الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوكرانيا: من زرع الريح حصد العاصفة: إطلالة على الحصاد في ظل الوضع الحالي

مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر

(M.yammine)

2022 / 3 / 22
الصناعة والزراعة


21/3/2022
ثلاثة أسابيع من العملية العسكرية الخاصة للقوات المسلحة الروسية في أوكرانيا ستكون لها بالفعل عواقب طويلة المدى على الاقتصاد العالمي. ونحن لا نتحدث هنا عن تكلفة النفط أو الفحم أو الغاز الطبيعي - فقد سجلت الأسعار أعلى أرقام لها تاريخياً وهذا بات على كل شفة ولسان. ومع ذلك، فإن الجانب العسكري البحت للتأثير في أسعار الوقود ليس هو الحاسم: فلا تزال أنابيب ضخ الغاز الأوكرانية نفسها تضخ الغاز الروسي بانتظام إلى الغرب. وهي تضخ بوتيرة متسارعة وبالطريقة التي لم تضخ بها حتى خلال كل الأشهر الأخيرة من عام 2021.


لذا فإن سخونة أسعار الطاقة العالمية هي بالأحرى انعكاس غير سار سببه العقوبات المناهضة لروسيا، والتي حلقت عالياً بشكل غير متوقع، فارتدت على أولئك الذين أطلقوها، على بلدان "الغرب الجماعي" نفسها. وأولئك الذين زرعوا الريح سيحصدون الريح الآن.


نقول زرعوا ... ولكن لا! الآن يفترض أن تبدأ في أوكرانيا حملة رش البذار! ومع ذلك، الأمر مختلف تمامًا على الأرض: طوابير عسكرية، وحقول ألغام، وجسور مفخخة، وموانئ محاصرة، وأزمة وقود ... هل إن العالم مهدد بكارثة جديدة ستكون في بعض النواحي أسوأ بكثير من "الموجة العاتية" الحالية "في سوق الطاقة؟


التربة السوداء ودوار الشمس والزيت


في عام 2021، سجلت أوكرانيا حصادًا قياسيًا للحبوب في تاريخها الحديث. فما يقرب من 44 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في أوكرانيا، الواقعة إلى حد كبير في نطاق التربة السوداء العالية الإنتاجية، جعل من الممكن حصاد 32.8 مليون طن من القمح، و 11 مليون طن من الشعير، و 2.8 مليون طن من حب اللفت وأكثر من نصف مليون طن من الحمص والبازلاء. ولم تتخلف عن مثل هذا مواسم الحبوب الأوكرانية المتأخرة في العام الماضي: فقد تم حصاد 16.7 مليون طن من بذور دوار الشمس وحوالي 38 مليون طن من الذرة في البلاد.


كل هذه الروعة في مواسم الحبوب زائدة عن حاجة أوكرانيا نفسها: فيذهب معظم منتجات زراعة الحبوب للتصدير في أشكال غير مصنعة من الحبوب القابلة للتسويق. الاستثناء الوحيد هو دوار الشمس، حيث تم بناء صناعة جيدة وحديثة لاستخراج الزيت في أوكرانيا من دوار الشمس.


من المثير للاهتمام أن روسيا وأوكرانيا تحتكران سوق زيت دوار الشمس العالمي. فتسيطر الدولتان بشكل مشترك على 77٪ من صادراته عالميا. علاوة على ذلك، تمثل أوكرانيا ما يقرب من نصف إجمالي الصادرات العالمية - 48٪. فوفقًا للإحصاءات المنشورة، في عام 2021، تمكنت شركات استخراج الزيت الأوكرانية من تصدير 5.1 مليون طن من زيت دوار الشمس، والذي أصبح رقمًا قياسيًا في المبيعات.


الآن تعطلت طرق إمدادات زيت دوار الشمس من أوكرانيا تمامًا، وتوقفت معظم مصانع استخراج الزيت. فمن الخطير للغاية تشغيلها في منطقة تدور فيها رحى الحرب: في عملية استخراج الزيت، يستخدمون البنزين العالي التكرير، والذي قد يحول كل مصنع من هذا النوع إلى قنبلة حرارية ضخمة.


بسبب الصعوبات في نقل البضائع عبر الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود، توقف تصدير الزيت الجاهز من أوكرانيا في فبراير/شباط، ووصل مخزون بذور دوار الشمس في المصانع في مارس إلى رقم غير مسبوق فبلغ 1.9 مليون طن، بعد أن زاد تقريبًا 10 مرات خلال شهر. السؤال المطروح هو متى ستتحول هذه البذور الآن إلى زيت.


أدى فقدان نصف أحجام زيت دوار الشمس من التجارة العالمية إلى حدوث تدافع على شرائه غير مسبوق في البلدان المستهلكة. ففي تركيا، واجهت سلاسل البيع بالتجزئة طلبًا سريعًا وقوائم انتظار، مما أدى إلى زيادة حادة في أسعار هذا المنتج. حتى أن الحكومة هنا فرضت لائحة حكومية لأسعار زيت دوار الشمس. وفي إسبانيا، سلكوا مسارًا مختلفًا: فبدأوا في تقنين المبيعات هناك، وبدأ الأسبان المفاجأون في إرسال بعضهم لبعض عبر الإنترنت صوراً لإعلانات مألوفة لدى قرائنا الروس الأكبر سناً حول الندرة في هذه أو تلك من السلع بروح "يسلَّم ما لا يزيد عن خمسة لترات من الزيت باليد". وفي ألمانيا، اختفى بالإضافة إلى زيت دوار الشمس دقيق الخبز العادي أيضًا من المحال التجارية. وهو ما يقودنا بشكل عام إلى اللحظة الثانية الأكثر أهمية في روايتنا هذه.


القمح والذرة وبذور اللفت


كما ذكرنا سابقًا، تتم زراعة معظم محاصيل الحبوب في أوكرانيا بغرض التصدير. فيتم شراء القمح والشعير من أوكرانيا بكميات كبيرة من قبل البلدان السريعة النمو السكاني والمكتظة بالسكان في كل من إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، مثل مصر وإندونيسيا والصين وتركيا وباكستان وبنغلاديش والمغرب وتونس واليمن. ففي العام الماضي وفي الشهر الأول ونصف الشهر الثاني من هذا العام، بلغت صادرات الحبوب، وفقًا للجنة الإحصاء الحكومية الأوكرانية، أكثر من 30 مليون طن، مما جلب لأوكرانيا أكثر من 7.5 مليار دولار من العائدات بالنقد الأجنبي. علاوة على ذلك، كان موسم التجارة في أوكرانيا، بحلول الوقت الذي بدأت فيه العملية العسكرية الخاصة، جارياً على قدم وساق: وهو عادة يستمر حتى مايو ويونيو، عندما يبدأ حصاد وتخزين محصول جديد في نصف الكرة الشمالي. وغالبًا ما يحتفظ المتداولون بمخزون السلع من الحبوب حتى حلول فترة الربيع، عندما تكون أسعار السلع عند حدها الأقصى.


وبالتالي، بناءً على حجم المحصول الذي تحصده أوكرانيا، يمكن افتراض أن حوالي 2/3 من إجمالي حمولة الحبوب المبكرة والمتأخرة في فبراير كانت لا تزال إما في الصوامع (الأهراءات)، أو في الموانئ الأوكرانية، أو في الطريق إليها على طول الطرق اللوجستية الأوكرانية الداخلية. وهذا يعني أنه يمكننا التحدث عن 60 مليون طن من الحبوب، ستتلف، على الأرجح، جزئيًا في أثناء الأعمال العدائية، أو ستدخل السوق العالمية في وقت متأخر جدًا عن المعتاد.


بالنسبة للعالم، الوضع معقد بسبب أن الظروف الجوية السيئة أثرت على محصول عام 2021 لدى موردين عالميين رئيسيين آخرين هم الولايات المتحدة وكندا والأرجنتين. ولم يوفر الطقس السيئ دول الاتحاد الأوروبي أيضًا: فلم يصل حصاد الشتاء هناك العام الماضي إلى الجودة التي كانت متوقعة. على وجه الخصوص، في فرنسا، حيث يتم عادة حصاد حبوب عالية الجودة، يمكن تصنيف ثلثي القمح الذي تم حصاده العام الماضي على أنه من درجة عادية هي الدرجة الغذائية.


بناءً على ذلك، نستنتج أن دور أوكرانيا وروسيا في موسم تجارة الحبوب هذا أكبر منه في أي وقت مضى. علاوة على ذلك، إذا كان فقدان أحجام الإنتاج الأوكرانية بالنسبة لبذور اللفت أو الذرة مؤلمًا، فهو لا يزال غير قاتل، فلئن كانت هذه المحاصيل تعتبر تقليديًا علفًا ومحاصيل صناعية، فإن اختفاء القمح الأوكراني من سوق الحبوب يهدد بكارثة غذائية. لأن نقص القمح في السوق العالمية يمكن أن يؤدي إلى مجاعة عادية في العديد من البلدان المستوردة له.


تعتبر روسيا وأوكرانيا أكبر موردين للقمح في العالم. في عام 2020، الذي كان عاماً هادئًا إلى حد ما، فقدمت روسيا أكثر من 37.3 مليون طن من القمح إلى السوق العالمية، وأوكرانيا ما يزيد قليلاً عن 18 مليون طن. للمقارنة: صدّرت الولايات المتحدة وكندا، اللتان احتلتا في الماضي المركز الأول أو الثاني في تصدير القمح في العالم، 26 مليون طن لكل منهما في عام 2020. في الوقت نفسه، خفضت روسيا في العام الزراعي الحالي، صادرات القمح إلى 22.4 مليون طن. لماذا تم ذلك؟ السؤال مثير للاهتمام، لكن هناك شيء واحد واضح - في المناطق المحررة من سلطة نظام كييف، يعمل "كالساعة" توزيع الخبز على الجميع. لذلك كان من الممكن أن تكون لخطة "الاحتفاظ بالخبز" أهداف بسيطة إلى حد ما: منع هلاك السكان الأوكرانيين جوعاً.


والآن ماذا يمكن أن يحدث في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط التي تعتمد بشكل كبير على القمح الغذائي المستورد؟ لقد تم تقييم ذلك من قبل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (الفاو)، حيث حذروا بجدية من خطر "الفقر على جوع" في العديد من دول العالم. فبالنظر إلى أن روسيا وأوكرانيا تستأثران بنحو ثلث صادرات القمح العالمية، فإن هذا يعني ارتفاع الأسعار، وانخفاض مستويات المعيشة، وعدم الاستقرار الاجتماعي أو حتى المجاعة الكاملة في العديد من البلدان التي تعتمد على الواردات الغذائية. هذا ليس شيئًا جديدًا: فقد تمت الإشارة إلى انخفاض في صادرات الحبوب الروسية بسبب ضعف الحصاد في عام 2010 كأحد أسباب موجة الثورات عام 2011 في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، والتي تعرف باسم "الربيع العربي".


قد تكون "الموجة التاسعة" (أي الموجة الهائلة) للعجز في تجارة الحبوب اليوم أكثر خطورة بكثير من الأحداث التي وقعت قبل أحد عشر عامًا. على سبيل المثال، تشتري اليمن، التي تعتمد بالكامل تقريبًا على واردات الغذاء، ما لا يقل عن 27٪ من قمحها من أوكرانيا و 8٪ أخرى من روسيا. وفي الوقت نفسه، يعاني نصف سكان البلاد البالغ عددهم 30 مليون نسمة من الجوع بالفعل، وقد تصل المجاعة هذا العام إلى مجاعة كاملة تامة.


وستكون هناك مشاكل مماثلة في بلدان أخرى من مستوردي القمح الأوكراني والروسي. على سبيل المثال، تستورد مصر، وهي أكبر مستورد للقمح في العالم، ما يصل إلى 90٪ منه من أوكرانيا وروسيا. ووفقًا للبنك الدولي، يعيش واحد من كل ثلاثة من سكان مصر البالغ عددهم 100 مليون نسمة الآن تحت خط الفقر، لذا فإن أي زيادة في سعر الخبز بسبب ارتفاع أسعار القمح قد تكون قاتلة لما يقرب من 30 مليون مصري.


كما أن احتمال حدوث ارتفاع جديد في أسعار المواد الغذائية قد أخاف الشعب اللبناني، حيث أدت الأزمة الاقتصادية العميقة والانخفاض الحاد في قيمة العملة إلى جعل العديد من السلع الأساسية غير متاحة لملايين الأشخاص. وليس لدى لبنان مكان آخر يذهب إليه - فقد وفرت أوكرانيا حوالي 60٪ من واردات لبنان من القمح، ولا يوجد مكان لاستبدال هذه الكميات.


الأسعار تحطم أرقاما قياسية. وسوف تحطم بعد أكثر


أدت محاولات البلدان المستوردة لتأمين إمدادات مؤكدة من القمح والحبوب النادرة الأخرى إلى ارتفاع هائل في الأسعار في السوق العالمية. فارتفعت أسعار القمح الغذائي في بورصات السلع الأساسية مرة أخرى في فبراير، على خلفية التوترات المتزايدة في العلاقات بين روسيا وأوكرانيا وبعد أحداث يناير في كازاخستان. وفي مارس، بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، تم تحديد رقم قياسي جديد لسعر القمح عند 315 دولارًا للطن. تاريخيًا، كان القمح باهظ الثمن مرة واحدة فقط - في فبراير 2008، على خلفية ضخ جنوني في السوق لللسيولة قبل الانهيار المالي في خريف عام 2008 وفي مواجهة فشل فظيع في محاصيل البلدان الرئيسية المصدرة للقمح.


ومع ذلك، حتى هذه المقادير الضخمة لأسعار بورصة القمح، وهو كان يكلف حوالي 150 دولارًا للطن قبل عامين فقط - ليست نهائية على ما يبدو. وجوهر الأمر هو أن الخطر لا يحيق اليوم فقط بمحصول أوكرانيا لعام 2021 الذي تم حصاده أو تصديره ، ولكن الأهم من ذلك، محصول هذا العام.


مناطق الحبوب الرئيسية في أوكرانيا هي وسط وجنوب شرق البلاد، وهي بالضبط تلك المناطق التي أصبحت اليوم منطقة أعمال عدائية نشطة. المناطق الجنوبية من البلاد: أوديسا، خيرسون، زابوروجييه، نيكولاييف ودونيتسك، تزرع تقليديًا القمح والشعير ودوار الشمس، وهي الزراعات التي لا تتطلب معدل هطول للأمطار مرتفعًا. وإلى الشمال، في مناطق فينيتسا وكيروفوغراد ودنيبروبيتروفسك وبولتافا ولوهانسك، تتم إضافة الذرة وبذور اللفت إلى هذه المحاصيل وهي تتطلب رطوبة أكبر. وفي منطقتي خاركوف وفينيتسا، بالإضافة إلى ذلك، يزرع بنجر السكر (الشمندر السكري)، وفي شمال البلاد – في مناطق تشيرنيهيف وسومي وكييف وجيتومير وريفني تنتشر زراعات القمح ودوار الشمس والذرة، التي تنضج هناك بشكل سيئ.


وهكذا، عند النظر إلى خريطة التماسّ بين الطرفين اليوم، يتضح تمامًا أن حملة رش البذار في معظم المناطق الأوكرانية إما فشلت، أو هي معرضة لخطر الانهيار الكامل.


هناك عدد من العوامل، وجميعها تقريبًا سلبي. ففي أوكرانيا، بدأ ينهار بالفعل القطاع النقدي، الذي كان دائمًا يقدم للمزارعين قروضًا مقابل الحصاد القادم،. وتعطلت الخدمات اللوجستية: فليس من الآمن التحرك على طرق البلاد، ولم يعد جزء من شبكة السكك الحديدية يعمل بشكل رسمي. أوكرانيا معزولة عن الأسواق العالمية للبذور ومبيدات الآفات والأسمدة المعدنية: فغالبًا ما يكون من المستحيل إحضارها إلى البلاد، وإذا أحضرت، فلا يمكن بتسليمها للمستهلكين. وهناك قضية منفصلة أخرى هي وقود الديزل والبنزين، والذي بدونه لا يمكن القيام بحملة بَذر. لقد أصبح الوقود ومواد التشحيم الآن "هدفًا عسكريًا مشروعًا"، ووصل عدد مرافق تخزين الوقود الأوكرانية المدمرة إلى العشرات.


بالإضافة إلى ذلك، أعلنت سلطات كييف عن التعبئة العامة في البلاد، والتي بموجبها سوف يسقط من حساب البيدر في المقام الأول أولئك الذين يعرفون كيفية قيادة جرار أو حاصدة دارسة اقرأ - ناقلة جند مدرعة أو دبابة. العامل الثاني هو مسألة اللاجئين. فوفقًا للأمم المتحدة، غادر أوكرانيا حتى الآن أكثر من 3.2 مليون من سكانها، ولا يزال نزوح السكان في جميع الاتجاهات مستمرًا.


وأخيراً، لم يُلغ أحد أثر الأعمال القتالية نفسها. يحاول الجيش الأوكراني الرد على العملية العسكرية الروسية الخاصة بحرب شاملة. فتقوم القوات المسلحة الأوكرانية بتلغيم الحقول الصالحة للزراعة، والطرق الريفية، وتفجير الجسور على الطرق السريعة والسكك الحديدية، وتجعل أنظمة إمدادات الطاقة والغاز غير قابلة للاستخدام، وغالبًا من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، نتيجة قصف الأراضي التي احتلتها القوات الروسية. بالطبع، تنظيم حملة بذر في ظل هذه الظروف.


الآن، بسبب ورود بيانات مجزأة وغير كاملة "من الأرض"، من أجزاء مختلفة من أوكرانيا، من الصعب للغاية تكوين صورة عامة لما يحدث. ومع ذلك، حتى التقييم المتفائل يشير إلى أن أوكرانيا لن تحصد في عام 2022 أكثر من ثلث محصول الحبوب القياسي في عام 2021. وهذا فقط إذا توقفت الأعمال العدائية في غضون شهر ونصف إلى شهرين. أما خلاف ذلك، فلن يتعلق الأمر فقط بكون القليل قد تم زرعه في البلاد، بل سيكون من المستحيل على الأقل ببساطة حصاد بعض المحاصيل في أوكرانيا، وستتحول البلاد إلى منطقة كارثة إنسانية وستحتاج إلى مساعدات غذائية من روسيا ودول أخرى ومن هيئات مثل برنامج الغذاء للأمم المتحدة.


استنتاجات محزنة


لا يوجد شيء عمليًا يمكن أن يحل سريعًا محل كميات الحبوب المفقودة من السوق في أوكرانيا وروسيا. لقد كان العالم كله يعيش "من الحصاد إلى الحصاد" لمدة عشر سنوات جيدة، حيث كانت تفرغ المستودعات كلياً في الوقت المناسب تمامًا لمحصول العام الزراعي الجديد. ولم يعد من الممكن مساعدة شمال إفريقيا أو الشرق الأوسط "في لحظة". فمن روسيا أو أوكرانيا، كان يمكن إيصال الحبوب إلى هناك في غضون سبعة أيام، بينما يستغرق التسليم من منطقة أمريكا الشمالية حوالي الشهر.


المجاعة شبه الحتمية في هذه البلدان التي تعتمد على الغذاء من روسيا وأوكرانيا، يمكن أن تؤدي إلى "ربيع عربي" جديد، وفي ظل وضع أسوأ بكثير من أحداث عام 2011. وسيؤدي هذا حتماً إلى موجة ضخمة جديدة من اللاجئين، أولاً نحو أوروبا الغربية الغنية والتي لا تزال تتغذى جيدًا، والتي تتعرض الآن لهجوم اللاجئين إليها من أوكرانيا. وفي نهاية الربيع، قد يصبح الوضع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حرجًا، وفي بعض البلدان، مثل اليمن أو مصر، قد يصبح حتى لا يطاق. يقدر خبراء الأمم المتحدة ورئيس هذه المنظمة، أنطونيو غوتيريش، هذه الموجة الأولى بما لا يقل عن 10 ملايين شخص، ولكن قد يكون هذا التقدير أدنى مما سيحصل فعلا. وكما ذكرنا سابقًا، سيكون حوالي 30 مليون شخص على وشك المجاعة في مصر وحدها.


قال الأمين العام للأمم المتحدة، إن كتلة خدمات المنظمة في بياناتها الأخيرة تشير حرفياً إلى ما لا مفر منه: بحلول الخريف، سيتوقع النظام العالمي الغربي الحالي "عاصفة كاملة" أخرى. فستواجه أوروبا أزمة طاقة حادة، وهبوطًا عالميًا في الدخل المتاح للسكان وتضخما في التكاليف، وترشيداً للمنتجات - وحتى الملايين من اللاجئين الذين سيتدفقون إلى الاتحاد الأوروبي من جميع الجهات حرفيًا.


ما زرعته الدول الغربية في أوكرانيا ستجنيه. وكما يقال، من جناهم ستعرفون ما الذي زرعوه.

من مدونة لكسي أنبيلوغوف (Alexey Anpilogov)
ترجمة م. ي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة