الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتنة العرب و ثورة إمازيغن بقرطبة

كوسلا ابشن

2022 / 3 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


التأريخ لفتن العرب في العهد الإسلامي, تبدأ بإجتماع (سقيفة بني ساعدة). في الوقت الذي كان الناس مشغولين بتجهيز جثمان الرسول للدفن, كانت فتنة كبار العرب مشتعلة على أحقية الخلافة. وتلتها فتنة عثمان. و لم تتوقف فتن العرب من أجل الحكم و النهب و التخريب, طيلة الإنخراط العربي في أحداث التاريخ.
فتنة العرب في قرطبة:
لما أطاح ابن أبي عامر ( وزير هشام بن الحكم), بكل من زاحمه على تدببير شؤون الدولة, في ظل الخلافة الإسمية للطفل هشام بن الحكم (المؤيد بالله), و بإستبداده بالحكم بدأ عهد الدولة العامرية بالأندلس. قرب ابن عامر إمازيغن أهل العدوة, و قربهم و أعلاهم منزلة و عظم شأنهم و إتخذ منهم جيشا, وعرف عرفاء صنهاجة و مغراوة و بني يفرن و بني برزال و مكناسة و غيرهم, و قربهم و أبعد العرب.
إستغل محمد بن هشام بن عبد الجبار, كان العامريون قد قتلوا أبيه, خروج عبد الرحمن بن أبي عامر في حملة عسكرية, فهاجم قصر قرطبة وآستولى على الحكم و ( لقب بالمهدي), سنة 399. من هنا بدأت فتنة العرب بقرطبة, يقول ابن عذاري المراكشي:" ما أعظم طلب محمد بن هشام بن عبد الجبار بدم والده وأخذ أهل بيته و شيع المروانيين في السر بالوثوب بأبي عامر و إنكار ولايته و التوصل بذلك الى خلع هشام و نقض دولته و لذلك كانت هذه الشيع تبث في الناس مساوئ عبد الرحمن و تشنع أحداثه... وهو كان باب الفتنة و سبب الشقاق و النفاق" و يضيف:" و اضطربت عليه بنو أمية, و كان قد إتخذ جندا من العامة و أطراف الناس و قربهم و آثرهم على العبيد العامرية و على الطوائف البربرية ... فأحال المهدي على من كان في قرطبة من البربر عامة قرطبة فإستحالوا عليهم قتلا و أسرا و إغارة حتى إسترقوا منهم طائفة, ففر من قدر على الفرار منهم ... و إجتمعوا مع سليمان بن الحكم, و كان بشقندة, فصار سليمان يومئذ إماما للبربر"( بيان المغرب في أخبار الأندلس والمغربي / ص. 333). و عن أرنولد هوتينجر في كتابه ( الموريون.ص.125) يقول:"وقدم المهدي مكافأة على كل رأس أمازيغي". وعن ابن خلدون: " آمر محمد بن هشام أن لا يركبوا و لا يتسلحوا, و إنتهبت العامة يومئذ دورهم". ( تاريخ ابن خلدون/ ص 995). منعوا من حمل السلاح و ركوب الخيل, ليكونوا عرضة للقتل والتنكيل و السبي و النهب, ورغم ما أصابهم من مصيبة, إلا أنهم إستجمعوا قواهم و حاصروا قرطبة. يقول ابن خلدون:" خشي الناس من إقتحام البربر عليهم فأغروا أهل القصر و حاجبه المدبر بالمهدي, وأن الفتنة إنما جاءت من قبله, وتولى كبر ذلك واضح العامري, فقتلوا محمد بن هشام, وإجتمعت الكافة على تجديد البيعة لشمام المؤيد" (ص. 996), إلا أنه لم تنفع حيلة أهل الفتنة بقتلهم للمهدي, و لم تنجيهم من ثورة إمازيغن, فهؤلاء إقتحموا قرطبة و ردوا الإعتبار لشهدائهم و لضحايا فتنة عرب قرطبة.
كانت ثورة أمازيغ قرطبة موجهة ليس ضد كل العرب فهم ( بايعوا سليمان ابن الحكم وهو عربي و لقبوه بالمستعين بالله, وهو أخو الخليفة هشام المؤيد), بل كانت ثورة ضد المهدي و شيعه من المروانية و متعصبي عرب قرطبة, و من المعلوم أن كل الثورات تحدث فيها تجاوزات وإنتهاكات, وخصوصا في حالة أمازيغ قرطبة, و ما أصابهم من قتل و سبي و ذل على يد المهدي وعامة قرطبة, وكانت مصيبتهم ما زالت لم تنسى, و لهذا إمتزجعة ثورة إمازيغن بالرد الفعل الإنفعالي العنفي ضد مجرمي فتنة العرب و كما كانت الأعراف السائدة أنذاك ( العين بالعين و السن بالسن والبادي أظلم), ورغم ذلك تبقى ثورة إمازيغن, ثورة ضد الظلم و الإضطهاد و ليست فتنة, كما وصفها المستعربون المتعصبون للعرب, لأن الفتنة الحقيقية هي ما فعله المهدي و عصابة المروانية و شارك فيها عامة قرطبة من العرب. و فتنة قرطبة لم تكون فتنة العرب الأولى و لا الأخيرة, بل إرتبط وجودهم بالمستعمرة هيسبانيا بالفتن, وأعتقد أشدها, كما ذكر ابن خلون ب" الفتنة بين المضرية و اليمانية, و إقتتلوا فهلك منهم نحو ثلاثة آلاف ... و قاموا على ذلك سبع سنين". و لم تتوقف يومئذا فتن العرب نسبيا حتى أجاز الى" الأندلس" الجيش إمازيغن بقيادة يوسف ابن تاشفين, أما توقفها الكامل في هذه المستعمرة, فلم يحصل إلا مع تحررها من الإستعمار "الإسلامي".
بالجنود إمازيغن أحتلت هيسبانيا و بهم تم محاربة آهالي هيسبانيا, في حرب غير عادلة, إستعمارية, و شاركوا بخططهم و سواعدهم في تشييد المدن و بنياتها التحتية, و بسيوفهم رفعت راية (الإسلام) و بهم تم استتباب الآمن في البلاد المستعمرة, لكن كانت الغنيمة من نصيب العرب, فإقتسمت هيسبانيا بين المضرية واليمنية. ورغم كل ما قام به إمازيغن لصالح العرب, فلم تنصفهم كتابات المستعربين و لصقت بهم كل السلبيات, وقد ذكر كاتب "مفاخر البربر" ما كان يروجه العرب عن إمازيغن, بأنهم " أخس الأمم و أجهلها وأعراها من الفضائل وأبعدها عن المكارم". سبب الموقف السلبي من إمازيغن, هو رد فعل مرضي, يحدث عند عدمية إستجابة الضحية (إمازيغن) لإرادة المسيطر (العربي), و ردة إمازيغن بموقفهم المطالب بحقوقهم العادلة, ينظر اليه في هذه الحالة, أن إمازيغن بلا فضائل و لا مكارم و هم أهل الفتن و الخيانة و هلم جرا. أما في حالة الخنوع و الطاعة, فيكون الموقف إيجابي من إمازيغن, كما قال البكري: بلغنا عن عائشة رضى الله عنها انها أبصرت صبيا له ذؤابتان ذا جمال وهيئة فقالت: من أي قبيل هذا الصبى الشقي؟ قالوا من البربر, قالت عائشة: " البربر يقرون الضيف ويضربون بالسيف ويلجمون الملوك لجام الخيل". و للأسف ضيافة اللئيم و الضرب بالسيف من الآخرين, ما زال إمازيغن يدفعون ثمنها غاليا, بفقدان سيادتهم على أرضهم. من عادة العرب أنهم لا يرضون على شعب إلا إن تعرب أو صار من خادمهم الأوفياء, يدافع عن مصالح العرب والعروبة.
إستقراءا لتاريخ علاقة العرب بإمازيغن نكتشف تذبذبها بين الإيجابي و السلبي, حسب تذبذب موقع إمازيغن بين الطاعة و الخنوع و بين التمرد و المقاومة. العقل العربي و المستعرب الى حد اليوم, لم يخرج من بنية التعصب القومي و الجمود العقائدي, فمواقفه من الآخر تتمحور في إعادة القديم بصيغ جديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - البربر وليس ايمازيغن
سليم ( 2022 / 3 / 6 - 17:57 )
لما كل هذا الدجل في اقحامك كلمة ايمازيغن في نصك هذا والمعروف ان كلمة البربر هي الأصل وايمازيغن كلمة استحدثت حديثا من الاكاديمية الفرنسية


2 - لا دجل و لا تضليل
كوسلا ابشن ( 2022 / 3 / 7 - 12:19 )
الى الأخ سليم
تأسست -الأكاديمية البربرية- سنة 1966, بباريس, و لم تكن معروفة إلا للقليل من المثقفين, لأن الأغلبية العظمى من شعبنا أنذاك كانوا أميون, و كذا لا يفهمون إلا لغتهم الأصلية. و أبي وأمي ولدا في العشرينات من القرن الماضي, وكانا يعرفون عن أنفسهم بأنهما أمازيغيين, ولم تكن -الأكاديمية- قد تأسست بعد. وأنا ولدت في النصف الأول من الستينات, و علموني منذ صغري بأنني أمازيغي, و شعبنا لا يعرف عن نفسه إلا أنه أمازيغي. والتسمية -بربر- غير متداولة بيننا. هذه التسمية أطلقها الإستعمار العربي و روجها الحكواتيون العروبيون, و بقيت حبيسة الكتب العربية, لا يعترف بها شعبنا و لا يبالي بها
قبل الإستعمار الأعرابي, أستعملت تسمية بربر من طرف الرومان, لكن ليس كتسمية هوياتية للشعوب, وإنما أطلقها الرمان على الجماعة المقاومة للإحتلال الروماني, مثل الجرمانيون و الغاليون و إيمازيغن و السلتيون و غيرهم, ولم تقتصر التسمية على المقاومة الأمازيغية فقط. و للمعلومة فالرومان ذكروا الشعب إمازيغن أنذاك بالنوميديون و الموريون و ليس البربر, فإرجع الى كتب التاريخ, لكن ليس الى الحكايات التضليلية التي ترسخت في ثقافتك







3 - لا دجل و لا تضليل
كوسلا ابشن ( 2022 / 3 / 7 - 12:25 )
تتمة
مقتطف من مقالي (-العرب- و -البربر-, خرافة أكل الدهر عليها و شرب)
المصادر التاريخية, المصرية و الإغريقية و اللاتينية لا تذكر قطعيا تسمية بربري للشعب الأمازيغي. فقد ذكرهم الفراعنة الامازيغ بالماشوش أوالليبو (الليبيين), وذكرهم الاغريق بمازييس أو ماكسيس, وذكرهم اللاتين بمازيس , وقد ذكروا حسب مجالهم الجغرافي, في فترة تاريخية معينة بالنوميديين والموريين و الجرمنتيين. و في إثبات الإسم -أمازيغ- يقول غابريل كامبس و هو يتحدث عن الملك الأمازيغي حيارباص الذي إستقبل الأميرة الفينيقية إليسا: -يخبرنا أوستاتيوس عن هذه الشخصية أنه كان ملك المازيس. و من المعلوم أن هذا الإسم الذي حملته أقوام كثيرة من افريقيا القديمة, وهو تحريف للإسم البربري - أمازيغ- و -إمازيغن- الذي تتسمى به هذه الأقوام- (البربر ذاكرة وهوية, ص. 188)


4 - لا دجل و لا تضليل
كوسلا ابشن ( 2022 / 3 / 7 - 12:31 )
تتمة
). يقول كامبس كذلك في الإسم الحقيقي لسكان شمال افريقيا و الذي هو (الأمازيغ): - يوجد اسم عرقي آخر أوسع انتشار في البلدان البربرية, بل أن انتشاره و إقترانه بأسماء الكثير من المواقع يجيز لنا أن نعتبره الإسم الحقيقي للبربر. نريد الحذر م. ز. ك الذي نجده كذلك في كل من اسم (مازيس) في العصر الروماني و (المكسيس) الوارد عند هيرودوت و (المازييس) الوارد عند هيكاتي, و (المشوش) الذي جاء في الكتابات النقوشية المصرية. و لا يزال كل من الاموهاق في غرب فزان و الاماجيكن في اليبو والامازيغ في الاوراس والريف و الاطلس الكبير يحافظون على هذا الاسم, و التماشق هي لغة الطوارق وهم الذين يسمون أنفسهم كذلك إموشار. غير انك لا تجد القبائليين و لا الشاوية في الاوراس يعرفون حاليا بهذا الاسم. و المؤكد أنه اسم عرقي قد كان له في شمال افريقيا إنتشار كبير خلال العصور القديمة, فالكتابات النقوشية والنصوص تجيئنا بمجموعة من الرسوم ليست كلها بالصحيحة, تجمع فيها
Maxyes,Mzyes,Mzazenes,Mazacences,Mazicei, Maices,


5 - لا دجل و لا تضليل
كوسلا ابشن ( 2022 / 3 / 7 - 12:34 )
تتمة
و يضيف- ويمكننا ان نزيد الى هذه القائمة الكلمتين (مازيك) و(مازيكا) كثيرتي الورود في الكتابات المقابرية. وان في اطلاق المؤلفين كلمة (مازيس) على أقوام مختلفة بعضها من البدو الرحل و بعضها من الجبليين و في عصور مختلفة و مناطق متنائية, لما يدلنا بالفعل على أن هذه التسمية محلية و كان صلة بالبربر. فقد درج الناس على أن يأخذوا هذه الصفة بالنبيل و الحر فهي معادلة لكلمة (فرانك) التي كان يتحلى بها الجرمان ثم جعلوها إسما لشعبنا (الفرنسي)-, بروفيسور غبريال كامبس, متخصص في تاريخ شمال افريقيا.
عدم النطق ببعض الحروف عند الأوروبيين مثل الغين يتم إستبدالها وهذا ما حصل في تسمية مازيس, و هي نفس التسمية مازيغ, إستبدال الغين بالسن (فالإختلاف يكمن في النطق).
هنا نحن نتحدث على عصر, لم يكن فيه لا عرب و لا -الأكاديمية-, ولا تضليل إيديولوجي.
وفي اللغة الأمازيغية يقول حسن الوزان- إن الشعوب الخمسة المنقسمة الى مئات السلالات و آلاف المساكن تستعمل لغة واحدة تطلق عليها اسم أوال امزيغن, أي الكلام النبيل- (وصف افريقيا).


اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي