الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


براغي

علي دريوسي

2022 / 3 / 2
الادب والفن


المثقف العربي
يعيش هذا البرجوازي الصغير كما غيره من أبناء المجتمع.
يدخن بشراهة ويشرب أحياناً ويقرأ نادراً.
يدعي الإيمان بالعدالة والمساواة الاجتماعية، يستثمر كل مناسبة ليعلن بها أنه نصير للمرأة في جملة قضاياها، وبأنه يناضل ليل نهار لرفع الظلم عنها، وهكذا فهو يتكلم كثيراً وطويلاً عن ضرورة تحررها واستقلالها الاقتصادي.
يتزوج إمرأة طيبة وغالباً ما تكون منتجة مثله.
يبني معها عائلة مع أطفال.
يعودان من العمل ظهراً، يأخذ المثقف قيلولة الظهيرة، ساعة من النوم العميق على الأقل، أما الزوجة فتراها كالنحلة تتنقل بين المطبخ وغرف النوم والصالون والحمام، يستيقظ المثقف، يتناول الطعام، ثم يذهب ـ غالباً ـ لزيارة أخوته وأهله، في هذا الوقت تبدأ الزوجة بأعمال التنظيف والإشراف على دراسة أطفالها وتحضير طعام العشاء، يعود الزوج المثقف، يتناول طعام العشاء، يسلي أطفاله قليلاً، يستمع للأخبار الرئيسية، في هذا الوقت تقوم الزوجة بإطعام الأطفال واصطحابهم للنوم ثم تعود لترتيب الصالون من الفوضى، بعد أن يكون قد حلّ الهدوء نوعاً ما تقوم الزوجة بترتيب ملابس الأطفال وغسيل وتجفيف ملابس العائلة، في هذا الوقت قد يقرأ المثقف جريدة الحزب ثم يمشي نصف سكران للنوم، عليه أن يذهب للعمل في اليوم التالي، عليه أن يجلس يعد الساعات كي يحين موعد الانصراف، وهكذا دواليك ...

***

لا أعتقد أن المرأة في الشرق العربي قادرة على ارتداء تنورة أو فستان ملون ولن تستطيع فعل ذلك في المستقبل.

***

واحد من أبشع الاضطرابات الاجتماعية هو التدخُّل السلبي الحشريّ للأولاد في علاقة أمهم مع عائلتها أو علاقة أبيهم مع عائلته.

***

الدولة القاصرة هيكلياً ستنهار حتماً دفعة واحدة كما ينهار الجسر المتعب فجأة ويتحطم بشكل كارثي.

***

هناك فروقات جلية بين الطفل المولود لعائلة غربية في بيئته الأصلية والطفل المولود لعائلة شرقية ـ سوريا مثلاً ـ أو لعائلة نصف شرقية (الأم شرقية والأب غربي أو العكس) في بيئة غربية ـ ألمانيا مثلاً.
وهذا أمر طبيعي وبديهي.
هذه الفروقات ـ المتمثلة بالسلوك وطرق التفكير والطعام والعادات ـ تظهر جلية منذ الساعات الأولى لولاة الطفل وتتجذر مع تتالي الأيام والسنين ـ يمكن مراقبتها بوضوح في دور الحضانة والمدارس والجامعات وأماكن العمل.
هذه الفروقات قد تتضاءل لدرجة الاختفاء مع تعاقب الأجيال ـ ثلاثة أجيال على الأقل ـ شريطة التزاوج من سكان البيئة الأصليين والابتعاد عن الجذور.

***

"أقص إيدي وأعطيها للكلاب" إذا كان قادراً على مجابهتي ...
تقول إمرأة في سياق حديث.
"أقطع رأس (أيدي) وأرميه في الشارع" إذا لم يكن ما أخبرتك به صحيحاً ...
يقول رجل في سياق حديث.
وإن "سقطت ذراعك فالتقطها وسقطت قربك فالتقطني واضرب عدوك بي" ...
يقول شاعر في سياق قصيدة.
هكذا هي اللغة.

***

عادت للاستقرار في بلدها سوريا، مكللة بالنجاح المالي والعلمي والخبرة الاجتماعية، وحدث أن زارت صديقاً قديماً كسولاً، شعرت أن من واجبها أن تتكلم معه وتشجعه على العمل بدلاً من قعدته في البيت بلا عمل.
أحسّ الصديق بالإهانة وصرخ بزوجته: " أسمهان ... يا أسمهان ..."
ردّت الزوجة من المطبخ: "نعم حبيبي".
سألها: "هل ينقصك شيئاً؟"
أجابته: "لا حبيبي، أبداً، ما هو مبرر السؤال؟"
استأنف الزوج أسئلته: "أليس لديك لحم وفروج في البراد؟"
ردّت الزوجة: "الحمد لله الخير كثير، طبعاً عنا لحمة وفروج؟"
توجه الزوج بحديثه للزائرة وقال بشماتة: "أما السمك فنحن لا نأكله إلا طازجاً، من البحر إلى المطبخ!؟"
تناولت الزائرة حقيبتها وغادرت نادمة على حديثها.
هكذا هي الحياة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق