الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب في أوكرانيا : حدودية أم وجودية ؟

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


من البديهي القول أن الحرب في أوكرانيا لا تختلف عن غيرها من الحروب ، بمعنى أنها إمتداد لنزاع سياسي و اقتصادي مستعصي ، و بالتالي هي من حيث المبدأ و سيلة ضغط للوصول إلى تسوية بين الأطراف المتحاربة . فمن الطبيعي أن نتفكر بما يجري نظرا إلى الإنعكاسات التي بدأت تظهر على المستوى العالمي فى مجالات الإقتصاد والإستقرار الجماعي .

يحسن التذكير هنا بأن أوكرانيا كانت السبّاقة إلى الثورة الملونة ، حيث اندلعت فيها كما هو معروف في سنة 2004 الثورة البرتقالية ، باكورة الثورات الملونة ، و هذه نوع من الثورات التي تتصادم في سياقها تيارات محلية مرتبطة بدول أجنبية ، مباشرة أو بواسطة منظمات غير حكومية ، تمتلك قدرات ، إعلامية و دعائية و مالية ولوجستية .مما يوحي بإحتمالية وجود رابطة بين هذه الثورة الأوكرانية أو قرابة ، وسلسلة "الثورات الربيعية " التي أعقبتها في بعض بلدان العرب ، لاسيما أن اللاعبين الأجانب هم أنفسم في المنطقتين . لعل ذلك يدل على المعالم الحقيقية للبقعة الجغرافية التي تدور عليها هذه الحرب ، التي تغطي في أغلب الظن شمال إفريقيا و شرقي المتوسط وصولا إلى تخوم روسيا و الصين .

لا نجازف بالكلام أن الحرب تدور في أوكرانيا بين روسيا من جهة ، التي لا يمكن نظريا التحرش بها مباشرة لكونها دولة تمتلك السلاح النووي ، و بين دول حلف الأطلسي من جهة ثانية التي يمتنع الروس من مواجهتها مباشرة لأن لديها هي أيضا سلاحا نوويا . ينجم عنه أن الهدف الظاهر لكل من الطرفين المتحاربين هو السيطرة على أوكرانيا أو تحييدها أو إقتسامها ، حتى لا تصير منصة انطلاق أعمال عدوانية أو تخريبية تهدد لاستقرار و الوجود .

مجمل القول أن الروس يدّعون و جود علاقة ثقافية ، قديمة أساسية ، تربط بينهم و بين معظم سكان أوكرانيا ، في حين أن دول الأطلسي تحاول ضم هذه الأخيرة إلى حضن الحضارة الغربية . من البديهي أننا حيال سيرورتين متناقضتين ، لا يمكن التوفيق بينهما . ينبني عليه أن الغاية من الحرب التي بادر إليها الأطلسيون في سنة 2014 من خلال ما يسمى " ثورة الميدان " هي فصل أوكرانيا عن روسيا و استبدال الروابط التاريخية بينهما ، بالعداوة القائمة بين الأطلسي و روسيا . فما يجري منذ 24 شباط فبراير الماضي في الواقع ، هو دخول روسيا إلى أوكرانيا لمنع دول الحلف الأطلسي من الدخول إليها ، أو بتعبير أكثر وضوحا من أجل إفشال خطة مشروع كياني غربي حصري على حساب واقع قائم أوروبي ـ اسيوي جامع .

تقود مداورة هذه الأحداث في الذهن إلى التساؤل عن الحدود التي يريد أن يصل إليها " الغربيون " وعن تلك التي تبدأ منها الأوراسيا أو آسيا الاوروبية إذا جاز التعبير ؟
لا شك في أن هذه المسألة تحتاج إلى بحث معمق لا يتسع له المجال هنا ، و لكن السؤال المجرّد يُحيل بالمناسبة إلى موضوع تركيا التي تحاول سلطة الحكم فيها منذ سنوات ، ضمها إلى الإتحاد الأوروبي دون نجاح حتى الآن ، بينما هي عضو في الحلف الأطلسي ، مقابل إسرائيل التي أسسها في فلسطين ، كما هو معروف ناشطون في الحركة الصهيونية ، من أصول روسية ـ أوكرانية ، بمساعدة بريطانيا ـ العظمى ، حيث تحظى هذه الدولة بالتأكيد ، بدعم و حماية غير محدودين من الحلف الأطلسي و الإتحاد الأوروبي فضلا عن أنها تمتلك ترسانة نووية تضاهي دولا مثل فرنسا و بريطانيا . فأين حدود أوروبا و أوراوسيا في هاتين الدولتين من زاوية جغرافية طبيعية وسكانية؟

فلا بد هنا من السؤال عن الأسباب التي تدفع السلطة في تركيا إلى " القتال " إلى جانب " الاعداء " بالقوة . فمن المعلوم أن الإتحاد الأوروبي ينحاز عادة في الأزمات التي تتكرر بين تركيا و اليونان إلى جانب هذه الأخيرة . و يتساءل المرء في السياق نفسه عن الموقف الذي تتخذه السلطة الإسرائيلية تجاه نهج السلطة اليمينية المتطرفة في أوكرانيا حاليا ، ضد الأقوام الروسية أو الروسية ـ الأوكرانية ، الذي يمثل دليلا إضافيا على العلاقة الملتبسة بين السياسة من جهة و بين الديانة من جهة ثانية ، بين الصهيونية من جهة و بين الديانة اليهودية خصوصا و الديانات المسماة أبراهيمية على وجه العموم من جهة ثانية .

لسنا هنا بصدد البحث في تفاصيل الدور الذي تضطلع به كل من تركيا وإسرائيل انسجاما مع الخطط التي تقررها داوائر الحلف الأطلسي ، فلقد شاركت الدولتان على سبيل المثالر ، في حروب الأطلسي على العراق ثم على سورية و قبل ذلك على ليبيا. هذا يبرر بداهة ، افتراض تماثل بينهما هذا من ناحية ، و من ناحية ثانية تبرير الظن بأن تكون الغاية من حرب الأطلسي في أوكرانيا هي ضم هذه الأخيرة إلى الثنائي الإسرائيلي التركي ضد الفضاء الأوراسي . ( شاركت اوكرانيا مباشرة في الحرب على العراق و كانت الإمدادات إلى المتمردين السوريين تصل بواسطتها )

على الارجح أن الحرب في سورية كانت موجهة أيضا ضد روسيا التي أجبرت على التدخل دفاعا عن النفس . لا جدال في أن دول الأطلسي هي التي بادرت إلى اشعالها ، مستفيدة كالعادة من الأوضاع الداخلية المضطربة في ظل سياسة مركزية مقصرة وعاجزة و منحرفة ، توفر الظروف الملائمة لظهور الشروخ في المجتمع الوطني و لمعاودة الجروح الغائرة التي يتسبب بها الظلم و الفساد و سوء الأخلاق !















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي