيًا" عن القومية اليهودية حيث عرضه في كتابه المسألة القومية والصراع الطبقي في 1905، وقد كان بوروخوف من مؤسسي اتحاد العمال الاشتراكي الصهيوني، وقد تسبب ذلك في طرده من حزب العمال الاشتراكي الديموقراطي الروسي الذي كان عضوًا فيه ... وقد قام ميتشيل أبيدور بعرض موجز لأفكاره "الماركسية الصهيونية الاشتراكية" فلم تكن الدولة التي تخيلها دولة قومية فقط ، وإنما ذات أساس طبقي وفق تعبيره ، ومن ثم تختلف عن "الصهيونية البورجوازية "، كما رأى أن اليهود لا يمكن أن يتحرروا إلا من خلال الاشتراكية. ولكن لا ينبغي على اليهود أن ينتظروا حتى يكنس الاشتراكيون الرأسمالية من العالم وإنما عليهم أن يبنوا اشتراكية يهودية تخصهم في مجتمع يخصهم، خالٍ من القمع ومعاداة السامية. وسيكون تأسيس هذه الاشتراكية اليهودية ثمرة صراع طبقي يخوضه العمال اليهود ضد البورجوازية اليهودية ، ومجتمع كهذا لا يمكن تأسيسه في الشتات. وعلى ذلك لابد أن تكون هناك أمة يهودية حيث يمكن أن تتطور بروليتاريا يهودية جنبًا إلى جنب بورجوازية يهودية، وسوف يؤدي ذلك إلى إحتدام الصراع الطبقي بينهما الذي سينتهي إلى الاشتراكية بشكل حتمي. أما الأرض التي سيقام عليها هذا المجتمع الاشتراكي اليهودي فلن تكون غير أرض فلسطين. وبالنسبة للصهيونية البروليتارية فهذا خطوة نحو الاشتراكية. وهي اشتراكية لن تستبعد العرب المقيمين في فلسطين مادامت هناك مصالح طبقية مشتركة (23).
وقد تصدى إبراهام ليون القائد الماركسي (اليهودي) البلجيكي عام 1942 في كتابه المفهوم المادي للمسألة اليهودية لنظرية بوروخوف واعتبرها "مادية ماورائية" ودعا للإنهزامية الثورية ، واستلهم من دراسة ماركس حول المسألة اليهودية نظرية "الشعب - الطبقة" بتركيزه على الدور الاقتصادي الذي قام به اليهود عبر التاريخ . وقد عرى طابع المثال الأعلى الصهيوني البورجوازي الصغير، ورأى أنه كان محكومًا بسبب الوضع الإمبريالي إلى أن يكون أداة بيد الرأسمالية العالمية. وفضح الصهيونية ككابح للنشاط الثوري لدى العمال اليهود في العالم وكعائق لتحرر فلسطين من الإمبريالية الإنجليزية ، وعقبة على طريق الوحدة الكاملة بين اليهود والعمال العرب في تلك البلاد.
وكان لينين قبلها قد اتخذ موقفًا حازمًا من الصهيونية التي اعتبرها رجعية كليًا، ليس فقط عندما دعا لها دعاتها "الصرحاء"، ولكن كذلك حين عبر عنها هؤلاء الذين حاولوا أن يخلطوها بأفكار الاشتراكية الديموقراطية مثل البوند. وكان يرى أن فكرة القومية اليهودية ضد مصالح البروليتاريا اليهودية ، لأنها تروج في صفوفها ، مباشرة أو بشكل غير مباشر روحًا معادية للتمثل والإنصهار ، إنها روح الجيتو أى الخصوصية والإنعزال .
وقد تجلى الموقف اللينينى بداية عام 1903 عند تأسيس حزب العمال الإشتراكى الديموقراطى الروسى حين أصر البوند ( الحزب القومى للبروليتاريا اليهودية ) الذى كان قد تأسس على أساس دينى أو ( قومى ) يهودى قبل ذلك بسنوات على مبدأ الإتحادية والإنفصالية فى التنظيم الحزبى ورفضه لمبدأ المركزية اللينينى، وتبنيه لفكرة الإستقلال الذاتى الثقافى القومى ضد فكرة حق تقرير المصير ، وتبنى فكرة وجود أمة يهودية وهى أساس المطالبة بمبدأ الإتحادية القومية . وإنحصرت مناظرة لينين مع البونديين فقط فى الأسباب التنظيمية المذكورة أعلاه مع وجود الحزب الصهيونى الإشتراكى ، والحزب العمالى الإشتراكى اليهودى .
مقتطف من مقال : ماركسيون لايساريون قوميون / ردا على جينارو جيرفازيو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي