الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب التي لم تنشب في ساعة الصفر

فالح الحمراني

2022 / 2 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لم تنشب الحرب بين روسيا وأوكرانيا بعد، على الرغم من تحديد السياسيين الغربيين ووسائل الإعلام ساعة الصفر لها. وبدأت القوات الروسية التي شاركت في المناورات العسكرية في مختلف أنحاء البلاد بالعودة الى مواقع مرابطتها الدائمة، وفق الجدول المعد لها. بيد أن الصخب المعلوماتي لتنبؤات الحرب لم ينحسر، على خلفية اشتداد التوتر في إقليم الدونباس شرق أوكرانيا، حيث حشدت كييف قواتها المسلحة على خطوط التماس مع جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين، وجرى تبادل أطلاق النار، وهو التطور الذي رأت فيه موسكو مؤشرا على محاولة أوكرانيا، بتحريض من الغرب، للسيطرة على الجمهوريتين بقوة السلاح، وفيما دعا مجلس الدوما الرئيس فلاديمير بوتين للاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين، حيث يوجد 600 ألف مواطن روسي، كوسيلة لحمايتهم، وضعت كييف الممهدات لجعل اتفاقيات مينسك للتسوية هناك غير قابلة للتطبيق.
ووصف رئيس جمهورية التشيك تحديد تاريخ "غزو" الاتحاد الروسي لأوكرانيا بأنه "إحراج" آخر للمخابرات الأمريكية، وقال ميلوس زيمان إن المزاعم القائلة بأن روسيا كان من المفترض أن تغزو أوكرانيا في 16 فبراير/ شباط هي "إحراج" آخر لأجهزة المخابرات الأمريكية. وقال إن هذه هي المرة الثالثة منذ عقود التي تنشر فيها وكالات المخابرات الأمريكية معلومات كاذبة. لقد قلت قبل أيام قليلة، في رأيي، لن تكون هناك حرب في أوكرانيا. لأن الروس ليسوا مجانين بما يكفي للشروع في عملية من شأنها أن تضر بهم أكثر مما تنفعهم. أما بالنسبة لأجهزة المخابرات الأمريكية، فهذا ثالث "إحراج" كبير لها في العقود الأخيرة. الأول كان في العراق، ونتيجة لذلك، ولم يتم العثور على أسلحة دمار شامل مخبأة هناك. والثاني كان في أفغانستان، عندما زعمت (المخابرات الأمريكية) أن حركة طالبان لن تصل إلى كابول أبدا. والآن الحرج الثالث في أوكرانيا"
ويطرح الكثيرون في الوقت الحاضر السؤال التالي: لماذا تثير واشنطن فورة غضب بشأن الغزو الروسي الوشيك لأوكرانيا، في حين أن موسكو تنفي ذلك بشكل قاطع؟ وأوكرانيا نفسها متشككة في مثل هذه التصريحات. فالرئيس الأوكرايني فولوديمير زيلينسكي لا يفهم ما يحدث ويطلب من بايدن أن يرسل له دليلا على أن بلده مهددة بغزو. وحسب ما ترى موسكو في هذه الحالة ان زيلينسكي ما هو إلا بيدق في الألعاب الجيوسياسية للغرب الجماعي، الذي يحل مشاكله الخاصة على حساب أوكرانيا.
من وجهة نظر روسية
من وجهة نظر روسية أن لدى واشنطن العديد من الأهداف التي تسعى لتحقيقها من خلال إثارة الهلع من الحرب المزعومة. وهي مزيج من أهداف السياسة الداخلية والخارجية. وعلى الصعيد الخارجي، إضعاف روسيا التي ترفض الاعتراف بالهيمنة الأمريكية على المسرح العالمي وتطالب بضمانات أمنها في مواجهة التوسع المطرد لحلف شمال الأطلسي الذي يتضمن محاولات اقتحام جورجيا وأوكرانيا فيه.
والهدف الآخر يكمن في فرض حصار على إطلاق عمل مشروع "السيل الشمالي 2» لمد أوروبا بالغاز الطبيعي، من أجل تقليص دخل الموازنة الروسية واستبدال الغاز الروسي بالغاز الأمريكي المسال. ومهمة أخرى تتمثل في تعزيز وحدة دول الناتو وإخضاعها في نفس الوقت للمصالح الأمريكية، حتى على حساب مصالحها. وترى وجهة النظر تلك أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا هو أداة لتحقيق هذه الأهداف. وعلى الجبهة الداخلية، تعمل الهستيريا المعادية لروسيا على تحويل انتباه الجمهور عن المشاكل العديدة في البلاد والتي قد تستغرق تعدادها حزمة من الصفحات.
وأخيرا، هناك شخصية أخرى روّجت لفكرة غزو روسي وشيك لأوكرانيا من أجل صرف الانتباه عن المشاكل الشخصية، وهذا جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الحالي لبايدن. فقد زعم سوليفان، كبير المستشارين السياسيين لهيلاري سابقا، عبر وسائل الإعلام أن هناك علاقة مباشرة بين دونالد ترامب وموسكو. ولا شك أن الجمهوريين وربما القضاة سيطرحون عليه أسئلة كثيرة.
وفي هذا السياق يشار في موسكو أيضا إلى أن الرئيس بايدن ، الذي أشرف على أوكرانيا لمدة ثماني سنوات في عهد أوباما، والذي جُمعت ضده وعلى ابنه هانتر قدراً هائلاً من الأدلة مَعني بنفسه في هذه الحملة. وصرح بايدن، كما هو متوقع، أن التهم الموجهة له من اختلاق روسيا.
ولا يعني أنه في حال فوز الجمهوريين في الكونجرس وحتى ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2024، فإن الموقف تجاه روسيا سيتغير للأفضل. فهناك قوى نافذة في أمريكا غير مهتمة بمثل هذا التحسن، وحتى الآن لا يوجد سياسي في الأفق يمكنه، حتى برغبة قوية، معارضة هذا الوضع. وعندما حاول ترامب ذلك، مني بخسارة في الانتخابات الأخيرة.

الدونباس عقبة كأداء
لاح السكرتير الصحفي للرئيس الروسي دمتري بيسكوف باللائمة على تقارير وسائل الأعلام الغربية لتأكيدها على أن روسيا تعد لضربات محتملة من الحدود مع أوكرانيا، فيما تلوذ بالصمت على الضربة المحتملة للقوات المسلحة الأوكرانية من خط التماس مع جمهوريتي دونتسك ولوغانسك. وقال بيسكوف: "إلى جانب الأعمال الاستفزازية التي تكثفت في الأيام الأخيرة، فإن هذا وضع خطير للغاية". وحسب المعطيات الروسية فقد ركزت أوكرانيا الآن نصف قواتها المسلحة في دونباس وتقوم بقصف المناطق السكنية، بما في ذلك باستخدام معدات محظورة.. وكما أشار وزير الخارجية سيرغي لافروف في وقت سابق أن الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى تغذي التوترات في المنطقة، فإن الحلف يزيد إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا، وحيث زاد عدد المدربين الغربيين. وبحسب لافروف فإن هذا قد يدفع السلطات الأوكرانية إلى الدخول في مغامرات عسكرية، الأمر الذي يشكل تهديداً مباشرا لأمن روسيا. وتعتقد موسكو أن الغرب يحاول إنشاء مجموعة من القوات بالقرب من الحدود الروسية.
من ناحيتها تنفي كييف وجود خطط لاجتياح الجمهوريتين الإنفصاليتين، لأن قواتها المسلحة غير مستعدة لمواجهة القوات الروسية، وأنها ما زالت تضع الرهانات على التسوية السلمية، في غضون ذلك، تبين أن موسكو لا تضع في أولياتها الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوغانسك وكان الرئيس بوتين قد أوضح لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بعدم وجود قانون يقضي بالاعتراف بجمهوريتي لوغانسك ودونتسك وإنما هناك مبادرة تقدم بها تكتل الحزب الشيوعي الروسي في الدوما، ولم تحظَ بدعم الكتلة الرئيسية "روسيا الموحدة".
وما زال عدم استعداد كييف لتنفيذ اتفاقيات مينسك التي تبناها مجلس الأمن الدولي، عقبة كأداء أمام التسوية السلمية للنزاع في شرق أوكرانيا، رغم تشكل انطباع بأن الحركة قد بدأت بالفعل في تحقيق تلك الاتفاقيات. فقد قال المستشار الألماني أولاف شولتز، بعد مباحثاته مع الرئيس الروسي، إن زيلينسكي وعده خلال اللقاء معه في 14 فبراير/ شباط، بتقديم مسودات وثائق إلى مجموعة الاتصال التي تضم ممثلي جميع الأطراف المعنية في الأيام المقبلة: حول الوضع الخاص للكيانات الأوكرانية، وتعديلات على الدستور، ومقترحات بشأن تنظيم الانتخابات. ووصف شولز هذا بأنه "تقدم جيد" "يجب أن يستمر". وتنصل بعض المسؤولين في كييف علناً من هذه الوعود.
أن موقف كييف، على الأقل العلني، لم يتغير. فرغم أن الجانب الأوكراني يصف اتفاقيات مينسك بأنها منصة العمل الوحيدة للتسوية، لكنه غير مستعد لتنفيذ الاتفاقات بالشكل الذي يناسب روسيا، التي لن تغير أيضا نهجها تجاه هذه الوثائق. وإذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن يستمر التوتر حول أوكرانيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي