الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إسرائيل وحرب أوكرانيا: تهديدات وفرص ( 2 من 3)
نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)
2022 / 3 / 7
الارهاب, الحرب والسلام
هامش مناورة وغموض محدود
لم يكن تطور العلاقات الإسرائيلية مع كل من روسيا والصين بمعزل عن الرقابة الأميركية اللصيقة والمشددة، ويمكن الافتراض أن واشنطن كانت تسمح بهامش من حرية العمل والتعاون الإسرائيلي مع هاتين القوتين العظميين شريطة عدم الإضرار بالمصالح الأميركية وتحديدا في مجالي الأمن ونقل التكنولوجيا، فحق النقض (الفيتو) الأميركي على أي اتجاه غير مرغوب لتطور هذه العلاقات هو أمر محسوم ومسلّم به من قبل إسرائيل، حيث سبق للولايات المتحدة أن اعترضت وعرقلت عدة صفقات مجزية بين إسرائيل والصين خشية اطلاع الأخيرة على أسرار التكنولوجيا الأميركية، وتحسين قدراتها العسكرية بشكل نوعي في مواجهة الولايات المتحدة، وكانت من ضمن هذه الصفقات التي أبطلتها واشنطن صفقة تزويد الصين بأنظمة إنذار مبكر، ومعدات ذكية تستخدم في جمع المعلومات، بالإضافة إلى عرقلة قيام إسرائيل بتسليم إدارة ميناء حيفا الإسرائيلي لشركة صينية.
من المعروف أن علاقات إسرائيل مع أوكرانيا التي ينحدر منها عدد من أبرز قادة الحركة الصهيونية ومؤسسي دولة إسرائيل، هي علاقات ممتازة كذلك لأسباب كثيرة من بينها طبيعة القيادة الأوكرانية الحالية وتعاطفها الصريح مع إسرائيل، ووجود نحو مئتي ألف إسرائيلي من أصل أوكراني، وانفتاح هذا البلد كغيره من بلدان اوروبا الشرقية أمام الاستثمارات ومختلف أشكال النفوذ والتأثير الإسرائيلي، وهذه العلاقات الجيدة مع الطرفين هي التي شجعت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على اقتراح توسط إسرائيل بين روسيا وأوكرانيا، ومع أن هذا الاقتراح جاء في الوقت الضائع ولا يتناسب قطعيا مع حجم المشكلة، إلا أن بعض المسؤولين في إسرائيل وجدوا فيه ما يعزز موقف الحذر والحياد والتردد.
سبق لإسرائيل أن ناورت وتملصت من اتخاذ موقف واضح حتى لا تغضب أحدا من أصدقائها في موقف مشابه، وبالتحديد عندما تغيبت عن حضور جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة اثناء مناقشة قضية ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، أثار هذا الموقف غضب الولايات المتحدة واوروبا، لكن إسرائيل تذرعت في ذلك الحين بأن غيابها عن جلسة التصويت كان بسبب إضراب موظفي وزارة الخارجية. من الصعب تصور قدرة إسرائيل على مواصلة التهرب من اتخاذ موقف واضح في صراع قاس وطويل كهذه الحرب الجارية في أوكرانيا حاليا، مع أن ثمة أصواتا مؤثرة وتحديدا من قيادة الجيش، بحسب يديعوت أحرونوت في عددها ليوم الجمعة 4/3/2022 تواصل حض رئيس الوزراء نفتالي بينيت على اتباع سياسة حياد تجاه حرب أوكرانيا، وسط رهان بأن الولايات المتحدة سوف تتفهم هذا الموقف، لأن روسيا هي عمليا جارة لإسرائيل بسبب وجودها ونفوذها في سوريا.
دعوات الحذر والحياد هذه تأتي مع ارتفاع اصوات أخرى من داخل المجلس الوزاري المصغر تدعو لاتخاذ مواقف واضحة في تأييدها لأوكرانيا والغرب، إزاء ذلك تعمد إسرائيل إلى اتخاذ مواقف لا تكلفها كثيرا من قبيل التصويت إلى جانب مشروع القرار الغربي في الأمم المتحدة، ومواصلة الاتصالات مع القيادتين الروسية والأوكرانية، واقتراح تقديم مساعدات إنسانية، واستقبال "رمزي" لعدد من المهاجرين الأوكرانيين لا يتجاوز العشرات، لكن ما غطى على هذه اللفتة "الإنسانية"، هي المعاملة الفظة التي تعرض لها عشرات الأوكرانيين من غير اليهود الذين أعيدوا على أعقابهم بعد احتجازهم لساعات طويلة في مطار اللد.
وفيما يهتز العالم بأسره على وقع القذائف والصواريخ التي تتساقط على أوكرانيا، ويخشى كثيرون من تدحرج الأوضاع إلى تصعيد أوسع، قد تجر العالم إلى مواجهات لا يمكن توقع مداها، وحيث باتت كل دولة، بل وكل منشأة وعائلة تتفقد ما لديها من مخزون الأغذية وخاصة القمح الذي تنتجه كل من روسيا وأوكرانيا، تبين أن ثمة من بدأ في حساب قوائم الفرص والتهديدات التي يحملها هذا الوضع الجديد واحتمالات تطوره المستقبلية، مع الأخذ بالحسبان أن مدى تأثر أي دولة أو مجتمع يرتبط بمدى قوة اقتصادها وقدرتها على تأمين حاجاتها الأساسية من موارد محلية او خارجية.
من الطبيعي ان تواجه إسرائيل مثلما تواجه كل دول العالم اضطرابا في انتظام سلاسل التوريد وخاصة في مجال الأغذية والمواد الأولية، وهذه الحالة خبرها العالم قبل فترة وجيزة عند انتشار جائحة كورونا حيث غلبت الأولويات المحلية والوطنية لكل دولة على التزاماتها في التعامل مع الآخرين، ولكن يمكن القول أن هذا التأثير للحرب على أوكرانيا مؤقت ويمكن تجاوزه لطالما أنها لم تتعد حدودها الحالية سواء جغرافيا أو لجهة نوع الأسلحة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فيتو روسي ينهي النظام الأممي لمراقبة العقوبات على كوريا الشم
.. وضع -كارثي ومرعب- في هايتي مع تواصل تدفق الأسلحة إلى البلاد
.. المرصد: 42 قتيلا بقصف إسرائيلي على حلب بينهم عناصر من حزب ال
.. -بوليتيكو-: محادثات أميركية لإنشاء قوة حفظ سلام في غزة | #ال
.. العدل الدولية: على إسرائيل زيادة عدد نقاط العبور البرية لغزة