الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العُملات الأموية الفارسية والبيزنطية، والإمبراطورية الشبحية-جزء (3)

فريدة رمزي شاكر

2022 / 3 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


 أولى معاوية إبن أبي سفيان المسكوكات أهمية كبيرة بإعتبارها ترمز لهويته خصوصاً الدينية في عباراته التي نقشها على نوعين من المسكوكات. عملات عربية بيزنطية سُكّت في عهده بأشكال مختلفة وتحمل إشارات مسيحية، وعملة ساسانية فضية واحدة صدرت بإسمه بإشارات زرادشتية .
النوع الأول: نمط مسكوكات بيزنطية كما إستعرضت بعضها في المقال السابق و تحمل إشارة الصليب، و مضافاً إليها كلمات غير إسلامية مثل : " بسم الله - ربي- بركة".
ما يهمنا هو النوع الثاني: كانت مسكوكات معاوية الفضية على الطراز الساساني وبها صورة خسرو برويز الثاني، ولكنها ضُربت( بإسم معاوية ) بخط بهلوي من " دار فاسا للسك في دارابجيرد " ،فاسا بمحافظة فارس (و تُلفظ باشا بالبهلوية). يُعتقد أنها تعود للفترة من 53 إلى 54ه (673-674م.) وكتبت عليها بالبهلوية ،إلى اليمين ، أمام وجه الصورة بخط بهلوي " Muawiyah AMIR / I-WRUISHNIKAN" وتقرأ: "معاوية أمير أورشنكان" أي "معاوية أمير المؤمنين"، وهي العُملة الوحيدة التي تحمل إسم معاوية، وهي جملة ذات طابع ديني ، فهو أول من تسمى ب" أمير المؤمنين" ولا توضح العبارة ديانته فليس بها ما يدل على الإسلام أو إسم محمد، فكل جماعة تدين بدين هم "جماعة مؤمنين"في نظر أصحاب هذا الدين ،ولهم زعيم يُدعي" أمير المؤمنين" ،إذن أصل التسمية ليست إسلامية كالمفهوم المتداول اليوم، بل أول من تسمى بها نصارى فارس ومملكة الحيرة النساطرة من المناذرة اللخميون بالعراق والذين كانوا يتكلمون العربية والفارسية والآرامية قبل الإسلام حين إحتل الفرس مملكة المناذرة المسيحية العراقية ، وهذا يبرر لماذا عملات معاوية أول من حملت اللغتين البهلوية والعربية الكوفية معاً في عملة واحدة.
- فعملة تحمل عبارة " أمير المؤمنين " ومسكوكات كثيرة أخرى تحمل صليب تعنى أنه زعيم مسيحي لجماعة مؤمنين بالمسيحية، فعبارة" أمير المؤمنين" لاتعنى إعلان إسلامه لأنها تحمل إشارة الصليب! ولا تنسجم كبسملة إسلامية مفترضة، مع وجود الصليب ؟! ولا عبارة " رسول الله " يقصد بها رسول عربي جديد، بل تخص يسوع المسيح كما آمن به النساطرة معتبرينه مجرد بشر إنسان وعبد الله و رسول ، بحسب رؤية التوحيد في هرطقة النصرانية المتهودة، وليس بحسب المسيحية الثالوثية .
- والسؤال لماذا تم صُنع قوالب للعملات من المفروض أنها لخليفة المسلمين بينما إحتوت هذه القوالب إشارات كلها مسيحية ؟! إلا لو كانت هذه العملات تؤكد هوية سلالة الأمويين التي ولا إشارة واحدة تثبت إسلامهم. وأنهم من أصول فارسية. و أن المصكوكات و النقوش عليها تفرض علينا سؤال: هل النسطورية كانت أولى جذور الدين الجديد الذي بدأ من بلاد فارس ومن منطقة الحيرة العراقية من وسط جماعات التوحيد النصرانية النسطورية على إفتراض أن الخلافة الإسلامية المزعومة خرجت من هناك؟!
- وجود صلبان على وجه العملات الأموية لشخصيات إمبراطورية ممسكة بصلبان وفوق التاج صليب، و نقش كلمة "ܝܫܘܥ " على الوجه الأخر والتي تشير إلى" يشوع - يسوع" وتعنى بالسريانية " الممجد -المحمد - تحميد".
- وما يؤكد هذا هو العثور على عملات أخرى تحمل نفس النقش لكلمة "ܝܫܘܥ رسول الله" ولكن على الوجه الآخر منقوش رمز الشمعدان الخماسي وهو رمز لهيكل اليهود - المينوراه- ولا تحمل عملات تلك الفترة أي رموز إسلامية أو عبارات تدل على دين جديد! مايعني أنه حتى الفترة الأموية لم يكن الإسلام قد ظهر إسمه كما بصورته ومظاهره المعروفة في العصر العباسي!
- عملة أخرى برونزية عربية بيزنطية لمعاوية بن أبي سفيان 41-60 هـ / 661-680م. ،سُكّت بدمشق. لشخصية إمبراطورية جالسة على العرش ، ممسكًا بصليب طويل في يده اليمنى وكرة فوقها صليب في يساره جهة اليمين . على الظهر يتوسط حرف M كبير، يعلوه حرف مونوجرام monogram بهيئة صليب، وأدنى ال M هلال مقلوب وتحته خط أفقي قصير ؛ و حولها عبارة "درب دمشق الجعز". ومنها عملة أخرى مشابهة لها تماماً مضاف إليها في الجهة اليسرى من الوجه يقف "صقر" على صليب حرف T، حيث لعبت الصقور دورًا مهمًا في الثقافة الأموية و كانت هواية مفضلة للنخبة الحاكمة ورمزًا للمكانة الرفيعة، ومعروف أن يزيد بن معاوية كان يبني منازل منفصلة لصقوره المفضلة.
-أما العُملة "الذهبية" الأقدم المقلدة لمعاوية، كانت (عملة الجزية )، سُكّت بدمشق على الوجه تمثالين نصفيين لهرقل وهيراكليوس قسطنطين، تم تقليدها مشابهة تماما العمة البيزنطية ، فقط تم تغيير شكل الصليب من الصليب الرباعي الأذرع إلى الصليب على شكل حرفT، وأهمية هذه العملة تعود إلى أنها تنفى الروايات العربية والإنتصارات الوهمية ل" الأمويين على البيزنطيين، ( فالمنتصر لا يدفع جزية للمهزوم) ، ومعاوية ثبت تاريخياً أنه دفع الجزية لبيزنطة مرتين . حيث طُلبت منه الجزية سنة 659 م. ، وكان المبلغ المطلوب يصل إلى ألف نوميستا أو نوميسماتا. والمرة الثانية عندما طُلب منه دفع الجزية سنة 678 م. فأُجبر على الموافقة على معاهدة قاسية لدفع مبلغ سنوي يبلغ ثلاثة آلاف نوميسماتا. وكانت هذه العملة أحدى (عملات الجزية) التي تم سحبها فيما بعد لرفض السكان المسيحيين السريان التعامل بها لتشويه الصليب المعروف لديهم على العملة البيزنطية. فقد توقع معاوية قبولها ولكنه خاب ظنه وسحبها حيث كان شكل العملة الأصلية البيزنطية معروفة بالصليب رباعي الأذرع وكان مألوفًا لعامة الناس بإعتبارها رمزًا مباشرًا وقويًا للسلطة البيزنطية. وهذه الواقعة موثَّقة تاريخياً في وثيقة سريانية ( لمخطوطة مارونية) إكتشفت حديثاً. فهذه العملة تفضح كذب الرواية الإسلامية العباسية، فالأمويين من دفعوا الجزية كانوا مجرد حكام و ولاة عند البيزنطيين وقبلهم كان معاوية يعمل تحت التاج الساساني ولا توجد لهم لا خلافة ولا دولة ! على الأقل فترة الأسرة الأموية الأربعة وحتى فترة عبد الملك إبن مروان .
- والسؤال لماذا لم يتم العثور على مثل هذه العملات في مكة أو المدينة منشأ الدين الجديد بحسب رواية العباسيين، ولماذا لم تذكر أن محمد رسول المسلمين؟!
في الحقيقة للإجابة على السؤال لابد من طرح هذه العملة التي إكتشفتْ وعليها صورة للملك الفارسي "خسرو الثاني" سنة 620 م و يظهر عليها نقش يشبه كلمة" ܝܫܘܥ"، فبحسب الروايات العباسية أن الهجرة كانت 622م. والآيات المكية خالية من ذكر إسم محمد !! وهذا كافي ليقول إن الكلمة المنقوشة على العملة الفارسية العربية هي لشخص ممجد يتمتع بشهرة عالمية في هذا التوقيت وهو شخصية يسوع المسيح الذي هو" ܝܫܘܥ"، بينما محمد التاريخي كان لايزال بمكة وقت إنتشار العملة !
- يزيد بن معاوية في هذا البيت فضح بني هاشم بكذبة الوحي والدين وهذا يكفي ليثبت أنه على دين أبيه معاوية ، حين قال : (لعبت هاشمُ بالمُلك ،فلا مُلك جاء ولا وحي نزل)- البداية والنهاية إبن كثير- ج8. وأحياناً يتداولونها: ( فلا خبرٌ جاء و لا وحيٌ نزل)، فهذا البيت ليس كما يزعم بعض المغيبين" المروق من الدين" بل يدل قطعياً على أن السيفيانيين لا يؤمنون لا بوحيّ ولا بدين جديد ولم يكن هناك مُلك إسلامي كما يفهم من كلام يزيد ، فاللعبة تدخل في إطار السياسة والصراع على المُلك بين إمبراطوريتين كبيرتين هما الفرس و الرومان البيزنطيين ،ولا يدل على صراع لنشر دين جديد بوحيّ جديد !.
- تم العثور على عملات معدنية من معاوية في سوريا والأردن ، حيث حلت صورة هرقل محل صورة خسرو ، وحل الصليب المسيحي محل الموقد الزرادشتية.فإن كانت النقوش الباقية من معاوية و أضفنا إليها علامة الصليب ، فسنرى أنه لا توجد علامة لمعاوية تدل على أنه "خليفة مسلم "! ، بل كان الجنرال في حقيقته هو (مؤمن مسيحي نسطوري شرقي). و يجب إعتبار مناوشات معاوية التي لم ترتقِ لمفهوم الحروب مع بيزنطة كانت مجرد إستمرارًا لسياسة "خسرو برويز الثاني" الحربية ، التي كان يعمل معاوية تحت تاجه الساساني. حتى عُملة يزيد إبنه من عام 68/60 ، كانت فارسية كتب عليها بالبهلوية ، و" بسم الله " بالعربية الكوفية، وعلى ظهرها موقد الشعلة الزرادشتية. ونقش عليها بالبهلوية " السنة الأولى ليزيد" وأيضاً لا توجد أي إشارة لكون يزيد مسلماً ولا تحت خلافة إسلامية كما يزعم المؤرخين الإسلاميين!
فمن وجهة نظر التاريخ" لعلم الأركيولوجيا " للمعالم الأثرية التي عثر عليها، ليس هناك وجود لما زعموه العرب من خلافة إسلامية. إذ أن التاريخ هكذا تكلم بأن الرجلان معاوية ويزيد و حكمهما و قيادتهما و مملكتهما هي إمتداد ( لخلافة الإمبراطورية الساسانية) -إن أسميناها خلافة - خاصة في زمن مَلكها القوي الساساني خسرو الثاني. وهذا يبرر عملته وعملة إبنه الفارسية التي ( سُكّتْ فى فارس وباللغه البهلوية والعربية الكوفية وعليها صورة الإمبراطور الساسانى ).
- هناك مَعْلَم أثري باقٍ حتى اليوم وهو" قصر العُمرة" في منطقة الأزرق بالأردن، وهو تحفة معمارية بيزنطية شاهدة على أواخر العصر الأموي بلوحاته الجدارية التي تصور نساء راقصة عاريات وأخريات تستحم عاريات ورجال تنظر إليهم منهن إمرأة عارية تستحم وهي تحمل طفلها على كتفها. وحاكم متوج ذو مظهر بيزنطية ونقوش يونانية وعربية رغم أن في الاسلام معروف أن التصوير حرام ، فما بالك بتصوير الأجسام عارية! .
الأهم في هذه الجداريات الجدارية التي تصور صورة نصفية لشخص السيد المسيح وإلى جانب رأسه عنقودين من الكروم، ومعروف أن "عنقود العنب أو الكروم" له مدلول إنجيلي و رمز كنسي مسيحي، ومازال "عنقود العنب" يرسم على جدران الكنائس حتى اليوم. وبجانب صورة السيد المسيح صور لملائكة طائرة بأجنحتها ومعروف أن الإسلام لا يجسد صور لملائكة. فماذا تعني جداريات مسيحية في قصر أموي من المفترض أنه لخليفة المسلمين لخلافة إسلامية كما يدّعون؟! إلا لو كان الجداريات تحكي عن سكان هذا القصر وأنهم لاينتمون لدين جديد ولا لمُلك إسلامي خرج من الجزيرة ، كما قال يزيد إبن معاوية في بيته الشعري الشهير !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد