الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اكتشاف ما ضاع مِنى

شريف حتاتة

2022 / 3 / 14
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


اكتشاف ما ضاع ِمنى
----------------------------------

طائرة الخطوط الجوية البريطانية التى تحملنى من نيروبى إلى جوهانسبرج ، ليس فيها رجل واحد أسود ، وطوابير الناس الذين يقفون فى مطار جان سمتس بعد أن عادوا من الخارج ، أو فى انتظارالإقلاع ، ليس من بينهم رجل واحد أسود .
السيارات التى تسرع على الطريق ، وفوق الكبارى العلوية الحديثة ، لا يقودها سوى رجال ونساء بشرتهم بيضاء ، رغم أنى أصبحت فى الطرف الجنوبى من أفريقيا ، حيث يعيش واحد وأربعون مليون رجل وطفل وطفلة ، جلودهم تلمع كالعاج الأسود فى ضوء الشمس .
الغريب أننى لم أتنبه إلى هذه الحقيقة ، إلا بعد أن سرت فى شوارع جوهانسبرج فوجدت السكان السود يتزاحمون فى وسائل المواصلات العامة ، وعلى الأرصفة ، وفى الأسواق .
أنا الاشتراكى المناهض للتمييز بين الناس على أساس الطبقة ، أو الدين ، أو الجنس ، أو لون البشرة ، لم اتنبه إلى ظاهرة تدل على أن جنوب أفريقيا مازالت ملكا للرجال البيض ، لدولة مسيحية أصولية بيضاء رغم أنهار الدماء ، ورغم القتلى ، والجرحى ، والأرامل ، والأيتام رغم المنفيين خارج .
صدمتنى هذه الظاهرة وأنا أتجول فى الشوارع ، فأعادت إلى ذاكرة الأشياء .. ذاكرة ما أصابنا منذ أن بدأ عصر الانفتاح أمام نفوذ الحكام فى العالم الأول ، وفى بلاد البترودولار .. فى عصر الانغلاق أمام شعوب أسيا و إفريقيا وأمريكا اللاتينية .. جعلتنى أستعيد أيام الاستقلال ، وثورة يوليو ، وزعماء عدم الانحياز فى القارات الثلاث .
وأنا لست من أنصار التباكى على الماضى ، والعودة إلى عصور مضت مهما كان فيها من أمجاد . فما مضى مضى ، والتاريخ لا يتوقف . ومنْ يبحث عن الرجوع إلى الوراء ، أو إلى ثورات انتهت يحيا فى الأوهام ، ويقودنا إلى التخلف .
ومع ذلك فالذاكرة مهمة ونحن سريعو النسيان . إنها وسيلتنا للتعلم ، لتدارك الأخطاء والإحساس بالجذور والتاريخ والتراث ، شريطة أن لا نعبد الماضى ، والأصنام ، والنصوص المكتوبة فى كتاب ، وألا ننسى جوهر الإنسان ، وروحه الانسانية المغروسة فى أعماقه منذ الولادة .
عُقد المؤتمر الدولى للكتاب فى مدينة " جوهانسبرج " بجنوب أفريقيا خلال ديسمبر الماضى . فوجئت قبله بعدة شهور بدعوة تصلنى لحضوره ، فهذا هو أول مؤتمر أو لقاء للكتاب أحضره منذ أن بدأت الكتابة سنة 1965 فلبيت الدعوة بحماس . مؤتمر للكتاب ؟ ، وفى جنوب أفريقيا ؟ ، فرصة لم تنح لمصرى سواى ، كما قال لى رئيس المؤتمر عند وصولى .
هكذا بدأت تعود الذاكرة ، فالذاكرة ترتبط بالذات ، وتمر وتعبر من خلاله مثل كل الأشياء . وعندما جلست فى القاعة الفسيحة التى خصصت للجلسات فى جامعة
" ويتواترسراند " بين أكثر من مائة وخمسين من الكتاب من الرجال والنساء ، من السود ، والبيض ، والملونين ، تذكرت فجأة أننى من أفريقيا ، أننى من هذه القارة ، وليس من سواها . لست من قارة أوروبا ، رغم أن شواطىء بلادنا تطل على البحر الأبيض المتوسط . ولست من غرب آسيا أو آسيا الصغرى ، وفقا لتقسيمات المستعمرين القدامى .
أنا خليط من الجذور ، والثقافات مصرى ، عربى ، مطل على أوروبا منذ قديم الزمان منذ الفراعنة ، واليونان ، والرومان . مطل على قارة آسيا والأتراك ، وأنا أفريقى ، عربى ، دمى حامى من بلاد الاستواء ، لى علاقة قوية بالسودان ، بأصدقاء سود نساء ورجال ، سجنوا ، أو ماتوا أو قتلوا ، أو مازالوا على قيد الحياة .
المياه التى أشربها تأتى إلى فمى ، من الحبشة ومن أوغندا ، ومن بحيرة تانا ، ومن بحيرة فيكتوريا. رأيت أمطار الحبشة تتدفق فى مئات الأنهار ، لتصل إلينا فى النيل الأزرق ، ورأيت الفتحة الضيقة مثل عنق الزجاجة التى تندفع منها مياه بحيرة فيكتوريا إلى النيل الأبيض ، ورأيت لقاء النيلين فى أم درمان .
تذكرت أننى أفريقى وأنا جالس بين الكُتاب ، والكاتبات الذين جاؤا من أفريقيا ، وأمريكا اللاتينية ، وآسيا وحتى من اليابان ليحتفلوا بالخطوات الأولى نحو إلغاء نظام الابارثيد فى جنوب أفريقيا ، ليساهموا فى كسر العزلة التى فرضت طويلا على شعب هذه البلاد ، وليناقشوا مسئوليات الكاتب إزاء أحداث الحاضر ، واحتمالات الغد .
عشت أياما فى جو الحرية الوليدة فى حوار حر بلا قيود على الأفكار، قيود الحكام أو رجال السياسة ، أو قيود الماضى والتراث ، بلا تفرقة بين الناس على أساس اللون ، أو اللغة ، أو الدين ، أو الجنس ، أو العِرق . فالآراء كلها ممثلة والآراء كلها تقال وفى أى موضوع أو مجال ، فالإنسان لا يتعرف على نفسه إلا مقارنة بالآخر ، والرأى لا يتضح إلا بالحوار مع غيره من الآراء ، والصواب لا يأتى إلا من بين الأخطاء ، والحقيقة لا تكتشف مرة واحدة فى التاريخ ، أو الحياة ، وإنما تتغير وتتطور ، وتتبدل مع الأيام
تذكرت أننى أنتمى إلى قارة ضخمة غنية بالاحتمالات ، فى دمائى تجرى الألوان تخلق الثراء والقدرة على الإبداع .
أن كل الألوان جميلة بيضاء كانت ، أم خليطا ، أم سوداء ، إذا كانت تنبذ التفرقة وتغرس قيم الاحترام للإنسان .
واكتشفت أننى مثلهم قادر على الرقص ، والغناء بتلك التلقائية التى يتميز بها الإنسان عندما يسعد كالأطفال .
" كواريا فى كونيدانا " ..... معناه ( أن تتحاور هو أن تحب ) .
هذا مثل شائع فى اللغة السواحلية ، التى يتحدث بها عدد كبير من سكان شرق أفريقيا . معناه أن الحوار يقود إلى الاهتمام بالآخر وإلى معرفة الآخر، ولذلك لا يوجد حب إلا بالحوار . وهكذا قادنا الحوار فى هذا المؤتمر الدولى للكتاب إلى إحساس بالتآخى والحب ، أننا نواجه مشاكل متشابهة ، ومصاعب متشابهة لا سبيل إلى التغلب عليها ، إلا بالتضامن ، والوحدة بين الشعوب فى أفريقيا ، وفى العالم الثالث . فبعد انهيار البلاد الاشتراكية التى كانت الرأسمالية العالمية تعتبرها عدوها الأول ، أصبحت شعوب العالم الثالث مستهدفة أكثر من أى وقت مضى ، وليست التهديدات التى تتعرض لها بلاد متعددة ، هذه الأيام سوى دليل على ذلك .
كان رأى الكُتاب فى هذا المؤتمر ، أنه لابد من التصدى لهيمنة القطب الواحد الأمريكى على العالم وهذا التصدى لا يعنى الحرب ، ولا يعنى العنف . وإنما على العكس يعنى البحث عن مختلف وسائل الصراع السلمى ، عن الحلفاء فى كل بلاد الأرض ، عن الديمقراطية الحقة التى تنبذ عنف الحكام ، والسلطة ، أو العنف الِعرقى ، أو المرتبط بالتطرف الدينى ، أو العنف داخل الأسرة فى العلاقات بين الرجل ، والمرأة ، وبين الأهل والأطفال .
هذه الفكرة نابعة من واقع كفاح السود ضد حكام الابارثيد أى نظام التفرقة العنصرية والاستيطان ، الذى فرضه البيض فى أفريقيا الجنوبية . فهناك إدراك أنه لا يمكن إلغاء هذا النظام ، وإقامة علاقة تعاون بين البيض ، والسود ، والملونين دفعة واحدة .
فما حدث الآن من اعتراف بأحزاب السود وعلى رأسها المؤتمر الوطنى الأفريقى ، والتفاوض معها ، ليست إلا بداية يمكن أن تؤدى على مر السنين ، وبالتدريج ، إلى اجتثاث هذا النظام البغيض من حياة البلاد .
والملونون فى أفريقيا الجنوبية كانوا يلعبون دورا مهما إلى جانب البيض ، وكان عددهم 820,000 تقريبا يعيشون أساسا فى المدن لجنوبية ، بعد أن نزحت أسرهم منذ أجيال من الهند وباكستان وماليزيا ، وقد انضم عدد متزايد منهم إلى صفوف الحركة الأفريقية الوطنية ، منهم بعض العناصر من البيض ، وهم ينتمون بصفة أساسية إلى فئة التجار ، وملاك العقارات .
اجتمع عدد من الأشخاص ، يمثلون 21 حزبا سياسيا ، للاتفاق على اعداد ما أسموه " المؤتمر الوطنى الديمقراطى " ، الذى سيعقد فى شهر فبراير القادم ، وستشارك فيه أحزاب الحكومة الى جانب القوى الوطنية ، للاتفاق على تكوين جمعية تأسيسية ، تقر مبادىء الدستور الجديد .
كما أبرز مؤتمر الكُتاب الذى شاركت فيه ، مسئولية الكتاب فى التعبير عن معارضاتهم لأشكال التشجيع المباشر وغير المباشر للعنف والوقوف ضد كل صور التفرقة ، والعنصرية والتعصب العرقى والتفرقة على أساس الدين أو الجنس .
وتبارى الحاضرون فى المؤتمر من الكتاب السود والبيض والملونين فى تأكيد هذه المفاهيم . ومن بين الكتاب البيض وجدنا " نادين جورديمار " الحائزة على جائزة نوبل للآداب فى سنة 1991 ، و" البى زاكس " الذى فقد ذراعه اليمنى وإحدى عينيه ، نتيجة القنبلة التى ألقيت عليه من عملاء الابارثيد وقضى ثلاث سنوات فى السجن ،
و" بريتان بريتانباخ " وهو من الافريكانز ، أى خليط مكون من الإنجليز والهولنديين والأفارقة ، والذين يعتبرون من أكثر العناصر الحاكمة عنصرية ورجعية ، ومع ذلك قضى سبع سنوات فى السجن نتيجة انضمامه للمؤتمر الوطنى الأفريقى وكفاحه مع السود . أما الكُتاب السود فالكثيرون منهم عادوا إلى جنوب أفريقيا من الخارج بعد عشرات السنين فى المنفى . وكان المؤتمر أول مناسبة تطأ فيها أقدامهم أرض الوطن . مثال ذلك ،
" لويس نكوزى " الذى عاد إلى بلاده بعد 31 سنة قضاها متنقلا بين زامبيا وإنجلترا وأمريكا ، و " ممبولى لومزمامى " أستاذ اللغة الإنجليزية فى جامعة " فرمونت " الأمريكية واحد مواليد مدينة " سويتو " ، المشهورة بأنها قلب كفاح المناضلين والسكان السود .
الملفت للنظر كان هذا الإجماع بين النساء والرجال ، على أهمية دور المرأة فى الماضى ، وفى بناء المستقبل وضرورة القضاء على التفرقة الجنسية أسوة بالقضاء على التفرقة العنصرية ، ومسئولية الكتاب فى نشر أفكار المساواة والتعامل الإنسانى مع المرأة وتشجيع إبداعاتها ودورها فى تطوير الثقافة . وقد حكى لنا عدد من الكتاب تجاربهم فى هذا المجال المتعلق بالحياة العامة والخاصة . ومن أبرزهم ذلك الرجل الصغير الجسم ، الواسع العقل يتميز وجهه الحاد بابتسامة مشرقة ، رأيتها تضىء من
أعلى المنصة اسمه " كيورابتسى كوسيتسيلى ".
فقد حكى لنا كيف كان يشارك زوجته كل أعمال البيت وتربية الأطفال ، دون أن يعبأ بتعليقات بعض زملائه وحتى زميلاته الساخرة ، الذين كانوا يرون فى ذلك انتقاصا لرجولته ، أو دخولا يما لا يجيده من أعمال . أخذ يقلدهم أثناء الجلسة التى خصصت لمناقشة موضع أثر التفرقة الجنسية فى العمل الأدبى ، فأثار الضحك فى كل أنحاء الصالة ، ثم ختم كلمته بنداء حار تساءل فيه ، كيف يمكن بناء جنوب إفريقيا ديمقراطيا حقا ، مع استبعادا و تجاهل نصف المجتمع من النساء ؟؟؟.
أشارت " جايرترى سبيفاك " ، وهى هندية ولدت ونشأت فى مدينة " كالكوتا " عاصمة ولاية " البنغال " ، وتعمل الآن أستاذة الفلسفة فى جامعة " كولومبيا " بنيويورك ، إلى حقيقة مهمة فى الوضع الذى يمر به العالم الآن . فانهيار الأنظمة الاشتراكية أدى إلى مد أجل النظام الرأسمالى لسنين طويلة يصعب تقدير مداها . وهذا يعنى أن أى تقدم اقتصادى أو اجتماعى أو ثقافى أو فكرى ، مرتبط بأحداث تغييرات وتطويرات فى صلب المجتمع الرأسمالى نفسه ، وليس بالقضاء على هذا النظام . وذلك عن طريق تجنيد وتكتيل العقول والجهود لتعميق الديمقراطية فى كل المجالات وفى جميع المستويات ، من أدنى إلى أعلى ، وإعادة البناء من الداخل ، بحيث يمكن محاصرة القوى العدوانية الأكثر رجعية التى تسعى إلى تدعيم الاستغلال والعنف . وهنا لابد أن يقوم الُكتاب نساء ورجال ، بجهد خاص فى المجال الثقافى والتعليمى والإعلامى ، لإعادة صياغة عقول الناس ، والمؤسسات التى تشرف على هذه المجالات ، لتقدم ثقافة جديدة تخدم التغيير ، والتعدد ، والحوار ، وقبول الاختلاف ، وتأكيد القيم الإنسانية والتسامح الفكرى ، ومقاومة كل أنواع وأشكال التمييز بين الناس .
وفى جنوب أفريقيا حيث يسيطر البيض على الجامعات والمدارس ودور النشر والصحف والمؤسسات الثقافية ، ويستخدمون التعليم باللغات المحلية مثل البانتو لتخفيض مستوى الإدراك ، وليس للتعليم الحق، فمن واجب الكُتاب السود أن يعملوا على الدخول فى كل هذه المجالات ، بلا استثناء .
وحيث أن اللغة الإنجليزية هى لغة الحكام ، والكثيرون من الأفارقة يتحدثونها ويكتبون بها وخصوصاالكُتاب ن فإن التمكن من هذه اللغة التى أصبحت أداة التفاهم الأولى على نطاق العالم ، ضرورة ملحة لإمكان التواصل مع أحداث الأفكار ، وخلق أواصر التعاون مع الرجال والنساء الحريصين على مستقبل الإنسانية فى كل مكان .
ولكن حتى يمكن بناء ديمقراطية حقيقية ، وإشراك كل الطوائف والقبائل والقوميات التى تشكل المجتمع فى جنوب أفريقيا فى عملية إعادة صياغة الحياة ، لا يمكن تجاهل اللغات والثقافات المحلية ، التى هى وسيلة عشرات الملايين فى التفاهم والتعامل مع غيرهم من الناس ، ولا يمكن أن توجد ديمقراطية حقيقية إلا بتشجيع اللغات المحلية كوسيلة لإدخال كل عناصر الأمة فى حركة الثقافة والتعليم والإعلام والفنون والآداب . كما أن الوحدة الحقيقية لا تتعارض مع الاختلاف ، وإنما تخلق باشراك كل العناصر ، وكل الناس فى الحوار ، وفى العمل القومى .
فى الليلة الأخيرة حضرنا مسرحية موسيقية غنائية راقصة بعنوان " دوزر يأتى إلى المدينة " ، عن مجموعة من المثقفين والكتُاب السود ومن النساء ، اللذين أرتبطوا ببعضهم فى الحياة كفريق فى مجلة ثقافية مشهورة اسمها " درم " أى الطبلة " .
مسرحية تصورهم وقد ماتوا وذهبوا إلى السماء ، فأقاموا هناك أنماطا للحياة مثل تلك التى عاشوها على الأرض . شاهدناهم وهم يتحاورون حول الأيام التى قضوها فى مجلة "درم " . شاهدنا قدرة الأفريقى الفذة على السخرية من النفس ، على كشف مافيه من قوة وضعف ، على تحريك الجسم فى الرقص ، وعلى الغناء بأصوات فيها خصوبة وقوة الأرض .
ساعتان من المتعة الحسية والفنية ، الأصوات تصعد حتى السماء ترقى بالحب والحزن والمأساة . تضحك فنضحك معها للحياة . فالإنسان الأفريقى قوى ، فورانه لا يفتر ، جسمه يرقص ، وعقله ينطلق فى الخيال إلى أبعد مداه .
من كتاب " فى الأصل كانت الذاكرة " 2009
--------------------------------------------------------------------------------------









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان