الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في نقد التصورات المثالية

صوت الانتفاضة

2022 / 3 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


القسم الاول

(التاريخ لا يفعل شيئا، انه الانسان، الحقيقي الحي، هو الذي يفعل كل شيء) ماركس.

كثيرة هي التصورات التي يلقيها البعض من على مواقع التواصل الاجتماعي، او نسمعها من داخل الحلقات النقاشية التي تجري داخل أوساط المثقفين؛ مشكلة هذه التصورات انها ترسخت لدى قسم واسع من الناس، وقد لمسناها أيام الانتفاضة الى حد ما، فقد عرف مروجيها كيف يدخلوها بعقول بعض "المثقفين الشباب" وجعلها من البديهيات، بسبب ما تملكه من جاذبية وسهولة في الطرح؛ فمثلا ان الكثير يقول ان مشكلة المجتمع في العراق تكمن في "تغيير العقلية"، أي ان السبب في تراجع الواقع الاجتماعي هو في تبني "عقلية" اجتماعية من نوع محدد، وفي تبديل وتغيير هذه "العقلية" سيكون الحل لجميع المعضلات، او ان المشكلة في "التنوير" او " الحداثة"، فنحن لم نمارس الفكر التنويري او لم نصل لمرحلة الحداثة، الخ من هذه التصورات التي مٌلئت بها مواقع التواصل الاجتماعي وقشلة المتنبي؛ لكننا سوف لن نتوقف عند هذه التصورات، بسبب ضيق مجالها الاجتماعي، فهي محصورة بعدد محدود جدا من المثقفين، وتأثيراتها الاجتماعية تكاد تكون معدومة.

لكن أكثر طرح لاقى ويلاقي قبولا داخل الأوساط الثقافية، وهو اليوم يشكل علامة فارقة في النقاشات والجدالات، هو ذلك الطرح المتداول والذي يقول ان "الفترة الملكية من تاريخ العراق السياسي هي الفترة الذهبية، وان التغيير الذي حدث عام 1958 كان هو الخطأ الأكبر؛ وان المأسي والمعاناة التي يمر بها المجتمع اليوم هي نتيجة ذلك الخطأ".

"مكر اللغة الايدولوجية كله في ملمسها المخملي" هذا ما كان يقوله وبشكل جداً صائب المفكر مهدي عامل، فهذه الطروحات "تجوهر" وبشكل ناعم ولطيف فترة تاريخية محددة، وتجعل الوقوف عندها هو الشرط اللازم لسعادة الناس؛ وسدنة هذا الطرح دائما ما يستشهدون بمشاريع "الملك" او "الوصي" او "الباشا"، ويتحدثون بطريقة عالم الاجتماع "علي الوردي" الشعبية عن تلك الفترة، وكيف كان "الملك او الباشا" يتعاملون مع الناس وكيف كانوا يديرون دفة الأمور؛ ويتحرك ممثلي هذا التصور المثالي بميدان ("الروح الصرف" ويجعلون من هذا الوهم القوة المحركة للتاريخ) كما يقول ماركس؛ ويسعون جهد الإمكان لتكريس وترسيخ هذا الفهم عند الناس بشتى الوسائل، وليس اخرها ما طرحه احد مقدمي البرامج التلفزيونية، الذي قال ان "الشروع بالهاوية بدا مع 1958"، وقد احدث ضجة واسعة بين المدافعين عن "الزعيم" وبين الذين يحنون الى فترة "الملك-الباشا".

إذا ما رجعنا الى الجذور الاجتماعية والطبقية لهذا التصورات، فلا تصيبنا الدهشة إذا ما عرفنا ان اغلب مؤيدي الفترة الملكية هم من أبناء المدن، أي الذين سكنوا بغداد وبعض المدن الأخرى أيام الاحتلال البريطاني، فهؤلاء لم يكونوا يعانون مثلما كان يعاني المجتمع الريفي؛ اما الطرف الاخر الذي يحن الى الفترة الملكية فهم "شيوخ العشائر" الذين كانت لهم الأرض وما عليها، فقد كانت "الأرض هي محور المشيخة في ظل نظام الحكم الملكي" كما يقول حنا بطاطو، وقد وهبتها الحقبة الملكية لهم وأجزلت العطاء.
#طارق_فتحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في