الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخالة نورا.

عبداللطيف الحسيني
:(شاعر سوري مقيم في برلين).

2022 / 4 / 3
الادب والفن


الماضي لن يذهبَ بعيداً، كلما بَعُدَ نقتربُ منه أونقرّبُُه و نُمسك به لنحتفظَ بذاك الفرح الذي يوقظنا من غفلتنا، إنّه كالكينونة يبقى دوماً"تحتِ سطوةِ اليد" بحسب هايدغر،يُستتَر ويختفي، لكنْ ما ينوبُ عنه هو الإيماءُ أو الرمز أو جزءٌ من الذكرى التي كانت كاملةً،لكنّنا نجتزىء منها ما هو طريٌّ فيها وناصعٌ،ويبقى ناصعاً بمرور السنين،فالذكرياتُ صدى السَنين الحاكي.

قبلَ عشرين عاماً من اﻵن طرقتُ بابَ غسان المائل إلى اﻷصفر المُحبَّب،وكأنّ الخالة نورا وراءَ الباب مباشرةً،وكأنّها تعلمُ بأنَي سأطرق الباب الذي يُفتَح فوراً...تستقبلني بزيِّها الكرديّ اﻷسود،فأوّلُُ ما ينبّهُني فيها صوتُها المبحوحُ وسعالُها"أهلاً شيخ"، و وشوم يدِها التي تشيرُ إليّ:"غسان في غرفته....نائم" تفضّل.

ترافقني الخالة نورا في الممرّ المفضي إلى غرفة غسان هامسةً وطالبةً منّي أن أنصحَه وأن أُجلب له تميمةً في المرّة القادمة وأسلّمها سرّاً لتضعَها سرّاً تحتَ مخدّة غسان.

غسان نائم...أصيحُ به عدّةَ مرات، في كل مرّة أرفعُ صوتي في النداء ليفيق و تشاركني الخالة نورا في النداء:"غسااان...الشيخ جاءَ إليك".

غسان يتناوم،فأرفعُ صوتي، فتأتيني عشراتُ الشَتائم دفعةً واحدة....أهونُها يا ابني..وهل الوقتُ..وقت الزيارات؟

....

اﻵن:

لا الخالةُ نورا بقيتْ لتفتحَ لي الباب،ولا البابُ بقي..ولا لونُه، ولا غسان نائم، ولا أنا ذاهبٌ ﻷفيقه.

ذاك الماضي الذي ذهبَ بعيداً باتَ يلوحُ كباقي وشم الخالة نورا في ظاهرِ يدِها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا


.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني




.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع