الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروعية الحرب فى الفكر المسيحى

ألفى كامل شند

2022 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



ثير الحرب الدائرة بين الدولتين الشقيقتين روسيا واوكرانيا الألم لكونها تعيد أجواء الحرب الباردة بين الشرق والغرب من جديد ، ويرفضها شعب الدولتين . وهو ما عبر عنه البيان الصادر عن البطريركية الروسية الارثوذكسية التى يتبعها الشعبين . السؤال الذى يطرح نفسه : ماهو موقف الكنيسة .. وماهو الدور الذى يمكن ان تقوم به ادبيا واخلاقيا من واقع إيمانها ورسالتها الروحية ، بعدما باتت تلعب الأن دورا واسعا داخليا وخارجيا فى حقبة " فلاديمير بوتين" الذى لايتوانى عن التأكيد على هوية روسيا المسيحية ، وادراج ذلك فى دستور الدولة . ، وحيث يرى بعض المؤرخين أن العامل الديني لعب دوراً في قرار الغزو . فبحسب المؤرخة الأمريكية البارزة ديانا باتلر باس، المختصة بتأريخ المسيحية ، إن "كييف" تعدّ بالنسبة للمسيحيين الأرثوذكس بمثابة القدس لكونها الموطن الاصلى للميحية فى هذه البقعة ، وتراه المتخصصة الامريكية أيضا صراع على أي أرثوذكسية ستطبع وجه شرق أوروبا . و أن أحد العوامل الممهدة للغزو الروسي الراهن، كان انفصال الكنيسة الأوكرانية عن الكنيسة الروسية، عام 2018، إذ كانت جزءاً منها منذ عام 1686.
موقف المسيحية من الحرب :
لايخفى على المؤمنين المسيحيين ان الرب يطالبهم فى الاناجيل نبذ العنف واراقة الدماء "سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن، وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فأدر له الآخر" . أيضاً حذرهم .." كل الذين يأخذون السيف، بالسيف يهلكون"، كما دعاهم أيضاً بولس الرسول إلى التجاوز عن الثار والانتقام "لا تجاوزوا أحداً عن الشر بشر معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء، بل أعطوا مكاناً للغضب، لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير" ( (رو 12: 17) . ولايحظى الجندى المسيحى فى الحرب بأى مكانة مقدسة او عند الموت فى الحرب بالغفران أو نوال الثواب.
نقرأ في كتاب (مدخل إلى اللاهوت الأدبي.. تعليم الكنيسة الاجتماعي) للمطران كيرلس سليم بسترس مطران الروم الكاثوليك بلبنان، .ان بعض المسيحيين يقفون موقفًا معاديًا ويحرمون تحريمًا صريحًا على الشعب المسيحي الانخراط في سلك الجندية. وكان هذا الموقف ممكنًا، لأن حماية الدولة كانت تقع على عاتق الجنود الوثنيين.
مع الوقت تطور الفكر المسيحى ازاء الانخراط فى الجندية ومن ثم الحرب ، بعدما تبين للمسيحيين الاوائل تأخر مجىءالمسيح الثانى ، وتكاثر عددهم في القرن الرابع، واخذوا يتبوءون مراكز المسؤولية في الدولة، إذ رأوا من الطبيعي أن يستخدم الجنود، سواء أكانوا وثنيين أم مسيحيين لتوفير الامن وحماية البلاد ونشر السلام . وفي هذا الظرف التاريخي الجديد، راح القديس اغسطينوس (354–430) يتساءل عن الشروط التي تجيز من الوجهة الأخلاقية اللجوء إلى الحرب.
ومن الطروحات التي ساقها والفيلسوف أوغسطينوس في موسوعته الخالدة "مدينة الله “ ولاحقا بلورها القديس الفيلسوف الدومينيكاني توما الأكويني في موسوعته الشهيرة " الخلاصه اللاهوتية " . صاغت الكنيسة شروطا لمشروعية الحرب، يمكن تلخيصها فى الاتى :
- عندما تتعرض الكيانات السياسية والدولية لظلم واضح وبين يكون بمثابة حافز صريح وصارخ للدفاع المشروع.
- أن تكون كل الآليات السلمية قد استنفدت ووصل الأمر إلى طريق مسدود، وبات الأمل مفقودا في وقف الظلم المسلح من جانب المعتدي.
- أن تكون الخسائر التي تسببها عملية الدفاع المشروع أقل ظلما من الاعتداءات المسلحة التي يتوجب القضاء عليها.
- إن كان من المؤكد أن الدفاع سيؤدي لاحقًا إلى احترام قدسية حق الشعب المظلوم.
واشترط القديس اغسطينوس للحرب العادلة أن تشن بواسطة حاكم شرعي.
يري القديس أغسطينوس إن يسوع لم ينه عن الحرب أبدا بل شارك في دفع مرتبات الجند، لقد دفع الجزية وقال أعطوا ما لقيصر لقيصر، وكان يعلم ان دخل مخصص لدفع مرتبات الجند. وعندما اتي إليه الجنود ليتعمدوا لم يأمرهم بترك الجندية وإلقاء السلاح، لم يقل لهم لا تهاجم أحدا ذلك لأنه كان يعلم ان القتل في الحرب
ليس بجريمة بل أمر مشروع قانونيا، والجنود يقومون بواجبهم للدفاع عن سلامة
المواطنين .
ونقرأ فى أعمال المجمع الفاتيكاني الثاني للكنيسة الكاثوليكية (1962–1965)، في الدستور الراعوي (الكنيسة فى العالم المعاصر)، حيث يقول آباء المجمع: "لا شكّ في أن الحرب لم تختف من حياة البشر. وما دام خطر نشوبها قائمًا، وما دام العالم يفتقر إلى سلطة دولية مختصة تملك الردع، لا يمكن أن ننكر على الحكومات حقها الشرعي في الدفاع عن بلادها متى استنفذت بلا جدوى كل ما في مقدورها من وسائل التسوية السلمية. ويقع على عاتق رؤساء الدول وعلى الذين يشتركون في تحمل مسؤولية السلطات العامة، واجب تأمين سلامة الشعوب التي اؤتمنوا عليها، دون ما استهتار في معالجة مسائل تبلغ هذا الحد من الخطورة، إلا إن القيام بالأعمال العسكرية بغية الدفاع العادل عن الشعب شيء، ومحاولة السيطرة على الدول الأخرى شيء آخر. أما الذين يتفرغون لخدمة الوطن في صفوف الجيش، فليعتبروا أنفسهم هم أيضًا فى خدمة أمن الشعوب وحريتها، فإذا قاموا بهذه المهمة بما يليق من الدقة، فإنهم يساهمون حقًا فى المحافظة على السلام".
وحول شروط حرب الدفاع عن النفس نقرأ في كتاب التعليم المسيحي الجديد للكنيسة الكاثوليكية الذي صدر عام 1997. والذي لخص مسألة استخدام القوة للدفاع في البند (2309) وفيه بحسب النص «يجب التبصّر بدقة في الشروط الصارمة للدفاع المشروع بالقوة العسكرية». إن خطورة قرار كهذا تقتضي إخضاعه لشروط صارمة تتطلبها الشرعية الأخلاقية. فيجب في آن واحد «أن يكون الأذى الذي ألحقه المعتدي بالأمة أو بجماعة الأمم ثابتًا وخطيرًا وأكيدًا، وأن يتبين أن جميع الوسائل الأخرى لوضع بدائل مستحيلة أو غير نافعة، وأن تتوافر شروط جدية للنجاح، وألا يؤدي استعمال السلاح إلى شرور واضطرابات أخطر من الشر الذي يجب دفعه».
من هذا المنطلق عارضت حاضرة الفاتيكان الغزو الامريكى العراق الثانى إلى واشنطن في 2003. وأرسل البابا يوحنا بولس الذى كان من أشد المناوئين لغزو العراق في 2003 مبعوثًا خاصًا ، هو الكاردينال روجيه إيتشيغاراي، محاولا إقناع بوش بالعدول عن هذه الحرب، التي استشرف البابا الراحل مدى كارثيتها. وهو ما أثبتت الأيام صدقه .
وبنفس المنطلق أعلن مراقب الكرسي الرسولي (الفاتيكان) لدى الأمم المتحدة، المونسنيور سالفاتوري توماسي، ، بشكل جلي للضربات التي قررها الرئيس الأميركي باراك أوباما، ضد تنظيم داعش المتطرف في العراق وسوريا على نحو خاص. وقال أنه «ينبغي التدخل الآن قبل أن يفوت الأوان، فالمساعدة الإنسانية ضرورة، لكنها ليست كافية وحدها». وتابع: «قد يكون العمل العسكري ضروريًا» دون مزيد من الإيضاحات .
ومن هذا المنطلق من الواجب الاخلاقى والايمانى ان تلعب الكنيسة الارثوذكسية الروسية التى بات لها دور واسع فى حقبة "بوتين" العمل على نزع روح الكراهية والانتقام فى النفوس ، ومطالبة السلطات فى البلدين االلجوء الى مائدة المفاوضات والاحتكام الى االحوار من جديد ، وزرع الثقة بين الطرفين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مو معقول
احمد علي الجندي ( 2023 / 1 / 18 - 14:35 )
-
ومن هذا المنطلق من الواجب الاخلاقى والايمانى ان تلعب الكنيسة الارثوذكسية الروسية التى بات لها دور واسع فى حقبة -بوتين- العمل على نزع روح الكراهية والانتقام فى النفوس ، ومطالبة السلطات فى البلدين االلجوء الى مائدة المفاوضات والاحتكام الى االحوار من جديد ، وزرع الثقة بين الطرفين.

-
ومن المعروف تبعية الكنائس الارثذوكسية للدول وحكوماتها
بالعامية
هذا حلم ابليس في الجنة

اما موقف الفاتيكان الذي نقلته فهو موقف بعد التجديد الفكري والعلمانية
فالفاتيكان قديما نص على تحميل اليهود دم المسيح
وبعدها تراجع
ونص ايضا على الحروب الصليبية
وبعدها تراجع عنها
ونص على عدم خلاص البشر خارج الكنيسة الكاثوليكية
وبعدها تراجع عن ذلك
والامثلة كثيرة جدا
!
ملاحظة توما الاكويني ايضا اجاز الحرب على الهراطقة لهرطقتهم فقط

اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح