الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العصر العظيم القادم

راندا شوقى الحمامصى

2022 / 3 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تولت عصور طفولة الإنسانية إلى غير رجعة لا لشيء إلا ليأتي العصر العظيم، ختام كل العصور الذي يشير إلى بلوغ الجنس البشري رشده جميعاً. أما اضطرابات هذه الفترة الإنتقالية العاصفة من فترات تاريخ الجنس البشري فهي المستلزمات الضرورية والبشير بالاقتراب المحتوم لعصر العصور "وقت النهاية" الذي تتحول فيه سفاسف النزاع الذي لطّخ تاريخ البشر منذ فجر التاريخ إلى وداعة السلام الدائم العالمي المتّصل الذي يولّي فيه تنافر بني آدم واختلافهم ليحلّ محلّه التفاهم العالمي والتوحيد الكامل للعناصر المختلفة التي تكوّن المجتمع البشري.

وهذه حقّاً هي النهاية اللائقة بعملية التركيب التي شرعت أول ما شرعت بالأسرة - وهي أصغر وحدة في سلّم التنظيم البشري وأخرجت القبيلة والمدينة المستقلة والأمة إلى حيز الوجود، والتي يجب أن تظلّ فعّالة حتى تفضي إلى توحيد العالم بأسره - وهو هدف التطور البشري على هذا الكوكب ومجده المتوّج. والإنسانية تقترب بلا هوادة من هذه المرحلة نفسها إن طوعاً وإن كُرهاً، ولهذه المرحلة نفسها تمهد هذه الشدائد النارية الواسعة النطاق التي تعانيها الإنسانية - الطريق تمهيداً خفيّاً. وبهذه المرحلة نفسها ترتبط مصائر دين بهاءالله وهدفه ارتباطاً لا انفصام لعروته، وعن طريق الطاقات الخلاقة التي أطلقها ظهوره في "سنة التسع" ثم عزّزتها فيما بعد فيوض القوة السماوية التي انهمرت على الجنس البشري كله في "سنة الستين" و "الثمانين" زودت الإنسانية بالقدرة على بلوغ هذه المرحلة النهائية من مراحل تطورها العضوي الجامع وبعصر ظهوره الذهبي سترتبط نهاية عملية التركيب هذه إلى الأبد. وما النموذج والنواة للتوحيد العالمي -وهو المصير الأكيد المحتوم على شعوب الأرض وأممها- إلا صرح نظامه العالمي الذي ما فتئ يتحرك في أحشاء المؤسسات الإدارية التي ابتدعها هو نفسه.

وكما أن تطور البشر العضوي كان بطيئاً ومتدرّجاً ومنطوياً على توحيد الأسرة والقبيلة والمدينة المستقلة والأمة، كذلك كان النور الذي وهبه الظهور الإلهي في مراحل التطوّر الديني المختلفة وانعكس في مرايا دورات الماضي المتعاقبة بطيئاً ومتدرّجاً إلى الكمال. والواقع أن مقدار الظهور الإلهي في كل عصر من العصور قد تكيّف وتناسب مع درجة التقدم الإجتماعي التي بلغتها في ذلك العصر الإنسانية الدائمة التطوّر.

ولقد شرح بهاءالله ذلك حين قال: "لقد قضينا أن تظهر كلمة الله وتجلّياته طبق ما سبق به للإنسان تقدير العليم الخبير ... فلو أتيح لكلمة الله أن تفضّ قواها المكنونة دفعة واحدة لما استطاع بشر أن يتحمل وقع هذا الظهور العظيم." ووضّح عبدالبهاء هذه الحقيقة فقال: "لجميع المخلوقات دور الشجر إثماره... كذلك الحيوان يبلغ مرحلة الرشد والكمال ويبلغ الإنسان مرتبة البلوغ إذا بلغ عقله منتهى درجة القدرة والكمال... وكذلك لحياة البشر الإجتماعية أدوار ومراحل، فهنالك دور الطفولة وهنالك دور آخر هو دور الشباب. غير أنها الآن بلغت مرحلة البلوغ. بها بشرت وظهرت آثارها في كل مكان... فما كان موافقاً لاحتياجات الإنسان في أوائل التاريخ لم يعد يفي بحاجياته في هذا اليوم. والعصر يوم التجدد وعصر الكمال، إذ خرج الإنسان من حالة الأولية المحدودة التي كانت أشبه شيء بالبداوة. والآن يجب على الإنسان أن يتحلى بفضائل جديدة وطاقة جديدة وأخلاق جديدة واستعدادات جديدة وله في المستقبل المواهب البديعة، والعطايا الكاملة وهي الآن في دور البروز والظهور. أما فضائل دورة الشباب وواهبها فهي وإن كانت مفيدة وموافقة بالقياس إلى دورة شباب الجنس البشري إلا أنها لا تطابق مقتضيات البلوغ."

"في كل ظهور يشرق فيه صبح الهدى كان موضوع الإشراق أمراً من الأمور... ففي هذا الدور البديع والقرن الجليل نجد أن أساس دين الله وموضوع شريعة الله... إعلان وحدة العالم الإنساني."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد 40 عاماً من تقديم الطعام والشراب لزوار المسجد النبوي بال


.. الميدانية | عملية نوعية للمقاومة الإسلامية في عرب العرامشة..




.. حاخام إسرائيلي يؤدي صلاة تلمودية في المسجد الأقصى بعد اقتحام


.. أكبر دولة مسلمة في العالم تلجأ إلى -الإسلام الأخضر-




.. #shorts - 14-Al-Baqarah