الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحكمة الاتحادية، الدستور، القانون: لعبة القوى المسيطرة

صوت الانتفاضة

2022 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


((تعبير فج ومطلق وخالص لهيمنة طبقة ما" انجلز عن القانون.

في عام 2007 أصدرت القوى القومية الكوردية المسيطرة قانون رقم "22" او ما يسمى قانون "النفط والغاز في إقليم كوردستان"، وقد استفادت تلك القوى القومية من ذلك القانون بتقوية وارداتها المالية عن طريق نهب الثروات، لتعزيز نفوذها وترسيخ سيطرتها على الجماهير؛ وقد استند القانون "22" على بعض المواد القانونية في الدستور "الاتحادي"، خصوصا المواد "112،115"؛ بعد مضي خمسة عشر عاما "تتفطن" وبشكل مفاجئ "المحكمة الاتحادية" على هذا القانون وتعتبره غير "دستوري"؛ ترى هل هناك سخف وابتذال وتفاهة وقذارة أكثر مما تفعله هذه القوى الإسلامية والقومية الحاكمة؟

كتب لينين يقول:(ان الحق هو إرادة الطبقة المسيطرة المرفوعة الى قانون)، وهذه حقيقة تتأكد يوميا، فممارستنا للحياة تؤكد ذلك الشيء، خصوصا في هذه البقعة الجغرافية "العراق"؛ مجموعة من القوى الطائفية والقومية تسيطر، تتفق فيما بينها على كتابة دستور "ديني، طائفي، قومي، عشائري، ذكوري" مقيت، ينظم عمليات النهب لثروات البلد، ويحمي من جهة أخرى اية مسائلة بحقهم، فهو يمنح للفاعلين الرسميين "هوية آمنة"؛ لقد نظم ذلك الدستور بحق "علاقات القوى الفعلية الموجودة في البلاد" كما يقول فيردناند لاسال.

ان احتكار تفسير القانون عند مجموعة معينة من "القضاة"، واصطناع لغة "مبهمة، ملغزة، مشفرة" لكتابة بنود الدستور، هو بالحقيقة ممارسة الطبقة المسيطرة، وقد تنبه الى ذلك وبشكل رائع عالم الاجتماع الفرنسي "بيير بورديو" في احدى مقالاته حين قال:(وهكذا، كما هو الحال مع النصوص الدينية، او الفلسفية او الأدبية، فان السيطرة على النص القانوني هي الجائزة التي تربح في الصراعات التفسيرية)؛ فهم اليوم يتجادلون على تفسير وشرح وتأويل هذه المادة او تلك؛ يجلس مجموعة من "القضاة" المنعزلين تماما، والذين هم اهم أدوات اللعبة القانونية، ليقدموا تفسيرا او أساسا قانونيا لقانون ما! وهكذا تستمر اللعبة، وحتى نستطيع تلمس خطوط تلك اللعبة بشكل أكثر مادية، فأن هؤلاء "القضاة" هم ممن تقع عليهم مسؤولية "تخفيف حدة الصراع" او تحويله الى "جدال قانوني" وأيضا ترشح من يدخل اللعبة او من يخرج منها، فهم الجزء التشريعي للقوى المسيطرة، أي انهم وبالضرورة منتمين الى الطبقة المسيطرة.

في قانون "22" تؤكد احدى مواده على ان عائدات النفط والغاز لمنفعة "شعب الإقليم"، مثلما يؤكد الدستور "الاتحادي" على ان الثروات ملكا "للشعب"، وهذه هي "التقليعة" الروتينية في كل الدساتير، الا ان الواقع يقول "القانون يطحن الفقراء، اما الأغنياء فيتحكمون به" كما يقول أحدهم؛ فعائدات النفط والغاز المستخرج من الحقول في مدن الإقليم، تستقر في جيوب الأحزاب القومية الشوفينية، التي تقمع وبشكل سافر كل الحركات الاحتجاجية والمطلبية، كما تفعل قوى الإسلام السياسي هنا، فهي تنهب كل الثروات، وتقتل وتخطف كل متظاهر او ناشط.

ان "قدسية" او "جوهر" او "مركزية" القانون ما هي الا "قدسية وجوهر ومركزية" السلطة القائمة، فالقانون ذاته يبقى منحصرا بين أطراف الطبقة المسيطرة، فهو الضامن لبقائهم واستمرارهم، وهو المنظم والمنسق للعلاقة فيما بينهم، وأيضا هو الذي يوازن كل الحقوق للقوى الطبقية المسيطرة، وليس للعمال والكادحين والشغيلة أية علاقة به سوى العلاقة الخضوعية التي تفرضها قوانين حركة رأس المال.

ان الصراع الجاري على قانون النفط والغاز ما هو الا شكل آخر من اشكال الصراع على كيفية توزيع حصص النهب، مثلما يجري الصراع على تشكيل "الحكومة"، اما ان يقول أحد أطراف هذه السلطة البغيضة انه "يجب استرجاع ثروات البلاد" او "ثروات الإقليم ملك لشعب الإقليم" وغيرها من هذه الكلمات الجوفاء، فهي محض هراء وسخافة، يضحكون بها على الناس، او يغطون على عمليات النهب امام اتباعهم.

كتب فردريك انجلز يقول: (إن القانون مقدس بالنسبة للبرجوازي، لأنه تكوينه الخاص، الذي تم سنه بموافقته ولصالحه الخاص ولحمايته. إنه يعلم أنه حتى لو كان قانونا فرديا يجب أن يؤديه، فإن النسيج كله يحمي مصالحه؛ وفوق كل شيء، فإن قدسية القانون، وقدسية النظام كما أرستها الإرادة النشطة لجزء من المجتمع، والقبول السلبي للآخر، تشكل هي أقوى دعم لوضعه الاجتماعي)).
#طارق_فتحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي