الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحروب الغشومة

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


من نافلة القول أن قدرات المرء ، العادي ، على فهم العالم من حوله محدودة جدا نتيجة اقتصار مراجعه على الخريطة الجغرافية و نبذات تاريخية هي بالقطع مختصرة و أحادية ، بالإضافة إلى تجليات الحدث كما تنقلها و سائل الإعلام ، علما أن هذه لا تكشف دائما بأمانة ، عن حقيقة ما يجري و عن أصل الصدامات و مسبباتها . غني عن التذكير في هذا السياق أن الخبر يترافق عادة مع شروحات و تحليلات لا تكون الغاية منها الإفهام وإنما الإلهاء و التضليل .

فمن المفيد من وجهة نظري ، المقارنة بين الحرب الدائرة في أوكرانيا من جهة و الحروب التس شهدتها بلدان مثل يوغوسلافيا و العراق و سورية و ليبيا من جهة ثانية ، انطلاقا من أن دول الحلف الأطلسي شاركت فيها جميعا ، دون استثناء . أو بكلام أكثر وضوحا و صراحة ، لو وضعنا ما تناهى إلى علمنا عن هذه الحروب تحت المجهر نفسه لخرجنا بخلاصات محبطة جدا :
ـ تحارب دول الأطلسي في أوكرانيا ضد روسية ، بأساليب غير مباشرة . حيث أنها تعلم مسبقا ماهي أهداف هذه الأخيرة في أوكرانيا و أنها ستبلغها ، مهما كان الثمن ، وبالتالي فإن الغاية الرئيسية هي جعل هذا الثمن باهظا قدر المستطاع ، شرط أن لا يؤلم روسيا كثيرا خشية من رد فعل يتجاوز حدود الحرب التقليدية . في المقابل حاربت دول الأطلسي في البلدان الأخرى التي أشرنا إليها ، دولا ضعيفة ، مهترئة ، مهلهلة ، غير مكتملة ، فلم تتدخل روسيا ، إما لأنها كانت غير قادرة و إما لأن قادتها رأوا أن أمتناعهم عن اعتراض حملات دول الأطلسي التوسعية يؤهل بلادهم لدخول نادي الاتحاد الأوروبي و الإنضمام إلى الحلف الأطلسي ، و أخيرا ربما أن روسيا لم تتدخل لأن قوات دول الأطلسي استبقت الأمور وأغلقت البلاد المستهدفة فصار الدخول إليها محفوفا بمخاطر مواجهة كبرى . و في هذا خرق لتوافق مضمر بين القوى العظمى لتجنب تصادم مباشر فيما بينها تجنبا لحرب شاملة يستخدم فيها السلاح النووي .
يمكننا كما أظن ، قبول هذه الفرضية ، حتى إثبات العكس ، استنادا إلى مجريات الأحداث إلى حد الآن ، في أوكرانيا و في سورية أيضا .
ـ تقودنا مداورة هذه الأمور في الذهن إلى التساؤل عن الأهداف الحقيقية من حرب يكون المتحاربون الرئيسيون فيها " أجانب " و لا يكون الإنتصار على الخصم فيها هو الغاية المرجوة ؟ الاجابة هي من وجهة نظري ،ببساطة ، أن البلاد التي تجري الحرب على ارضها متنازع عليها فيما بين الأفرقاء " الأجانب " .
ـ يمكننا القول ، استنادا إلى ما سبق ، أن الحرب في أوكرانيا قوّت قبضة الولايات المتحدة التي تمسك بالإتحاد الأوروبي و بالحلف الأطلسي . فلقد أجبر بعض قادة الدول الأوروبية و الأطلسية عموما على الإنضواء عسكريا و إقتصاديا ، إلى حد التبعية ، في حين أن بعضهم الآخر الذين كانوا قد اختاروا طوعا و فكريا ، هذه التبعية ، استحصلوا بالمناسبة على حجج يبررون بها سياساتهم امام شعوبهم .
من البديهي أن خط القسمة أو جدار الفصل لن يمر على الأرجح في أوكرانيا فقط . و الدليل على ذلك هو ما نلاحظه ، على سبيل المثال ، في بلدان المشرق العربية و إيران ، حيث تتوالى اللقاءات و القمم و الزيارات المتوقعة و غير المتوقعة ، و تتبلور الإصطفافات في الطابور الروسي في جانب و الطابور الأميركي في الجانب المقابل ، تحت أشراف الرعاة المحليين أو الإقليميين .

أغلب الظن أن الحمى التي تنتاب في الراهن ، الكثير من الدول خصوصا في المشرق ،مردها إلى الأزمة المتفاقمة في أوروبا ،و التي تحاكي في وجه من أوجهها ، الجائحة الوبائية التي سبقتها ، حيث كانت و سائل التصدي لها مختلفة كما و كيفا ، بين بلدان الغرب و غيرها . كما لو أن الناس نوعان ، نوع مفيد و نوع غير مفيد .

ظهرت علامات هذا كله بصورة أوضح ، محزنة و مفجعة و محبطة ، من خلال المعاملات التي يلقاها المدنيون في أوكرانيا ، في منازلهم و على طرقات المنفى . الأمر الذي يطرح بالحاح مسألة المأوى و الغذاء و الأمن و العمل و المدرسة . هذا من ناحية أما من ناحية ثانية فلا مفر من التساؤل عما إذا كانت البلدان صنفان ، البلدان المفيدة للناس المفيدين و البلدان غير المفيدة لغير المفيدين !












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي