الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
روسيا و أوكرانيا أزمة قارات
هشام جمال داوود
2022 / 3 / 9مواضيع وابحاث سياسية
جاء موضوع الغاز ليضع حداً للصراع القديم بين المعسكر الروسي وأنصاره والمعسكر الغربي وحاشيته، وليحقق الحلم بنقل الغاز والذي هو أهم مصادر الطاقة من آسيا الوسطى وتحريره من مخالب الدب الروسي، وكذلك من المنطقة العربية إلى قلب الاتحاد الأوروبي مروراً بتركيا ودون المرور بأراضي روسيا وبدعم مطلق من البيت الأبيض وإسرائيل.
في منتصف التسعينات تم انعقاد مؤتمر كيوتو للحد من ازمة تلوث الجو، وبعده قررت الدول وبالأخص الاوربية اغلاق المفاعلات النووية المولدة للطاقة لذا ازداد الطلب على الغاز كونه البديل الأنسب، روسيا ولكونها أكبر منتج ومصدر للغاز في العالم وصاحبة أكبر احتياطي يقدر بحوالي ٤٨ ترليون متر مكعب من الغاز ارتفعت صادراتها لأوروبا أكثر من ٤٠٠ مليار طن سنوياً وأدركت روسيا بأن الغاز سيكون لغة الطاقة في القرن الحادي والعشرين، وان تفكك الاتحاد السوفيتي كان بسبب غياب موارد الطاقة لذلك اعتبرت روسيا ان اهم خطوات إعادة مجدها تتمثل في السيطرة على مصادر الغاز.
حاولت الدول الغربية وامريكا مضايقة الروس او منافستهم لمنعهم احتكار تصدير الغاز الى اوروبا، ففي شهر تموز عام ٢٠٠٩ ابرمت اتفاقية في انقرة لمد أنبوب غاز وتمت تسميته بـ “ مشروع نابوكو” لينقل الغاز من حقول تركمانستان مروراً ببحر قزوين الى أذربيجان وبعدها الى تركيا ومنها يعبر لأوروبا حيث يدخل رومانيا وبلغاريا وهنغاريا لينتهي في النمسا محطته الأخيرة بطول ٣٣٠٠ كيلومتر وبذلك يكون بديلاً لخط ساوث ستريم الروسي.
لكن الرئيس بوتين جعل من خط الانابيب هذا يولد ميتاً حيث طرح موضوع المسطح المائي على القانون الدولي، اذ ان الامر مختلفاً فيما لو كان المسطح “بحر” او “بحيرة”، فإن كان بحراً فهذا يعني ان تقاسم مياهه وثرواته تكون حسب طول شواطئ الدول المطلة عليه، اما ان كان بحيرة فمعنى ذلك ان جميع الدول المطلة عليها متساوية في الحقوق، وتم طرح هذا الموضوع من قبل روسيا باعتبار ان قزوين وان يطلق عليه اسم بحر لكنه لا يتعدى كونه بحيرة مغلقة ومتجددة من مياه نهر الفولغا.
ولم تقف روسيا عند هذا الحد انما قامت باحتكار شراء كامل الغاز المنتج في آسيا الوسطى وبيعه عبر الانابيب الروسية المتجهة لأوروبا فدخلت بعقود شراء طويلة المدى من كل الحكومات التي يفترض ان تزود أنبوب نابوكو بالغاز، فتعاقدت مع تركمانستان التي تنتج ٨٠ مليار متر مكعب سنويا بشراء ٥٠ مليار منها بعقود طويلة الاجل، كذلك قامت بشراء كامل انتاج أوزبكستان والتي يقدر حجم الاحتياطي الخاصة بها نحو ٢ مليار متر مكعب، واخيراً وجدت أذربيجان نفسها مجبرة للتعاقد على بيع غازها لروسيا ولكن في الوقت نفسه أعلنت بأنها ستبيع الغاز لخط نابوكو في حالة وجود فائض، وهكذا تمكن بوتين من القضاء على المشروع وتجفيف منابعه.
وبعد ذلك قام بتطويق أوروبا عن طريق خط نورث ستريم وساوث ستريم وكذلك شراء روسيا نصف حصة شركة ENI الإيطالية في ليبيا لتبدأ بالاستثمار في حقول السودان واخيراً قامت بمد أنبوب من نيجيريا الى النيجر ليصل الى الجزائر ومنها الى أوروبا.
هنا جاء التدخل الأمريكي ليعلنوا من جديد عن مشروع نابوكو ولكن بوجود بديل لمصادر الغاز وهذه المرة هي (قطر) وكان من المفترض ان يمتد الانبوب من قطر مروراً بالسعودية ليلتقي بخطين من الانابيب هما الإسرائيلي والمصري ثم يكمل الطريق عبر الأراضي السورية باتجاه تركيا ليجد طريقه الى أوروبا.
لكن حكومة بشار الأسد وقفت عائقاً في الطريق لذلك قامت أمريكا وحلف الناتو بالتدخل العسكري لإسقاط الحكومة السورية، وفي المقابل كان الجيش الروسي متواجداً بدوره للدفاع عن نظام الأسد من اجل الحفاظ على مصالحه، ولا يمكن لاحد ان ينسى الدعم غير المحدود الذي قدمته قطر للجماعات المسلحة التي تعمل ضد النظام السوري.
تركيا من جانبها كانت لاعباً رئيسيا في احداث المنطقة في تلك الفترة وذلك بسبب موقعها الجغرافي الذي مكنها ان تكون نقطة التقاء خطوط انابيب الغاز المتجهة الى أوروبا، فبالإضافة لخط (باكو- تبيليسي- جيهان) فإن أراضيها كان من المقرر لها ان تضم خطوط قطر ومصر وإسرائيل، كما وان اردوغان وبالتعاون مع الإدارة الامريكية أصبح بمثابة الزعيم للعالم العربي والإسلامي وعمل على تغيير الأيديولوجيات وتحويل العدو التقليدي للعرب والمسلمين(إسرائيل) واستبداله بـ(إيران) بعد ان تلاقت مصالحه مع إسرائيل، ولأجل ان تكون دولته هي العقدة العالمية لأنابيب الغاز الاوربية والتي تدر أرباحاً سنوية كبيرة جداً لتركيا وفقا لشروط تم الاتفاق عليها مع الإدارة الامريكية وصلت لحد ان تعاد خارطة المنطقة والتي من بينها تنازل تركيا عن أراضي لها لصالح الاكراد مقابل أراضي جديدة من سوريا، وكان هذا المخطط يشغل بال الحكومات الامريكية حتى الفترة الأولى من حكم الرئيس السابق ترامب.
اخيراً فإن كل المشاكل والحروب التي استعرت في منطقة الشرق الأوسط كانت لأجل تحرير غاز آسيا الوسطى والشرق الاوسط من الاحتكار الروسي، اضاقة لعزل روسيا والصين عن سواحل البحر الأبيض.
وما الازمة الروسية الأوكرانية اليوم سوى جزءاً من المخطط الذي ارادته أمريكا ومعها حلف الناتو ضد روسيا.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فيتو روسي ينهي النظام الأممي لمراقبة العقوبات على كوريا الشم
.. وضع -كارثي ومرعب- في هايتي مع تواصل تدفق الأسلحة إلى البلاد
.. المرصد: 42 قتيلا بقصف إسرائيلي على حلب بينهم عناصر من حزب ال
.. -بوليتيكو-: محادثات أميركية لإنشاء قوة حفظ سلام في غزة | #ال
.. العدل الدولية: على إسرائيل زيادة عدد نقاط العبور البرية لغزة