الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة الثالثة: ملاحظات مندوب الى المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي

ماجد فيادي

2022 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


النظام الداخلي بين الحاجة وحجم التغيير الحاصل

في المؤتمر الوطني الخامس للحزب عام 1993 طرح النظام الداخلي للنقاش الحزبي وأجريت عليه بعض التعديلات الضرورية شملت الغاء استرشاد الحزب باللينينية وإلغاء المركزية الديمقراطية التي افرغت الديمقراطية من محتواها الحقيقي. جاء عقد المؤتمر بعد فترة طويلة من انقلاب حزب البعث على الجبهة الوطنية التي عقدها مع الحزب، ولجوء النظام الدكتاتوري الى القمع السياسي، الذي دفع الشيوعيين الى ترك حاضنتهم الاجتماعية الطبيعية والصعود الى جبال كردستان والتشظي في دول المنفى، ما أدى الى تراجع الامل في توسع التجربة الديمقراطية الجديدة في ظل انتهاء تجربة الكفاح المسلح عبر حركة الأنصار الشيوعيين بعد الاستخدام المفرط للسلاح الكيمياوي وعمليات الانفال سيئة الصيت. كان المؤتمر الخامس اول ممارسة ديمقراطية، في انتخاب المندوبين الى المؤتمر، وانتخاب قيادة وفق مفاهيم جديدة.
بعد سقوط الصنم واحتلال العراق، عاد الحزب للعمل العلني داخل المجتمع العراقي وعقد مؤتمره الوطني الثامن بالعام 2006، سبقه عرض النظام الداخلي للنقاش الحزبي وعلى المختصين والمهتمين لشأن الحزب. كان الاستقبال الجيد لهذه الممارسة الديمقراطية الدور الكبير في تكرارها لاحقا مع المؤتمرات المتوالية، بطريقة أوسع وأعمق ارتباطاً بتغيُر الحياة السياسية العراقية وحاجة الحزب لاستيعاب الكسب الجديد في ظل قلة الكادر الحزبي القادر على تطوير قدرات القاعدة الناشئة عَقِبَ السقوط والاحتلال.
في المؤتمرات الوطنية من التاسع 2011 حتى الحادي عشر 2021 اختلفت نقاشات وطروحات القاعدة وجماهير الحزب حول النظام الداخلي، جاء ذلك انسجاما مع تطور وتوفر التكنلوجيا وانخفاض أسعارها وسهولة استخدامها من قبل مختلف طبقات المجتمع، كما كان لزيادة مواقع النشر الدور في ازدياد اعداد الكاتبات والكتاب، ما وفر كم كبير من الأفكار والطروحات لتطوير النظام الداخلي قبل كل مؤتمر.
أبرز ما نوقش إعلاميا قبل عقد المؤتمر الوطني التاسع هو تغيير اسم الحزب، ارتباطاً بتغيير أسماء الأحزاب الشيوعية في العالم الى أحزاب اليسار، وانحسار تقبل اسم الحزب الشيوعي مع موجة حكم أحزاب الإسلام السياسي في العراق وصعودها في دول شمال افريقيا والشرق الأوسط. بعد كتابة مقالات كثيرة وحوارات معمقة عن مبررات تغيير الاسم ارتباطا بتغير مفاهيم الديمقراطية والاشتراكية وظهور العولمة والنظام الرأسمالي العالمي الجديد، توصل المؤتمر التاسع الى الإبقاء على اسم الحزب احتراما لتضحيات الشهداء تحت هذا الاسم. لا أنسى سؤالاً طرحه أحد الرفاق، هل سنكتب اسم الحزب الجديد مع الإشارة الى الحزب الشيوعي العراقي سابقاً؟ بالرغم من ذلك فإن طرح تغيير اسم الحزب كان مهماً ومبرراً وان لم ينته الى التغيير، لكنه نبه الى المتغيرات الجديدة وضرورة النظر لها. الى جانب هذه القضية كانت حاضرة وبشدة رغبة واسعة لتحديد مدة تكليف سكرتير اللجنة المركزية، لكن هذه الرغبة لم تتحقق لأسباب كثيرة، من أهمها حرص المؤتمرون ان لا توجه مطالب التغيير تجاه شخصية الرفيق حميد مجيد موسى بحجمها الاعتباري والنضالي.
في المؤتمر الوطني العاشر 2016 تكررت النقاشات لتحديد فترة تكليف السكرتير، لكن هذه المرة ارتبطت بقضايا عديدة مثل عدم نجاح السياسة المتبعة، توسع محدود في عضوية الحزب، ذهاب الأحزاب الكردستانية بعيدا مع الأحزاب الطائفية بالرغم من تاريخنا النضالي المشترك، عدم وصول الحزب الى البرلمان منذ انتخابات 2010، تفشي نهج المحاصصة، غرق العراق في منظومة الفساد، الانتقال الى واقع جديد بعد احتلال داعش لثلث مساحة الوطن، اجتمعت تلك الأسباب للبحث عن سياسة جديدة تعيد للحزب جماهيره، وفتح المجال امام جيل جديد يأخذ دوره في قيادة سفينة الحزب وفق رؤية جديدة. جاء اعلان الرفيق السكرتير عدم ترشيحه الى اللجنة المركزية طواعية، تمهيدا للتصويت بتحديد فترة تكليف السكرتير بدورتين فقط، فكان ما أرادته قواعد الحزب وجمهوره والمندوبين. اما باقي التغييرات التي أجريت على النظام الداخلي فلم تكن كافية لإحداث فارقا في العمل التنظيمي.
في المؤتمر الوطني الحادي عشر اختلفت التحديات بعد دخول الحزب تحالف سائرون واندلاع انتفاضة تشرين، تغلغل التكنلوجيا الحديثة في حياة العراقيين على مستوى العمل والاعلام والترفيه، قيادة الشبيبة لانتفاضة تشرين والدور البطولي الذي مارسوه، حصول الحزب على مقعدين فقط في برلمان 2018، تراجع الحليف عن الالتزام بالبرنامج الذي اتفق عليه، أعداد الشهداء الكبيرة والجرحى والمختطفين، ظهور جائحة كورونا كعامل مؤثر في تراجع الانتفاضة، عجز النظام الداخلي عن تقديم الحلول للتحديات التنظيمية الجديدة، كل هذه الأسباب كانت كافية لتفعيل الاحاديث والنقاشات داخل التنظيمات وعلى مواقع الانترنيت للبحث عن البدائل والحلول في نظام داخلي ينسجم والمرحلة القادمة.
في الجلسة الأولى من اليوم الأول للمؤتمر الحادي عشر بقيادة المكتب السياسي أٌقرت شرعية المؤتمر بحضور 219 مندوباً وغياب ثمانية ومشاركة 56 مراقباَ. اقترح المكتب السياسي قبل ان تحل اللجنة المركزية نفسها سبع رفيقات ورفاق لرئاسة المؤتمر، ما دعا عدد من المندوبين الى مناقشة ان تكون الرئاسة خالية من رفاق اللجنة المركزية المنحلة، لكن الأسباب والمبررات كانت كفيلة ان تنهي النقاش وتقنع المندوبين لمنح الرئاسة الثقة بالأغلبية. علما كان من المفيد ان تقود الجلسة هيئة رئاسة خالية من أعضاء لجنة مركزية، حتى لا تكون حكماً ومدافعاً عن سياسات اللجنة المركزية في آن واحد.
أقرَ المندوبون لاحقاً نظام الورش لمناقشة وثائق المؤتمر، وتوزعت بين ورشة النظام الداخلي، ورشة التقرير الإنجازي، ورشة التقرير السياسي. هكذا ذهبتُ مع عدد كبير من المندوبين لمناقشة التعديلات على النظام الداخلي. قدمت هيئة إدارة الورشة وثيقة كانت قد وصلتنا قبل أيام عن التعديلات المقترحة على النظام الداخلي، بعد ان عملت اللجنة المركزية على اعدادها وفقاً لما وصلتها من آراء ومقترحات. تجدر الاشارة ان اجراء اللجنة المركزية السابقة كان غير موفقاً، فقد عرضت أولا النظام الداخلي للنقاش بدون ان تقدم مقترحاتها لتعديله، كما أن وثيقة التعديلات على النظام الداخلي المقدمة للمؤتمر لم تكن شاملة على جميع الملاحظات التي قدمتها المحليات والمنظمات وجمهور الحزب، كالنقد والملاحظات ومقترحات ارتبطت بقدم النظام الداخلي، عدم تماسكه كوحدة تنظيمية، الحاجة الماسة لاستخدام التكنلوجيا كوسيلة تنظيمية، تعديل السياسة الإعلامية، وغيرها من المواضيع.
لم تمنح ورشة مناقشة تعديل النظام الداخلي وقتً كافياً، فصار لزاماً دفع عدد من مقترحات المندوبين الى الجلسة العامة لإقرار النظام الداخلي الجديد. هناك تمكن عدد من المندوبين طرح عدة قضايا، بعضها كان يدفع باتجاه تقييد اللجنة المركزية القادمة بفقرات تحد قدرتها على الانفراد بعقد التحالفات، وتثبت طريقة وزمن اجراء الاستفتاء الداخلي. هذه الطروحات خلقت طرفين لهما أسباب واهداف مختلفة. في مداخلة الرفيق رائد فهمي وعلى لسانه "موضوعياً لا يجب تقييد قدرات قيادة الحزب على التفاعل السريع واتخاذ القرارات التي تتناسب مع الحدث" إضافة لذلك يرى اخرون أن تتمتع اللجنة بكامل صلاحيات الثقة الممنوحة لها. اعتراضات الطرف الاخر نابعة من تجارب تاريخية للحزب غير ناجحة بعقد تحالفات الجبهة الوطنية مع حزب البعث وتحالف القائمة العراقية وتحالف سائرون، يجدوه سببا كافياً ان يصبح قرار التحالف جماعياً ولا يقتصر على اللجنة المركزية. لم ينته النقاش الى هذا الحد فقد تداخلت تلك القضية مع فقرات في نفس الاتجاه سناتي عليها في الحلقة القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح