الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطيئة كاملة

صفاء بوالجداد

2022 / 3 / 26
الادب والفن


لا زلت أسمع دقات قلبي حينما جئت الى هذا المكان أول مرة في سن 18، وفي داخلي جرح عميق ،كل من في الدوار بات يعلم سري، و لأن لا أحد هناك يتقبل الاختلاف.. طردوني، حتى ذلك الذي شاركني الخطيئة تبرأ مني. كم هو قاس أن تكون منبوذا.
لقد كان فقيه الدوار أول رجل أحببته، لكنه لم يكن مبال بمشاعري ، كان يراني خطيئة ووسوسة شيطانية، كنت أعلم ذلك لكنني رضيت بدور الضحية إلى الآخر .

أنا أنثى ،مع أنني لا أعلم ما يغريني في ذلك ، هل متعة الإيلاج الجسدية؟ أم أنه شعور آخر معنوي وممزوج ببصمة جسدية؟.

ما أريح هذا المكان .. هنا لست " حميد الزامل" أنا هنا "الكاملة" لأنني أشعر بكمال أنوثتي.. هنا عالم آخر يختلف عن الحانات الأخرى .. الأماكن الخاصة بالمثليين أشبه بعالم مواز، ووحدها المدن الكبرى قادرة على استيعاب كل شيء وكل شخص ..ففي المدن الصغرى الكل موضوع في قالب واحد و أي حالة اختلاف تتحول إلى فضيحة عمومية تكسر رتابة العيش هناك.

هنا يأتي الرجال لمضاجعة رجال آخرين ومن يقول إنه يأتي لسماع الموسيقى أو لشرب بضعة كؤوس أو للتعارف الاجتماعي فهو كاذب. يأتي الجميع لإطفاء نيران أجسادهم. وارتكاب خطايا يندمون عليها و يعودون لها مجددا .. وهكذا يستمر فيلم الرغبات المحرمة.
بعد مرور آلاف الأيام يشبه رجل اليوم أول رجل حولني ل"الكاملة" إلى حد بعيد. عينان زرقاوان صغيرتان، لكنهما مشرقتين تتركان أثرا مثيرًا، هو مزيج من الإغواء القاتل والطيبة؛ جسده رجولي نحيل قليلا، ولكنه طبيعي، أي أن الحياة كوّنته وليس صالات الرياضة ،هذه هي الأجساد التي أفضلها.
تفاصيله.. يا الهي؛ منحوتة وتصلح أن تحفظ في المتاحف. هنالك غموض بري في هذا الرجل، أعشق الرجل الذي ينقض عليّ بقبلة شرهة، فهو يختزل أكثر من منتصف الطريق ويزرع في بدني الشهوة التي لا رجعة فيها ولا ندم. تداعب لحيته الطويلة بشرتي الدقيقة. ينتفض بدني ويكتسب ليونة خارقة. يعرف هذا الرجل ماذا يفعل ولا مكان للأسئلة بيننا، يتقاطع جسدانا في نهر هادر.
يلجني الرجل الأبيض صاحب اللحية فأشعر -يا للعجب- بأني رجل حقيقي. أقبض على مؤخرته وأثبت كيانه داخلي كي أشعر أكثر وأكثر بأني رجل .. نعم أشعر بالرجولة في أنوثتي.

ينهض هذا العابر الذي زرع السعادة الخبيثة داخلي ويبلغني بأنّ عليه المغادرة. أستلقي قربه.. أنتظر حتى يخرج من الحجرة ثم اتكئ قليلا. لا أريد أن أستحمّ الآن؛ أريد أن أبقي بعضا من نكهته على جلدي. أستل سيجارة ما بعد الجنس المجيد. وأتأمل كيف تغيرت ملامحه بشدّة، أصبحت حادة وجامدة. يلبس بنطلونه الأسود التقليدي وقميصًا أبيض. هل هو موظف، محامٍ أم قاضٍ؟ يلبس جاكيت أسود ويخرج حقيبة كحلية يرمي ورقة نقدية من فئة 200 درهم ، بطريقة مذلة .
خطيئتي عظيمة ..
خطيئتي عظيمة جدّا..
و أنا تلك الخطيئة..

منذ أن دخلت هذه " الحفرة " لم أخرج قط ، قررت أن أخرج اليوم بملابس نسائية .. نتفت آخر شعرة، ووضعت أحمر شفاه، وأحمر الخدود على توردّ خدّي، وأضفت لمعة لشعري الأصفر، وسرت في الطرقات باهتزازات ناعمة، حتى باغتني حجر طائش من غريب .
سقطت مبتسمة رأيت "الكاملة "تخرج مني لقد كانت جميلة جدا، حميد أيضا خرج، وبقيت جثتي .
"الموت هو كل ما كان ينقصني لأكون أنا"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ