الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آنا ستاروبينيتس : بهذا النص أحرق الجسور إلى وطني

محمد ناجي
(Muhammed Naji)

2022 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


مقدمة :
بدون حذلقة ولف ودوران لست مع الحرب ، وأقف مع الانسان فهو الضحية بعض النظر عن موقعه في أي جهة أو مكان . ومن المؤسف بل يدعو للرثاء مايطالعنا من مواقف البعض هنا في هذا الموقع وغيره ، التي نراها تنحاز لهذا الطرف أو ذاك ، تحديدا تلك التي تبرر الحرب والعدوان بأسلوب (صحيح ولكن !) ، خاصة وهي بعيدة عن موقع الحدث ، بل تتابعه بعقلية وخندق العشيرة الايديولوجية التي تنتمي إليها ، وتأخذ من سوق الهرج الدعائي ومطابخ الحرب النفسية والاعلامية ما يناسبها ، دون تمحيص .

ما ندعو له هو متابعة الحدث - أي حدث كان - بعقل حر ، ومن أكثر من مصدر رصين ، والتدقيق فيما نرى ونسمع لنكون أكثر قدرة ومعرفة بما يجري حولنا ، لتكون مواقفنا أكثر دقة و قربا للواقع … وأكثر انسانية !
لذا آمل أن يجد القارئ لهذا المقال ، الذي وجدته يستحق الترجمة والاطلاع ، ولو شئ من الفائدة ، ويتبين له الخيط الأبيض من الأسود ، خاصة والكاتبة من (أهل مكة) !

محمد ناجي



آنا ستاروبينيتس : بهذا النص أحرق الجسور إلى وطني


ماذا عليّ أن أفعل ؟ ابق في روسيا واصمت ؟ لا ، هذا غير ممكن ، هذا ما كتبته الكاتبة الروسية آنا ستاروبينيتس .

"لا ، لا أحد يريدك !" يقول بعض الأقارب الأكبر سناً . "بالطبع يمكنك الاستمرار في العيش بسلام في روسيا . عليك مجرد التزام الصمت ".

بالطبع ، يقصدون شيئاً آخر ، ألا وهو أنه لا شيء سيهددني إذا قمت بغلق فمي . في نفس الوقت ، هناك حقيقة فعلية في كلامهم . لا يريدني أحد بعد الآن ، ولا في أي مكان . سواء هنا أو هناك . لا يريدني أحد "هنا" لأنني أسمي الحرب حرباً . لأنني أدعي أنه لا يوجد فاشيين في أوكرانيا ، ولكن هناك أناس مسالمون يتعرضون للقصف من قبل وطني ، الذي يحكمه مريض نفسي مجنون . لا يريدني أحد "هناك" لأنني أحمل وشم قابيل الآن ، الذي يقتل أخاه كل يوم . أنا من روسيا .

ماذا بإمكاني أن أفعل ؟ ابق في روسيا ، انزل إلى الشوارع مع الشجعان . اُضرب على الرأس والكليتين . يُحكم عليّ بالسجن من ثلاث إلى عشرين سنة . بالكاد عشرون ، بالأحرى ثلاثة . لا أستطيع هذا . أخشى أن أترك أطفالي . ليس لديهم أي شخص آخر سواي .

ماذا افعل ؟ ابق في روسيا واصمت . أكون متواطئة . لا ، لا أستطيع أيضاً .
ماذا افعل ؟ ابق وافقد كل شيء . بالإضافة إلى الباقي من احترام الذات والاولاد .

ولذا كان الخيار الآخر ، اخترته وغادرت البلاد .

أول شيء سافرت إلى سريلانكا . الرحلة تم التخطيط لها ودفعت ثمنها بالفعل خلال الفترة السعيدة ما قبل الحرب : أردت أن أرى سكان الغابة ، لأن الغابة ستكون البيئة للجزء التالي من سلسلة كتب أطفالي "المخبر الخاص للحيوانات" . جوز الهند ، القرود ، الأفيال ، الحرارة - أشعر وكأنني مصابة بالأنفلونزا والحمى .

غابة سريلانكا هي رمز لتشردي . هذا فيل - وليس لدي منزل بعد الآن . هذه شجرة نخيل - وقد تركت شقتي المحبوبة في شاموفنيكي . ها هي القرود - وهناك بعض الأصدقاء يضعون حياتي في صناديق . ها هي الثعابين - وعندي نقود لمدة أقصاها ثلاثة أشهر . إليكم جوز الهند الناضج - وقد انفصلت عن والديّ وأصدقائي . ها هو شهر يقترب من نهايته - ولا أعرف كيف أواصل العيش .

من هنا نسافر إلى جورجيا . ثم ربما إلى الجبل الأسود . بعد ذلك مجرد ضباب كثيف فوق بحيرة الغابة عند الفجر .

هذا هو خياري . فالصمت هو أسوأ شيء يمكن التفكير فيه . وليس سيئاً أن أضع الكلمات مع بعضها باللغة الروسية - هذا كل ما يمكنني فعله ، هذا مالدي . يمكنني أن أشعر بالراحة في أنه يمكن القيام بذلك من مسافة بعيدة . ربما بهذه الطريقة سأكون أكثر فائدة لإسقاط النظام ، بدلا من السجن أو إغلاق فمي . ربما الأطفال الذين يقرؤون "المخبر الخاص للأطفال" سيفعلون شيئاً عندما يكبرون ، لأنني لم أستطع ، لأننا لم نستطع .
بهذا النص أحرق الجسور . تعاطفي مع أوكرانيا . احترامي لمن يبقون ويقاتلون .

ترجمة : محمد ناجي عن صحيفة (داغنس نيهيتر) السويدية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر