الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انفجار من الداخل

مازغ محمد مولود

2022 / 3 / 10
الادب والفن


الليل والهدوء، وكأس الشاي بنكهة الصمت. البيوت المهجورة التي نسيها الزمن . هناك حيث سقطت الصورة الصفراء القديمة، التي توفي أصحابها منذ أمد بعيد ، غادروا دون أن يقولوا وداعا. تركوا الرصيف الباهت خاليا من الإقدام . تقف شجرة لا تأبه لفؤوس الحطابين ـ يندس عصفور بين أغصانها اليابسة.الريح تملأ المكان، تصفر وتنشد أنشودة للخواء. ها نحن هنا ، بصدق نرفع كفوفنا المجعدة إلى السماء . نخاطب الجوع بالقلب ، وبالغضب الذي يخاطب المعدة . نحلم بوطن يعاش ، تداعب الحرية فيه شعورنا . مثل الشعر الذي يجعل مشاعرنا تتحرك. بلا خوف ولا ظلمة حالكة أو بارة . لا مكان فيه للمستبد. ولا لطاغية،لا لدكتاتور ،ولا للجوع والفوارق القاتلة.لازلنا نحلم وننتظر..
ها أنت ترى ، يا صاحبي ، تأكد أن لا شيء يستمر للأبد. العصفور وجد عشا . اللاجئ وجد خيمة . أما أنت ، فوجدت الريح والدخان والدموع. وجدت جمرا يحرق الهدوء والسكينة. جس نبضك القابع بين القلب والشرايين . كم غزوة مرت لك وكم عليك. منذ أن استوطن أسلافك الصحراء . ومجدوا الحرية بالتقديس والتعظيم والتبجيل . ليل الصحراء هادئ جدا. بالإمكان الإصغاء إلى طنين الصمت ومكان لترميم الذات .تذكر القبائل التي تقيم طقوس غزواتها. وتنسج من وبر قديم ، غطاءا لندمها، وتندب حظها .
انظر إلى الأعالي . هناك حياة جديدة ، تستيقظ من حلم الصغار . تحت ظلالنا الحمقاء ، ومن بين أحراش عظام أسلافنا . من أثلام ارض الدهشة .من أدغال الطريق المليء بالمفاجآت.ولا عزاء تحت وطأة هذا الإرهاق الساحق . حياة تحت الحياة . أين صخب الجمال الذي لا يتبدد ؟،أين الأصوات والألوان المتمازجة فيما بينها؟ انفجار من الداخل ..وطن محاصر بالنوم. والأعجب فرح كرذاذ المطر بلا ثمن . ابيض كثلج الأشباح، كأشعة الشمس الساقطة على النبات ،و حلم ساكن اخرس كحجارة التماثيل. هناك ، من يصرخ ، متى تغضب السماء ؟ وتوقد فينا الغضب. فنحن واطئون ،كالحمائم التي تختبئ داخل شهوة الموت. والبغاة والطغاة نسورا. يشقون صدر الغنيمة ويبقرون بطن الوطن المغلول.
ها أنت أخيرا ، ترى المكان قائما في مكانه. تسير على الطريق التي رسموها لك في الخرائط. منذ زمن طويل . شقوها لتمتهن السفر والترحال ، ولا يد تلوح لك . خذ تضاريس القلب وقسها على خرائط الذاكرة . عسى ينهض الحب والأمل .و يغزو الدم الجسد كرها. تعرجات الشرايين كالأنهار ، اندفاعات الوعظ كالسيل العارم خلفك . بني عمومتك تراهنوا فيما بينهم ، في أي نقطة من العالم نلتقي؟وأنت في الطريق الوعر لا تحضي بالتفاتة إلى الوراء ، حيث الأيام وقد غدت كالعهن المنفوش. لا تسأل عن نسج الحكاية .حكاية البراعم التي تجاهد للفكاك من اسر اللحاء . عن صحراء ابيضت من العطش وتحلم بالماء.وعن الرجال المتفننون لفن الصمت والإصغاء.
تتساوى أنت ومعاناة حياتك، أنت ،ايها الموجود في الامتلاء وفي النهايات. ما الذي حدا بك أن تصعد السفح الوعر، المتهدم الجنيات ، وعلى تخوم الهاوية . الظلال في مرابضها رخوة ينهشها الهبوط. .العيون الصقرية تلمع شرارات ، تنطلق باحثة عن شيء ضائع.قسمات الوجوه السمراء الحادة تفشي بما يدور في الخلد .الرذاذ منهال فوق جسد الفجر المسجى . صرخة تشبه صرخة ذلك الطفل الذي كنته يوما ما . تقلب الفراغ على أكثر من وجه . ولا شيء تجده غيرك. ما هذا الشيء المسمى ، أنت ؟
العبيد مصابون بالمذلة . الأغبياء مصابون بالتفاهة . ها أنت ترى .. العبيد يضعون كل الأخطاء والذنوب والكبائر على أنفسهم ، حتى وان لم يكونوا مرتكبيها. الأغبياء الحمقى يضعونها على غيرهم حتى وان كانت من صنع أيديهم . ها أنت تستقيم في الرؤيا الشاملة . وتعلم أن العاهة في بنية العقل والنفس. أيها العبيد الراقصون على وقع أغلالهم وقيودهم . أيها الأغبياء المسحوقين الضالين ..لا ذاكرة نستند أو نتكئ عليها ، لنواجه الإرهاق.لم تتركوا لنشيد حلق ولا أجنحة ، لا صورة تضج بالألوان .لا احمر ، لا اصفر،و لا ألوان لقوس قزح . لا عناق ولا حلم . لا خرائط ولا مستقبل . لا مستقبل لذهنية الغباء . ولا مستقبل في منطقة العبودية .يحتوينا انفجار ، من الداخل. ونحس بفراغ ، اكبر ، أقوى من أي فراغ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما