الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير هام جديد للأمم المتّحدة حول تأثيرات التغيّر المناخيّ – الجزء الثانيّ – ما الذى سيقوم به مجتمع إشتراكي جديد بشكل مختلف ؟ و سيقوم به ! مثال بسيط

شادي الشماوي

2022 / 3 / 16
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


تقرير هام جديد للأمم المتّحدة حول تأثيرات التغيّر المناخيّ – الجزء الثانيّ – ما الذى سيقوم به مجتمع إشتراكي جديد بشكل مختلف ؟ و سيقوم به ! مثال بسيط
مجموعة كتابة عن البيئة – جريدة " الثورة " عدد 741 ، 7 مارس 2022
https//revcom.us//en/what-could-new-socialist-society-do-differently-and-would-simple-example

ملاحظة الناشر : هذا هو الجزء الثاني من سلسلة مقالات في جزأين بصدد التقرير الإدانة الجديد للأمم المتّحدة حول تأثيرات ارتفاع الحرارة على الكوكب و على أنظمته البيئيّة و على المجتمع الإنساني عالميّا . أنظروا أيضا الجزء الأوّل " 3.3 مليار إنسان يتعرّضون بدرجة عالية إلى الذى جرّاء التغيّر المناخي : الآن ! ".
--------------------------
مثال نظام الغذاء :
هل بوسع مجتمع إشتراكي يعتمد على الشيوعيّة الجديدة و " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " أن يُعيد هيكلة الاقتصاد على أساس إيكولوجي مستدام بطرق تقطع مع إرتهانه بالوقود الأحفوريّ ؟ أجل بوسعه ذلك . و قد وقع التعمّق في هذا في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفه بوب أفاكيان و في " بعض المبادئ المفاتيح للتطوّر الإشتراكي المستدام " . و هنا سنتطرّق بإقتضاب إلى مجرّد مثال في منتهى الأهمّية : نظام الغذاء .
أوّلا ، لنلقى نظرة على كيف يقع إنتاج الغذاء اليوم في ظلّ الرأسماليّة – الإمبرياليّة . ففي ظلّ هذا النظام ، يُساهم إنتاج الغذاء مساهمة كُبرى في التغيّر المناخي – إنّه معولم و مرتهن بشكل كبير بالوقود الأحفوريّ وهو مصدر هام للميثان ( غاز إحتباس حراري أقوى 70 مرّة على المدى المنظور من ديوكسيد الكربون ). طريقة الحصول على الغذاء تعتمد على و توظّد اللامساواة العميقة في العالم – الأمم المضطهَدَة عبر العالم جرى تدمير فلاحتها التقليديّة و أضحت مواقعا لإنتاج محاصيل موجّهة إلى البلدان الإمبرياليّة .
أين يُنتج الغذاء و كيف يُنتج يتحدّدان بأهمّ عامل من العوامل جميعها : الربح الرأسمال الإمبريالي العالي التركيز . إن كان أرخص كلفة للشركات في الولايات المتّحدة أن تستورد بعض المنتوجات الغذائيّة المنتجة لنقل في أندونيسيا – إعتبارا لكون العمل في مجال الفلاحة هناك يمكن إستغلاله أشدّ الإستغلال و القوانين البيئيّة أقلّ تحدّد إستخدام المواد الكيميائيّة الفلاحيّة السامة ؛ و الممارسات الفلاحيّة عامة و الأرض و المناخ هناك أكثر مواتاة ،و القيود على التجارة أو اللأداءات ليست باهضة الكلفة بشكل يحول دون الإستثمار الباهض الثمن – عندئذ هذا ما ستفعله .
الرأسماليّة – الإمبرياليّة ليست محكومة ب تأثير الإنتاج الفلاحي الموجّه للتصدير على الشعب و الاقتصاد الأندونيسيّين ؛ و الضرر البيئيّ غير القابل للنقض بقطع أشجار الغابات الممطرة التي تمثّل مأوى لكافة أنواع النباتات و الحيوانات ؛ و تسميم الناس و البيئة بإستخدام مبيدات الحشرات و الأسمدة التي تعد بمحاصيل أهمّ في المدى المنظور ؛ و ليس محكوما كذلك بمزيد تسريع التغيّر المناخي بالحرق الواسع النطاق للنفط العالي التلويث لشحن الغذاء عبر العالم . هذا النظام لا يأخذ شيئا آخر بعين الإعتبار عدا مبدئه المنظّم للإنتاج من أجل تحقيق الأرباح و يتّخذ هذا تعبيرا فجّا و قاسيا في جنوب الكوكب.
و في البلدان الإمبرياليّة ذاتها ، الفلاحة يهيمن عليها أيضا و يتحكّم فيها ما يعدّ مربحا للمجتمعات الرأسماليّة ذات الثروات المقدّرة بالمليارات من الدولارات . و هذا يعنى : بناء المصانع – المزارع الكبرى و المسالخ التي تسيء معامنلة كلّ الناس المستغَلّين فيها و أساسا منهم مهاجرين إنتزعوهم من أراضيهم في جنوب الكوكب الفقر و الحرب و تغيّر المناخ و حيوانات المسلخ و الإستخدام الواسع النطاق لمبيدات الحشرات و الأسمدة و غيرها من الطرق الأخرى المدمكّرة للبيئة و نشر مواد كيميائيّة ضارة في الغذاء و إستغلال العاملين في الحقول و المزارع و الكثير منهم يواجهون إضطهادا و تمييزا عنصريّا شديدين .
ولنلقى نظرة على الفلاحة في المستقبلين المختلفين : مستقبل لا ثورة فيه و كلّ ما تمّ التعريج عليه في الفقرات السالفة سيتواصل لعقود . و سمتقبل آخر ، فيه تحدث ثورة في ما هو الآن الولايات المتّحدة الأمريكيّة .
ألأوّلا ، عالم تسوده الرأسماليّة – الإمبرياليّة لعقود و الإطار الكامن يُواصل تشديد التغيّر المناخي و اللامساواة و الإضطهاد الرهيبين المبنيّين بعدُ في هذا النظام تسوء أكثر حتّى . لنأخذ الماء وهو أساسي للفلاحة و للبشر . يتوقّع تقرير الأمم المتّحدة أنّه بالنسبة إلى كلّ ارتفاع في الحرارة ب 0.1 درجة سلسوس – من 1.5 إلى 1.6 إلى 1.7 درجات إلخ – ستتفاقم بشكل متناسب مع ذلك أزمة الماء . و يُتوقّع أنّ 800 مليون إلى 3 مليار إنسان مع ارتفاع حرارة بدرجتين لن يتوفّر لهم ماء بما يكفى و هذا يعنى عدم توفّر ما يكفى من الماء للشراب و لإنتاج الغذاء للأكل . و يجرى هذا في قمّة ما هو بعدُ عالم جوع و مجاعة كبيرين .
يكفى الحديث عن هذا المستقبل – لقد فات أوان هذا النظام !
الآن ، لنتصوّر عالما مختلفا إثر ثورة ... و كيف سيجرى تنظيم إنتاج الغذاء و توزيعه و إستهلاكه في ظلّ الإشتراكيّة ؟ هنا لا يمكن سوى أن نناقش خطوطا عريضة ما سيكون في آن معا ممكنا و ما سيحتاج في الوقت نفسه إلى صراع جدّيّ و يعنى تناقضات معقّدة . و من المهمّ التشديد على أنّ الثورة و سلطة الدولة الإشتراكيّة الجديدة ستفسح المجال لإمكانيّة هائلة لصياغة نظام غذائي مخطّط له بوعي و صحّيّ للبشر و مستدام إيكولوجيّا ، بطرق ليست ببساطة ممكنة في ظلّ هذا النظام ، و سيساهم في الجهد العام في المجتمع الإشتراكي للتقليص الكبير في بثّ غازات الإحتباس الحراري في الجوّ .
و إعتبارا للدور اللامتكافئ للولايات المتّحدة ، لن يكون ذلك خطوة عملاقة في حدّ ذاتها و إنّما مثالا لمجمل الكوكب بما يؤثّر و يُلهم الناس حول العالم بإمكانيّة و قابليّة نجاح تشييد مجتمع مغاير راديكاليّا بواسطة الثورة .
كيف يمكن للثورة أن تنجز هذه التغيّرات ؟
بدالية ، سيقع إغلاق أبواب الشركات اللمتعدّدة الجنسيّات التي تتحكّم راهنا في نظام الغذاء و ستقع مصادرة ممتلكاتها و يوضع حدّ لإستغلالها . و لن يظلّ الربح يتحدّث عن كيف و أيّ غذاء و أين يُنتج هذا الغذاء و يوزّع و يُستهلك . و لن تبقى فلاحة البلدان المضطهَدَة منظّمة لإنتاج سلع من أجل البلدان الإمبرياليّة . و الإرتهان لشبكات التزويد العالميّة الإستغلاليّة و المستهلكة للوقود الأحفوري سيقع حلّها بأسرع وقت ممكن و سيوضح حدّ لتسميم البحيرات و الأنهار بالأسمدة المصنوعة بالإعتماد على الوقود الأحفوريّ . ستضع الدولة الإشتراكيّة الجديدة نهاية لكلّ هذا ، و يقع تجميع و تلخيص معرفى العلماء و المزارعين و ممارسات بعض الجماعات الأصليّة المحلّية – و سترسى أسس بناء نظام مغاير راديكاليّا لتزويد الناس بالأغذية .
لكن لا شيء من هذا سيكون سهلا – و سيعنى تناقضات و صراع معقّدين . و كلّ هذا يجب أن يشمل كلاّ من قيادة الدولة و تخطيطها ، و المبادرة الواعية للناس عبر المجتمع . لن يُكرّس الأمر من فوق إلى أسفل و إنّما عبر سيرورة شخّصها بوب أفاكيان في الشيوعيّة الجديدة ك " لبّ صلب مع الكثير من المرونة " و سيعنى نقاشا وجدالا هائلين و كافة أصناف المبادرة الجماهيريّة . و بدلا من ثقافة فرديّة تجعل الناس فرديّين متذرّرين كالزامبى كما يشجّع على ذلك و يفرضه هذا المجتمع ، سيُطلق العنان لثقافة ثوريّة فيها المبادرة الواعية للناس و للتطرّقب و لمعالجة المشاكل الكبرى التي تواجه الإنسانيّة – بما فيها كيف يمكن تغذية الناس بينما نعالج الكارثة البيئيّة التي أوجدتها الرأسماليّة – الإمبرياليّة – و سيجرى تشجيعها عبر المجتمع . و سيجرى تشجيع الناس – و كلّما لزم الأمر ، الصراع معهم – ليغيّروا وجبات غذائهم و حياتهم لتتماشى مع نظام فلاحيّ مستدام إيكولوجيّا . و الفلاحة المحلّية ستصبح أساس نظام الغذاء في البلد . كلّ من الفلاحة المدينيّة و الريفيّة و كذلك كلّ من الزراعة على النطاق الواسع و النطاق الضيّق ، سيكونون أساسيّين ليس فحسب لجعل إنتاج المواد الغذائيّة و توزيعها مستدامين و إنّما أيضا الإطاحة باللامساواة بين المراكز المدينيّة و المراكز الريفيّة . و سيتمّ توفير التمويل للدولة الإشتراكيّة الجديدة لمزيد تطوير الطرق الفلاحيّة التي ليست فقط مرنة مع التغيّر المناخي و بل كذلك لا تساهم في مزيد رفع حرارة الكوكب .
و مجدّ>ا ، لا يمكن نقاش هذا هنا إلاّ في خطوطه العريضة و ستوجد عدّة تناقضات و عراقيل غير أنّ المهمّ هو أن نعيد التأكيد على أنّه – أ- سيكون أفضل بكثير من أيّ شيء يمكن لهذا النظام أن يوفّره أو ما هو ممكن في ظلّ هذا النظام و -ب- ستوجد سلطة دولة جديدة – و مختلفة راديكاليّا و تحريريّة جذريّا و مستدامة إيكولوجيّا .
إنّ التقرير الجديد للأمم المتّحدة يوضّح بجلاء ما بعده جلاء أنّ الوقت يمرّ – و أنّنا نتحرّك على وجه التحديد في الإتّجاه الخطأ . عقب قمّة مناخ فاشلة أخرى ، بعض علماء المناخ يدعون حتّى إلى " إضراب علماء " إحتجاجا على عدم تحرّك السلطات القائمة . (1) و هذا الشعور مرحّب به في دقّ ناقوس الخطر جدّيا للمجتمع على نطاق واسع . و على الثوريّين أن يتّصلوا بهؤلاء العلماء و يعملوا و يناضلوا معهم من أجل تحويل ذلك الإحباط و الغضب إلى محاكمة قويّة لهذا النظام ككلّ و الإلتحاق بالنضال الضروريّ و الشرس و الملحّ للإطاحة به .
إنّ الوقت القصير الثمين الذى بقي لدينا لا يجب أن نضيّعه على لاحلول و أوهام سامة . و هذا يصحّ أكثر حتّى في هذا الزمن النادر عندما تصبح فيه الثورة ممكنة في بلد كالولايات المتّحدة ، البلد المسؤول أكثر من غيره عن أزمة المناخ .
--------------------------------------------------
هوامش المقال :
1. This is an important indication of how far things have gone. Some scientists, including people who have worked on the IPCC report, have already refused to work on the next IPCC report. They are agonizing over the failure of international conference after international conference to lead to any real change in the disastrous trajectory the planet is now on, and trying to figure out what can be done.
-------------------------------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟