الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإصلاح الإداري ينتصر على الفساد السياسي (شركة توزيع المنتجات النفطية انموذجا)

محمد صباح علي

2022 / 4 / 7
المجتمع المدني


منذ أكثر من شهر ومع ابتداء شعور المواطنين بوجود شحة في المشتقات النفطية في محافظتي كركوك ونينوى؛ نتيجة ارتفاع أسعارها في محافظات الاقليم المجاورة لها، وقيام سكان الإقليم التوجه إلى هذه المحافظتين لغرض تعويض فرق السعر في الشراء بالإضافة إلى قيام بعض ضعاف النفوس الاستفادة من هذا الفرق بالمتاجرة والربح من فرق السعر وكل ذلك على حساب المواطن والمتاجرة في معاناته. ونظرا لاستمرار الشركة بتنفيذ التزامها في توفير المنتجات النفطية كاملة وايصالها الى جميع المحافظات العراقية من الشمال إلى الجنوب بحسب الحصص المقرر لها من المنتجات، وزيادتها عند الطلب عليها لغرض مواجهة الأزمة لإنهاء حالة القلق والخوف عند المواطن بموافقة الوزارة على إجراءاتها لغرض استقرار وانتظام وانسيابية التوزيع بصورة منتظمة وهادئة ومسيطر عليها من قبل الشركة إلا ان وبسبب بعض الاحزاب السياسية المتنفذة في هذه المحافظات وعملها مع المهربين المتخصصين بتهريب المشتقات النفطية الى دول مجاورة أو ايصاله بطريق غير شرعي الى هذه المناطق التي ترتفع فيها اسعار المنتجات فقد قامت إدارة الشركة وبتفويض من قبل هيأة الرأي في وزارة النفط بالذهاب إلى محافظة كركوك واجراء إصلاحات إدارية بإدارة الفرع من موقع أدنى وفرض سيطرة ورقابة شاملة على جميع المنافذ التوزيعية وزيادة اوقات تجهيزها وابعاد مدير الفرع عن مهامه فقد عادت الأمور إلى طبيعتها وشعر المواطن في كركوك بارتياح بعد ان لمس مخرجات الإصلاح والفرق في تلاشي الأزمة الحادة إلا أن هذا الوضع لم يخدم الفاسدين والمتنفذين في المحافظة مما دفعهم إلى اللجوء إلى استخدام نفوذهم السياسي وتجنيد عدد من المواطنين ولمصالح ضيقة وشخصية يعلم الجميع المستفيد منها والمتاجر بها من قبل عام ٢٠٠٣ ولغاية الآن من قبل أحزاب معينة، رغم عجز السلطتين التشريعية والتنفيذية وضع حد لهذه السرقات المضرة بالاقتصاد العراقي التي تسببت اخيرا بخسارة الشركات النفطية وبالأخص شركتي المصافي والتوزيع؛ الهجوم على مدير عام الشركة اثناء تفقده المنافذ التوزيعية في المحافظة والتجوال لمتابعة أداء عملها، كمحاولة لخلط الأوراق وضياع الجهود، فقد سبق وأن اتخذ القرار من قبل الإدارة بوضع حد لفسادهم ومحاربتهم بمسرح الجريمة لإيقاف عمليات التهريب وهدر الأموال العامة بالرغم من ضعف ومحدودية الأجهزة الأمنية المختصة من مشاركتها في إيقاف هذه الجرائم، فاستمرت الحملات وكثفت الجهود وتم السيطرة على الملف سيطرة تامة واستخدمت طرق الحوكمة الإلكترونية في التعامل والتوزيع لضمان استفادة المواطنين وعدم سرقة حصصهم يرافق ذلك الجهد اصلاح اداري في تصفية القيادات الضعيفة في منافذ التوزيع والموظفين ومن يرتبط في صناعة الازمة التي كونت لها موطئ داخل فروع الشركة.
ولعل هذا الموضوع ظل محل سكوت وقبول عدد من الوزراء والمدراء العاميين السابقين وبقي ملف لم يتم التقرب منه تحت ذريعة الاستحقاق السياسي وخصوصية المحافظة وعدم تولي الموظفين المهنيين والصالحين النزيهيين بل ظل تسمية مدير الفرع من قبل جهة سياسية تفرض سطوتها على المحافظة وتتحكم بجميع المناصب فية؛ ليتم لاحقا كسر هذه الارادة السياسية المتنفعة من المال الحرام وتعيين شخصية مهنية لإدارة الفرع واحتواء الأزمة في المحافظة الا ان هذا القرار اوجعهم ودفعهم الى تهديد الاخير وحمله على ترك المنصب ليعود ملف الإدارة الى الإدارة العليا في الشركة، عندها لجأوا للضغط في مكان آخر لتستخدم مبدأ إداري سياسي من خلال الضغط على قيادات الاحزاب السياسية المتنفذة لإجراء عملية نقل ومداورة بين مدراء العاميين للشركات لإفشال مشروع الإصلاح وبفضل الجهود الخيرة تم افشاله واستمرار عملية التصحيح.
ويعلم المهتمون والقريبون من القطاع النفطي خصوصية شركة التوزيع ومدى تشعب عملها وتداخله بحياة المواطنين وأصحاب المهن من الأفران والمخابز ومعامل الطابوق والاسفلت ومحطات الكهرباء ودوائر الدولة والمولدات الكهربائية و مدى خطورة تأخر توفير هذه المنتجات للمواطنين
والدوائر والاجهزة الأمنية، ويعلم الجميع حساسية تجميد الإدارة في هذه المحافظة والسيطرة عليه مركزيا والتحكم فيه وتحريك المياه الراكدة فيه وتغيير منطق الأمور من حال إلى حال، فما جرى خلال هذه الفترة وفي هذه المحافظة تحديدا شيء مشرف للقطاع النفطي ويستدعي الوزير ان يجنب الأمور السياسية على جنب ويقيم الأمور من باب منطقي ومهني فهذا العمل مدعاة للفخر والاعتزاز، بالرغم من قلة الحديث عنه ومناقشته داخل مجلس النواب ومجلس الوزراء لان ما جرى نعلم قد يكلف السياسي ثمن وجوده داخل المجلس والحزب وايضا فيحرم من يتحدث عنه من تقلد مغريات توزيع لمناصب لاحقا، وبالفعل هذا ما حدث فلم نر تدخل واهتمام مجلس النواب او احد من النواب المستقلين ورؤساء الكتل من لفتت هذه الحرب نظره ليشكر الجهود ويستنكر الفساد ويقدم المساعدة في ذلك رغم تناقل وسائل الإعلام المحايدة تفاصيل هذه المعركة اول بأول ولم يتحدث كذلك السيد رئيس مجلس الوزراء عن ما يجري من معالجات في هذه المحافظة، ولم تتحرك السلطة القضائية لتوجه محاكم التحقيق في المحافظة بالتلويح لمن ينشئ الأزمات او الأجهزة الأمنية لأخذ دورها في تكثيف حملاتها لوقف عمليات التهريب للمحافظة على أموال الدولة وفرض سيادة القانون على الجميع، والتأكيد على احترام هذا الإصلاح الإداري الذي جاء ليحمي ويطبق النصوص الدستورية في مجال المحافظة على الأموال العامة وحماية الاقتصاد العراقي وتاكيد على حماية الثروة النفطية والأموال المتأتية لخزينة الدولة والمحافظة على تأمينها وحماية استحقاق المحافظات من هذه الايرادات وعدم التلاعب بها خلاف الدستور، بالإضافة إلى تنفيذ نصوص القانون العقابي على المهربين و المتواطئين مع جهات الفساد لتسهيل عملية التهريب داخل المنافذ التوزيعية والمتاجرين بهذه المنتجات لافتعال أزمة وارباك الشارع، فضلا عن الجهود المقدمة من قبل هيئات التفتيش التابعة للشركة في تكثيف حملاتها على المهربين والتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة بإلقاء القبض عليهم وفق قانون تهريب المشتقات النفطية النافذ وإحالة كوادر الفروع ومن يثبت تقصيره من الموظفين إلى التحقيق استنادا لقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام وتحديد مسؤوليته الإدارية والجزائية، بالإضافة إلى حملات المداورة والنقل في تغيير مقرات وأماكن العمل للموظفين الذين ظلوا وقتا طويلا لم تستطيع إدارة الوزارة تغييرهم بناءً على مجاملة سياسية خلاف القانون.
وإما عن نتائج حملة الإصلاح فقد ادت غرضها وحققت أهدافها في المحافظتين وخصوصا في محافظة كركوك بشهادة المواطنين والمحافظ وقائد الشرطة بعد ان لمس المواطن تغيير جذري وتطبيق أدوات الحوكمة الإلكترونية في المنافذ التوزيعية والقضاء على الأزمة بوقت قصير وقياسي رغم حقل الألغام الذي عاق الجهود ووقف بوجه الإجراءات لحماية المنتفعين من خلق هذه الأزمات واختفت الطوابير على طلب هذه المنتجات . واليوم مطالب من الشركة وادارتها الاستمرار في هذه الحملة وتوسيعها وتطبيقها في محافظات أخرى ابتداءً من بغداد وعلى صعيديها الإداري والقانوني وانهاء فترة المجاملات على حساب حقوق الشعب واتخاذ الإجراءات القانونية على ضوء مراجعة سياسة العمل مع القطاع الخاص الذين ثبت عليهم تواطؤ بتخريب الاقتصاد العراقي وتبديد ثروته النفطية وامواله وايضا السير بالإجراءات التصحيحية التي تعتبر جزء اساسي في مواجهة الفساد والتي اتخذت هذه القرارات تحت الضغط والمجاملة لتمريرها على حساب المال العام والتي اثرت المتنفعين والعاملين في مجال التوزيع من القطاع الخاص أصحاب المحطات ووصلو لمرحلة التخمة من الأموال وباتوا يلوحون بشراء الشركات العامة للوزارة تحت ذريعة الخسارة وفشل القطاع العام في الإدارة ليخلوا لهم الطريق واحتكار النشاط التوزيعي والتحكم بأسعار بيع المنتجات دون تدخل من الجانب الحكومي وعندها سيدفع المواطن الثمن كونه الحلقة الأضعف ولا حول ولا قوة له. ونود ان ننوه ونحذر وزارة النفط وشركة التوزيع بخطورة المضي بإجراءات الخصخصة والبيع أ والمشاركة وخصوصا في منافذ التوزيع لان من يملك نشاط بهذا العمق والحجم يصبح تحت رحمة القطاع الخاص اذا ما تنازل عنه بشكل كلي وعلى اقل تقدير في الوقت الراهن الأمر الذي يتطلب من الشركة مراجعة عاجلة لإجراءاتها وإعداد دراسة مبنية على حقائق وأرقام والاعتراف بالإخفاقات الموجودة لمواجهتها كونها أصبحت اضعف من القطاع الخاص بكثير مما يستلزم مواجهة هذا القطاع الذي بات يهددها ويرهب المواطن لان اغلب المشاريع وكما بينا سلفا معتمدة على هذه المنتجات التي توفرها الشركة كخدمات حياتية ومعيشية يومية عامة بالإضافة إلى التحرر من اي أموال وضعت سابقا على الشركة ولمصلحة واستفادة القطاع الخاص ابتداءً من نقل المنتج من المستودعات وصولا لسعر البيع، وبدون ذلك سيكون الوضع حرج وستتعاظم الخسارة والمستفيد الوحيد هو القطاع الخاص.
واخيرا تتطلب المرحلة المقبلة التي ستكون بمثابة المواجهة والصمود لإعادة تصحيح البناء بشكل مهني حقيقي لصالح خدمة الشعب، أو لا سامح الله الإخفاق والضياع، وعندها سيكون المواطن الخاسر الأكبر، مما يستدعي مشاركة ودعم مجلس النواب وجهاز الادعاء العام وهيأة النزاهة والاجهزة الأمنية بكافة صنوفها وكل حسب تخصصه في هذه الحملة لمساندة هذه الشركة والوصول بها إلى بر الأمان وتحقيق الهدف الأخير من خطتها في مسار الإصلاح الذي يرجع بالفائدة على الشعب اجمع.


د. محمد صباح علي
ر. مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط