الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجدانيات...ح/6 -نعم انا يساري...

موسى فرج

2022 / 3 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


وجدانيات...ح/6
ح 6/ ...في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي:نعم أنا يساري...
*في عام 2007 كنت في زيارة رسمية لمجلس النواب واثناء دخولي صادفت بالصدفة صديقي العزيز مفيد الجزائري خارجاً من احدى قاعات المجلس باتجاه القاعة الرئيسية فلحقت به وتأبطته من خلاف وعندما التفت إليَّ قلت له: عندما تدخل الى القاعة لا تذهب الى مكان جلوسك المخصص مباشرة بل اتجه قبل ذلك الى منصة الرئاسة في المجلس وقف خلف كرسي محمود المشهداني قبالة الجالسين وهم أمامك ينتظمون في مجموعات كل مجموعة تنتمي الى حزب أو كتله ... ستجد أن مجموعتكم هي الفئة الأقل بغياً والأقل فسادا...وفي مساء نفس اليوم كنت في لقاء مع احدى الفضائيات وقلت إني وبحكم عملي في مكافحة الفساد لم اصادف ملف فساد يتعلق بأحد الذين شغلوا منصباً في الحكومة من الشيوعيين أو أصدقاءهم، وقد تكررت مقولتي تلك في وسائل الاعلام وربما لعبت دوراً في الانتباه الى هذه الصفة عند الشيوعيين العراقيين ليتبنوها وتشكل أساساً في مقولة "أصحاب الأيادي البيضاء" التي باتوا يعرفون بها لاحقاً لكني لا أقول بملائكية الشيوعيين وهذه ليست ذماً وفي نفس الوقت كنت أأخذ عليهم دائما ممالأتهم أكثر من اللزوم للراحل جلال الطالباني رغم دوره في مذبحة بشتاشان...
*في عام 1973 سمعت أن الشاعر النجفي المعروف عبد الأمير الحصيري وقف على منصة اتحاد الأدباء في بغداد ثملاً وقال محتداً: إن كنت قد انتهيت سياسياً فإني لم انته وطنياً... في اشارة منه الى تمكن السلطة القمعية البعثية من تحييده تنظيمياً...
* مصطلح اليسار واليمين وطبقاً لـ "ويكيبيديا-الموسوعة الحرة" تعود تسميته الى أماكن جلوس أعضاء البرلمان في فترة الثورة الفرنسية عام 1789 حيث كان يجلس في الجانب الأيمن المؤيدون للملكية ولإقطاع ورجال الدين في حين كان يجلس ممثلو الطبقة العامة او الشعب على اليسار..."طبعاً ليس موضع الجلوس هو الذي صنع متبنيات كل منهما إنما المتبنيات هي الأصل في ذلك الاستقطاب" فاليمين موالي للملكية واليسار يقول بسلطة الشعب، اليمين يؤمن بالتفاوت الطبقي بين البشر ويتمسك بوجوب وجود اغنياء وفقراء ويقول ان الأديان تؤيد ذلك ويستخدم سلطة الدولة لدعم المجموعة الإثنية أو الدينية المهيمنة، في حين أن اليسار على النقيض من ذلك فهو يتبنى العدالة الاجتماعية وتقليل التفاوت الطبقي ويدعم العلمانية "فصل الدين عن السياسة"، واليمين تقوم سياسته على النتيجة بينما يصر اليسار على إتباع الوسائل العادلة لتحقيق الغايات العادلة...
*هذا على المستوى العام بالنسبة لليسار واليمين أما على المستوى الفردي: فاليميني متعالي متعصب منغلق استغلالي نفعي فاسد ...واليساري غير ذلك بالمرّه فهو صحيح يعشق الجمال ويحب الحياة ومغرم بالثقافة ويعشق المرأه واحياناً يتعاطى المزّه ...لكنه مجبول على سجايا مهمه ومميزه فهو بالضد من السلطان الجائر على طول الخط وهو وطني وانساني وخصاله على النقيض تماماً من الفساد والاستغلال ليس لأنه منتسب الى اليسار ولكن لأن اليساري الحقيقي طابع الإباء يتلبسه من قمة رأسه الى أخمص قدميه والإباء بطبيعة الحال يجعل من المرء عفيفاً عن الدنيئه فالعفة كما يقول الإمام علي صفة النزيهين...
هذه الخصال والسجايا دفعت عراقياً معمماً مثل جعفر أبو التمن لأن يرد على متهميه بتأييد الشيوعية قائلاً: "إذا كانت الشيوعية تسعى لترفيه الفقير ومساعدة المحتاج وتنظيم المجتمع بشكل مفيد أؤيدها، وهذه هي شيوعيتي"...
وطبعاً سجايا ابو التمن لم تقف عند حد اصطفافه مع فقراء شعبه بل كان مثالاً حياً لمقت الطائفية والتعصب الديني حتى ان حنا بطاطو أشار الى ذلك قائلاً: "يعود إليه في المقام الأول، فضل الجمع بين الشيعة والسنة عند ذلك المفصل التاريخي "ثورة العشرين"، وطبعاً لم تكن سجايا جعفر في هذا الجانب تنحصر في قضية رفض الطائفية المذهبية فقط بل الدينية أيضاً فكان في مقدمة من يذهبون الى الكنائس يقدمون التهاني لإخوانهم المسيحيين في أعيادهم ...
فإذن لا تقل لي أنا يساري فإذن أنا وطني ونزيه وأرفض الظلم والفقر واستغلال الانسان وأحب المرأة والثقافة والجمال وأحياناً المزه...بل أرني سلوكك اليومي ومتبنياتك الفكرية فإن كانت متماهية وتلك السجايا كنت يسارياً حقاً -وأنا وبتواضع شديد يساري قح لأني أريد وربما أنا هكذا مصّرٌ وبوعي لتبني وتقمص تلك السجايا- أما أن أكون شيوعياً أو غير ذلك فشيوعيتي ليست لقلقة لسان أو شارة حمراء على الصدر إنما هي مثل شيوعية جعفر أبو التمن وعبد الأمير الحصيري...
مجداً لليسار دوماً وأبداً ومحبه دائمه لحاملي تلك السجايا والخصال من الشيوعين بمناسبة ذكرى تأسيس حزبهم ...
فاتني ان اشير الى قضية مهمة من وجهة نظري...صحيح أن بلوغ السلطة مهم جداً لكل الأحزاب ومن بينها طبعاً اليسار لوضع متبنياتهم موضع التنفيذ، ولكن حاجة الفرد للتماهي مع خصال اليسار لا تفرضها فقط قضية الوصول الى السلطة وانما لاستكمال بناءه الشخصي وسد حاجته وتوقه للكمال....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار غزيرة تضرب منطقة الخليج وتغرق الإمارات والبحرين وعمان


.. حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر




.. لبنان يشير إلى تورط الموساد في قتل محمد سرور المعاقب أميركيا


.. تركيا تعلن موافقة حماس على حل جناحها العسكري حال إقامة دولة




.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس