الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النموذج التنموي الجديد.. هل هي بوادر الانفلات من القيد الفرنكفوني ؟

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2022 / 2 / 20
السياسة والعلاقات الدولية


حضور التجربتين، التركية و الصينية، في تقرير النموذج التنموي الجديد، و لو نظريا و بشكل عابر، يؤكد على التحول الحاصل في وعي النخبة المغربية نحو الإشكالية التنموية. فعلى الأقل، لم يعد المرجع الفرنكفوني هو المحدد الوحيد للاتجاه التنموي كما كان الأمر حاصلا لوقت قريب، كما لم تعد التنمية فعلا تقنيا خاليا من البعد الفكري و القيمي.
كلا التجربتين، الصينية و التركية، خاضتا محاولة تأصيلية في علاقة بالحداثة/التحديث. الصين دخلت الزمن الحداثي مسلحة بمرجعيتها التراثية الكونفشيوسية و خاضت تجربتها الخاصة في تأصيل المفاهيم الحداثية الكبرى، معرفيا، من داخل رؤيتها الخاصة للعالم و من داخل براديغم (ها) الخاص. و تركيا استلهمت هذا الدرس الصيني و حاولت الاندماج ضمن النسق الحداثي باعتماد عمقها الاستراتيجي الإسلامي.
في علاقة بالتجربة المغربية، يمكن الانفتاح على التجربتين، الصينية و التركية، من خارج فعل الاستنساخ، لبناء نموذج تنموي مغربي يمتلك الوعي المعرفي بخصوصيته الحضارية المركبة، عربيا أمازيغيا و إسلاميا، من أجل الاندماج ضمن الزمن الحداثي-التحديثي.
فإذا كان الاندماج المأمول ضمن النسق الحداثي-التحديثي رغبة جامحة تسكن الوعي النحبوي المغربي، فإن تحقيق هذا المشروع لا يمر عبر استنساخ التجارب الجاهزة، و إنما عبر التأسيس المعرفي من داخل البراديغم الخاص و عبر رؤية العالم الخاصة، أي من خلال توظيف القيم الجمعية التراثية في انسجام مع التوجيه الحداثي ديمقراطيا و تنمويا.
قد يعترض معترض بدعوى القطيعة مع التراث للاندماج ضمن الزمن الحداثي، نجيبه بأن ذلك لا يتجاوز حدود المخيلة أما الواقع فله إكراهاته التي لا يمكن فك خيوطها المتشابكة إلا عبر وعي معرفي يوظف النظرية الابستملوجية الحديثة كآلية للخروج من الوهم الإيديولوجي الحداثوي و ما يقابله من وهم إيديولوجي تراثوي.
يجب على العقل الإيديولوجي أن يعي أن منظومة اقتصادية ضخمة من وزن الرأسمالية، كانت ثمرة تأسيس معرفي من داخل المنظومة القيمية البروتستانتية كما حلل ذلك، بإسهاب، ماكس فيبر في كتابه المرجعي (الأخلاق البروتستانتية و روح الرأسمالية).
مجال القيم يدخل ضمن مكونات البنية الفوقية التي تعتبر انعكاسا للبنية التحتية، هذا وعي ماركسي كلاسيكي تم تجاوزه من طرف الماركسيين الجدد أنفسهم (فيبر، بورديو، غرامشي...) لكن نخبتنا، التي لا ينتمي معظمها إلى التيار الماركسي !!! ما زالت تركز على العامل الاقتصادي لتحقيق تحول في مجال القيم مجترة، دون وعي معرفي، الأبجديات الماركسية الأولى التي تم تجاوزها.
تحقيق التنمية، كفعل اقتصادي، يمر، بالضرورة، عبر مجال القيم الجمعية، فلا يمكن دفع الناس إلى الاجتهاد و الإنتاج و من ثم تحقيق تراكم الثروة دون وعي محرك و موجه و محفّز، و هذا الوعي يوجد في منجم التراث كثقافة جمعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست