الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا تصطاد عدة طرائد بطلقة واحدة

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2022 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


المنتصر الوحيد في الحرب الدائرة على الأراضي الأوكرانية، هي الولايات المتحدة الأمريكية التي استطاعت اصطياد عدة طرائد بطلقة واحدة.
الطريدة الأولى، روسيا التي كانت تتجه، بثبات، نحو فرض نفسها كقطب دولي فاعل، من خلال تحكمها في سوق الطاقة و تفوقها العسكري كعضو في نادي كبار مصنعي و مصدري السلاح عبر العالم.
روسيا، اليوم، تغرق أكثر في الوحل الأوكراني، و سيصعب عليها تحقيق انسحاب مشرف فما بالها بتحقيق الأهداف المرسومة للغزو ! زيادة على ذلك فروسيا تنتحر اقتصاديا، البنوك الروسية محاصرة، ثروتها الاقتصادية الوطنية في مهب الريح، عزلتها عن نظام التمويل الدولي (سويفت) أصبح أمرا واقعا، هذه الإجراءات العقابية غير المسبوقة دوليا تساوي آثار قنبلة نووية اقتصادية، ستصيب روسيا بالشلل التام على المدى القريب بله المتوسط و البعيد. هذا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية قد نجحت في تحييد روسيا و إرجاعها إلى سابق عهدها كجسم كسيح يحمل عبئا استراتيجيا ثقيلا لا يقدر على حمله ! و من خلال تحييد روسيا نجحت الولايات المتحدة الأمريكية، بطريقة غير مباشرة، في تحييد الصين التي لا يمكنها التموقع، استراتيجيا، بعد قص الجناح الروسي.
الطريدة الثانية، أوربا التي عادت إلى أحضان أمريكا بعدما استغل قادتها ولاية ترامب من أجل التخطيط لإنشاء جيش أوربي مستقل بقيادة فرنسا الماكرونية، و إنشاء اقتصاد أوربي مستقل بقيادة ألمانيا الميركلية. و في مسار التخطيط لاستقلال الأوربيين عن الولايات المتحدة الأمريكية، عسكريا و اقتصاديا، كان البديل الروسي-الصيني يفرض نفسه، بقوة، فقد قاد الثنائي الأوربي ميركل-ماكرون التقارب الأور-روس-صيني الذي مكن روسيا و الصين من حجز موقع استراتيجي كشريك أساسي لأوربا.
أوربا، تستفيق، اليوم، على كابوس استراتيجي لم تعد له العدة، من قبل، فكل ما شيده الثنائي الأوربي ميركل-ماكرون يتهاوى في رمشة عين، حيث تجد أوربا نفسها في مواجهة مباشرة مع روسيا، تفرض عليها مسايرة الاستراتيجية الأمريكية عبر الاعتراف بحلف النيتو كقوة وحيدة لحماية حدودها، بالإضافة إلى التخلي عن الشراكة الأور-روسية.
إدارة بايدن الديمقراطية تنجح في فرض واقع استراتيجي جديد، سيكون له ما بعده، فبالإضافة إلى صد التدخل الروسي في الشؤون الداخلية لأمريكا خلال ولاية ترامب، تنتقل إلى تحجيم الحضور الروسي في أوربا و الصين، مع التخطيط لشلّ روسيا عبر إلقاء القنبلة (النووية) الاقتصادية، و محاصرتها سياسيا في محيطها الأور-آسيوي. و إذا أضفنا استعادة تلاحم المحور الغربي بذراعه العسكري-النيتو تكون إدارة بايدن قد نجحت في صناعة واقع دولي جديد يشبه، إلى حد بعيد، واقع مابعد سقوط الاتحاد السوفييتي و نهاية الحرب الباردة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست