الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المسرح.. العمل التجريبي ومدى نجاحه

سامي عبد الحميد

2022 / 3 / 12
الادب والفن


العمل التجريبي في المسرح يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ ؛ويحتمل النجاح ويحتمل الفشل . وصاحبه يضع أمامه ويقوم بإجراءات لإثبات صحة الفرضية وصولاً الى نتائج مرضية وقد لاتكون النتائج مرضية في المحاولة الاولى ولا في الثانية ولذلك يستمر التجريب الى ان يتحقق الهدف . وفي الغالب لا يضع المسؤولون عن الفرق المسرحية التجريبية في العالم الاخر في ذهنهم تقديم العمل التجريبي الى الجمهور الا بعد التأكد من ان ذلك الجمهور سيتقبل العمل والا اذا الحَّ المشاركون في العمل على مخرجهم ان يعرضه عليهم كي لايخيب ظنهم .وهنا اذكر أن المخرج التونسي المعروف (محمد ادريس ) وفي مهرجان مسرحي في ( هلسنكي ) عاصمة فنلندا وبمناسبة مؤتمر المسرح العالمي الذي تعقده ( الهيئة العالمية للمسرح) كل سنتين في مدينة جعيتة ، نعم اذكر انه رفض عرض المقطوعة التي كلف بإخراجها من قبل لجنة المسرح الجديد وهي جزء من ملحمة فنلندية .اقول رفض لأنه اعتقد ان المقطوعة لم تكن مهيأه للعرض وانها مازالت خاضعة للتمارين بينما قدم مخرجون آخرون من بلاد مختلفة مقطوعاتهم وبمختلف الأشكال وعلى وفق مختلف التقاليد، فالمخرج الكوري على سبيل المثال قدم مقطوعته المقتطعة من الملحمة الفنلندية على وفق تقنيات المسرح التقليدي الكوري.
وهذا ماحدث مع مخرج اخر من افريقيا .ورغم إلحاح الممثلين المشاركين مع المخرج التونسي بضرورة عرض العمل الى الجمهور الا انه رفض وقال "مازلنا في مرحلة التجريب والعمل لم يكتمل بعد" ، وبالفعل ظهر هو وكادر العمل على خشبة المسرح واعتذر .وكان (محمد ادريس ) محقاً في رفضه لأنه شعر ان وقت التمارين لم يكف لاكتمال عمل يعرض للجمهور كما ان هناك صعوبة في ذلك الاكتمال لان الممثلين المشاركين معه من جنسيات مختلفة ولكل منهم لغته وثقافته وخلفيته.
حينما يعمل مخرج مسرحي مع مجموعة من الممثلين المبتدئين او من الهواة او من الطلبة فانما يمر بمرحلة تجريبية قد تنجح وقد لا تنجح .قد يخفق هدف العمل او قد لا يخفق لاسباب عديدة منها قلة الامكانات البشرية والمادية للنجاح ويكفي ذلك المخرج انه جرب وانه قام بتعليم مجموعة لم تتسلح بعد بتقنيات الفن المسرحي وبالتأكيد فأن النتائج قد لا تكون مرضية له وربما حتى للجمهور الذي يشاهد العمل ان عرض على المسرح وذلك بسبب ضعف الاداء الذي مرده ضعف الامكانات الذاتية للمؤدين او ربما لعدم استيعابهم لفكرة العمل وربما هناك اخطاء وقع بها المخرج ولم ينتبه اليها في خضم العمل .
ليس من حق صاحب العمل التجريبي ان يكابر ويمدح عمله ويبالغ بالإشادة به لأنه بذلك يكون منحازاً وغير موضوعي والحكم الوحيد هو الجمهور .
لاأعرف عن المخرج التجريبي (يوجينبوباربا ) انه امتدح اعماله البسيطة والمؤثرة في الوقت نفسه وكان يعمل مع اعضاء فرقة مسرح(اودين ) الدنماركية وفق مبدأ العمل الجمعي الطاقمي سواء في تأليف النصوص المسرحية ام باخراجها ام بتصميم مناظرها وازيائها واضاءتها ام بتمثيل شخصيتها وراح يعمل كثيرا على الارتجال اثناء التمارين ولم يفكر يوماً لا هو ولا اعضاء فرقته ان العمل الذي يتمرنون عليه سيعرض الى الجمهور وانه سيلاقي نجاحاً باهراً وبدلاً من ذلك عمل بمبدأ (المقايضة ) اي ان يقدم عملاً مسرحياً ولا يطلبون من المتفرجين ثمناً للمشاهدة بل يطلبون منهم ان يقدموا عملاً فنياً محلياً مهما كانت نوعيته ومهما كان مستواه الفني كي يستفيد منه اعضاء الفرقة في اعمالهم التجريبية اللاحقة ولم اقرأ ان اعضاء الفرقة امتدحوا انفسهم او امتدحوا عملهم ومدى نجاحه بل يكتفون بانجازهم وبمحاولتهم وبتقييم الاخرين لهم ولأعمالهم التي اصبحت من نماذج المسرح التجريبي في العالم . وحينما هاجمهم البعض من النقاد ومن الدارسين ومن العاملين في حفل المسرح بسبب ضعف بعض اعمالهم او بسبب عدم تكاملها لم يظهر احد من اعضاء فرقة (مسرح اودين ) ليرد الهجوم بعنف بل تقبلوا تلك الهجمات برحابة صدر وراحوا يناقشون محتواها وموضوعيتها وربما استفادوا من بعضها في اعمالهم اللاحقة . الابداع في الفن عمل نسبي وتقييم ذلك
الابداع عمل نسبي أيضا فقد لا يتذوق احد منا موسيقى واغاني الروك وهي بنظر اصحابها وجمهورها فن متقدم وقد لايتذوق الانكليز المقام العراقي ونحن نعتبره ذروة الابداع . وما أراه في عمل مسرحي فناً عظيماً قد لايراه اخر كذلك ونادراً مايحدث الاجماع على عمل ابداعي في وقته ، ربما يحدث التقييم الموضوعي لعمل فني معين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق