الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطرف وبيئاته الحاضنة

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2022 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


التطرف وبيئاته الحاضنة
نهاد أبو غوش
تنتشر أفكار التطرف والراديكالية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية لعدة أسباب يرتبط بعضها بأسباب داخلية، وبعضها الآخر يرتبط بعلاقات الغرب والشرق، أي بين المراكز الاستعمارية السابقة والدول والشعوب التي استقلت في أواسط القرن الماضي، ويمكن إجمال مظاهر وأسباب الأزمة في ما يلي:
1- عدم حل القضية الفلسطينية واستمرار معاناة الشعب الفلسطيني لأكثر من 70 عاما، وشعور مئات الملايين من العرب والمسلمين أن الغرب الاستعماري يدعم ويمالىء دولة إسرائيل التي تقوم سياساتها على الاحتلال والظلم والقهر، وهو ما يولد مشاعر دائمة من الغضب والسخط والقهر، وترتبط استمرار معاناة الشعب الفلسطيني بمشاهد يومية استفزازية باتت تنتشر بسهولة في كل العالم من اقتحامات للأماكن المقدسة، وقتل مجاني للأطفال والمدنيين بشكل عام، وهدم للبيوت والاعتقالات والمداهمات، مما يزيد من حالة القهر ويولّد شعورا بعجز الحكومات والأنظمة الرسمية، وعدم فعالية القانون الدولي والمعاهدات، كما يولّد رغبات دائمة بالانتقام والرد على هذه الاستفزازات.
2- اختلال العلاقات الاقتصادية والسياسية بين بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، يتبدّى ذلك في المشكلات الاقتصادية الدائمة لدى شعوب الغرب، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، والإحساس بأن الأنظمة السياسية تدور في فلك الشرق /الجنوب، وأن اقتصاديات دول الشرق تابعة وملحقة بالغرب الاستعماري الذي يواصل نهب خيرات الشعوب، فضلا عن اختلال معادلة العلاقات الاقتصادية والتقسيم الدولي للعمل والثروة بحيث أن الغرب يتحكم بالرساميل الكبرى والتكنولوجيا والمؤسسات المالية بينما ينحصر دور الدول المستعمرَة سابقا بكونها منتجة للمواد الخام، وأسواق مستباحة لبضائع الغرب.
3- الإنجازات التي حققتها الدولتان السورية والعراقية على طريق القضاء على تنظيم الدولة (داعش) بمساعدة روسيا وإيران، قضت على شكل معيّن من أشكال انتشار التطرف الراديكالي، وهو خضوع منطقة جغرافية واسعة لسيطرة تنظيم إرهابي، ووجود نظام إدارة لهذا التنظيم، لكن ذلك لا يعني القضاء كليا ( في المدى المنظور على الأقل) على وجود التنظيمات الإرهابية وخطرها، وبالتالي يمكن لهذا الفكر والممارسة الإرهابية أن تتجدد بأشكال جديدة إما على شكل أفراد أو مجموعات صغيرة، وهو شكل قادر على التمدد والانتشار في مختلف بلدان العالم، وكذلك قادر على استهداف المدنيين والمرافق الحيوية وإلحاق أذى كبير
4- من اسباب انتشار التطرف في منطقتنا: رد فعل على انتشار التطرف الغربي والإسرائيلي: صعود اليمين الشعبوي في الغرب وحزب الليكود واليمين المتطرف والشعبوي في إسرائيل، وهو ما يدفع فئات من الشباب لتبني نماذج متطرفة محلية.
5- تشجيع ورعاية الولايات المتحدة ودوائرها الاستخبارية للجماعات الدينية المتطرفة بدءا من جماعة الاخوان المسلمين التي جرى رعايتها وتوظيفها ضد الاتحاد السوفييتي السابق وضد الانظمة التي تبدي نزعات استقلالية عن الهيمنة الغربية (مصر عبد الناصر، سوريا في الثمانينات) ولاحقا دعم ورعاية جماعات المجاهدين في افغانستان التي تمخض عنها تنظيم القاعدة، وتفرعاته مثل داعش والنصرة.
6- كون هذه الجماعات والتنظيمات تأسست بتشجيع الولايات المتحدة وبعض الأجهزة الاستخبارية لا يعني أن المؤسسين قادرون على استمرار السيطرة على هذه التنظيمات وما يتفرع عنها أو ينبثق عنها من تشكيلات جديدة، هنا يمكن ملاحظة أن تنظيمات الجهاد السلفي الإرهابي وجماعة التكفير والهجرة في مصر انبثقت عن جماعة الاخوان المسلمين، وطالبان والقاعدة انبثقتا عن جماعات المجاهدين التي مولتها السعودية وسلحتها الولايات المتحدة لكنها انقلبت عليهما ووجهت لهما ضربات قاسية.
7- فشل الدول المستقلة حديثا عن المستعمرات السابقة في تحقيق التنمية والاستقلال الحقيقي عن المستعمِر السابق، وفشلها كذلك في بناء دولة المواطَنة، دولة الحقوق والواجبات، واستمرار مظاهر هويّات "ما قبل الدولة" على حساب الهوية الوطنية، وانتعاش مظاهر الانتماء الطائفي والمذهبي والقبلي والعشائري والعرقي على حساب الانتماء الوطني، كل ذلك أدى إلى سيطرة وتحكم أنظمة وطغم حاكمة تستند إلى قاعدتها الجزئية (العشيرة، الطائفة) لا القاعدة الوطنية، وزيادة الشعور بالإقصاء والتهميش لدى فئات واسعة وتتسع باستمرار وخاصة لدى قطاع الشباب.
8- غياب الديمقراطية والحريات العامة، وغياب المنافذ الصحية والعلنية للتعبير عن الرأي وممارسة حق العمل السياسي مما يُلجىء الشباب والراغبين في العمل العام لتنظيمات سرية غالبا ما تكون معارضة للدولة والنظام ومتطرفة.
9- انتعاش أفكار التطرف الديني التي زاد انتشارها ارتفاع نسبة الأمية والجهل والفقر، وانتشار نماذج مموّلة ومدعومة للفكر التكفيري الذي جرى دعمه في عقود سابقة لمواجهة الفكر اليساري والاشتراكي، لكنه تمخض لاحقا عن موجات للتطرف والإرهاب مثل جماعات التكفير والهجرة في مصر، ثم طالبان والقاعدة، وصولا لتنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص