الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثة عُقُود من الحُرُوب الأمريكية المثستمرة

الطاهر المعز

2022 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


فُنُون الإستفزاز واختيار توقيت الحرب

نشرت مواقع الصُّحُف الأمريكية خَبَرَ قرار "الكونغرس"، أوائل شهر آذار/مارس 2022، باتفاق بين نواب الحِزْبَيْن، زيادة الإنفاق العسكري، من 740 مليار دولارا، مُعْلَنَة، للسنة المالية 2021/2022، إلى 782 مليار دولارا مُعْلَنة خلال السنة المالية 2022/2023، إضافة إلى ما لا يقل عن 260 مليار دولارا، غير مُعْلَنَة، وغير مُدْرَجة بشكل عَلَنِي في الميزانية، ويفوق الإنفاق العسكري الأمريكي حجم الإنفاق على الخدمات والإحتياجات الإجتماعية الأخرى مجتمعة (حوالي 730 مليار دولارا للتعليم العمومي والوظائف الضرورية وإسكان الفقراء ومتوسطي الدخل، والرعاية الصحية والبحث العلمي والطب ورعاية الأطفال ومجمل الحاجات المُلِحّة مجتمعة)، وتفوق الميزانية العسكرية للولايات المتحدة الميزانية الحربية الإجمالية للدّول الإحدى عشر التي تلي الولايات المتحدة في ترتيب أهمية الإنفاق الحربي، وهي أعلى 12 مرة أكبر من ميزانية روسيا رغم إعلان الحكومة الأمريكية الإنسحاب من أفغانستان، وادّعاء الإنسحاب من العراق، ليستفيد مُجَمّع الصّناعات العسكرية، بينما تُواجه المدارس والمستشفيات نقصًا مستمرًا في الموظفين، وتُعاني أُسَر العاملين والفُقراء من هشاشة الوضع الإقتصادي...
أدّت الزيادات المُستمرة للإنفاق العسكري الأمريكي إلى ارتفاع أرباح الشركات الخاصة المُصنّعة للأسلحة، وإلى تصعيد التوتر مع الصين ومع إيران ومع روسيا، وإلى الإعتداء على شعوب كثيرة، من أفغانستان إلى غرب إفريقيا، كما أدّت إلى عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية، وإلى عسكرة الحياة الدّاخلية...
تَلَتْ مُوافقة الكونغرس على زيادة الإنفاق العسكري، جولةٌ أوروبية للرئيس الأمريكي "جو بايدن"، استمرت أُسبوعًا كاملا، حتى يوم السبت 26 آذار/مارس 2022، تميزت بخطاب عدائي وبذيء تجاه روسيا، ووصف الرئيس الرّوسي بالجزار والدكتاتور القاتل وبمجرم الحرب والسفاح، وكان أكثر عدوانية في واسوا، عاصمة بولندا التي يحكمها ائتلاف يميني متطرف، حيث أعلن أن الولايات المتحدة مُستعدة لحرب طويلة المدى (ضد روسيا)، حرب جديدة ستكون صعبة وذات تكاليف مرتفعة، لسنوات وعقود مقبلة، معركة بين الديمقراطيّة والإستبداد، بحسب الرئيس الأمريكي، في تناقُضٍ صارخ مع خطابه عند إعلان انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان. أعلن الرئيس الأمريكي، خلال نفس الخطاب العدائي، الذي تزامن مع اختتام قمة حبف شمال الأطلسي "ناتو"، في بروكسل، عاصمة بلجيكا: "أرسلنا في السنوات الأخيرة، أسلحة إلى أوكرانيا بقيمة تفوق 650 مليون دولار، منها معدات مضادة للطائرات والدبابات، وخصصت الولايات المتحدة، منذ 24 شباط/فبراير 2022، أي خلال شهر واحد، مبلغ 1,35 مليار دولار إضافية لإرسال الأسلحة والذّخيرة إلى أوكرانيا..."، ما يُفيد أن الولايات المتحدة تخوض الحرب، وإن بالوكالة، وتفعل كل ما في وسعها لتأجيجها، وأورد موقع صحيفة "فاينناشال تايمز"، يوم 26 آذار/مارس 2022 "إنها الحرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، حيث أرسلت الولايات المتحدة أسلحة نوعية كثيرة، وأعلن حلف شمال الأطلسي تصعيد الصّراع، وضاعف عدد القوات المنتشرة على حدود روسيا، ما يُشير إلى انعدام الفوارق بين المحافظين والليبراليين الأمريكيين، بشأن الترويج للحرب"، وذكر موقع صحيفة "نيويورك تايمز" الولايات المتحدة خططت، منذ فترة، لحرب شاملة مع روسيا، كخطة لِفَرْض "النظام العالمي الجديد"، بقيادة الولايات المتحدة، الذي أعلنه الرئيس جورج بوش الأب، سنة 1991، أثناء عملية تفكيك الاتحاد السوفييتي، وانطلقت محاولات فَرْض هذا النّظام العالمي الجديد، بالعدوان على العراق، كما أصدرت وزارة الحرب الأمريكية، سنة 1992، وثيقة المبادئ التوجيهية للتخطيط الدفاعي المسماة "مبدأ وولفويتز" والتي أعلنت أن "الهدف الأساسي للولايات المتحدة هو منع عودة ظهور منافس جديد، في أراضي الاتحاد السوفييتي السابق أو في أي مكان آخر من العالم..."، وتجدر الإشارة أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن شن الحُروب العدوانية المُستمرة، منذ ذلك الحين، وللعقد الثالث على التوالي، وكانت شُعوب العراق ويوغسلافيا وأفغانستان، ثم سوريا وليبيا، من أهم ضحايا هذه الحُروب العدوانية التي تندرج ضمن محاولة هيمنة الولايات المتحدة على العالم، بشكل مُطْلَق، بدعم من أوروبا واليابان وأستراليا وكندا والكيان الصهيوني وحلف شمال الأطلسي، في مواجهة الصّين وروسيا...
قامت وزارة الحرب الأمريكية بتحديث "مبدأ وولفوفيتز"، وأعلنت استراتيجية الدفاع القومي للعام 2018، وتتضمن أهدافًا عسكرية في الوطن العربي وما حوله، في إطار ما تُسميه "جهود مكافحة روسيا والصين"، وأوردت هذه الوثيقة بشكل صريح: "إن التحدي الرئيس للأمن القومي الأمريكي، ليس الإرهاب، وإنما المنافسة الاستراتيجية بين الدول..." ما يحُوّل انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان، مجرّد إعادة انتشار عسكري، استعدادًا لصراعات عسكرية على نطاق أوسع، وهو ما بدأ يتجلّى في أوكرانيا، ضدّ روسيا، كمقدّمة لصراع أكبر وأشْمَل مع الصّين، وعكست تصريحات الرئيس "جوزيف بايدن" بوضوح السياسة الأمريكية الحالية التي تهدف إلى عزل روسيا عسكريًا وتدميرها اقتصاديًا، وتغيير سُلطتها، وتنصيب نظام عميل من شأنه أن يحول البلاد إلى دولة تابعة، تطبيقًا لما أعلنه قادة الحزب الدّيمقراطي (باراك أوباما ونائبه جوزيف بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وغيرهم)، بشكل صريح، منذ سنة 2012، وما كرّره بايدن، قبل مغادرة أوروبا، يوم 26 آذار/مارس 2022: "سيكون هناك نظام عالمي جديد، وعلينا قيادته".
لقد خَطّطت الولايات المتحدة، للحرب الحالية في شرق أوروبا، من خلال الإستفزازات وزيادة عدد المناورات العسكرية الضّخمة لخحلف شمال الأطلسي، على حُدُود روسيا، وفي مناطق البحر الأسود وبحر قزوين وبحر البلطيق، وما هذه الحرب سوى فصل من فُصُول المخططات الأمريكية التي بدأت تضعها موضع التّنفيذ، لخوض صراع مع روسيا والصّين، وتأكيد الهيمنة الأمريكية بالقوة العسكرية، وبالحصار الإقتصادي، وباستخدام الأمم المتحدة كذراع لوزارتَيْ الحرب والخارجية الأمريكية...
في الأثناء يُمعن الكيان الصهيوني في مُصادرة أراضي الشعب الفلسطيني، في النّقب وفي القُدْس وفي غُور الأردن، ويُقاوم الفلسطينيون بالوسائل التي توفرت لهم، بينما يُمعن الحُكّام العرب في التّطبيع وفي قمع الشّعُوب، ضمن نفس الخطّة الأمريكية للسيطرة على العالم، وتنصيب الكيان الصهيوني وكيلاً في المنطقة العربية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو