الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا ومعطفه الأسود

فوز حمزة

2022 / 3 / 14
الادب والفن


استيقظت مذعورة على اتصال في الماسنجر .. الساعة كانت تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل بدقائق .. احتجت إلى لحظات لأستعيد وعيي وأعرف من شاشة الهاتف اسم المتصل الذي شغلني عن أي شيء آخر .. أنها مريم العادلي .. زميلتي في العمل الذي كنت أزاوله في بغداد قبل أن أقدم استقالتي وأهاجر ..
ما الذي ذكرها بي ونحن لم نكن على اتصال ببعضنا .. لكن بوجود العالم الافتراضي أصبحنا مخترقين لمن يود ذلك وفي أي وقت يشاء.
أغلقت الهاتف لتلقينها درسًا في احترام خصوصية الآخرين ..
عند الصباح .. وأنا أقود سيارتي متجهة للعمل عرفت من مريم في اتصال آخر منها أن زوجها قادم إلى صوفيا ليقدم أوراقه كلاجىء سياسي على أن تلتحق هي وأولادها به بعد حصوله على قرار الإقامة الدائمة .. خمنت ما الذي تريده مني بعد أن طلبت رقم هاتفي ليتسنى لزوجها الاتصال بيّ حال وصوله.
قلت لنفسي بعد انهاء المكالمة: أيام من القلق و التعب بانتظاري ..
علي أن أكون برفقة الزوج لأقدم له المساعدة لتسهل عليه المهمة وكأنني مسؤولة عن شؤون اللاجئين هنا.
وأنا أقرأ اسم زوجها الذي ارسلته برسالة في الماسنجر .. صعقت : ربما هو تشابه أسماء ليس إلا .. لكن هل يصل التشابه للجد الرابع ؟!
بحثت في صفحة الصديقة للتأكد من اسم زوجها .. نعم أنه هو .. خطيبي السابق .. بل الخائن الذي تركني من أجل فتاة أخرى .. أشهر طويلة فشلت فيها عن معرفة اسم من فضلها عليّ .. الآن كأنني أشاهد فيلما في صالة السينما .. ما علي سوى الانتظار لمعرفة كل شيء .. تذكرت قول أحدهم من أن الزمن كفيل بتصفية الحسابات ..
بدأت أعد الدقائق مترقبة إتصال منه .. وتم ذلك بعد أربعة أيام كنت حائرة خلالها كيف اتصرف حينما ألتقي به ..
حددت له موعداً في إحدى مقاهي صوفيا ..خلعت قفازي قبل أن أمد له يدي للمصافحة والترحيب به ببرود وكأنه شخص لم يسبق لي رؤيته لكن لم تمر لحظات حتى عادت لي ذكرى أيام خطبتنا .. وأنا أنظر لعينيه وهو يتحدث عما جرى له في الرحلة من بغداد إلى صوفيا تذكرت أحاديثنا ولهونا .. كلماته العذبة التي كان يسمعني إياها فقاطعته معتذرة لانشغالي وحددت له يوما آخر لنباشر بإجراءات اللجوء ..
شعرت بالنصر على رجل أهان أنوثتي وسبب جرحا كنت اعتقد أنه اندمل لغاية اليوم .. ربما ظن أنني سأسامحه وأنسى .. غبيا لو صدق ذلك !!
تعمدت أن أماطل في الذهاب معه وتحججت بأسباب واهية للتأجيل في كل مرة وكأنني كنت انتقم منه ومن تلك التي حلت في قلبه بدلا عني .. لكن بعد مرور شهر كان لابد من وضع نهاية لهذا الأمر الذي أخذ حيزا من تفكيري كان كافيا ليربك لي حياتي ..
قلت له:
- عليك أن تقدم لهم كل ما من شأنه أن يعزز قصتك .. لكن أين الأوراق التي ستحتاجها حينما تذهب إلى دائرة اللجوء .. ألم أطلب منك إحضارها ؟
قال بعد لحظات :
- لدي ما أخبركِ به ..
- هل هناك شيء ؟
- نعم. لقد غيرت رأيي .. سأعود إلى زوجتي وأولادي .. لم يمض إلا شهرًا على فراقي لهم واستبد بي الحنين وقتلني الشوق فكيف لو طال الأمر لسنوات ؟
شعرت كأنه يمزق قلبي بين يديه .. استأنف حديثه وهو ينظر إلى الشارع:
- كان هذا الشهر ضروريا لي لاختبر نفسي .. انتصر الحب أمام فشلي ..
هنا شعرت بالغضب يتدفق من كل مسامات جلدي .. فصرخت به:
- تريد العودة ثانية لتلك المرأة التي سرقتك مني ؟
حدق في باستغراب كأنه غير مصدق:
- لم تسرقني أية امرأة يا هند .. لقد تعرفت على مريم بعد فسخ خطوبتي منك باشهر ..
- لكنك أخبرتني بأن مشاعرك نحوي قد تغيرت.
- نعم . لا أنكر هذا .. وجدت أن الحياة بيننا ستصبح مسرحا للصراعات والخصومات .. فكان علي حسم الأمر لصالحنا .
لم أجد ما أرد به عليه .. أيعقل أنني كنت السبب لسنوات طوال وأنا أرى نفسي تلك المغدور بها ؟
قلت هذا في نفسي. ثم التفت إليه بينما شذرات الغضب تتشاجر فوق ملامحي..
- اتعني أنني ؟
فقاطعني بالقول:
- نعم . ولم أمر على الأمر لئلا أجرح مشاعرك ..
- ولكن ..
وقبل أن أكمل حديثي .. وبينما هو ينتفض واقفا ليرتدي معطفه الأسود .. أمسكت بأطراف المعطف وكأني أريد الاختباء فيه مني ومن تلك اللحظة التي دبت الرعب في ..
سحبه بهدوء وأدب وابتسامة صفراء تعلو جبينه وهو يهمس على مقربة مني:
- كوني بخير يا هند.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع