الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الازمة الأوكرانية : بين القطبية والبحث عن الدور!!!!!!

عبدالله الضلاعين

2022 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


المتابع للازمة الأوكرانية يقرأ فيها ابعاد كرة لهب تتدحرج ، ونظرية الدور هي البعد الابرز؛ الكن المتغير الخفي في هذه المقاربة هو القطبية التي تبحث عنها روسيا ، باسم الحرب المقدسة، فروسيا وريثة الشيوعية السوفيتية ، تودع جيوشها المتوجهة الى سوريا في مطلع العقد الثاني من الالفية الثالثة بقداس، وشاهد العالم الرهبان وهم يبخرون الجيش المقدس المتوجه للشرق الاوسط.
تشهد أوكرانيا أزمات سياسية واقتصادية على خلفية نزاعات داخلية وخارجية تتعلق بنظام الحكم وتحالفاته الدولية. ويبرز من بينها النزاع مع روسيا حول شبه جزيرة القرم ومناطق شرق البلاد التي يشكل الروس غالبية سكانها.
تنقسم أوكرانيا من الناحية السياسة بين شرق يتحدث بغالبيته اللغة الروسية وبين غرب يتحدث الأوكرانية. وتعد ثاني أكبر دولة أوروبية من حيث المساحة بعد روسيا، كما يلعب موقعها الجغرافي دوراً كبيراً في عبور إمدادات الغاز الروسية إلى دول غرب أوروبا، لكن هذا الموقع يجر على البلد لعنة الوقوع تحت ضغط مصالح سياسية متباينة. وتحد أوكرانيا من الشمال الشرقي روسيا ومن الغرب دول الاتحاد الأوروبي بولندا وسلوفاكيا وهنغاريا، ما يجعلها حلقة وصل ونقطة تجاذب بين توجهين سياسيين مختلفين.
التوترات بين روسيا وأوكرانيا يسبقها تاريخ يعود إلى العصور الوسطى. فكلا البلدين لديهما جذور في الدولة السلافية الشرقية المسماة "كييف روس". لذلك، يتحدث الرئيس الروسي اليوم عن "شعب واحد". أما في الحقيقة، فقد كان مسار هاتين الأمتين عبر التاريخ مختلفاً، ونشأت عنه لغتان وثقافتان مختلفتان رغم قرابتهما. فبينما تطورت روسيا سياسياً إلى إمبراطورية، لم تنجح أوكرانيا في بناء دولتها. في القرن السابع عشر، أصبحت أراضٍ شاسعة من أوكرانيا الحالية جزءاً من الإمبراطورية الروسية. وبعد سقوط تلك الإمبراطورية عام 1917، استقلت أوكرانيا لفترة وجيزة، إلى أن قامت روسيا السوفييتية باحتلالها عسكرياً مجدداً.
في ديسمبر/ كانون الأول عام 1991، كانت أوكرانيا، بالإضافة إلى روسيا وبيلاروسيا، من بين الجمهوريات التي دقت المسمار الأخير في نعش الاتحاد السوفييتي. غير أن موسكو أرادت الاحتفاظ بنفوذها، عن طريق تأسيس رابطة الدول المستقلة (جي يو إس). كان الكرملين يظن وقتها أن بإمكانه السيطرة على أوكرانيا من خلال شحنات الغاز الرخيص. لكن ذلك لم يحصل. فبينما تمكنت روسيا من بناء تحالف وثيق مع بيلاروسيا، كانت عيون أوكرانيا مسلطة دائماً على الغرب. هذا أزعج الكرملين، ولكنه لم يصل إلى صراع طوال فترة التسعينيات. آنذاك، كانت موسكو تبدو هادئة، لأن الغرب لم يكن يسعى لدمج أوكرانيا. كما أن الاقتصاد الروسي كان يعاني، والبلاد كانت مشغولة بالحرب في الشيشان. في عام 1997 اعترفت موسكو رسمياً من خلال ما يسمى بـ"العقد الكبير" بحدود أوكرانيا، بما فيها شبه جزيرة القرم، التي تقطنها غالبية ناطقة بالروسية.
شهدت موسكو وكييف أول أزمة دبلوماسية كبيرة بينهما في عهد فلاديمير بوتين. ففي خريف عام 2003، بدأت روسيا بشكل مفاجئ في بناء سد في مضيق كريتش باتجاه جزيرة "كوسا توسلا" الأوكرانية. كييف اعتبرت ذلك محاولة لإعادة ترسيم حدود جديدة بين البلدين. ازدادت حدة الصراع، ولم يتم وضع حد له إلا بعد لقاء ثنائي بين الرئيسين الروسي والأوكراني. عقب ذلك أوقف بناء السد، لكن الصداقة المعلنة بين البلدين بدأت تظهر تشققات.

أثناء الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا عام 2004، دعمت روسيا بشكل كبير المرشح المقرب منها، فيكتور يانوكوفيتش، إلا أن "الثورة البرتقالية" حالت دون فوزه المبني على التزوير، وفاز بدلاً منه السياسي القريب من الغرب، فيكتور يوشتشينكو. خلال فترته الرئاسية قطعت روسيا إمدادات الغاز عن البلاد مرتين، في عامي 2006 و2009. كما قُطعت أيضاً إمدادات الغاز إلى أوروبا المارة عبر أوكرانيا. في عام 2008، حاول الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج دبليو بوش، إدماج أوكرانيا وجورجيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وقبول عضويتهما من خلال برنامج تحضيري. قوبل ذلك باحتجاج بوتين، وموسكو أعلنت بشكل واضح أنها لن تقبل الاستقلال التام لأوكرانيا. فرنسا وألمانيا حالتا دون تنفيذ بوش لخطته. أثناء قمة الناتو في بوخارست تم طرح مسألة عضوية أوكرانيا وجورجيا، ولكن لم يتم تحديد موعد لذلك.
استغل الكرملين فراغ السلطة في كييف من أجل ضم القرم في مارس/ آذار عام 2014. كانت هذه علامة فارقة وبداية لحرب غير معلنة. وفي نفس الوقت، بدأت قوات روسية شبه عسكرية في حشد منطقة الدونباس الغنية بالفحم شرقي أوكرانيا من أجل انتفاضة. كما أعلنت جمهوريتان شعبيتان في دونيتسك ولوهانسك، يترأسهما روس. أما الحكومة في كييف، فقد انتظرت حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية في مايو/ أيار 2014، لتطلق عملية عسكرية كبرى أسمتها "حرباً على الإرهاب". في يونيو/ حزيران من نفس العام، التقى الرئيس الأوكراني المنتخب للتو، بيترو بوروشينكو، وبوتين لأول مرة بوساطة ألمانية وفرنسية، على هامش الاحتفال بمرور سبعين عاماً على يوم الإنزال على شواطئ نورماندي. خلال ذلك الاجتماع وُلدت ما تسمى بـ"صيغة نورماندي".

كان بإمكان الجيش الأوكراني دحر الانفصاليين، إلا أنه في نهاية أغسطس/ آب، تدخلت روسيا – بحسب الرواية الأوكرانية – بشكل هائل عسكرياً. موسكو تنكر ذلك. الفرق العسكرية الأوكرانية قرب إيلوفايسك، وهي بلدة تقع شرق دونيتسك، تعرضت للهزيمة. هذه كانت لحظة محورية. لكن الحرب على جبهة موسعة انتهت في سبتمبر/ أيلول بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في مينسك.
بعد هذا السرد التاريخي يبقى ان نقول ان روسيا الاتحادية التي تسعى الى دور في المنطقة بعد دورها في سوريا ، وتمدد في الشواطئ الدافئة ، تبحث عن توازن القوى والعودة الى القطبية، وهي تحلم في بعث الإمبراطورية السوفيتية لا تخفى اطماعها ، لكن السؤال المفتوح هل تتحقق اطماع الدب الروسي ؟ وما هي تداعيات القضية الاوكرانية على ميزان القوى العالمي؟.
#د.عبدالله عبدالنبي الضلاعين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة