الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يفشل رجل الدين على السوشال ميديا؟

سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي

2022 / 4 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المقصود بهذا الفشل هو عجز رجال الدين عن تقديم وجبة علمية وتثقيفية لأتباعهم على منصات التواصل الاجتماعي، فيضطروا لحصر نشاطهم بنسبة 99% تقريبا في أدعية واستغفار وترديد أقوال الأئمة وفتح كتب التراث على الناس مع موجات من التحريض والكراهية ضد المختلفين بالرأي، إنما الجوانب العلمية الأخرى من محاكاة التطور الاجتماعي والإنساني كالكلام في العلم التجريبي والاكتشافات والفلسفة والسياسة والاقتصاد والعسكرية والرياضة..إلخ هو غائب كليا عن خطابهم، برغم أن هذا الغياب مؤثر سلبيا في الحياة العامة بحيث صار رجل الدين معزولا عن مشاكل واحتياجات الجماهير، ورغم ذلك فهو كائن مقبول لديهم بشكل عام وأقواله سواء بالأدعية والاستغفار أو تدوير كلام الأئمة المستهلك - والذي تم تدويره آلاف المرات حتى حفظه الناس - هي أيضا مقبولة وتمثل طرف المعرفة الخفي عند البسطاء..

ويمكن تفسير هذا القبول الاجتماعي لرجل الدين رغم جهله وعجزه عن العلم والواقع هو تمثيله للمقدس الكامن في نفوس الناس، لذا عندما يدخل رجل الدين معركة مع أي جهة يكون فيها ممثلا عن ذلك المقدس ينتصر في العادة، حتى لو كان مخطئا أو على الجانب الخطأ من التاريخ، وتلك الجزئية حفزت مفكري الغرب قبل مئات السنين على الخروج بالعلمانية والعقد الاجتماعي كي يخرج رجل الدين من أي صراع سياسي واجتماعي ويصبح معزولا داخل كنيسته وبالتالي يصبح تمثيله للمقدس بلا أنياب، أما في مجتمعاتنا الإسلامية والعربية لا زال رجل الدين يدخل صراعات سياسية واجتماعية متعددة ، فتنحاز له الجماهير حتى يكتسب أنيابا يضغط بها على السلطة ، فالحكومات لدينا لا زالت مرتعشة في الإقرار بالعلمانية والتردد في حسم ملف حقوق الإنسان وطرد رجل الدين نهائيا من العمل السياسي ووقف دعمه ماليا واجتماعيا من أموال الضرائب..

هذا الفشل المقصود لرجل الدين على السوشال ميديا يظهر سريعا في تورط بعضهم بتصريحات عدائية أو عنترية أو خرافية وغير منطقية تصل لحد الجنون، والسبب أن رجل الدين بعزلته عن "العلم التجريبي والاكتشافات والفلسفة والسياسة والاقتصاد والعسكرية والرياضة..إلخ" يضطر أحيانا للإفتاء والكلام في ما لا يُحسنِه ، إما بغية كسب متابعين أكثر وبالتالي يظهر في الصورة وإما يُرضي متابعيه ويكسب ودهم أكثر ويعزز مكانته في نفوسهم، وهنا جانب مهم في شخصية رجل الدين – بلا تعميم – وهو جانب (النرجسية) فالإنسان كائن اجتماعي عندما يسمع كيل المديح والطاعة والاستحسان من الآخرين يعتقد بأهميته القصوى وأن عقله الفذ وتفرده هو السبب، فيتصرف بناء على هذا المعتقد وهو يكتسب كم هائل من الثقة يحمله على الإفتاء بكلمات بسيطة وموجزة دون شرح، والحكمة في هذا التبسيط المخل في فتاويه هو ثقته المطلقة في نفسه أن كلامه مسموع وحُجَجة علمية كبرى وفقا لتصوره..

أحد هؤلاء الشيوخ الأزهريين وهو عبدالله رشدي عندما أراد الكلام في السياسة وتحليل حرب أوكرانيا لم يجد مادة علمية جديدة يتحدث من خلالها أو أن يكن لديه الحد الأدنى من علم الاقتصاد والسياسة الذي يعرفه طلاب الجامعات، فكانت النتيجة أن فتح كتب التراث على الناس ليُعيد إحياء قصص ملاحم آخر الزمان وصلح المسلمين مع الروم ضد عدو واحد، وهي قصص قديمة جدا ليس لها انعكاس في الواقع المعاصر وأصحابها ماتوا وانتهوا منذ 1200 عام، وقد سبقه في ذلك قادة الجماعات الإرهابية في السبعينات حين أزالوا الغبار من على كتب التراث ليعيدوا إنتاج تلك القصص وتفسيرها بشكل عصري، وقد حدث أن أرادت الولايات المتحدة الاستعانة بالمسلمين للحرب ضد السوفييت في أفغانستان فتم إحياء روايات الصلح مع الروم ضد عدو واحد على أننا في آخر الزمان، وأن المسلمين والعرب يصطلحون مع أمريكا وأوروبا ضد الجيش الأحمر السوفيتي، وأن العدو المشترك المقصود في الأحاديث هو "الشيوعية" وبرغم نهاية حرب أفغانستان نهاية مؤلمة بتدمير هذا البلد وتشريد أهله ثم تحارب المجاهدين أهليا بعد ذلك وموت مئات الآلاف منهم لكن عبدالله رشدي صمت عن هذه النهاية الدراماتيكية ليعيد إنتاج تلك القصص من جديد والتي دمرت أفغانستان نحو أوكرانيا..

علما بأن الشيخ محمد حسان قبل 15 عاما فعل نفس الأمر وفتح كتب التراث على الناس لقلة بضاعته العلمية، فهو مطالب كخطيب وإمام على قناة فضائية أن يتحدث في أي شئ وبما أنه ممنوع الكلام في السياسة والاقتصاد وأحوال الناس وبما أن الفلسفة حرام شرعا والعلوم التجريبية معظمها كذب ومؤامرات والاكتشافات الجديدة يجري تفسيرها وفقا للإعجاز العلمي وهو غير بارع في هذا المجال فاضطر الرجل لملء ساعات البث بتلك الحواديت التراثية، حتى أنتج 30 حلقة متصلة عن حرب نهاية الزمان التي حشرت بها كتب التراث في الصحاح والسنن والتاريخ، ولاحقا تمت الاستعانة بكلام حسان حول صلح المسلمين مع الروم ضد عدو واحد أن مكان ذلك في "سوريا" فالمسلمين الذين يمثلهم الثوار والمجاهدين في الشام سوف يصطلحون مع الروم الذين يمثلهم أمريكا وحلف الناتو لحرب العدو المشترك وهم (الشيعة والشيوعيين) فالأسد هو ممثل للشيعة الرافضة المشركين وفقا لتصورهم التراثي، بينما الشيوعيين ممثلين للزنادقة الملحدين الذين يحكي التاريخ الإسلامي عن حروب متعددة معهم خصوصا في العصر العباسي الأول..

فتم تدمير سوريا والعراق بناءا على هذه القصص الملحمية الخرافية التي أنتجها قصاصون بارعون في أجواء قبلية وعشائرية منذ قرون طويلة، وفي بيئة لا تعرف العلم والتدوين والتحقق ..وعندما أصدر الخليفة العباسي أمرا بتدوينها خرجت من كونها قصص وحكايات لأدباء بارعين في ظروف تاريخية محدودة لتصبح دين ومذهب بشكل كامل يُعاد إنتاجه وتدويره كل حقبة زمنية متى أراد الأقوياء النافذين ذلك ، والحجة أنها لم تعد مجرد قصص للتسلية والترفيه بل هي دين ومعتقد يجري الدفاع عنه باسم المقدس..فتسبب ذلك في تدمير مجتمعات أخرى وقتل الملايين من المسلمين في حروب تافهة عبثية كانت تلك الروايات حاضرة كأحد الأدلة والعناصر النشطة في عَجَلة التدمير..

نرجسية رجل الدين هي التي فعلت ذلك، فهو كشخص يريد أن يظل مرغوبا فيه بشدة ، يريد أن يتحدث عنه الجميع وينتظرون برنامجه وجلساته بتهافت ويسمعونه بصمت وإمعان يرضي هذا الغرور النرجسي الكامن، وعند دخوله في دائرة الضوء لا يريد أن يغادرها أبدا لكونها مصدر فخر وسعادة ذاتية تسبب له الانتشاء، ولكونها أيضا مصدر ربح مادي يكسب من ورائها الملايين حتى يعزز مكانته أكثر ويخرج على الناس بثقته المعتادة التي حصّلها من ذلك الأمان المادي في الأموال والأمان الاجتماعي في المنزلة والمكانة، علما بأن هناك أمانا ثالثا وهو الأهم أحيانا لديهم وهو الأمان السياسي، فهو لن يتحصل على هذين النوعين من الأمان "المادي والاجتماعي" سوى بالأمان السياسي، ومن ثم فالمطلوب دائما هو سد هذا الجانب باستمرار وإعلان الولاء للسلطة بشكل متكرر حتى لو كانت هذه السلطة تخالف ما يدعو إليه من شريعة وخلافة وحكم ديني..

إن فشل رجال الدين على التواصل الاجتماعي هو السبب في العدائية والتطرف الذي يسيطر على أتباعهم، فهم غير قادرين على النظر للأحداث بطريقة طبيعية..وكل خبر يجري تفسيره وفقا للمقدس الديني التراثي لا وفقا للعلم والاكتشافات والواقع، وهذا المقدس يفهموه بشكل عاطفي محض لا عقلاني يستوجب البحث، فعندما يضرب مثلا "إبراهيم عيسى" بمعاني العطاء والوداعة والطيبة الكامنة في حيوان البقرة داعيا لاستخلاص القيم من الحيوان وبالتالي عدم كراهيته يجري فورا تحريف هذا الكلام ليصبح "إبراهيم عيسى يدعو لتقديس البقرة والدعوة للدين الهندوسي" وهكذا تحول الرجل من شيعي وملحد أمس لهندوسي اليوم، وهو الذي أقصدة بسيطرة المشاعر الدينية المقدسة على الخطاب العام وتوجيه رجل الدين لتلك المشاعر في خدمة صراعاته، وبالطبع فرجل الدين يعادي عيسى كونه علماني يريد فصل الدين عن الدولة وأن تقضي الدول على سلطات رجل الدين التنفيذية بالمجتمع ليعود للعلم مكانته والمعارف جمهورها المنتظر..

وهنا نرجسية رجل الدين تعود للواجهة فهو أقل شعورا بالآخرين، ويتجاهل دائما عذاب وألم الغير الذي قد يكون هو السبب فيه، بينما يركز على عذاباته وآلامه هو باعتبارها مطالب دينية لا شعور شخصي منه، وهذه تعد أبرز سمة للشخصية النرجسية وهي "فقدان الشعور بالآخرين" مما يحمل تلك الشخصية غالبا لافتعال الأزمات والكذب والتقوّل على الناس، شخصية منغمسة تماما في الصراعات لا تهدأ كونها تقتات على هذا الصراع وتلك العدائية المفتعلة، لذا فشخصيا كنت ولا زلت من دعاة السلام الاجتماعي وكراهية الحروب والدعوة بحماس لأي تصالح كون هذا الوضع الهادئ لا يخدم رجل الدين الذي يهمه أن يظل المجتمع في حالة صراع دائم فينقله من حالة الاستقرار للتوتر والقلق والظنون السيئة بما يفضي أخيرا لتصنيف الناس "مع أو ضد" فإما تكون معه وبالتالي تصبح مؤمنا أو تكون ضده وبالتالي تصبح كافرا محاربا للدين..

ومن مظاهر فشل رجل الدين على السوشال ميديا غياب (الأسئلة والاعتذارات والشكوك الذاتية) بشكل كلي، فهو كائن لا يشك ولا يسأل ولا يعتذر، فلو طرح أسئلة شكوكية في مذهبه سوف يغضب أتباعه حتى يهجروه لشيخ آخر ، ولو اعتذر عن أخطائه سوف تسقط هيبته التي بناها على مدار أعوام وبالتالي يفقد ثقته بنفسه التي هي الكنز الاستراتيجي صاحب الفشل الذي وضعه في تلك المكانة الاجتماعية الرفيعة، وهو أيضا لا يسأل كونه يظن بأن السؤال يعني في مضمونه الجهل..فمن يسأل هو جاهل بالضرورة وقاصر بالطبيعة، بينما هو أكبر من ذلك، ونرجسيته حملته على الاعتقاد بكماله وتفوقه الذاتي وبالتالي صار سؤاله للآخر اعترافا بالعجز، بينما في الحقيقة كان ولا يزال السؤال هو نصف المعرفة، ومن يسأل هو شخص باحث عن الحقيقة متى ظل سائلا، ومن يتوقف عن السؤال ويعتقد بكفاية ما لديه من بضاعة معرفية يبدأ منحدر السقوط، لذا قلت قديما أن أولى مراحل السقوط العقلي والفكري هو الشعور بالاكتفاء، بينما طريق العلم لانهائي ووقوده الحيوي دائما هو السؤال والشكوك باستمرار..

أتذكر جيدا أن شيخا وهابيا شهيرا وهو "محمد العريفي" ظل سنوات طويلة على هذه الشاكلة، لا يسأل ولا يشك ولا يعتذر..لا يتكلم في الاقتصاد أو السياسة أو الفلسفة والمعارف، لكنه كان يتحدث في العلم التجريبي من باب "الإعجاز" أحيانا وهذه حدوتة طويلة شرحت معالمها قديما وكشفت أنها كانت عارضا لغياب العقلية العلمية عن مجتمع رجال الدين وهجرة هؤلاء لمستجدات العالم والاكتشافات والواقع بشكل كلي، لكن العريفي عندما أخذ ضوءا أخضر من السلطة السعودية بضرورة دعم المجاهدين في سوريا منذ عام 2011 نراه وقد تحول لكائن مختلف وصار يفتي في السياسة ويحرض عليها، ثم فتح كتب التراث لينقل مشاعر وغزوات السابقين الطائفية ويُعيد تدوير حكايات الأئمة التي تنفث حقدا وعنصرية ضد الآخر، وهنا جزئية "الأمان السياسي" التي حدثتكم عنها منذ قليل وذكرت أنها الأساس لنوعين آخرين من الأمان هما "المادي والاجتماعي" فكانت النتيجة أن تضخمت ثروات الشيخ وصار يذهب للتنزه والرحلات في أرقى المنتجعات الأوروبية بينما ترك من حرضهم على القتال في سوريا يموتون ويذُبحَون بشكل وضيع

كذلك تضخمت صفحاته بالسوشال ميديا ليس لأنها علمية معرفية ولكن لأنها صارت منبرا رئيسيا لدعوات القتال والجهاد في سوريا، والتحريض الطائفي ضد الشيعة بالعموم حتى صارت حساباته قبلة لمجانين الجهاد والانتحاريين والعدائيين من كل بقاع العالم وكل من له مشكلة نفسية من الآخر، وكأن صفحة الشيخ تحولت لمنبر (سادي) يجري فيه تعذيب وسلخ الآخرين فصارت مرتعا لكل مريض نفسي سادي، وهنا يتحول لسان العريفي من الاعتراف بهوية أتباعه وأمراضهم نحو الآخر لاعتبار أن تلك السادية في حد ذاتها (إنقاذ) للعالم، فالرجل كان يُكثر بشكل غريب من القول بحاجة العالم لكلامه وتوجهاته العدائية باعتبارها جنة الشريعة وبستان السلف الصالح وهذا العالم الأفلاطوني الوهمي الذي أحسن في عزل أتباعه فيه حتى لم يعودوا يرون الكوارث والأزمات والمذابح التي تحدث على الأرض بل يرون شيئا واحدا فقط هو (الكراهية والحقد والانتقام)

أختم بشئ مهم جدا لا ينتبه له الكثيرون، فبعض رجال الدين على السوشال ميديا يدخلون في معارك جانبية لا تخلو من الشتم والتحريض والتكفير أحيانا ضد بعضهم البعض، فهم مُسيّرون نحو الماضي بشكل كامل..وعاجزون عن إنتاج فقه جديد، فكل ما يملكوه هو "قال فلان وعلان" فعندما يختلفون حول تلك الأقوال لا يجدون لها تفسيرا من واقعهم بسبب العُزلة المعرفية، ولا يجدون مخرجا لهذا الخلاف إلا التمسك أكثر بوجهة نظرهم والتعصب لها وتصدير مشاعر الرعب والخوف للآخر كي يحملوه على الصمت وإنهاء المعركة مبكرا..

هذا الوضع يخلق في أتباعهم مشاعر نفسية وصور ذهنية (غاية في البشاعة والشناعة) فتلاميذ رجال الدين كالأطفال بين أيدي والديهم، كائنات رقيقة جدا نحو شيوخهم..ويشعرون بالأمان التام بجانبهم، فعندما يحدث ذلك الصراع بين شيوخهم يعانون من "العصبية والتوتر" لفقدان الأمان الاجتماعي بشكل أولي، فالطفل عندما يتعارك أبواه يبكي ليس لأنه يخاف على والديه فهو لا يملك رفاهية الإيثار بعد لكنه (يخاف على نفسه) ويعاني من فقدان مستمر بالأمان، ومثلما ينعكس صراع الوالدين على طفلهم بمشاكل طبية كفقدان الشهية والأرق يحدث نفس الشئ عند تلاميذ الشيوخ، إنهم يعانون من مشاكل في النوم وفقدان الشهية لضعف الشعور بالأمان فينعكس ذلك بتعصب وغضب سريع وعدائية ملحوظة، لذا فالأئمة السابقين ولكثرة معايشتهم لتلك النتائج الوخيمة من كثرة الخلافات العقائدية والفقهية أفتوا منذ قرون بأنه لا يجوز التدخل أو الكلام في (كلام الأقران)

فاعتبروا أن صراع أئمتهم هو كلام أقران مصدره الغيرة والمواقف الشخصية لا العلم، ونجحوا في فصل هذا التصور عن حجية علم أئمتهم ..بمعنى أن حجية فتاوى أئمتهم ومذاهبهم لا يُضيرها "كلام الأقران" برغم الارتباط الشرطي بين الاثنين، فهم يحاكمون العالم كله بكلام هؤلاء الأقران رغم تعارضه وتناقضه، وفي ذات الوقت لا يسمحون للآخرين بنقدهم ولا حتى تلاميذهم أو حتى أن يتعرضوا لصراعات هؤلاء الأئمة بدعوى حرمة الكلام في خلاف الأقران، وظل الفقهاء على ذلك لقرون كلما خرج صراعا مذهبيا وعقائديا جديدا بفعل التطور الاجتماعي والسياسي يخرج من يعيد حرمة الدخول في "صراعات الأقران" من ناحية يحفظون بها قدسية هؤلاء الأئمة ومن ناحية أخرى يحفظون أنفسهم من النتائج الكارثية لهذا الصراع الديني عليهم شخصيا باعتبارهم تلاميذ يتأثرون بكل صغيرة وكبيرة لذلك الصراع المدمر..

لذا فكل فتنة طائفية في تصوري وكل صراع ديني سبقه (صراع أئمة) مباشرة، والسر في ذلك أن كلام الأقران – مثلما يراه الشيوخ – يجذب متعصبين وعدائيين لهذا الكلام، ومصدر تلك العدائية هي خوف تلاميذ الأئمة بشكل أساسي ، خوفا يدفعهم للقلق والتوتر وفقدان الشهية والحاجة إلى النوم مما يلقي بظلاله السلبية على (أعصابهم) فيصبحوا كائنات عنيفة سريعة الغضب ولاعقلانية في الغالب، علما بأن مجتمع رجال الدين لا يترك العقل بالكلية دائما بل يستخدمه في أجواء استقرار وهدوء بشكل جزئي، وكافة فترات التجديد والبحث التي عاشتها المجتمعات يكون فيها المجتمع مستقرا وغير مهدد ، بينما الرجعية والأصولية والتعصب ينشطون ويجري إحياءهم في ظل الصراعات وأبرز نموذج لذلك ما حدث من إحياء للأصولية الإسلامية الدينية وإحياء للفكر الجهادي على مراحل بدأت مقدمات ذلك مع حرب فلسطين سنة 1948 واستفحلت جدا مع الجهاد الأفغاني أواخر السبعينات ثم وصلت لأوجها مع الربيع العربي لدرجة تهديد جيوش ودول عربية "كمصر والعراق وسوريا وليبيا" ..انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah


.. #shorts -75- Al-baqarah




.. #shorts -81- Al-baqarah