الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثامنة والأربعون

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2022 / 3 / 14
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


تعلم من ناقديك

تحمل حتى النقد غير المعقول

لقد أجلت واحدا من أصعب الدروس إلى قرب النهاية . لا أعرف أحدا يستمتع بالنقد السلبى ، خصوصا نقد العمل الإبداعى . إلا أن مثل هذا النقد قد يكون ثمينا إذا تعلمت كيف تستفيد منه .

فالحالة الذهنية الصحيحة تستطيع تحويل النقد الفاحش والتافه وغير المخلص والمنحاز والمجدف إلى ذهب إ وتركيبة صنع الذهب هذه تحتاج إلى استراتيجية سحرية ؛ يحول الكاتب محل النقد الجدلى إلى حوار .

ففى الجدل يلتقط المستمع الحجة المضادة فقط . أما فى الحوار ، فهناك أخذ وعطاء الجدل ينتهى بفائز أو خاسر . أما الحوار ، فينتهى بطرفين تعلما شيئا ، ووعد بمتابعة الحديث .

منذ وقت بعيد وضعت هدفا ، قد يبدو مستحيلا : لن أدافع عن أعمالى ضد النقد .

الا تدافع عن عملك ؟

الأمر يشبه إشعال عود الثقاب وانتظار وصول اللهب إلى أصابعك ، ردة الفعل الطبيعية توجهك للدفاع عن عملك ، إنه رد فعل يشبه القتال أو الهرب .

دعنى أقدم لك مثالا افتراضيا . لنفرض اننى كتبت هذا العنوان الإخبارى عن اجتماع مجلس المدينة : " هل يجدر بشرطة سياتل التلصص على المتلصصين فى عروض التلصص ؟ " والاٌن ، لنقل اننى تلقيت هذا النقد من محرر أو معلم .


" روى ، لقد أكثرت من استخدام مفردة تلصص ، وحولت موضوعا جادا عن الخصوصية إلى تلاعب بالألفاظ " . قد يثير غضبى هذا النوع من النقد ، ويضعنى فى وضع دفاعى ، لكننى وصلت إلى إيمانى الجديد : بأن الجدل لا يفيد .

لقد أحببت الطريقة التى كتبت بها ، وناقدى يكرهها . كان يريد منى كتابتها بهذه الطريقة : " مجلس المدينة يناقش السماح لشرطة سياتل بالعمل فى الخفاء والتحقق من أن حانات البالغين تتبع قوانين المدينة " .

يعانى ناقدى من الجدية المفرطة ، ويظن أننى أعانى من الطيش .

تذهب واحدة من أقدم الحكم المرتبطة بالفن إلى أنه ما من جدال فى المسائل الذوقية

أعتقد أن موبى ديك رواية طويلة ، وأنت تعتقد أن الفن التجريدى تجريدى للغاية . لا تعجبك الحرارة اللازعة لهريسة الفلفل التى أعددتها ، فتمد يدك لصلصة التباسكو ..

ما البديل للجدل الحاد إذن إذا لم أدافع عن أعمالى ، ألن أفقد سلطتى أمام الذين لا يشاركوننى القيم نفسها ؟

البديل هو : لا تدافع أبدا عن أعمالك . وعوضا عن ذلك ، اشرح ما الذى أردت تحقيقه من ورائها . إذن : " أنا اٌسف يا جاك أن التلصص فى مقدمتى لم ينل إعجابك .

كنت فقط أبحث عن طريقة لأوضح للقراء الأثر الذى ستتركه هذه السياسة . لم أكن أرغب فى ترك ما فعلته الشرطة يضيع فى لغة بيروقراطية " .

رسالة رد كهذه قد تحول جدلا – يخسره الكاتب – إلى حوار يحول الناقد من معارض إلى حليف .

صديقتى " اٌنثيا بيروز " كتبت نقدا لسلسلتى " ثلاث كلمات صغيرة " قالت فيه ما معناه : لم تكن كافيه بالنسبة إلى ، ما إن بدأت قراءتها حتى أنهيتها .

أردت المزيد . كيف يمكننى تغيير رأيها ؟ ولم على فعل ذلك ؟ إذا كانت ترى الفصول قصيرة ، فهى كذلك فعلا .

وهكذا كان ردى : " اٌنثيا ، لست الأولى فى تفاعلك مع قصر الفصول . فهى لم تعجب بعض القراء .

كان استخدام الفصول القصيرة محاولة منى لإغراء القراء الجوعى ، الذين لا يقرؤون الأعمال الطويلة .

ووصلتنى منهم تعليقات إشادة لاحترامى لوقتهم ، فهىالمرة الأولى التى يتابعون فيها سلسلة تنشر فى جريدة " .

صرح ناقد اٌخر بقوله : " كرهت انهاءك الفصل الذى أجرت فيه جين الفحص للكشف عن إصابتها بالإيدز .

لقد انتهى من دون أن تخبرنا بالنتائج . أردت أن أعرف فورا . لكنك تركتنا ننتظر لصحيفة اليوم التالى .

لقد كان ذلك استغلالا منك " . وكان ردى عليه : " تعلم أن جين خضعت لكثير من الفحوصات من قبل ، وفى ذلك الوقت كانت تنتظر أحيانا لأسابيع حتى تعرف النتيجة .

لقد تفهمت هذا الانتظار المؤلم بين الحياة والموت وعرفته ، وأردت أن أنقل هذا الشعور للقارىء ، لينتظر لليلة واحدة معرفة النتيجة . وهكذا سيتفهم ما مرت به "

ردود كهذه تخفف حدة الناقد وتكسر الحاجز بينى وبينه . إن إسقاط الحواحجز يفتح مجالا للحوارات والتساؤلات والتعلم بين الجانبين .

باختصار

لا تقع فى فخ الجدال فيما يتعلق بالذائقة .

لا تدافع عن عملك كردة فعل للنقد السلبى .

اشرح لناقدك ما غرضك مما فعلت .
حول الجدال إلى حوار .

منذ زمن ليس ببعيد ، وجدت نفسى فى متجر كتب ضخم وسط مجموعة . مجموعة من الكتاب يجلسون فى دائرة ضيقة ويستمعون لكاتب شاب يقرأ مقتبسا من أحدث أعماله .

بعد الانتهاء من القراءة يبدأ المستمعون بتفكيك العمل . واتهموا الكاتب بسوء استخدام الكلمات ، والإكثار من الأوصاف أو الإقلال منها .

قاومت رغبتى فى القفز داخل الدائرة واتهامهم باحتقاره والتقليل من شأنه . ما منعنى من ذلك هو ردة فعل الكاتب نفسه ؛ حيث نظر فى عينى كل منهم وهز رأسه متفهما ، وكتب ملاحظاتهم وتقدم لهم بالشكر .

كان ممتنا لكل تفاعل يساعده فى شحذ أدواته ، حتى لو كان ذلك التفاعل عديم الإحساس .

لقد تعلم درسا من هذا الكاتب المخلص . حتى عندما كان الهجوم عليه شخصيا ، حول هذا النقد ذهنيا بإتجاه العمل : " ما الذى أثار كل هذا الغضب فى قصتى ؟ " إذا تمكنت من تعلم الاستفادة الإيجابية من النقد .

ستستمر فى التقدم والنمو ككاتب ؟

والى الأداة التاسعة والأربعون فى مقال قادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى