الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشترك في الزمن البابلي

عيسى بن ضيف الله حداد

2022 / 2 / 22
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


المشترك في الزمن البابلي - إضاءات (مقتطف من أعمالي)
إطلالة على النظام العبودي في الزمن البابلي- على سبيل التعرف على المزيد من المشترك في الزمن البابلي والذي سيعكس ذاته على المراحل الآتية، آتي بالآتي:
العبودية البابلية -حسب كتاب أسرار بابل – تجلت في شكلين، انقسم جميع العبيد البابليين إلى عبيد عموميين، وعبيد تابعين للأشخاص العاديين، ويتلخص التقسيم القانوني فيما بينهم بأن العبيد العموميين كقاعدة كانوا لا يصادرون- ولم يتمتعوا لا بممكن البيع ولا بالتحرر، في حين أن عبيد الملكيات الخاصة يباعون ويشترون ويهدون ويحررون.
لقد شكل عبيد المعابد الكتلة الأساسية للعبيد العموميين وإلى جانبهم كان العبيد الملكيون يشكلون طبقة خاصة وهذا يعني عبيداً لكل الدولة..
لا تنحصر أشكال العبودية عند هذا الحد، حيث يضم إليها أسرار بابل ما أسماه " المكرسون، المهدون للإله " وكانوا قد لعبوا الدور الأساسي بين عبيد المعابد، فهم كالعبيد الملكيين.. يوزعونهم على الملكيات المعبدية والملكية بمثابة فلاحين وحرفيين..
لا يتوقف شأن المكرسين للمعبد عند حال الأسرى، فثمة نوع رديف يتجلّى هذه المرة بمكرسين من مصدر آخر، من قبل الشعب، ويتمثل " بعدد غير قليل من البابليين الفقراء المدفوعين بالعوز حتى اليأس الذين يدخلون طوعاً بعداد المكرسين "أو المنذورين ".
ولا يعدم من وجود نمط من هؤلاء، في عصرنا، كحال البعض من المنضوين للرهبنة لدى الطوائف المسيحية في بلادنا، الذي قد يأتي بمثابة لجوء من حالة الفاقة والعوز..
ينضم إليهم ما تطوع به أتقياء البابليين من عبيدهم كهبة لآلهة المعبد ويصبح فيه " أبناء المنذورين، منذورون أيضاً ويقع في هذه الفئة الإنسان وورثته ويبقون فيه للأبد.
والمنذورون " لا يجوز بيعهم أو تحريرهم ولا يجوز بأي طريقة كانت انتزاعهم من الإله الذين هم مكرسون له "." ويقع في أوساط المكرسين حتى الأشخاص الذين يملكون لقباً أميرياً ومالكو عبيد أغنياء وملاكون ورجال أعمال ومستأجرو أراض معبدية وأراض خاصة وبيوتاً..
يبدو لي أن نظام الرهبنة، هو أحد مشتقات نظام المكرسين- وحكاية "النبي صموئيل"، تجري في هذا السبيل، حينما وهبته أمه حنة للرب " جميع أيام حياته "(صموئيل الأول، الإصحاح الأول).
ولا استبعد كون منظومة رهبنة كهوف قمران وتخوم البحر الميت، قد استمدوا من هذه الظاهرة نظامهم الخاص بهم..
على وقع من ذلك نرى، في كون المعبد كمؤسسة ومنظومة وملكية، قد مثل حجر الرحى في النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي البابلي، ففي مجال نظام ملكية الأراضي: كان في بابل في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد نوعان من الملكيات العقارية.. وهما: الملكية التابعة للمعبد والملكية الخاصة، ولم تلعب الملكيات المَلَكية (الدولة) في هذا العصر دوراً ملحوظاً، فقد كانت كغيرها.. وكان للدولة ملكيتها كالأقنية والطرق وبعض الأراضي المزروعة والمستنقعات والمراعي التي كانت تعتبر مشاعية حكومية، وليست ملكية خاصة للملك..
على إيقاع ما تقدم، بما كان للمعبد من دور وأهمية، وما يرتبط به من منظومة اجتماعية تلقت تسمية العبودية، هي من دون أن تصل - كما أرى إلى مستوى نظام الرق وفق ما كان عليه، في الزمن الإغريقي والروماني..
وقفة أمام الصراعات والحروب وقيمتها الدلالية
بوسعنا ان نعتمد على هذا النمط من الصراعات أو الحروب لمعرفة قيمتها الدلالية ونوعيتها وما تعنيه في واقعها، وما نجم عنها كمنحى وهدف..
في البداية وقبل الزمن السومري، من الصعب معرفة مجراها ومنحاها، بيد أننا نتوقع أنها لم تخرج عن محليتها الضيقة جداً، التي تفرضها الحياة اليومية، ولم تبلغ شأنا واسعاً، فالأرض لم تكن على اتساع في جغرافيتها ولا كثافة سكانية تغمرها.. وكانت الجماعات مشغولة بدفاعاتها ضد العوامل الطبيعية، واتقاء شرور كائناتها المتوحشة..
في الزمن السومري، ظهر فيه صراع المدن، المتجاورة على طريق التوسع وبناء الدولة كحامل اقتصادي ونظام اجتماعي، وتنظيم الري واتقاء أخطار الفيضانات..
بقي هذا الصراع محدوداً ومحلياَ، يفرضه حيازة السلطة المحلية والتوسع التدريجي، ثم تمادى ليشمل المنطقة بما يتوازى مع حاجات التوسع على مدى حوض ما بين الرافدين وربما أبعد، كما حصل على يد لوغال زاغيري السومري، الذي لم يدم طويلاً..
ثم جاءت مجريات الصراع بين سرغون الأكادي ولوكال راكه سي مالك اورك السومري، يمكن اعتبار ذاك الصراع راسخاً في ذات المجال، لأسباب عدة، يعود بعضها للتجاور والتفاعل بين الطرفين والتقارب اللغوي بينهما، على ضوء انتصار سرغون، راح يتمدد في سلطته شمالاً وغرباً، ولا سيما نحو البحر المتوسط، وبهذا يضع مقدمات للزمن الآتي.
من الآن فصاعداً، يمكن التمييز بين الصراعات الداخلية أي في ذات المجال، أي في حوض وادي الرافدين، وحالات الغزو الخارجي تلك التي كانت تتقهقر عاجلاً أم آجلاً..
ونجد في الآتي نموذجاً صريحاً لتلك الظاهرة الأخيرة، وملخصها الآتي: عندما تمكّنت القوات العيلامية من اجتياح المملكة واحتلال عاصمتها أور (تل المقيّر) قام " إشبي إرّا " بتأسيس قوة عسكرية قبلية عمورية، وحارب العيلاميين وطردهم من أور، وضمّها إلى مناطق حكمه.
وهكذا حل العموريون كبديل للعيلامين الغرباء، وأسسوا دولتهم، كورثاء للآكاديين..
لا يخامرني الشك في كون العموريين الذي كان لهم وجود غير مكتمل في تلك اللحظة، فاندفعوا لتشكيل قوة قبلية فعالة لتحرير حوض ما بين الرافدين من المحتلين الغزاة، كالكاشيين والعيلاميين..
وهكذا – سوف يتكرر الأمر على هذا المنوال في عهد آشور وكلدان، كما سنرى.. وللعمل بقية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة