الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات من الفولكلور الكوردي - لا أحد يسد مكان غيره

ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)

2022 / 3 / 3
الادب والفن


لا أحد يسدُّ مكان غيره


كان الثعلب يتجول في أطراف الغابة باحثاً عن شيء يسد رمقه وقد انطبقت أضلاعه على بطنه من شدة الجوع. فجأة رفع رأسه فرأى الأسد قبالته. ارتعدت أوصاله من الخوف واستطاع بشق الأنفس أن يسأله:
- عمَّ تبحث يا مليكي؟
- أنا جائع وأفتش عن فريسة ما.
أعمل الثعلب دهاءه فواتته في الحال فكرة جهنمية تخلصه من براثن الأسد فطفق يبكي وينحب بصوت عالٍ. استغرب الأسد وسأله:
- علامَ تبكي يا هذا؟
- أبكي لحالك يا سيدي. إن كنتَ، وأنت الملك، تقاسي الجوع فماذا نفعل نحن الرعية المساكين؟ رحم الله والدك؛ لم يكن يتركنا محرومين من اللحم ولو ليوم واحد. يا للصداقة التي جمعتني وإياه! لم يكن يهنأ بطعام أو صيد إن لم يدعني لمشاركته فيه حتى نشبع تماماً، وبعدها فقط كان يسمح للآخرين بأن يأكلوا. يا لحظي العاثر! ماذا أقول لك؟ هل أدعوك لأكل لحمي؟ كلا فلحمي بائس هزيل لا يصلح للملوك! ماذا أفعل يا إلهي؟!
- لا تحمل هماً يا ثعلب. ما دمت صديقاً حميماً لأبي سأصطاد في الحال فريسة نتناولها معاً.
ولم يمض الكثير حتى أبصر سرباً من الغزلان فانقض عليه وأمسك بأحدها وجرجره الى حيث الثعلب وقال: تفضل كل!
لكن الثعلب شرع بالبكاء من جديد فسأله الأسد:
- ما الذي يبكيك الآن؟
- تذكرت المرحوم. كان صاحب ذوق ومزاج. حين يظفر بصيد كنا نحمله ونصعد الى هناك عند قمة الجبل ونتناول طعامنا بين النسائم العِذاب.
أطبق الأسد أسنانه على رقبة الغزال وقال للثعلب اتبعني الى قمة الجبل. بعد أن أكلا وشبعا بدأ الثعلب بالبكاء للمرة الثالثة فسأله الأسد:
- ماذا يبكيك هذه المرة؟
- تذكرت المرحوم. لقد كان أسداً كريماً شهما لا يباريه أسد. وفوق هذا كان قوياً نشيطاً. أتدري ماذا كان يفعل بعد أن نشبع من الطعام؟
- ماذا؟
- لم يكن يخلد للقيلولة كما تفعل الأسود الكسلى بل كان يمارس الرياضة.
- الرياضة. وكيف؟
- كان يمط جسده ويشد عضلاته ويقفز مرتين أو ثلاث من هذه القمة الى تلك القمة التي تراها. آهٍ يا مليكي المرحوم. لم يبق في الدنيا أسد يستطيع فعل ذلك.
- كيف تقول هذا وأنا موجود؟
- بارك الله فيك يا مولاي، ولكن لا أظن أن أحداً يمكن أن يسد مكانه.
- انتظر للحظة..
مط الأسد جسده وتراجع قليلاً ثم ركض وقفز من أعلى القمة فهوى الى الوادي من ذلك العلو الشاهق وتحطم فوق الصخور. نزل الثعلب ووقف على رأسه وهو في النزع الأخير وقال له:
- ألم أقل لك بأن أحداً لا يمكنه أن يسد مكانه!؟
من كتاب حكايات الموقد الخشبي، حكايات من الفولكلور الكردي، ترجمة ماجد الحيدر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا