الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احمد الخطيب

حسن مدن

2022 / 3 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


لكي يصل إلى بيروت ليلتحق بالجامعة الأمريكية فيها، كان على أحمد الخطيب أن يقطع طريقاً طويلاً. كانت تلك المرة الأولى التي يسافر فيها الفتى ذو الرابعة عشرة من عمره، مزوداً برسالة من الجهات المختصة في الكويت تفيد بأنه مقبول للدراسة في الجامعة المذكورة، واتفقت عائلته مع شابين كويتيين يدرسان في بغداد كانا حينها يقضيان إجازتهما الصيفية في الكويت أن يصطحبا أحمد معهما، ليواصل سفره من بغداد إلى بيروت.

أخذتهم السيارة أولاً إلى البصرة التي أدهشت الفتى القادم من الكويت وسحره التجول فيها، وكانت رؤية شط العرب الذي طالما سمع عنه أمراً عظيماً بالنسبة له، وبعد أن قطعوا المسافة من البصرة إلى بغداد بالقطار تعاظم انبهاره بما يرى فقد كانت بغداد، يومها، في غاية التقدم، وهناك ولج السينما أول مرة، حيث اصطحبه زميلاه اللذان يكبرانه سناً إليها.

من بغداد، وعبر طريق طويل، بلغ الشام أولاً، ومن دمشق توجه إلى بيروت، المدينة المضيئة التي ستشكل شخصية ذلك الفتى اليافع، ففي جامعتها الأمريكية تعلم اللغة الإنجليزية حتى أتقنها، وبعد مرحلة تمهيدية أصبح طالباً في كلية الطب، التي تخرج فيها بعد سنوات.
وفي مذكراته كتب أحمد الخطيب يقول: «كان للجامعة الأمريكية تأثير كبير في حياتي، فلعل أبرز ما يميز هذه الجامعة كون جسمها الطلابي حاضناً لخليط لا ينتهي، وتنوع لا حدّ له من الطلبة العرب والأجانب، مسلمين ومسيحيين ويهود، وربما ديانات أخرى، أما سنوات الدراسة، فكانت أجمل مراحل العمر، ففي تلك الأيام تكون الفرصة لخلق الصداقات، والتعرف عن كثب إلى نماذج بشرية مختلفة، ما يجعل الفكر أكثر انفتاحاً للتعاطف أو حتى للخلاف الأخوي بعيداً عن العداء والنفور».

منهياً دراسته في بيروت عاد الطبيب الشاب حديث التخرج أحمد الخطيب إلى وطنه الكويت، بالوعي الوطني والقومي الذي تشكّل لديه فترة دراسته، ليغدو إحدى أهم الشخصيات في التاريخ الوطني للكويت الحديثة، وليصبح عضواً في المجلس التأسيسي الذي كان نائباً لرئيسه في عام 1962، وهو المجلس الذي ناقش وأقرّ الدستور الكويتي الذي كان للخطيب دور مشهود في وضعه وفي تضمينه للكثير مما نصّ عليه من صلاحيات تشريعية ومن حقوق سياسية ومدنية، في عهد أمير الكويت، يومها، الشيخ عبدالله السالم الصباح، الذي يصفه الكويتيون ب«أب الدستور».

وانتخب الخطيب بعد ذلك عضواً في مجلس الأمة الكويتي لعدة دورات، كان خلالها صوت الشعب الشجاع في الدفاع عن الثروات الوطنية، وضد الفساد ومن أجل المزيد من الحقوق السياسية، وإليه يعود الفضل في تأسيس صحيفة «الطليعة» التي استمرت في الصدور لعدة عقود بعد ذلك، وكانت منبراً إعلامياً وطنياً وقومياً متميزاً.

أمس الأول وعن خمسة وتسعين عاماً رحل عن دنيانا أحمد الخطيب، وبوداعه يستذكر الكويتيون وأشقاؤهم محطات مضيئة في حقبة تاريخية مهمة في تاريخ خليجنا العربي، كان الخطيب أبرز رموزها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك