الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع بين الديمقراطية والاستبداد محور عربي إسرائيلي مناهض لإدارة بايدن

يعقوب بن افرات

2022 / 3 / 24
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



في خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي انتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الموقف الإسرائيلي، متسائلاً “لماذا تتخذ إسرائيل موقف المتفرج ولا تختار دعم أوكرانيا التي تتعرض للعدوان؟”، ورفض زيلينسكي رفضاً قاطعاً الادعاء الإسرائيلي بالتزام الحياد لاسيما وأن نفتالي بينيت يلعب دور الوسيط بين الطرفين.

وعلى الرغم من التبرير الإسرائيلي بالحفاظ على المصالح الحيوية مع الروس في التنسيق الأمني في سوريا، إلا أن الأسباب التي دفعت إسرائيل إلى الانحياز إلى جانب بوتين كثيرة وعميقة، لأن المصلحة الاستراتيجية الإسرائيلية تفترض نجاح بوتين في أوكرانيا وخسارة بايدن.

ولكن الأمر المحير هو كيف ممكن لإسرائيل، التي تعتبر الحليف الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة أن تدير ظهرها لواشنطن، في أخطر وأهم منازلة بين أمريكا وروسيا منذ انتهاء الحرب الباردة، والانحياز لصالح الروس رغم إلحاح الأمريكيين ومطالباتهم إسرائيل بالوقوف معهم في هذه المعركة.

قمة شرم الشيخ: التحالف الإسرائيلي الإماراتي المصري يقف مع بوتين

ولفهم هذا التطور الخطير يجب علينا أن نتخلى عن الآراء السياسية المسبقة، التي تقادم عليها الزمن والتي تقسم العالم إلى قطبين، الشرق والغرب، روسيا من جانب والولايات المتحدة في الجانب الآخر، وعلينا أن نعتمد رؤية أكثر دقة وموضوعية لنفهم أن العالم منقسم اليوم بين معسكرين من نوع آخر، هما معسكر الاستبداد ومعسكر الديمقراطية.

إن حدود المعسكرين ليست إقليمية أو جغرافية، بل فكرية وسياسية بالدرجة الأولى، فمعسكر بوتين له امتدادات داخل أمريكا نفسها وفي إسرائيل أيضاً والعالم العربي، ويمثله كل من ترامب ونتنياهو وبينيت ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد وعبد الفتاح السيسي وبشار الأسد، الذين يرون في نموذج بوتين قائداً في الحرب ضد الليبرالية والقيم الديمقراطية ويسعون لإسقاط بايدن بأي ثمن.

كانت قمة شرم الشيخ، الثلاثاء 22 أذار/مارس 2022، التي جمعت بينيت والسيسي ومحمد بن زايد في أوج اشتعال الحرب في أوكرانيا، بمثابة إعلان رفضهم القاطع لسياسة الرئيس الأمريكي بايدن في المنطقة. وقد علق الخبير الإماراتي عبد الخالق عبد الله لصحيفة “نيو يورك تايمز”، في 22 آذار/مارس 2022 على القمة الثلاثية قائلاً، إن “القادة الثلاثة يريدون أن يرسلوا رسالة، جماعية وليس فردية، لكل من إيران والولايات المتحدة، فحواها بسيط وينص على رفض مطلق لانفتاح بايدن تجاه إيران وانتقاداته المستمرة للأنظمة العربية فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان”.

وقد قامت دولة الإمارات بخطوة استفزازية تجاه إدارة بايدن باستضافة بشار الأسد، يوم الجمعة 18 آذار/مارس 2022، في الوقت الذي يدك فيه بوتين المدن الأوكرانية فوق رؤوس المدنيين الأبرياء الأمر الذي يعيد للأذهان ما فعله سلاح الجو الروسي في حلب والمجازر الفظيعة، التي أرتكبها حليفه الأسد بحق الشعب السوري. وفي المقابل قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن الولايات المتحدة “تشعر بخيبة أمل وانزعاج عميقين” من زيارة الأسد، ووصفها بأنها “محاولة واضحة لإضفاء الشرعية على رئيس النظام السوري الذي سيبقى خاضعاً للمساءلة عن تسببه في مقتل ومعاناة ملايين السوريين، وتشريد أكثر من نصف الشعب السوري، إضافة لملف الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري لأكثر من 150 ألف رجل وامرأة وطفل سوري.

مصدر الخطر للعالم

إن الخلاف بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية عميق وجوهري، إسرائيل تقول إن الخطر الرئيسي على أمن العالم وسلامته النظام الإيراني وترى أن سعي بايدن للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع الإيرانيين يعتبر خطأ استراتيجي يهدد الأمن القومي لإسرائيل وحلفائها في المنطقة. ومن جهة أخرى تعتبر إسرائيل الرئيس الروسي بوتين شريكاً في فرض الأمر الواقع في المنطقة مما يعني إبقاء بشار الأسد في الحكم وتقوية التعاون مع دول الخليج والنظام المصري.

في المقابل يتجه الرئيس الأمريكي نحو توقيع اتفاق جديد مع إيران وتوطيد العلاقة مع دولة قطر. فقد التقى بايدن بأمير قطر الشيخ تميم في البيت الأبيض ووعد بأنه سيصنف قطر عما قريب حليفاً رئيسياً من خارج حلف شمال الأطلسي، ومنحها مكانة خاصة كدولة صديقة رئيسية في المنطقة.

وجاءت زيارة الأمير القطري للبيت الأبيض على خلفية تصاعد التوتر بين السعودية والإمارات وبين الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة، وتمثلت في رفض الرياض وأبو بي طلب الإدارة الأمريكية زيادة انتاج النفط لمنع ارتفاع أسعاره عالمياً. ويشار إلى أن العقوبات الاقتصادية الغربية على موسكو أدت إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار الوقود على مستوى العالم، الأمر الذي ساهم في زيادة معدلات التضخم المالي وبالتالي وتذمر شديد ضد بايدن الذي يفقد من شعبيته داخل أمريكا.

ولا تخفي كل من السعودية والإمارات استيائهما من سياسة بايدن، وتبذلان جهوداً لمنع فوزه في ولاية جديدة وإعادة ترامب مجدداً إلى البيت الأبيض، وتتشارك إسرائيل مع الدولتين الخليجيتين في هذا الطموح أيضاً، لأن ترامب كان مهندس اتفاقات “أبراهام”، للتطبيع مع دول عربية، والتي تشكل ركناً أساسياً في ضمان أمن إسرائيل وحلفائها في المنطقة. في المقابل قد يراهن البيت الأبيض على أن الغاز القطري من ناحية والنفط الإيراني من ناحية أخرى سيشكلان بديلاً بسبب رفض السعودية زيادة انتاجها وانحيازها لصالح روسيا.

الموقف الفلسطيني الخاطئ

مما لا شك فيه، يخطأ الفلسطينيون في قراءة الخريطة السياسية الدولية، بقياداتهم ومثقفيهم الذين يبررون لأنفسهم عدم الوقوف لصالح أوكرانيا والمعسكر الديمقراطي بشتى الحجج من بينها أن زيلينسكي “صهيوني”. كما يقول الكثير منهم بإن الاهتمام العالمي بالحرب الأوكرانية هو دليل على سياسة الكيل بمكيالين لأنه لا أحد يذكر الاحتلال الإسرائيلي.

وهناك أيضاً، وهم خطير ينص على أن الحرب الحالية في أوكرانيا تحمل في طياتها مؤشرات إيجابية لأنها تعيد التوازن إلى النظام العالمي عبر خلق عالم جديد يتسم بالصراع بين “القطبين” وزوال العالم أحادي القطب أو القطب الأمريكي الأوحد.

ويقول دعاة هذا التحليل إن إعادة تقسيم العالم إلى قطبين، مثلما كان قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، يوفر للفلسطينيين خيارات أوسع للعب بين أمريكا وروسيا. ويأتي هذا الموقف استمراراً للموقف من الثورة السورية، حيث انحازت القيادات الفلسطينية على اختلاف أطيافها إلى بشار الأسد وتبرير جرائمه بحق الشعب السوري بما فيها استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين العزل، والزعم بأن الثورة هي “مؤامرة أمريكية”.

ما يعجز هؤلاء عن فهمه هو أن فوز بوتين في حربه الإجرامية ضد أوكرانيا لن تكون نتيجته تشكيل قطب مضاد لأمريكا لصالح الشعوب، بل سيشكل انتصاراً لبوتين وهزيمة لبايدن أي انتصاراً كبيراً لدونالد ترامب وصديقه الحميم نتنياهو.

حلفاء بوتين العرب ضد الفلسطينيين

إن انتصار بوتين هو انتصار للأنظمة العربية التي قررت دفن القضية الفلسطينية للأبد والتحالف مع إسرائيل تحت حجة مواجهة إيران وإسقاط بايدن في الانتخابات القادمة. أما الفلسطينيون الذين يطالبون بالتضامن معهم كشعب خاضع للاحتلال لا يمكنهم أن يصروا على إدارة ظهورهم لما يتعرض له الشعب الأوكراني لأبشع الجرائم على يد بوتين.

كما يجدر السؤال، كيف يمكن أن نتخيل تحرير الشعب الفلسطيني، في حين يقبع آلاف المناضلين العرب من أجل الحرية في السجون السورية والمصرية والسعودية بسبب معارضتهم للاستبداد ومناداتهم بالديمقراطية. وكيف ممكن لشعب يطالب العالم بالتضامن معه ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي أن يتجاهل تماماً جرائم بشار الأسد وحلفائه من الإيرانيين والروس الذين شردوا ملايين السوريين من بلادهم وذبحوا نصف مليون مواطن بالبراميل المتفجرة والكيماوي.

من هنا، فإن من يقف ضد الاحتلال الإسرائيلي في الحقيقة ويعمل لزواله لا بد أن يقف إلى جانب الأوكرانيين والمعسكر الديمقراطي الذي يقوده اليوم الرئيس الأمريكي بايدن. كما أن فوز بوتين في هذه المعركة المصيرية سيكون ضربة قوية للقوى الديمقراطية في العالم وداخل الولايات المتحدة نفسها. وفي الوقت نفسه فإن عودة ترامب للحكم لن يمهد طريق الحرية للفلسطينيين، بل على العكس سيكون انتصاراً لليمين الفاشي الإسرائيلي، الذي يحن لأيام ترامب مثله مثل كل الأنظمة الاستبدادية في المنطقة.

ويجب التنويه إلى أن أمريكا بقيادة بايدن لا تعتمد سياسة “امبريالية” وروسيا بقيادة بوتين ليست “تقدمية، هذه المفاهيم وغيرها العديد من المصطلحات الأخرى قد أصبحت قديمة في واقع العولمة والانفتاح المعرفي وسهولة التواصل.

في حين، يريد بوتين واليمين الفاشي العودة إلى عصر القومية، ويعتمدون شعارات من قبيل “أمريكا الكبرى” أو “روسيا الإمبراطورية” أو “إسرائيل الكبرى” أو ” بريطانية الأصلية”، وهذا هو حال الأنظمة الديكتاتورية، وعالم الملوك والأمراء، ولكن لا يمكن إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء ولا بد للعقل والعلم والانفتاح بين الشعوب أن ينتصر.

إسرائيل اختارت لأول مرة المعسكر الخاسر، معسكر بوتين ضد بايدن، وذلك بسبب رؤيتها القومية الدينية الضيقة، الأمر الذي يعتبر خطأ فادحاً وسيكون له ثمناً باهظاً. وفي الوقت نفسه قرروا للفلسطينيين أن يبقوا خارج التاريخ، ويكررون اخطائهم القديمة والوقوف مع قوى الاستبداد بتناقض سافر مع مصالحهم كشعب محتل يطمح للحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ