الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الخطاب المسيحى القبطى

ألفى كامل شند

2022 / 4 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الاديان صناعة مصرية :
تقبل المصريون الديانة المسيحية الوافدة من الخارج طواعية ،واعتبروها حسب المؤرخ "ماسبيرو" بضاعتهم ردت إليهم، للتشابه الكبير بين الديانة المصرية القديمة والمسيحية في بعض أساسيات العقيدة نفسها. نقرا من كتاب تاريخ المسيحية الشرقية لعزيز سريال عطية الصفحة 26- 27 : كما ان فكرة الثالوث قد وجدت في نفوس المصريين قبولا كبيرا نظرا لتشابهها مع الكثير من الثلاثيات في عقائدهم ، فلقد كان لكل مدينة هامة في مصر القديمة ثالوثها الخاص بها، و كان اهم ثالوث ذاك الخاص باوزوريس و ايزيس و ابنهما حورس. كما ان قيامة اوزوريس من الموت كانت شبيهة بقيامة المسيح من القبر. و جاءت صورة العذراء مريم والطفل المسيح لتذكر المصريين ايضا بصورة ايزيس و ابنها حورس....اما قصة البشارة للعذراء مريم و كذا الروح القدس و الميلاد المعجز للسيد المسيح من بطن العذراء مريم فلها معان لم تكن غريبة على العقلية المصرية. فطبقا للاساطير المصرية القديمة قام الاله بتاح بنفخ نسمة منه في بطن بقرة عذراء، فولدت العجل المقدس ابيس. و هناك قصة اخرى مؤداها ان اخر الفراعنة نختانبو قد تمت ولادته بحلول روح امون في بطن احدى العذارى.
اما مسالة الحياة بعد الموت و هي ركن اساسي من اركان التعاليم المسيحية فقد كانت واحدة من اهم ركائز الفكر المصري القديم، بل و عاملا حيويا في تطور الحضارة المصرية. فالقيامة او البعث بالنسبة للمصريين القدماء كانت تتمثل في حلول روح المتوفي (كا) في جسدها الخاص بها. و حبا في الخلود في الحياة الاخرة عمل المصريون على حفظ اجسادهم بعد الموت سليمة ابتدعوا فن التحنيط الذي اتقنوه الى درجة لم يعرفوه سابقوهم و لا لاحقوهم في التاريخ .... يضاف الى هذا ان المصريين قد وجدوا شبها بين بين علامة الصليب و علامة الحياة الازلية "عنخ" التي كان الخالدون فقط كالالهة و الفراعين يمسكون بها في ايديهم، كما هو منقوش على كل الاثار و السجلات. و علامة "عنخ" مصورة على شكل الصليب براس مستديرة التي سرعان ما تلقفها المسيحيون الاوائل واستنتسخوا منها العديد من النقوش و التصاوير في اعمال الحفر و التلوين و رسوم الجدران "

وليست الديانة المسيحية وحدها التي تأثرت بالديانة المصرية القديمة، وتتشابه معها، بل الأديان الكتابية كلها كذلك. فاليهودية التى تُنسب للنبى موسى كاتب أسفار التوراه الخمسة، والذى تلقى لوحى الشريعة اليهودية من الله فى سيناء ، وقاد اليهود فى الخروج من مصر الى أرض الميعاد فى فلسطين ، تربى فى مصر ، وتهذب بحكمة المصريين . كان كاهنا فرعونيا يؤمن بعقيدة التوحيد الأخناتونية ( 1)
ويلاحظ الباحث ان هناك ثمة تطابق تام بين عدد من المقاطع فى البرديات الفرعونية القديمة ومقاطع فى المزامير التى تنسب للنبى داود ومع مقاطع وردت فى اسفار العهد القديم ، وأن نشيد أخناتون، أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، يتشابه مع سفر نشيد الأنشاد في الكتاب المقدس العهد القديم. وأيضاً تتشابه حِكَم آمنموبي، أحد حكماء مصر القديمة، والتي وجدت كاملة في بردية، مع سفر الأمثال. .
وتعد مصر اولى ‏الاقطار التى ‏‏دخلتها‏ ‏المسيحية‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏ظهرت ‏ ‏في‏ ‏فلسطين‏ ،‏ ‏وقبل مجئ‏ ‏مار‏ ‏مرقس‏ ‏إلي‏ ‏مصر‏ ‏عام‏43‏م‏ ‏بعدة‏ ‏سنوات،‏ ‏وذلك‏ ‏لقرب‏ ‏مصر‏ ‏من‏ ‏فلسطين، ووجود جالية يهودية ‏بها بصفة دائمه ‏.فقد آمن ببعض منهم ممن أعتادوا زيارة فلسطين فى عيد الفصح، وسمعوا اخبار النبى الجديد ،وحضروا يوم الخمسين ، حلول الروح القدس على تلاميذ المسيح ويوضح ‏سفر‏ ‏أعمال‏ ‏الرسل‏ ‏الإصحاح‏(18)‏كيف‏ ‏أن‏ ‏أبلوس‏ ‏اليهود‏ى‏ الأصل‏ ‏المقيم فى مدينة الاسكندرية، ‏عرف‏ ‏وآمن‏ ‏بمعمودية‏ ‏يوحنا‏،‏وذلك‏ ‏قبل‏ ‏مجئ‏ ‏مرقس‏ ‏الرسول‏ ‏‏ ‏للديار‏ ‏المصرية‏ ‏بسنوات‏ ‏طويلة‏.‏ وكذلك أعتنق المسيحية بعض اليهود الذين وصلتهم البشارة وهم فى الأسكندرية مثل العزيز ثاؤفيلس الذى كتب له لوقا الانحيلى ليخبره بكل شىء بتدقيق ، كما هو وارد فى مقدمة إنجيله فى الفصل الاول.
عندما ظهرت المسيحية في الإسكندرية كان عليها أن تتصارع مع كل الأديان والفلسفات والمذاهب، الوثنية منها واليهودية.
واتخذ كل من الفريقين أسلحة الآخر ليحاربه بها، فدرس المسيحيون الفلسفة للرد على الفلاسفة، وقام عدد من فلاسفة مدرسة الاسكندرسة اللاهوتية التى أمشئت فى منتصف القرن الاول الميلادى الذين أعتنقوا المسيحية، بتطويع الفلسفة اليونانية لخدمة اللاهوت (علم الإلهيات)، وذلك باستخدام المفاهيم الفلسفية للتعبير عن العقائد المسيحية . حيث رأى عدد من هؤلاء الفلاسفة ان الفلسفة كانت تمهيدا للإنجيل، وأن بعض الفلسفات هي «لاهوتٌ حق». فيقول اقليمنضس الاسكندرى أحد فلاسفة مدرسة الاسكندرية "ان "الفلسفة أُعطِيت مباشرة من الله لليونانيين إلي أن يتجسد الرب…الفلسفة كانت لليونانيين مثل الناموس الذي قاد العبرانيين إلي المسيح".
وتبدو أثار استخدام الفلسفة فى الفكر المسيحى مبكرا في تعبير "المسيح الكلمة " أى لوجوس التى وردت فى الإصحاح الأول من انجيل يوحنا. وهو الإنجيل الرابع الذي يرجح أن يكون قد كتب في نهاية القرن الأول الميلادي. لكن لم تبرح المسيحية العقلانية التى استخدمت الفلسفة لشرح اللاهوت تخوم مدينة الاسكندرية الهلينية ، ومنها انتقلت الى خارج مصر ،، بينما عرف عموم مصر المسيحية الصوفية ذات الطقوس الالحان الفرعونية، التى افرزت فى القرن الرابع الميلادى الحياة الرهبانية.
تحمل المصريون في سبيل عقيدتهم المسيحية كل صنوف الأذي والاضطهاد من الرومان،الذى بلغ أقصى عنفوانه فى عهد الإمبراطور الروماني دقلديانوس في أواخر القرن الثالث الميلادي، وعُرف عصره بعصر الشهداء، وأتخذه الاقباط بداية للتقويم القبطي . وقد تعود الاقباط العيش تحت أى ظروف . وفى ذلك يقول العلامة الارثوذكسى الاب متى المسكين في المواطن المسيحي الذي اعتاد الشكوي من الاضطهاد بسبب وغير سبب، وفي كل وقت،في مناسبة وغير مناسبة، " إن اصرارنا علي الاحساس بالاضطهاد بعد ان عرفنا انه ضرورة ايمانية وامتحان الزامي للسائرين في طريق ملكوت الله. يلزمنا بان نقف وقفة واعية خطيرة لنقرر” اما نحن للمسيح… او للعالم . ( 2)
ويضيف الاب متى المسكين ،:"فُرضت علينا نحن الأرثوذكس المصريين منذ مجمع خلقدونية (سنة 451م) بحصار ثقافي ولغوي وحضاري، فقد فقدنا نحن الأرثوذكس المصريين منذ مجمع خلقدونية كل صلة بالعالم الخارجي، فقدنا اللغة اليونانية وهي لغة اللاهوت والفلسفة والعلم، وفقدنا معها كل امتداد في الماضي والمستقبل، وفقدنا معها تراثنا الآبائيالعقيدة الإلهية وبالتقليد وبالتراث الديني، وبتسليم الأمانة من جيل إلى جيل في تواصل منتظم. كله،ثم فرضنا على أنفسنا هذه العزلة بأيدينا.. بتعصبنا؛ نتيجة الخوف والوحدة والعزلة الطائفية". . (3)
يفخر الاقباط المسيحيين لثلاثة أمور ، هى : مجىء العائلة المقدسىة ،ومن قبلها أبراهيم أب المؤمنين ، وموسى كليم الله ، ويوسف الصديق الى مصر . إبتداع مصر الرهبنة المسيحية ، عطاء مدرسة الاسكندرية اللاهوتى فى القرون الثلاثة الاولى من ظهور المسيحية .
من بداية القرن السادس الميلادى، ومنذ سيامة البابا يوحنا الأول -البطريرك رقم ٢٩ - من دير أنبا مقار، بختار قيادات الكنيسة القبطية من بين الرعبان , وقد صار تقليداً وتثبَّت بقوانين المجامع الكنسية ، ومن وقتها صار إختيار البطاركة من بين الرهبان، بل صار أساقفة الإيبارشيات يُساموا من بين الرهبان أيضاً . ويعد هذا التنصيب الهى فى نظر االاقباط .
الخطاب المسيحى القبطى :
يقوم الخطاب المسيحى القبطى على عناصر أربعة أساسية هي:
المُرسل الذي يعلن رسالة الخلاص ، والمُستقبِل الذي يتلقى الرسالة بثقة ، ويسعى ليطبّق ما تلقّاه، والمُحتوى او المضمون ، أيما يريد المُرسل أن يوصله إلى الآخرين، وأخيراً وسيلة الاتصال التي قد تكون شفوية أو مكتوبه . هذه العناصر كلّها هناك تأزّمات وإشكاليات .
فمن جهة المرُسل ، الذي على كاهله تقع مسؤولية نقل فحوى الخطاب، يلاحظ أن الاغلبية تستخدم التفسير الحرفي لشرح نصوص الكتاب المقدس.، وقليلون من يستندون على التأوين والتأويل وصولاً إلى التطبيق الحياتي . كما ان المُرسل يتعامل مع الملقى ككيان روحى ، ولايتعامل مع الإنسان بكليّته، على أنّه كائنٌ متكاملٌ غير مجزّأ، يتكون من الجسد والروح والعقل والوجدان والإرادة. إذ يُهمل الُمرسل في كثير من الأحيان جانب الواقع الحياتي الإنساني ومعاناة الانسان اليومية، يتجاهل الواقع المتجدّد.
ويستخدم فى الوصول الى مايريده، تارة التهديد بالعذاب فى الآخرة، وتارة اخرى الترغيب فى النعيم السمائى ،، والتهوين من اهمية الحياة الدينيوية القصيرة مهما طالت ، وغرس الشعور بالتمييز والاستعلاء على الاخرين . .
- المتلقى: الموجه له الخطاب المسيحى القبطى هو متدين بطبعه كعامة المصريين، بحكم التاريخ ، والجغرافيا ، والطبيعة. ويمكن القول ان الانسان المصرى تربطة علاقة عضوية بالايمان. فقد حباه الاله الارض الخضراء الخصبة المثمرة ، ونهر صاف فياض بالخير ، وطقس معتدل طول العام ، وتحيط به صحراء، سجادة صفراء نقية ، تجلى الله فيها للنبى موسى ، واعطاه الوصايا العشر ، صارت هذه الصحراء فيما بعد مكانا مقدسا صالحا للتعبد والنسك. كل هذا وغيره دون تطويل، أوجب علي المصرى شكر هذا الإله علي نعمه التي أسبغها عليه. فتعلقت نفسه بهذا الإله الذي يفيض عليه بالخير، يحنو عليه، ويرفق به . فاستقر على هذه الارض حول االنيل يزرع الأرض ، ،يربي الماشية التي تعينه على الزراعةـ، ويبني المعابد لشكر الاله . وصار الايمان والارض جوهر هويتة.
وقادته فطرته، الإيمان بالخلود والحياة الآخرة والحساب والعقاب الذى تعوض الفقير ـ والمظلوم عما قد يكون لاقاه من معاناة فى حياته. . وكان إخناتون أمنحتب الرابع- وهو من ملوك الأسرة الثامنة عشرة أول من نادي بفكرة التوحيد في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
وقد حبته عقيدته الدينية العميقة العدل، الضمير الحي ، وتقبل الموت واليقين فى الخلود والعودة للحياة مرة اآخرى (عقيدة القيامة) . لذا الايمان لديه مصدر أمان وخير وقوة . والحياة بدون إيمان عدم ، ومستقبل مجهول، ولن ينال ثواب على أعماله العظيمة .
- الوسائل : تتوفر لتوصيل الخطاب المسيحى القبطى وسائل متعددة فى الأونه الاخيرة، فبجانب دور المؤسسة الدينية التقليدى - وهى من أقدم المؤسسات فى مصر، وتحظى بالتقديس والطاعة ، وهى علي مستوي الممارسة الديمقراطية الداخلية ، يمكن وصفها "كنيسة شعبية ديمقراطية" إلى حد ما، حيث يشارك ممثلين من الشعب فى انتخاب البطريرك، ويختار الشعب الرعاة ، وتدار الامور الكنسية بواسطة مجالس تضم علمانيين (أفراد من خارج الاكليروس) _ توجد المنشورات ، والقنوات الفضائية المسيحية القبطية .
وتشير دراسة تحليلية وصفية للباحثة كريستينا بدوى امين أجرتها على عينة قوامها (400) مفردة من شباب تتراوح مابين 18 الى 25 سنة ، ارتفاع كثافة مشاهدة القنوات المسيحية الفضائية العربية حيث يشاهدها 71.8% من اجمالى العينة بصفة دائما ، ونسبة 26.5 منهم أحيانا .
وجاءت الحاجة الى ضرورة تجديد الخطاب الدينى المسيحى فى القنوات الفضائية العربية فى الترتيب الاول بنسبة 56% من إجمالى أفراد العينة . وان نسبة 75.3% من إجمالى أفراد العينة يرون أن قصور الخطاب الدينى المسيحى بالقنوات الفضائية المسيحية يرجع إلى أنه خطاب إنغلاقى منعزل عن الواقع ومتغيرات العصر . ( 4 )
المحتوى:يعتمد الخطاب القبطى بصفة أساسية على التفسير الحرفى للكتاب المقدس. ومن الضرورة التمييز بين مستويين من المعنى فى نصوص الكتاب المقدس ، وهو ما يدعى المعنى "الحرفي أو التاريخي" ، والمعنى "الروحي"، فقد دون أسفار الكتاب المقدس في عصور مختلفة، وبواسطة أشخاص مختلفي الثقافة، ، بلغة ومعارفذلك العصر . فالطبيعة البشريّة لا يسعها على الإطلاق إدراك الألوهة في كيانها وفي أفعالها وفي أقوالها، ولذلك كان لا بدّ للتدبير الإلهيّ من إستخدام لسان البشر واساليب البشر في قوالب شتّى من التعبير البشريّ، ، حتّى يستطيع الإنسانُ أن يدركه ويتفقّه. ولايجب اعتبارها نصوص تاريخية أو علمية، فقصة الخلق، كما وردت فى سفر التكوين بالكتاب المقدس فى 6 أيام لا تبغى شرح كيف تمت عملية خلق الكون والانسان ، وإنما توضيح أن الله رافق البشرية والكون في مسيرة الخلق وتطور الحياة على كوكب الارض .
ولايعتند الخطاب القبطى الكتاب المقدس المصدر الوحيد أو الأىساسى . ففى المفهوم القبطى الارثوذكسى الوحى ليس كتاب ، أيضا تقليد. .والمقصود بالتقليد ،كل تعليم تسلمته الكنيسة من السيد المسيح ومن الرسل وآباء الكنيسة شفهيا غير مكتوب في الكتاب المقدس. ويتضمن أقوال الآباء، الليتروجيا، قوانين الكنيسة المجمعية ، والخبرة الروحية ، وحتى الايقونات .. فكل إعلان من شخص الرسول أو النبي المملوء والمستنير بالروح القدس بمثابة وحي الهي. وهكذا بدأ العهد الجديد ككرازة للرسل عن شخص المسيح والخلاص . (5)
هذا الوحي انتقل من شخص أو بضعة أشخاص إلى جماعة عن طريق االكرازة .ففي أيام المسيحيين الاوائل لم تكن الاناجيل المصدر الأوحد للمعرفة، لأنها كانت غير مدونة بعد. لكن الكنيسة –آن ذاك- عاشت وفق روح الإنجيل، بل إن الإنجيل نفسه برز إلي الوجود في الكنيسة التى هى أقدم من الاناجيل .وعن ذلك يكتب الاب شنودة ماهر "كان هدف الرسل أن يُبشروا بالمسيح وأن يقدموه حياً فى حياتهم ، ولم يكن هدفهم أن يكتبوا، بدليل أن الكثيرين منهم وهم أعمدة الكنيسة لم يكتبوا شيئاً على الإطلاق. ولم يكن بعدهم عن الكتابة عجزاً منهم,، ولكنهم لم يكتبوا لأنهم كانوا يعرفون طريق الكرازة الأساسى، إنه التقليد، تسليم الإيمان الحى مُباشرة الى النفوس. فليس التبشير هو تسجيل الإيمان بورق وحبر بقدر ما هو إدخال الإيمان حياً الى القلوب. فالإثنا عشر رسولاً لم يكتب أحد منهم إنجيلاً إلا إثنان فقط هما معلمنا متى ومعلمنا يوحنا. أما معلمنا يعقوب الرسول فلم يكتب سوى رسالة واحدة قصيرة من الممكن قرائتها أو كتابتها فيما لا يزيد عن ساعة من الزمان،ففى أى شىء قضى كل سنى الكرازة؟ ( 6 )
مع ظهور الرهبنة ، واختيار البطريك والاساقفة من بين الرهبان ـ يسيطر الاكليروس على الكنيسة ـ وباتت الرهبنة الحياة المسيحية النموذجية، والحالةَ الأسمى للإنسان المسيحيّ. وكتاب "بستان الرهبان " المرشد فى التعليم والوعظ والإسترشاد والتدليل به في كل أمور الحياة، ويعد المعيار للحكم على الامور الروحية ، ، وسماع العبارةالشهيرة : مرة واحد راهب .... ،ويلاحظ فى السنوات الاخيرة زيادة تردد الاقباط على الاديرة ، وذكر سير القديسين الرهبان والحديث عن معجزاتهم حاضرة فى النقاشات الاقباط الدينية ، ومن ثم سيطرة الروحانية النسكية ومن عزلة الكنيسة فى العالم .
تتسم الليتروجيا القبطية، بمشاركة الشعب مع االكاهن فى الصلاة ، ففىي الكنيسة الأرثوذكسيّة لا يمكن أن يقوم الكاهنُ بالقدّاس وحده، بل لا بدّ من وجود العلمانيين (والمقصود بالعلمانيين ،المؤمنون والمؤمنات غير الكهنة والمطارنة،. وكثرة السجود والمطانيات والاستغفار "يارب أرحم ، والموسيقى ب الفرعونية التى تظهر بوضوح فى صلوات اسبوع الالام ، وبتعدد والقراءات الكتابية ،المزامير ، الاناجيل ،رسائل بولس الرسول ، رسائل الجامعة ، والصوم .
ومع إن كلمة الليتروجيا ، تعنى حرفيا «عمل الشعب»، فالكلمة مُكونة من مقطعين يونانيين هما «λαός أي شعب»، «έργον أي عمل»، وقد وخضعت للتطوير على مر العصور واقتبلت إضافات أو حذف منذ أفرارها فى الشكل المعروف الان منذ القرن الرابع الميلادي. إلا أنها باتت لاتناسب التغيرات وفى حاجة الى تجديد ينسجم مع اللاهوت الكنسى . فمع ظهور وباء "كوفيد 19" مؤخرا، واجهت الجماعة القبطية تحدى صعب فى ممارسة تناول القربان المقدس مع أصرار القيادات الكنسية استخدام ملعقة واحدة لمناولة الد م لجميع المتقدمين للمناولة !. وهو جمود يتحدى الواقع وحتمية التغيير. وكانت أمام الكنيسة أكثر من طريقة لتفادى حدوث الاضرار الصحية. إن يتناول المؤمنون والمؤمنات كلًّا منهما على حِده، كما كان تفعل الكنيسةُ الأولى. أو أن تلجأ الكنيسةُ، في زمن الوباء الحاليّ، إلى تغميس قِطع القربان في الخمر، فيتناولَ كلُّ حاضرٍ في الكنيسة قطعةً بالايدى . لذا يعتقد عديد من الناس أنّ من الضروريّ إعادةُ النظر في شكل المناولة من ملعقة واحدة .
الخلاصة :
ان الكنيسة القبطية فى حاجة الى قيادات منفتحة ، لاترضخ لامراض المجتمع ، حتى تحرر الكنيسة القبطية "شهيدة الكنائس المسيحية" من الخوف والانغلاق والنرجسية، والانفتاح على الواقع ، والتجاوب مع التغيرات العصرية .
---------------------------------------------------------------
المراجع :
(1)ـ د. آمال محمد الروبي، مظاهر الحياه في مصر في العصر الروماني اجتماعياً واقتصادياً وإدارياً، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1975.
( 2)حفيظ اسليماني ، النبيّ موسى: الأصل والديانة من خارج الكتاب المقدّسالنبيّ موسى: الأصل والديانة من خارج الكتاب المقدّس مومنون بلا حدود ، 2016)

(3)الأب متي المسكين – مقالات بين السياسة والدين ص 54
(4)كريستينا بدوى أمين ، دور الخطال الديتى المسيحى فى القتوات الفضائية المسيحية العربية فى التثقيف الدينى لدى الشباب المسيحى المصرى ، بحث ميدانى ، كلية التربية النوعية جامعة المنصورة ، 2013
(5)أمجد بشارة ، الوحى فى المفهوم الارثوذكسى ، بحث ، فريق اللاهوت الفاعى ، القاهرة 1016
(6)القس شنودة ماهر ، بحث فى التقليد المقدس ،، الطبعة الخامسة – القاهرة – 2000 ، ص 19 – 21








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 12345


.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #


.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع




.. #shorts yyyuiiooo