الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في نقد التصورات المثالية-القسم الثالث

صوت الانتفاضة

2022 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


((ان ما بي موجود فيكم جميعا، وأنتم يا من تنظرون الي بشماتة بليدة، انما تسخرون، بغباوة، من الانسان الحال فيكم. انني واحد منكم، واحد من ملايين المسوخ البائسة التي تترامى دفقات من طين لزج على شاطئ الحياة)) عبد الملك نوري...نشيد الأرض.

((توجس الأهالي وخافوا من ارتحال جديد، وتذكروا وقائع الرحلة التي قام بها اسلافهم المكتشفون الأوائل والتي اضافوا اليها الكثير من الاخيلة والمبالغات عاما بعد عام)) عبد الله صخي.... خلف السدة.

اغلب الطروحات التي تتناول هجرة الفلاحين تنطلق من ذاتية خالصة لهؤلاء الفلاحين، أي انهم "الفلاحين" فضلوا ان يهاجروا الى المدن بمحض ارادتهم؛ والطرح الاخر "الماشي شعبيا" هو ان عبد الكريم قاسم هو من فضل بقائهم وعزز من الهجرة وقواها بشكل ملفت بأنشائه المدن لهم، واعطائهم المساكن؛ هذه الطروحات هي السائدة عند الكثير من المثقفين وداخل الأوساط الاجتماعية، وهي التي ستقود الى الطرح برفض التغيير الذي حدث عام 1958، وتحميله لكل المأسي في العراق.

(اننا ننطلق من الناس من حياتهم الواقعية والعملية، ومنها نتمثل ونتصور الانعكاسات والاثار الأيديولوجية لهذه العملية الحياتية) ماركس.

شيئا فشيئا بدأت بالتدهور العلاقة بين الشيخ وافراد عشيرته، فالشيخ انفصل أكثر وأكثر عنهم، وبدأت اشكال علاقات جديدة، صارت حياة الفلاح وأسرته بيد الشيخ، يقوده الى الغزوات والاستيلاء على المزيد من الأراضي، ثم يزرع هذه الأراضي، وكل ريعها يرجع للشيخ، حياة بائسة جدا؛ امام واقع كهذا كان لزاما وضرورة ان يبحث-الفلاح- له عن مخرج، بما انه لا يستطيع مواجهة قوة الشيخ المدعوم من الملك والانكليز، ولا يستطيع ان يكون قوة طبقية منظمة، لأنه لا يملك الأداة السياسية "الحزب"، وقبل كل هذا حياته المعيشية المزرية جدا، والتي لم تدعه يصنع تاريخه.

كانت الهجرة تتخذ شكلا فرديا في بداية القرن العشرين، لهذا هي لم تؤثر على الإنتاج الزراعي، ولم تشكل خطرا على الشيوخ، الا انها بدأت تأخذ طابعا جماعيا، وهو ما دعا الى ضرورة التحرك "قانونيا" و "برلمانيا" للحد من هذه الهجرات، وتم تقييد الفلاحين من خلال قانون لا يسمح بمغادرة الأرض الا بعد ان يوفي الفلاح كل ديونه للشيخ، وهو ما كان مستحيلا لأغلب الفلاحين.

لكن ما هو التاريخ؟ انه (كل فرد يقصد أهدافه الموضوعة عن وعي وأدراك، اما مجموع هذه الكثرة من المساعي فهذا هو التاريخ)) مثلما يجيب انجلس، فرغم التحديدات والتقيدات الصارمة الا ان الفلاحين صمموا وتحت الضغط المعيشي على المغادرة، ساعين الى اكتشاف مناطق أخرى، تكفل لهم حياة كريمة.

حسب إحصاء عام 1957 الرسمي، فأن عدد الأشخاص الذين كانوا يعيشون في بغداد ولكنهم ولدوا خارجها بلغ 378996 شخصا، ومن أصل هؤلاء كان 114708 قد جاءوا من مدينة العمارة، كما يذكر ذلك حنا بطاطو في سفره؛ ويمضي بطاطو بالقول انه وخلال الفترة من 1947-1957 هاجر الى بغداد وحدها ما لا يقل عن 205765 نسمة، أي قبل عبد الكريم قاسم واحداث 1958.

كانت مدينة بغداد الجهة المفضلة للفلاحين، وهي كمدينة كانت تريد يد عاملة رخيصة، فهي في حالة نمو؛ رأس مال ينمو، اذن يتمركز السكان فيها، انها القطب المضاد للريف.
سكن الفلاحين القادمين من الريف في بقعة من بغداد كانت مدفن للنفايات والفضلات البشرية والحيوانية، فهي الوحيدة المجانية، بنوا صرائفهم عليها، كان هناك 16413 الف صريفة عام 1956.
#طارق_فتحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر