الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا-أوكرانيا: أي موقف؟

أحمد بيان

2022 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


نعيش هذه الأثناء تيها مروعا في علاقة الأمر بما يدور بين روسيا وأوكرانيا. ومن بين أسباب ذلك، أولا محدودية متابعاتنا للشأن الإقليمي والدولي وبالتالي سطحية تحليلاتنا، وثانيا الفوضى الإعلامية المتحكم فيها من طرف القنوات والمصادر الإمبريالية والصهيونية والرجعية وما يصاحب ذلك من شح في المعلومات الصحيحة والمحينة. دون أن نغيب ضبابية المرجعية الفكرية، السياسية والإيديولوجية، المعتمدة من طرف هذه الجهة السياسية أو تلك أو من طرف هذا المناضل أو ذاك.
والخطير هنا هو الاستعمالات غير المحسوبة للمصطلحات والمفاهيم وكذلك الإسقاطات غير الموفقة للمواقف والتنظيرات خارج سياقاتها السياسية والتاريخية، مما يؤدي إلى اصطفافات عشوائية ومتناقضة. بدون شك هناك جهات سياسية أدرى بواقع الحال، وتجدها منخرطة في حملات التضليل وتصفية الحسابات عن وعي وبخلفية واعية.
وقبل أي تناول للموضوع، ولو في حدود أولية، لا يمكن أن نجعل من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، من داخل حلف الناتو أو من خارجه (الإمبريالية والصهيونية والرجعية) المنقذ للنظام القائم بأوكرانيا أو للشعب الأوكراني. فأن نعتقد بذلك أو نروج له، بدعوى مناهضة الحرب والتضامن مع الشعب الأوكراني، نكون قد أجرمنا في حق العديد من الشعوب المضطهدة قبل أن نكون قد وضعنا أنفسنا خارج الصف المناضل، حتى لا نقول خارج أو بعيدا عن الخط الماركسي اللينيني. وهذا لا يعني البتة الاصطفاف إلى جانب روسيا أو القبول بالحرب (هكذا). وعلى ذكر هذه الأخيرة، أي الحرب، لابد من تسجيل سذاجة (حتى لا نقول شيئا آخرا) بعض "الحمائم" المناهض لها باسم السلم والسلام وحب الحياة. إنهم بذلك يسقطون في فخ، إذا لم يقوموا بذلك عن سبق الإصرار، حلف الشر (الامبريالية والصهيونية والامبريالية). فهذا الأخير يفرض عليك التسليم بالأمر الواقع، أي ما يخدم مصالحه، أو التصدي؛ وهو ما لن يتأتى إلا بالحرب.
إن الكثيرين يدعون رفض العنف، لكن كيف مواجهة العنف بدون عنف؟ إنه هنا يتميز الثوريون عن غيرهم من الأطياف الرجعية والإصلاحية، عندما يتبنون العنف الثوري في وجه العنف الطبقي الرجعي. وكذلك الحرب، كيف مواجهة الحرب بدون حرب؟
وهنا بالنسبة لروسيا؛ فإنها تواجه حربا غير معلنة تقف وراءها الامبريالية والصهيونية والرجعية من خلال النظام الرجعي القائم بأوكرانيا. وما يسمى "حرب" روسيا على أوكرانيا ليس سوى دفاع عسكري مباشر للنظام الروسي الرأسمالي عن نفسه (أمنه العسكري والاقتصادي) قبل أن تحاصر أسواره وأبوابه مباشرة، وليس أي شيء آخر مثل الدفاع عن الاشتراكية أو حماية الشعب الروسي و"امتداداته" البشرية والتاريخية داخل تراب أوكرانيا. فلا علاقة للنظام الروسي بالاشتراكية، وكذلك الأمر بالنسبة للنظام الصيني. إنها "حرب" استباقية قائمة على توقيف الزحف الامبريالي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية الذي لن يتوقف من منظوره للخريطة العالمية حتى تدجين روسيا والأنظمة المرتبطة بها أو المتحالفة معها، أو على الأقل الحد من خطورتها وسطوتها، وبالتالي إرغامها على المزيد من التواطؤ والإذعان لمؤامراتها وجرائمها المقترفة في حق الشعوب المضطهدة ونهبها لخيراتها الطبيعية (الغاز والنفط ومعادن نفيسة كالذهب وغيره مما لا "علم لنا به" من مواد حيوية ضرورية للصناعات الحديثة الخارقة...).
ونحن أمام هذه الحرب القذرة، حرب اللصوص، لا يمكن إلا أن نقف موقف القائد الشيوعي لينين من الحرب الامبريالية المعروفة بالحرب العالمية الأولى، أي مناهضتها بدون شوفينية أو تضليل بورجوازي. فأين مصالح الشعبين الروسي والأوكراني هنا؟ أين مصالح الطبقة العاملة، سواء بروسيا أو بأوكرانيا؟ أين الحركة الشيوعية الحقة في مواجهة الرجعية والصهيونية والامبريالية محليا وإقليميا ودوليا؟ إننا الى جانب الشعبين الروسي والأوكراني وحقهما في تقرير مصيرهما، حيث لا معنى للوقوف سواء الى جانب روسيا (هكذا) أو الى جانب أوكرانيا (هكذا). لا معنى للغموض بالنسبة للمناضلين الثوريين، وخاصة الماركسيين اللينينيين (الشيوعيين). ولابد من وضع النقط على الحروف، فلا حرب مشروعة غير حرب الشعوب المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة من أجل تحررها وانعتاقها من اضطهاد وقمع واستغلال أنظمتها الرجعية العميلة للصهيونية والامبريالية. أما حروب الأنظمة الرجعية فيما بينها أو حروب المصالح الامبريالية والصهيونية، فحروب غير مشروعة، إنها حروب إبادة مرفوضة ومنبوذة.
وإذا كان لابد من العودة إلى التاريخ مرة أخرى، فسنعود إلى سنة 1991، تاريخ مسلسل "الانفصال" وتفتت الاتحاد السوفياتي؛ علما أن هذا الأخير قد فقد هويته الاشتراكية منذ صعود التحريفية في منتصف الخمسينات من القرن الماضي وتمكنها من بسط هيمنتها على الحزب الشيوعي السوفياتي والأحزاب الشيوعية الدائرة في فلكه.
إنها بداية مرحلة جديدة لفائدة الامبريالية. وما لا يمكن نسيانه أو تناسيه بالأمس واليوم هو تخاذل روسيا وصمتها أمام الجرائم الامريكية والصهيونية والرجعية، بل مباركتها مقابل الحفاظ على مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية والاستفادة من مواقعها بشتى مناطق العالم؛ وهو ما ينطبق أيضا على الصين كطرف حاضر بقوة عسكريا واقتصاديا وسياسيا. ومعاناة الشعب الفلسطيني تفضح أمريكا كما تفضح روسيا والصين وحلفائهم من تجار الدمار الموت...
إننا أمام "حرب" تمرين/اختبار موازين القوة ومراجعة خريطة التحالفات الدولية الحالية... فحتى الآن لم تكشف جميع الأوراق رغم الكم الهائل من المعلومات والمعلومات المضادة بواسطة "الثورة" التكنولوجية الحالية التي تسوق الوهم بالصورة والصوت وتخفي الحقيقة على أرض الميدان. ونعترف أننا حتى الآن ضحايا هذه "الثورة"، لأننا نستهلكها ولا نوظفها بالشكل المطلوب.
ويتضح مرة أخر أننا لا نملك مصيرنا، فمن أكذوبة "كورونا" وقبلها حكاية "أسلحة الدمار الشامل" بالعراق وحكايات وروايات أخرى تشد الأنفاس، الى مهزلة "حرب" روسيا ضد أوكرانيا. والقادم أكثر قتامة...
وإذا كان من الفظيع الزج بالأبرياء في حرب ليست حربهم، فإن السؤال الوجيه: متى سيخوض الأبرياء حروبهم المشروعة من أجل مصالحهم الطبقية؟
لنقف الى جانب الشعبين الروسي والأوكراني من أجل تقرير مصيرهما من خلال بناء المشروع الاشتراكي الذي أسسه الحزب الشيوعي الروسي بقيادة الرمز لينين ورفاقه. ولنقف الى جانب كافة الشعوب المضطهدة من أجل تقرير مصيرها، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني. ولكي يكون لموقفنا صدقيته النضالية، لنناضل بالموازاة مع كل ذلك من أجل تقرير مصير شعبنا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بمشاركة بلينكن..محادثات عربية -غربية حول غزة في الرياض


.. لبنان - إسرائيل: تصعيد بلا حدود؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أوروبا: لماذا ينزل ماكرون إلى الحلبة من جديد؟ • فرانس 24 / F


.. شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف




.. البحر الأحمر يشتعل مجدداً.. فهل يضرب الحوثيون قاعدة أميركا ف