الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-المغرب العربي-, تسمية إستعمارية

كوسلا ابشن

2022 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


تسمية "المغرب العربي", هي تسمية مجردة, عشوائية و ليس لها قاعدة مادية, و ليس لها علاقة بالأرض و لا علاقة لها بالشعب. أطلقها الإستعمار على بلاد أمازيغية بعيدة عن بلاد العرب بآلاف الكيلومترات.
الهوية الثقافية و اللغوية و الحضارية للجغرافية المحددة, تتشكل عبر السيرورة التاريخية في عملية التشكل القواسم المشتركة بين أفراد المجتمع, وهذه العملية حدثت قبل آلاف السنين, مما يعني أن الهوية لا تصنع بإرادة رئيس دولة أو بالإرادة الإستعمارية في زمن التمدد الإستعماري, مثل ما يدل على ذلك مشروع التسمية "المغرب العربي", الذي صنع في الكوكوت مينوت في مختبر باريس في القرن العشرين, ليعلن هذا الإسم الإستعماري ظهوره بفضل المخابرات النازية (غيستابو), بفتح مكتب لعملاء النازية الهتلرية, سمي بمكتب "المغرب العربي" في برلين سنة 1943, و صدرت في برلين كذلك جريدة حملت نفس الإسم الإستعماري "المغرب العربي". الموقع الإستراتيجي لبلاد إمازيغن جلب كذلك أطماع النازية و لهذا إستقطبت الغيستابو المرتزقة العروبيون لمساعدتها في إحتلال بلاد الأمازيغ, لكن المشروع النازي فشل بالإنهزام في الحرب العالمية الثانية.
التسمية "المغرب العربي" هو مشروع دولة الحماية الفرنسية لحاجتها إلى هذه الهوية الإرتزاقية كأداة لشرعنة تدخلها لحماية النظام المخزني المجهول الهوية و المنهار أنذاك أمام ثورة إمازيغن التحررية. الحاجة الإستعمارية منذ بداية التدخل الإستعماري سنة 1912, هي التي حركت المشروع الهوياتي المزيف لتعريب دولة إمازيغن, هذه البلاد التي خلق فيها أول جنس بشري عاقل (هومو سابيان) قبل 300 آلاف سنة, إنسان إيغود ( إيغود منطقة بجبال الأطلس الأمازيغي), و الإيغوديون أسلاف إمازيغن من شكل أحفادهم هوية جغرافية بلدهم في عملية التغيرات المجتمعية و الثوابت المتحركة في تشكيل القواسم المشتركة للشعب في بلاده شمال افريقيا, هوية أمازيغية ضاربة جذورها في تاريخ شمال افريقيا.
يحدد الانتروبولوجيون بلاد إمازيغن, من أين يبدأ وينتهي أكل الكوسكوس ويلبس البرنس, وهي بالضبط منطقة شمال افريقيا بلاد إمازيغن من سيوى شرقا الى جزر كناري غربا. وعن الشعب الأمازيغي و بلاده العريقين في التاريخ, ذكرهم جيرانهم المصريون و المؤرخون الأجانب. من كتاب أحاديث هيرودوت عن الليبيين (الامازيغ) ترجمة وتعليق و شرح د. مصطفى اعشي, يقول:" الجدير بالذكر, إن أقدم وثيقة أثرية مصرية تخص الليبيين (الامازيغ) هي لوحة نعرمر, التي تعود على ما يبدو الى الآسرة الأولى, وسميت بإسم الملك الذي وحد شطري مصر القديمة حوالي (3300 أو 3200 ق. م.), وبعده جاء حجر باليرمو, الذي يشير الى أن العلاقات بين مصر والامازيغ ظلت مسترسلة, فنجدهم منخرطين في الجيش المصري وخاصة في عهد ومسيس الثاني( 1301-1235 ق.م.). وفي عهد مينيفتاح (1235-1234ق.م.), تشير الوثائق الفرعونية الى زحف ملك ليبي (أمازيغي) يدعو مريمو أو أمرياي بجيشه على منطقة دلتا نهر النيل. وفي عهد رمسيس الثالث (1198- 1166 ق.م.) هاجم الامازيغ ضمن شعوب البحر مصر وهددوا كيانها, ورغم هزيمتهم 1190 ق.م., إلا المعارك المتكررة أنهكت قوى مصر, مما جعل مجموعات أمازيغية تفرض سيطرتها على بعض المناطق في مصر. وبعد أن عجز رمسيس الثالث عن مواجهتم هادنهم وتعامل معهم, وتحمل العديد من قادتهم مسؤوليات في الجيش المصري وتدبير الشأن الديني, وتمكن أحد زعمائهم وهو شيشونق من تأسيس الأسرة 22 التي حكمت مصر من ( 950ق.م. الى 730ق.م.)".
وفي أحاديث هيرودوت عن الامازيغ يقول في نفس المرجع:" فقرة 197: هؤلاء هم الليبيون الذين تمكنا من معرفة أسمائهم, أغلبهم لا يبالي ولا يهتم بملك الميديين. ففي هذه الأرض بقي لي أن أقول, وحسب معرفتنا, انها مؤهولة بأربعة شعوب لا أكثر: شعبان أصيلان وشعبان أجنبيان, الأصيلان هم الليبيون والاثيوبيون, يستوطن أحدهما شمال ليبيا والآخر جنوبها. الأجنبيان هما الفينيقيون والإغريق". لقد عمل مصطفي اعشي على تبيان المجال الجغرافي الامازيغي الممتد من مصر شرقا الى المحيط الاطلسي غربا.
كما يتضح من المصادر التاريخية, أن منطقة شمال افريقيا منذ القدم هي بلاد السلالة الامازيغية و حملت هوية أهلها إمازيغن عبر التاريخ. في الفترة الإستعمارية الأعرابية أطلق على الشعب الأمازيغي أسم "بربر", و حملت البلاد إسم بلاد "البربر" الذي أطلقه العرب, ولم يسميها العرب , بلاد عربية, (لأن بلاد العرب هي السعودية حاليا), ومن هذه التسمية إقتبس الأوروبيون تسمية "باباريا" بلاد بيربير, و أطلقها الأوروبيون على الأمازيغ حتى القرن العشرين, في النصف الاول من القرن الماضي, ورغم الصفة البربرية التي أطلقت على إمازيغن إلا أن هذا لم يأثر على أن شمال افريقيا بلاد الأمازيغ.
ما يسمى بالدول العروبية في شمال افريقيا,( بلاد الامازيغ), قد تشكلت ضمن المشروع الاستعماري المشؤوم في صناعة الكيانات السياسية و الدول العرقية المرتبطة بالمشروع الإمبريالي في المنطقة, رغما عن إرادة حركة التحرر الامازيغية التي قدمت دماءها الزكية لتحرير بلادها من الإستعمار إلا أن عوامل ذاتية و موضوعية عرقلت تقرير مصير الشعب الأمازيغي بنفسه و بناء دولته المستقلة.
رغم ما صرف من الملايين الدولارات على المؤسسات الإعلامية لترويج للفكرة الإستعمارية "المغرب العربي" إلا أن المشروع بقي خارج الرسمية حتى إجتماع رموز الأنظمة الكولونيالية في شمال افريقيا بالعاصمة الصنهاجية الأمازيغية (موراكوش) لتأسيس الاتحاد العرقي الإستعماري سنة 1989, و هكذا طبخت الجرثومة "المغرب العربي" في كوكوت مينوت العروبة التخريبية و خرجت الى العلانية الرسمية, و معها إنفجار السيكولوجية الدونية ( المتحرك و الساكن كلها تحلق في سماء العروبة المقدسة).
رغم ما صرف من الملايين الدولارات على الجهاز الإعلامي لترويج للفكرة الإستعمارية "المغرب العربي" إلا أنه بقي خارج الرسمية حتى إجتماع رموز الأنظمة الكولونيالية في شمال افريقيا بالعاصمة الصنهاجية الأمازيغية (موراكوش) لتأسيس الاتحاد العرقي الإستعماري سنة 1989, و هكذا طبخت الجرثومة "المغرب العربي" في كوكوت مينوت العروبة التخريبية و خرجت الى العلانية الرسمية, و معها إنفجار السيكولوجية الدونية ( المتحرك و الساكن كلها تحلق في سماء العروبة المقدسة).
لم يعرف تاريخ بلاد الامازيغ, (شمال افريقيا) كيان عروبي قبل المخطط الاستعماري الفرنسي في صناعة الكيان السياسي في عصر صناعة الدول العرقية في غير جغرافيتها الأصلية و تمتين تبعيتها للإمبريالية. تامازغا (شمال افريقيا), هي آخر مستعمرة في افريقيا, و قد سبق لها أن تعرضت للرومنة في عهد الاستعمار الروماني وتعرضت للتعريب في عهد الاستعمار العربي والتركي والفرنسي, وما زالت تتعرض للتعريب الشامل و للإبادة الهوياتية, إلا أنها لم تمت, ما زالت تقاوم, كما قاومت الرومنة, ها هي اليوم تقاوم العروبة الوجه الجديد للإستعمار.
الاستعمار لا يسقط بالتقادم ولا يتقادم بالزمن, وتبقى تامازغا (شمال افريقيا) أرض محتلة بشهادة التاريخ والجغرافية والثقافة والحضارة والقانون الطبيعي والقانون الإنساني, وهي آخر منطقة مازالت محتلة في افريقيا, و تنتهك فيها الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية و اللغوية للأمة الامازيغية صاحبة الشرعية التاريخية و الطبيعية والقانونية في بلادها تامازغا (شمال افريقيا) و هي تقاوم من أجل التحرر من الكولونيالية العروبية و أجل الإستقلال و تقرير المصير.
إستنطاقا لتجارب الحركات الإستطانية, نلاحظ عدم تجرأ الأنظمة الاستطانية الأوروبية في القارة الأمريكية على إطلاق هويتها الأصلية على بلدان المحتلة, فلا الإنجليز ولا البرتغال ولا الهيسبان أطلقوا هوية بلدانهم الاصلية على المستعمرات التي إستعمرها أجدادهم, ولا الأصول الهوياتية للحكام شرعت بإطلاق الهوية الأصلية على البلدان التي حكموها مثل ( أباما , منعم, فوجي موري و غيرهم ), إلا شمال افريقيا تبقى الإستثناء الوحيد تحكم بإسم العروبة الإستعمارية, الهوية الأجنبية المستوردة من السعودية, بإرادة الامبريالية وعملائها, و مسؤولية الإغتراب الذاتي الأمازيغي الغارق في أوهام الإيديولوجيات التضليلية والظلامية.
إطلاق الهوية القومية العربية على بلاد الأمازيغ, يعد إنتهاك للحقوق الطبيعية للشعب الأمازيغي و إنتهاك للقانون الدولي.
تحدد المادة الأولى من إتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 169: " ان الشعوب في البلدان المستقلة, التي تعتبر شعوبا اصلية, هي المنحدرة من السكان الذين كانوا يسكنون بلدا او اقليما جغرافيا أثناء غزو او استعمار او اثناء رسم الحدود الحالية للدولة, والتي ايا كان مركزها القانوني, لا تزال محتفظة ببعض او بكامل نظمها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الخاصة بها".
ما ذهب اليه المشرع الدولي هو الاطار القانوني لتحرير الشعوب الاصلية وتمكنها من إستعادة سيادتها عن بلدانها التي إغتصبها الإستعمار. و قد أقرت إتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949: "بأن الاحتلال ليس إلا حالة مؤقتة, وتنحصر حقوق المحتل في حدود فترة الإحتلال, ولا يكتسب سيادة على الأرض".
كما أقر إعلان الامم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الاصلية ( سبتمبر 2007), بأحقية هذه الشعوب في تقرير مصيرها و بهذا تشير المادة الثالثة : "للشعوب الأصلية الحق في تقرير المصير. وبمقتضى هذا الحق تقرر هذه الشعوب بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
و حسب المادة الأولى من الجزء الأول من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الفقرة 1) تقول: " لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها. وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي".
كل المواثق الدولية تعترف أن كل الشعوب لها الحق الطبيعي والقانوني في تقرير مصيرها بنفسها و تأسيس دولها المستقلة, بناءا عن قواسمها المشتركة, و وجودها التاريخي في بلدانها, و تنظيمها السياسي في دولها المستقلة قبل إستعمارها من قبل الأجانب, وعلى هذا الأساس بني القانون الدولي المعترف بأحقية الشعوب الأصلية في التحرر من الإستعمار و بناء دولها المستقلة. إلا أن الحالة الأمازيغ كانت الإستثناء من هذه القاعدة بفعل المؤامرة الإمبريالية, صانعة أسطورة "المغرب العربي", الهوية المزيفة لتامازغا والكيان التبعي للإمبريالية العالمية. هذه الكيان الذي تتشدق التيارات الإستعمارية اليمينية و اليسراوية في خطاباتها السياسية و الإيديولوجية على أنه الإمتداد العربي للشمال الإفريقي (طوبوية الامتداد و واقعية الإحتلال), و هو إعلان اللاأخلاقي و اللاإنساني, لا يحترم حقوق الشعب الأمازيغي في الحرية وتقرير المصير, و يتنكر للحقوق الطبيعية و القانونية للشعب الأمازيغي في السيادة على أرضه و بلاده.
تسمية "المغرب العربي" مؤامرة إمبريالية ضد الامة الامازيغية وليس لها سند طبيعي و لا قانوني في بلاد إمازيغن, و على المؤسسات الإعلامية إعادة النظر في تسمية " المغرب العربي" فلا شرعية لها في بلاد إيمازيغن (شمال افريقيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة