الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوبزباوم والتاريخ ج 2

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2022 / 2 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ويسول للسياسيين الفاسدين القول "ان الفقراء والساخطين في الاخل والخارج يمكن احتواؤهم بصورة دائمة" وهذا ما قد يفترضه بعض مؤرخي السلطة لكن الحقيقة التي يقولها هوبزبوم والتي يسطرها الواقع تقول "ليس افتراضا معقولا بالمرة ، الا على المدى القصير ، ويكمل هوبز : قد يكون من المعقول الافتراض بأن الفقراء لن يعبؤوا بعد الان من اجل الاحتجاج والضغط والتغيير الاجتماعي والثورة ، قوميا او عالميا، بالطرق التي كانوا يعبؤون بها بين ثمانينيات القرن التاسع عشر وخمسينيات القرن العشرين، ولكن ليس من المعقول الافتراض انهم سيبقون عاجزين بصورة دائمة كقوى سياسية او حتى عسكرية ، لاسيما انهم لا يمكن ان يرتشوا بالازدهار ، وهذا شيء اخر يمكن ان يقوله لنا التاريخ ، ما لا يمكن ان يقوله لنا هو ما سوف يحدث :فقط اي مشاكل سيتعين علينا حلها"
وهنا نناقش قول هوبز هذا من عدة جهات :
1- ان الفقراء والجياع لا يمكن بأي حال ارشاؤهم بمبالغ مادية او نوع من الازدهار والحلول الترقيعية ، وان ثوراتهم ستكون مدمرة كاسحة ، هذا ما يخبرنا به التاريخ : القرامطة وثورة الزنج انموذجا.
2- ان الجياع والفقراء والساخطين ينظومن انفسهم وسينظمونها بوتيرة اكبر واكثر جرأة من جيل الخمسينيات او ما قبله وبوسائل الاحتجاج كافة من الاحتجاج والضغط والتغيير الاجتماعي والدعوة الى العصيان المدني ولكن هذه المرة وفق وسائل حديثة لم ينعم بها جيل الخمسينيات او غيره وهي وسائل السوشيل ميديا التي تعتبرها حكومات الاستبداد سيئة عليها وتقطعها عندما تجف عندها الحلول مقابل انتفضاات الشعوب حكومة عادل عبد المهدي 2019 انموذجا وما فعلته في قطع وسائل التواصل الاجتماعي بل الانترنت برمته بعدما اشعل الشباب المنتفض الثورة على الفاسدين عبر مواقع التواصل ونقلها حرفيا الى الشارع فما عادت الحكومة الفاسدة تسيطر على الاوضاع فعمدت الى قطع الانترنت.
3- قد يؤجل الفقراء والجياع ثوراتهم على مدى قصير وقد تخبو ولكن الذي يظن انها ستنتهي بوجود اللاعدالة فهو مخطئ جدا جدا .بالتالي فان "غالبية ما يمكن ان يقوله التاريخ لنا عن المجتمعات المعاصرة ، يستند في الممارسة العملية الى تضافر الخبرة التاريخية مع المنظور التاريخي ومهمة المؤرخين ان يعرفوا عن الماضي اكثر بكثير من الاخرين وهم لا يمكن ان يكونوا مؤرخين جيدين الا اذا تعلموا بوجود نظرية او بدونها ان يميزوا اوجه الشبه والاختلاف " بالتالي نحن امام نصيحة المؤرخ للسلطة يجب ان تكون واضحة المعالم ، انتبه امامك ثورة جياع لا تنخدع اقم بالاصلاحات اللازمة ، ولكن المؤرخ سلطوي ورجل السلطة سادر بغيه فكلا الاثنين لا يستفيدان من مشاكل تقع في الدول وبالتالي يفتقد المؤرخ الى الخبرة التاريخية والمنظور التاريخي ، وبمعنى اخر فان خبرته التاريخية تبقى حبيسة الادراج ولا يحولها الى ممارسات عملية للاستفادة منها من قبل الحكام كي لا يقعوا بالخطأ . ويصل هوبزبوم الى نتيجة مؤلمة وهي " للاسف ان الشيء الذي تعلمه المؤرخون من الخبرة التاريخية هو ان لا احد على ما يبدو يتعلم منها على الاطلاق "
وهكذا نجد بقاء الخبرة التاريخية حبيسة الادراج وعلى الرفوف.
لماذا لان " دروس التاريخ نادرا ما يجري التعلم منها او الاستماع اليها " وهكذا هو عهد الطغاة الى يومك هذا ، هم لا يستفيدون من تجارب الذين سبقوهم وكيف كنستهم الشعوب.وهكذا يسخر المستبد المؤرخ لاغراضه الشخصية ولكي يعكس صورة غير حقيقية عن واقع سلطته الحاضرة .

• تحالف المؤرخ مع السلطة ... يقول هوبزبوم" المؤرخ عندما يكون خادم للايديولوجيا ، هذه مساهمة وان تكون سلبية من التاريخ في اخبارنا عن المجتمع المعاصر والمؤرخون عادة لاينالون شكر السياسيين على تقديمها" وقد يكون التحالف ثلاثي (( السلطة – رجل الدين- المؤرخ)) كما حصل في الدولة الاسلامية متعددة الاتجاهات عباسية اموية اندلسية عثمانية وهكذا ، كتب المؤرخون عن ههذ التحالفات المشينة من وجهة نظر واحدة هي وجهة نظر السلطان بعيدا كل البعد عن وجهة نظر المظلومين ، المعدمين، الجياع..... في ظل غياب لمفهوم العدالة الاجتماعية .وكمثال للمؤرخ السلطوي الثيوقراطي هو الطبري اذ اشار الى كل الحركات الاجتماعية التي خرجت مطالبة بالعدالة الاجتماعية بانها حركات خبيثة وسيئة وملحدة وكافرة والخ من الاوصاف التي ترضي السلطات ويؤيدها رجالات الدين .وهكذا يضحى المؤرخ خاجما للايديولوجيا كما يعبر هوبزبوم.
•
زمن التوتر او الخوف كما يسميه هوبزبوم: وهو زمن شبيه بما نعيشه اليوم في العالم بصورة عامة وفي العراق خاصة فهو زمن تجتمع فيه الهستيريا واللاتاريخانية ، اذ يكون الاسوء متوقعا وهنا يقول " نحن بحاجة الى دور العقلانية التاريخية الذي لاغنى عنه في تقييم المستقبل والفعل الانساني المطلوب لمواجهته" وزمن التوتر والخوف ظن الناس انه قد انتهى بعد نهاية الحرب الباردة ، الا ان مشاكل مركبة ظهرت في العلم بعد الحرب الباردة مشاكل تتعلق بالارهاب الاسلامي وسبل مواجهة هذا الارهاب ، التجويع ، والتشريد بالناس لغرض تغيير الانظمة ، مشاكل بيئية بسبب رغبات الانسان الجامحة لاتسهلاك موارد الارض وزيادة المدخولات لدول بعينها مقابل تجويع دول ، يحتم النظر الى هذا الزمن بانه زمن الهستيريا والتوتر والخوف ، حتى باتت الاجيال تتساءل عن مستقبل تراه مظلما بسبب الاستغلال البشع المتوحش لموارد الارض ،فاليوم بعض الدول وفي سبيل ان تفرض سيطرتها تشرد شعوب باكملها ، افلا يعد هذا الزمن زمن التوتر والخحوف والهستيريا واللاتاريخانية ؟ اذ يكون الاسوء متوقعا كما يقول هوبزبوم، ويضع هوبزبوم سبل لمواجهة هذا الدمار بطابع انساني كبير فهو يطالب بدور اكبر للعقلانية التاريخية الذي لا غنى عنه في :
1- تقييم المستقبل
2- الفعل الانساني المتطلب للمواجهة .
وهنا نرى ان بعض الافعال المفاجئة من قبل البشرية مثلا اكل الصينيين لحيوانات غريبة تسبب بجائحة عالمية من انتشار فيروس كورونا المستجد مما دعا البشرية كلها ان تتوحد لمجابهة الفيروس ومواجهته مواجهة كبيرة وتقيم المستقبل في ضوء هذه المواجهة وتنادي الصين بالكف عن اكلاتها الغريبة التي اذاقت من خلالها البشرية الويل والدمار .
والمؤرخ امام اختبار عسير فهو الذي عليه ان يقيم المستقبل وينبغي ان تكون لديه فكرةن حوله "وان يكافحوا من اجله وان يهلل لهم اذا اكتشفوا ان التاريخ يسير ان التاريخ يسير على ما يبدو وفق رؤيتهم كما يفعل احيانا " اليوم نحن امام مفترق كبير فالبشر فعلا قد فقدوا ثقتهم بمستقبل افضل يقول هوبزبوم" انها ليست بادرة تبشر بالخير على الطريقة التي يسير بها العالم حين يفقد البشر ثقتهم بالمستقبل" وهكذا فبسبب مسيرة العالم نحو التلوث الكبير ،الارهاب ، قتل الناسن تشريدهم ، تجويعهم ، فقدت البشرية بمستقبل افضل فمهمة المؤرخ بعد ذلك ان يكشف" من اين جئنا ، والى اين نمضي " وينبغي الا تتاثر كمهمة بما اذا كانت النتائج المستقبلية اتلمحتملة تروق لنا ، فالمؤرخ لا يجامل بتاتا ، وانما ينقل توقعاته بامانة وفق مسيرة البشرية ووفق مبدأ العقلانية .
يقول هوبز" ان مالا يجدي بالقدر نفسه ان نرفض ماركس لاننا لا نحب برهانه على ان الراسمالية والمجتمع البرجوازي ظاهرتان تاريخيتان زائلتان، وان نحتضنه لمجرد اننا مع الاشتراكية التي اعتقد انها سوف تعقبهما، فانا ارى ان ماركس التقط بعض الاتجاهات الاساسية بنظرة ثاقبة ، ولكننا لا نعرف في الحقيقة ما سوف تحمله هذه الاتجاهات وحين تاتي ما تحمله قد لا يكون من الممكن التعرف عليه شأنه في ذلك شأن الكثير من المستقبل الذي جرى التنبؤ به في الماضي ليس لان التنبؤات كانت خاطئة بل لاننا اخطأنا بوضع وجهع ولباس محددين على الغريب المثير الذي قيل لنا ان نتوقع وصوله، ولا اقول اننا ينبغي ان نذهب الى حد ما ذهب اليه شومبيتر الذي كان محافظا وفي الوقت نفسه يكن احتراما كبيرا لرؤية ماركس التحليلية الاستثنائية ،فنزعم ان القول بأن ماركس اقر التفسير بمعنى المحافظ لايعني سوى القول ان من الممكن اخذه على محمل الجد، ولكننا ينبغي ان نتذكر ان الامل والتنبؤ وان كانا لا ينفصلان فانهما ليسا شيئا واحدا"
نفهم ةمن كلام هوبزبوم ان المؤرخ في استشرافه للمستقبل من الممكن ان يصيب او يخطئ وبلكن الاهم في المؤرخ هو تشخيصاته الحقيقية والتوقعات الاساسية فماركس التقط بعض الاتتجاهات الاساسية ولكن بنظرة ثاقبة تستمر حتى المستقبل في تفسيرات كثيرة للتاريخ على ضوء رؤاه واستراشفات المستقبل كذلك وليس بالضرورة ان نحكم على ما قاله حرفيا ونخطئه او نعظمه ان كان صحيحا وهذا ما يحذر منه هوبزبوم ،فبقراءة معينة لتاريخ مجتمع معين يستطيع المؤرخ المستقل عن السلطات الدينية والسياسية ان يقدم صورة حقيقية لمستقبل مجتمع وهذا ما فعله الوردي مثلا في قراءته للمجتمع العراقي وقد كانت صورة قراءته صورة واقعية حتما وحقيقية على ضوء رؤى تاريخية .
المؤرخ يستطيع ان يفعل ما يعجز الاخرون عن فعله متمثلا ب استطلاع المستقبل عبر اكتشاف ما يمكن وما لا يمكن للبشر ان يفعلوا بشأنه، كذلك في رسم اطر الفعل الانساني وبالتالي حدوده وامكاناته ونتائجه ، التمييز بين ما يمكن التنبؤ به ومالا يمكن التنبؤ به على ضوء مدركات التاريخ والحاضر ، وبين انواع مختلفة من النظرة التنبؤية . وهنا يضرب هوبزبوم مثلا رائعا في طريقة تنبؤاتهم "مما يمكن ان يساهموا به انهم يستطيعون ان يساعدوا على فضح تلك الممارسات الباطلة والخطرة في بناء الات ميكانيكية لبيع التنبؤات ، ذات شعبية بين بعض الباحثين عن مكانة علمية :اشخاص ومرة اخرى اقتبس من سيسولوجي حقيقي يعتقدون ان طريقة التنبؤ بالثورات هي الاجابة عن سؤال :الى اي مدى وبأي سرعة يجب ان يكون التحديث المبكر لكي ينتج ثورة اجتماعية، عن طريق جمع معلومات مقارنة ،ذات طابع تمثيلي ودنيوي على حد سواء، " وبالنتيجة هم يستطيعون ان يقولوا شيئا –على راي هوبزبوم- عما يحتمل ان يحدث وان يقولوا حتى اكثر عما ليس من المحتمل ان يحدث ،لن يلقوا الكثير من الاذان الصاغية فان هذا من صلب التاريخ، ولكن لعل من الممكن ان يلقوا اذانا مصغية اكثر قليلا اذا انفقوا في الحقيقة وقتا اكثر في تقييم وتحسين قردتهم على قول شيء عن المستقبل وفي اعلانه بصورة احسن قليلا فهم رغم كل شيء لديهم ما يعلنونه" هكذا فالمؤرخون يستطيعون ان يساهموا في صياغة رؤية واضحة عن المستقبل في ضوء التنبؤ واسهامهم في التنبؤ وفق رؤية الحاضر ومسير المجتمع في ماضيه ، فمثلا من الممكن ان يتنبئ المؤرخون اليوم بضياع العراق في المستقبل القريب والسبب هو معطيات الطبقة السياسية الفاسدة التي استملت الحكم في العراق بعد 2003 ومال هذا الاستلام وكم الفساد الاداري والمالي الذي له تبعاته المستقبلية حتما على المدى المتوسط بل حتى البعيد، كذلك يستطيعون ان يتنبؤا بالمصير المائي للعراق من جفاف وتاشكاليات كبيرة في اسلنوات القادمة والسبب في ذلك ان الدولة لم تعمل وفق وجود بنى تحتية تؤمن للعراق مخزون مائي لسنوات قادمة ، فمن الممكن ان يقع العراق باشكاليات مائية لا حصر لها في المستقبل وما نراه اليوم من وفرة مائية ماهو الا نتيجة لوفرة الامطار في هذه المواسم اقصد مواسم (2019-2020) كما يستطيع المؤرخون ان يرسموا صورة لما يمكن ان يحدث ولما لا يمكن ان يحدث في قضايا المجتمع والسياسة كافة وان يعطوا صورة لمصير الثورة التي اندلعت في تشرين اول 2019 والتي تسببت بها الحكومة العراقية بمثل اكثر من 800 انسان وجرح ما لايقل عن 26000 انسان والاسباب هو الحفاظ على الحكم الهزيل الفاسد الذي مني به العراق بعد 2003م.
ونستطيع القول ان التنبؤ بواسطة التاريخ يتم عبر طريقتين:
1- التنبؤ بالاتجاهات بواسطة التعميم او النمذجة .
2- التنبؤ باحداث او نتائج فعلية بواسطة تحليل المسار .
فالتنبؤ باستمرار الاقتصاد العراقي بالانهيار دليل على الثاني والسبب اعتماد الاقتصاد على الريع النفطي دون تنويع مصادر دخل الاقتصاد العراقي .
وهذا ينبئ يباحداث جسام على المستوى الاقتصادي وقد تكون كوارث ومديونية عالية للعراق ، لان العراق لم يستغل اموال النفط بتنمية مستدامة في مجالات الطاقة ومجالات البيئة وتنويع مصادر الدخل.
والتنبؤ بالمستقبل السياسي للعراق مثلا بوجود هذا الكم الهائل من الفاسد الاداري والمالي بالانهيار ، لان نماذج كثيرة من الانظمة الفاسدة كان مصيرها الانهيار الكامل والرمي في مزابل التاريخ.
الافكار التاريخية هي سلم ولا تسقط بالتقادم:
• في التاريخ يشير هوبزبوم ايضا الى ان التقادم لا ينقص من اهمية ما ورد فيه من معلومات "فافلاطون لم يصبح عتيقا بظهور ديكارت وديكارت لم يصبح عتيقا بمجيء كانط وكانط لم يصبح عتيقا بعد قدوم هيجل ، كما اننا لا نستطيع ان نلتقط وجود عملية حكمة متراكمة تمثل وتستوعب في عمل لاحقما يتضح انه صحيح بصورة دائمة في العمل الاسبق، بل انه غالبا ما يكون مناظرات غابرة في القدم وانبعاثاتها بلغة معاصرة"
وهنا يريد القول ان التقادم لا يسقط الافكار التنويرية النيرة ، فمثلا رؤية افلاطون في الجمهورية الفضالة لا يسقطها ظهر ديكارت وافكاره التنويرية العظيمة ، بل ان هنالك مراحل انسانية تحترم فيها هذه العقول جميعا ولا يجب امحاؤها ، فمثلا ياتي شخص اليوم ويقول ما فائدة الجاحظ وبعث تراثه التنويري ، ونجيب انه لولا الجاحظ لما بنيت لبنة في سلم التنوير على مستوى العالم ، الجاحظ الذي يستلهم افكاره بعض مفكري الغرب اليوم بمناسبات عدة ، وهكذا بظهور القصيدة الحديثة او ما يسمى قصيدة التفعيلة او النثر بعدها لا يمكن اسقاط الشعرب العربي القديم المتمثل بالمعلقات وغيرها بل هو سلم تراتبي للافكار والقيم والفلسفة .
فعلى سبيل المثال كيف تستطيع ان تعتبر (النظام المعتزلي البصري استاذ الجاحظ) شخصية قديمة لا ينبغي الوقوف عند افكارها وهو القائل من جملة ما قاله" العلم شيء لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك)(المستطرف ،هادي العلوي) فهو يعلي من شان العلم والتنوير وغيرها من الافكار العظيمة التي جسدها هذا الرجل.
بل ان بعض الافكار الحديثة كانت قد وجدت لها جذور جنينية في القدم كما تمثلت الاشتراكية في مظهر دعوة القرامطة للعدالة الاجتماعية عند العرب او مظهر دعوة محرر العبيد سبارتاكوس في ايطاليا قديما ، ولكن الاشتراكية في تمظهراتها الحديثة تختلف اختلافا كليا عن ما ورد في السابق الا ان رؤية جنينية نعم وردت هناك.
وهكذا مظاهر الحية في القدم والحرية اليوم، وتمظهرات كثيرة وردت قديما كان لها حضور اليوم . فمثلا يرفض العالم اليوم التسلط بشكل كبير ، ولكن هل ان رفض التسلط هو مبدا حديث ، الجواب كلا فقد ورد في التاريخ مظاهر مهمة من رفض التسلط ومثال على ذلك ما اورده هادي العلوي في كتابه المستطرف الجديد تحت عنوان ضد التسلط:
علي بن ابي طالب يخاطب متسلطا ... انك لخروط ، أتؤم اقواما وهم لك كارهون؟ (هادي العلوي، المستطرف، المدى ، 2007).
او تحت عنوان (وضع اسيوي) يتحدث هادي العلوي برواية تاريخية عن تسلط الخلفاء واعتبار الخليفة في الوضع الاسيوي هو كل شيء عند الناس بل هو محور الكون... يقول معاوية بن ابي سفيان: " نحن الزمان فمن رفعناه ارتفع، ومن وضعناه اتضع" نهاية الادب للنويري ،ص127 هادي العلوي مصدر ساسبق. فهذا تجسيد لقول هوبز ان هنالك مناظرات غابرة في القدم ولكنها تنبعث بلغة معاصرة فاللغة المعاصرة لما قاله معاوية هو الدكتاتورية البغيضة جدا ومثال ما قاله علي التسلط الموجود اليوم لدى الكثير من حكام العالم.
وعندما يعتبر الحاكم نفسه وكيلا على اموال العالم يجسد العلوي وايضا تحت عنوان الوضع الاسيوي" القائم العباسي لومظف في الديوان لم ينفذ اوامره في الصرف .. اننا ما اعطيناهم من اموالنا شيئا ، انما نحن وكلاء" (الكامل في التاريخ ) اي عندما يعتبر الخليفة ان ما يعطيه انما هو وكيل عليه وهو في الحقيقة مدمر له وهو ما يفعله اليوم بعض الحكام السفل الذين يدمرون ميزانيات كاملة في فسادهم بدعوى انهم اوصياء على المال ، يسميه العلوي وضع اسيوي لان الاستبداد تجسد في اسيا كثيرا في العصر الحديث وكانت له محاورات قديمة كما يبعثها عبر هذه الروايات.
كما يدعو هوبزبوم ان يبتعد التاريخ على لسان المؤرخ عن الوصف والسرد ويقترب من التحليل والتفسير والابتعاد عن التركيز على الخاص والفردي الى تحديد الاتجاهات والى التعميم، وبمعنى من المعاني فان المقاربة التقليدية قلبت رأسا على عقب ،فالمؤرخ هو ليس واصفا ساردا فحسب بل هو محلل للحقائق ، يحدد الاتجاهات ويركز على فلسفة الاقوام التي كان لها كبير الاثر في التاريخ ،فهو يرفض المقاربات التاريخية التقليدية في هذا الصدد.وهذا هو التقدم في مجال التاريخ في نظره ، بالتالي يعتقد هوبزبوم ان التاريخ "لايمكنه ان يحقق اي هدف بوصفه موضوعا جادا وهو يعزل نفسه بذرائع مختلفة عن الفروع الاخرى ، التي تدرس تحولات الحياة على الارض، او ارتقاء اجدادنا الى تلك النقطة الاعتباطية التي بدؤوا عندها يخلفون وراءهم انواعا معينة من السجلات، او حتى بنية التانظمة البيئية ، ووظيفتها ومجموعات من الحيوانات الاجتماعية التي يعتبر الانسان حالة خاصة منها"، ويضيف هوبزبوم "اننا جميعا نتفق على ان هذا لا يستنفد مدى التاريخ ولايمكن ان يستنفده وينبغي الا يستنفدهولكنه بقدر ما ادخل منحى العمل التاريخي خلال الاجيال السابقة هذه الفروع الاخرى في علاقات اوثق مع التاريخ فانه اتاح امكانية ان نفهم ما الذي جعل الانسان ماهو عليه اليوم فهما افضل من اي شيء عمله رانكه واللورد اتكون ،فهذا بعد كل شيء هو ما يدور عليه التاريخ باوسع معنى : كيف ولماذا وصل الانسان من العصر الحجري الى العصر النووي"
وهذا يحتم على المؤرخ ان يسرد الشبكة الانسانية التي سلكها البشر من العصر الحجري وكيف تطوروا وانتهاء بالعصر النووي او عصر الاتصالات اليوم وفق نظرة علمية وهنا يطالب هوبزبوم بتزاوج التاريخ مع العلوم الاخرى ليبين ويحلل وفق مناهجه ومناهجها اجابات الاسئلة الكبرى ومنها الشبكة الانسانية الكبيرة وعلاقات البشرية منذ نشوئها حتى اليوم وكيف تطور البشر من لوسي حتى الهوموسابينيس ؟ اثارة الاسئلة الكبرى.
((التاريخ ابتعد عن الوصف والسرد الى التحليل والتفسير وابتعد عن التركيز على الخاص والفردي الى تحديد الاتجاهات والى التعميم، وبمعنى من المعاني فان المقاربة التقليدية قلبت رأسا على عقب)) فهذا مفهوم التقدم في مجال التاريخ حسب هوبزباوم. فهو يعتقد ان التاريخ لا يمكنه ان يحقق اي هدف بوصفه موضوعا جادا ، وهو يعزل نفسه بذرائع مختلفة عن الفروع الاخرى التي تدرس تحولات الحياة على الارض، او ارتقاء اجدادنا الى تلك النقطة الاعتباطية التي بدؤوا عندها يخلفون وراءهم انواعا معينة من السجلات، او حتى بنية الانظمة البيئية ووظيفتها ومجموعات من الحيوانات الاجتماعية التي يعتبر الانسان حالة خاصة منها ، كما ويضيف هوبزباوم (اننا جميعا نتفق على ان هذا لايستنفد مدى التاريخ ولايمكن ان يستنفده وينبغي الا يستنفده ولكن بقدر ما ادخل منحى العمل التاريخي خلال الاجيال السابقة هذه الفروع الاخرى ، من علاقات اوثق مع التاريخ، فانه اتاح امكانية ان نفهم ما الذي جعل الانسان ما هو عليه اليوم فهما افضل من اي شيء عمله رانكه واللورد اتكون ، فهذا بعد كل شيء هو ما يدور حوله التاريخ بأوسع معنى ، كيف ولماذا وصل الانسان من العصر الحجري الى العصر النووي؟). وهنا يدعو هوبز الى تزاوج التاريخ مع العلوم الاخرى ليبين ويحلل وفق مناهجه ومناهج هذه العلوم اجابات الاسئلة الكبرى ومنها الشبكة الانسانية الكبرى ودورها في الانتقال هذا وكذلك دور المكتشفات الحديثة وعلاقات البشرية منذ نشوئها الى اليوم وكيف تطور البشر من لوسي الى الهومو سابينيس ؟ وعلاقة السواحل البحرية بتطور البشر ومد الشبكة الانسانية ، فهذه كلها مثارات اسئلة كبرى نطرحها ردا على كلام هوبزباوم. كما ويعتبر هوبز اننه اذا لم يتم معالجة القضية الاساسية المتمثلة بتحولات البشرية ، او على اقل تعديل اذا لم نر ذلك الجزء من نشاطاتها الذي يشكل موضع اهتمامنا المتخصص في سياق هذا التحول ، الذي ما زال جاريا فيعتبر هوبز انهم كمؤرخين ينخرطون في تفاهات او في العاب فكرية او غيرها من العاب الصالونات ، من السهل ،بالطبع، ايجاد اسباب لكي يعزل التاريخ نفسه عن الفروع الاخرى ، التي تدرس الانسان، او التي لها علاقة مباشرة بمثل هذه الدراسة ، ولكن ليس من سبب منها وجيه، فهي كلها تنتهي الى ترك مهمة المؤرخ المركزية الى غير المؤرخين ( الذين يعرفون حق المعرفة ان احدا ما يجب ان يضطلع بها) ثم استخدام فشلهم في اداء هذه المهمة على الوجه المطلوب، حجة اخرى لصالح بقاء المؤرخين بعيدين عن مثل هذه الرفقة السيئة.





التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي


اخر الافلام

.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا



.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س

.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و



.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: صيغة تريتب أركان الإسلام منتج بش